الجيش الصيني يصقل تنفيذ عمليات مشتركة بين الأفرع.. وسلاح الجو يوسع نطاق عملياته

مسؤولون: الصين عززت قدرتها على شن هجوم مفاجئ ضد تايوان.. وتتدرب "بلا انقطاع"

كوادر بالأكاديمية البحرية الصينية للغواصات في الذكرى 75 لتأسيس الجيش الصيني، 21 أبريل 2024 - REUTERS
كوادر بالأكاديمية البحرية الصينية للغواصات في الذكرى 75 لتأسيس الجيش الصيني، 21 أبريل 2024 - REUTERS
دبي -الشرق

قال مسؤولون وخبراء أميركيون وتايوانيون إن الصين عززت قدراتها على شن هجوم مفاجئ على تايوان عبر تسريع وتيرة العمليات الجوية، ونشر أنظمة مدفعية جديدة، ورفع جاهزية وحدات الهجوم الجوي والبرمائي، وفقاً لما نقلته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.

وذكر مسؤول عسكري تايواني رفيع للصحيفة أن القوات الجوية ووحدات الصواريخ الصينية، والتي ستلعب دوراً محورياً في أي غزو لتايوان، وصلت إلى مستوى من الجاهزية يمكنها من "التحول من وضع السلم إلى العمليات الحربية في أي لحظة".

وقال مسؤولون آخرون في وزارة الدفاع التايوانية إن عمليات جيش التحرير الشعبي الصيني أصبحت تتضمن تدريبات متواصلة للوحدات البرمائية بالقرب من الموانئ التي يُفترض أن تنطلق منها في حال غزو تايوان، إضافة إلى الجاهزية الدائمة لوحدات الطيران العسكري التي قد تنفذ عمليات إنزال داخل تايوان، فضلاً عن نشر نظام صاروخي جديد قادر على إصابة أي نقطة في الجزيرة.

وأفادت وزارة الدفاع التايوانية بأن الطائرات العسكرية الصينية تخترق منطقة تحديد الدفاع الجوي التابعة لتايوان أكثر من 245 مرة شهرياً، مقارنة بأقل من 10 مرات شهرياً قبل خمس سنوات، كما تعبر هذه الطائرات الخط الأوسط في مضيق تايوان نحو 120 مرة شهرياً، ما يعني محو ذلك الخط غير الرسمي فعلياً.

وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية إن "ذلك وحده يُعد دليلاً واضحاً على التصعيد والضغوط المستمرة في المجال الجوي ضد تايوان".

وفي إظهار لقوتها الجوية، أرسلت الصين 153 طلعة لطائرات مقاتلة بالقرب من تايوان خلال يوم واحد في أكتوبر الماضي.

وذكر مسؤول دفاعي تايواني أن هذا التصعيد في القدرة الجوية يعود إلى توسيع سلاح الجو الصيني لنطاق عملياته القتالية باستخدام طائرات مقاتلة جديدة من طرازات J-10 وJ-11 وJ-16 وJ-20، والتي يمكنها الوصول إلى تايوان من قواعد داخلية دون الحاجة للتزود بالوقود في القواعد الساحلية، مدعومة بطائرات التزود بالوقود من طراز Y-20.

وسجلت البحرية الصينية بدورها تطوراً سريعاً، فمنذ عام 2022، حافظت على وجود دوري لسفنها الحربية، لا سيما المدمرات من طراز 052D، في مضيق مياكو وقناة باشي، وهما الممران الوحيدان اللذان يتيحان للسفن الصينية الوصول إلى المحيط الهادئ.

وقال يانج تاي-يوان، القائد السابق للتدريب في قيادة الجيش التايواني، إن السفن الحربية الصينية "ستضطر إلى الإبحار في وقت مبكر جداً إلى المحيط الهادئ"، في حال قررت شن هجوم على تايوان، وذلك لتفادي الحصار بالقرب من السواحل الصينية بمجرد اندلاع الحرب.

وشهد العام الماضي حشداً لسفن البحرية الصينية في غرب المحيط الهادئ، في ما بدا أنه تدريب على هذا السيناريو.

"حصار بحري خلال ساعات"

وأكد المسؤول في وزارة الدفاع الأميركية أن البحرية الصينية وخفر السواحل يحتفظان بحضور دائم لنحو 12 سفينة حول تايوان، مشيراً إلى أن قرب الموانئ الصينية يتيح لهذه القوات "الانتقال إلى وضع حصار بحري في غضون ساعات".

وقال المسؤول الدفاعي التايواني إن هذا الوجود البحري الدائم "يمنح الصين القدرة على شن إنزال جوي مفاجئ". وأضاف أن تايبيه تراقب عن كثب أنواع المروحيات التي تنشرها الصين على مدمراتها وسفن الهجوم البرمائية من طراز 075، نظراً لأنها قد تُستخدم في إنزال قوات خاصة داخل الأراضي التايوانية.

