تعتزم حكومة إيرلندا، هذا الأسبوع، طرح خطط لحظر تجارة السلع مع الشركات الإسرائيلية العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لتصبح بذلك أول دولة في الاتحاد الأوروبي تتخذ خطوة من هذا النوع.
وقال وزير الخارجية والتجارة الإيرلندي سيمون هاريس، في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، الاثنين، إن التشريع المزمع يأتي رداً على تصاعد ما وصفه بـ"جرائم الحرب" التي ترتكبها إسرائيل في غزة.
وسيدشن هاريس، الثلاثاء، عملية إعداد التشريع، وذلك بعد أيام فقط من تصويت غالبية دول الاتحاد الأوروبي لصالح مراجعة اتفاقية التجارة بين الكتلة وإسرائيل. وتأتي هذه الخطوة وسط جدل قانوني بشأن إمكانية إدراج التجارة في خدمات، مثل "إير بي إن بي" (Airbnb)، ضمن بنود مشروع القانون.
وأضاف هاريس: "من الواضح أن هناك جرائم حرب تُرتكب، ويتم تجويع الأطفال، ويُستخدم الغذاء كسلاح حرب.. والعالم لم يفعل ما يكفي، وعلينا أن نتحرّك".
ورغم أن واردات إيرلندا من الشركات الإسرائيلية العاملة في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين تُعد ضئيلة، إلا أن حكومة دبلن، التي اعترفت بدولة فلسطين إلى جانب إسبانيا والنرويج، العام الماضي، تريد من الدول الأوروبية أن تحذو حذوها.
وقال كونور أونيل، رئيس السياسات والدعوة في منظمة "كريستيان إيد إيرلندا": "لم يسبق اتخاذ إجراء تجاري مستهدف من هذا النوع على مستوى الاتحاد الأوروبي". وكان أونيل قد شارك في صياغة مشروع قانون سابق بشأن الأراضي المحتلة عام 2018 برعاية عضو مستقل في مجلس الشيوخ.
"مسألة جوهرية"
وأضاف أونيل: "تتمثل المسألة الجوهرية في ما إذا كانت الحكومة ستفرض حظراً كاملاً على جميع أشكال التجارة مع المستوطنات غير الشرعية، سواء في السلع المادية مثل التمر والبرتقال، أو في الخدمات غير الملموسة مثل السياحة وتكنولوجيا المعلومات".
وستُعفى من الحظر السلع المُنتجة في الضفة الغربية والقدس الشرقية من قبل الفلسطينيين، مثل زيت الزيتون، وفق "فاينانشيال تايمز".
وكان أكثر من 400 أكاديمي ومحامٍ إيرلندي أعلنوا في رسالة مفتوحة، الأسبوع الماضي، أنه "لا عوائق لا يمكن تجاوزها في القانون الإيرلندي أو الأوروبي أو الدولي" تحول دون شمول الخدمات ضمن التشريع.
وأشاروا إلى أن القيام بذلك سيكون احتراماً لرأي استشاري صادر عن محكمة العدل الدولية، العام الماضي، معربين في رسالتهم عن اتفاقهم مع رأي مماثل أصدره خبراء في قانون الاتحاد الأوروبي.
ومثل هذا الإجراء ربما يؤدي إلى منع تطبيق "إير بي إن بي" من إدراج عقارات للإيجار في الأراضي المحتلة، لأن مقرها الأوروبي يقع في دبلن، ما يجعلها خاضعة للقانون الإيرلندي، بحسب أونيل.
وقالت "فاينانشيال تايمز" إن "Airbnb" رفضت التعليق. وكانت الشركة تراجعت عام 2019 عن خطة لإلغاء إدراج العقارات في الأراضي المحتلة، بعد تسوية دعاوى قضائية، وقالت إنها ستتبرع بأرباح تلك العقارات لوكالات إغاثة.
وكانت الحكومة الإيرلندية قد عطلت مشروع قانون عام 2018 لسنوات، خشية أن ينتهك قواعد التجارة في الاتحاد الأوروبي.
"لا خلاف سياسي"
وكان وزير الخارجية هاريس قال: "نظراً لحجم وخطورة ما نشهده الآن من حرمان من المساعدات وقصف متواصل لغزة.. فإن هذا هو الإجراء المناسب اتخاذه".
وأضاف الأسبوع الماضي أنه "لا يوجد أي خلاف سياسي.. على الإطلاق" بشأن شمول الخدمات ضمن القانون، لكنه أُبلغ بأن ذلك غير ممكن من الناحية القانونية.
ورفضت المفوضية الأوروبية التعليق على القضية، وفقاً للصحيفة. وفي رسالتهم، دعا الأكاديميون والمحامون الإيرلنديون الحكومة إلى نشر نص مشورتها القانونية.
وقالت محكمة العدل الدولية، في رأي استشاري أصدرته