وتابع: "من خلال هذه الانتشارات البحرية المتقدمة، قلصوا المسافة والوقت اللازمين للوصول إلى تايوان".

وقال مسؤولون عسكريون وخبراء إن جيش التحرير أحرز تقدماً كبيراً أيضاً في مجالات أخرى.

تطوير قدرات الجيش الصيني

وكان الرئيس الصيني، شي جين بينج، قد أمر في عام 2019 بتطوير قدرة الجيش على غزو تايوان بحلول عام 2027، وفقاً لتقديرات الاستخبارات الأميركية.

وقال الأدميرال صامويل بابارو، قائد القيادة الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، خلال حديثه في منتدى سيدونا، إن الجيش الصيني أنجز على ما يبدو بعض هذه الأهداف بالفعل، مستشهداً بقوة الصواريخ وشبكة الأقمار الاصطناعية التي نشرها في الفضاء.

وكان شي قد بدأ في عام 2015، عملية لإعادة هيكلة قيادة ووحدات جيش التحرير.

الصين تصقل قدرتها على تنفيذ عمليات مشتركة

وقال خبراء إن التدريبات العسكرية الواسعة التي أجراها الجيش حول تايوان منذ زيارة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأميركي آنذاك، في 2022 أظهرت أنه بات يتقن تنفيذ العمليات المشتركة بين مختلف أفرع القوات المسلحة، وهو ما كان الهدف الرئيسي من الإصلاح.

وقال جوشوا أروستيجوي، الخبير في شؤون الجيش الصيني في الكلية الحربية الأميركية، إن جيش التحرير أجرى عمليات مختلفة خلال المناورات التي نُفذت عقب زيارة بيلوسي، مثل إطلاق الصواريخ، والمناورات البحرية والجوية، في أيام متفرقة.

وأضاف: "إذا انتقلنا إلى أحدث تمرين ركز على تايوان، نجد أنهم باتوا ينفذون جميع العمليات في وقت واحد"، مشيراً إلى أن "ثقتهم تتزايد بقدرتهم على القيادة والسيطرة على عمليات كبرى... وهذا أمر يثير قلق الجميع".

وقال أروستيجوي إن القوات البرية الصينية شهدت تغييرات كبيرة، وهي التي ستشكل الجزء الأكبر من مئات الآلاف من الجنود اللازمين لغزو واحتلال تايوان.

وأوضح أن إصلاحات شي أدت إلى "تفكيك العديد من الوحدات البرية الكبرى وتحويلها إلى وحدات أصغر وأكثر مرونة"، ومن بينها ست فرق برمائية مشتركة منتشرة على طول الساحل المقابل لتايوان.

واعتبر أن "ذلك يعكس تركيز الجيش المتجدد على تايوان، ويشكل أساساً لقدرات قتالية فعلية".

التحول إلى وضع الهجوم

وقال مسؤول عسكري تايواني رفيع إن جيش التحرير الشعبي الصيني لن يحتاج سوى إلى "وقت قصير للغاية" للتحول إلى وضع الهجوم، لأنه "يتدرب دون انقطاع في قواعده، ويتمركز بالفعل بالقرب جداً من الموانئ التي سينطلق منها".

وتتمتع الوحدات البرمائية بقدرة أكبر على العمل بشكل مستقل بفضل تنوع معدات النقل التي تستخدمها، وقدراتها الاستطلاعية، وتشكيلة الأسلحة الأوسع التي تمتلكها.

وتشمل هذه الوحدات قاذفة الصواريخ المتعددة PCH-191، التي يبلغ مداها 300 كيلومتر، ما يمكنها من استهداف أي موقع في تايوان انطلاقاً من السواحل الصينية.

وتتميز هذه القاذفة بقدرة مماثلة للصواريخ القصيرة المدى، إلا أنها أقل تكلفة، ويمكن إعادة تلقيمها بسرعة، كما يصعب رصدها نظراً لإمكانية إطلاقها من مركبات شحن متنقلة.

ووفقاً لمسؤولين تايوانيين، جرى استخدام هذه القاذفات لأول مرة مباشرة بعد زيارة بيلوسي، ومنذ ذلك الحين انتشر استخدامها على نطاق واسع على طول السواحل المقابلة لتايوان، كما أصبحت جزءاً أساسياً في كل تمرين عسكري موجه نحو الجزيرة.

ويمكن استخدام هذه القاذفات من قبل القوات البرية في الضربات التمهيدية لتعطيل الدفاعات الجوية التايوانية، وكذلك من قبل الوحدات البرمائية لضرب مواقع ساحلية صغيرة مخصصة لصد أي إنزال بحري.

تصنيفات

قصص قد تهمك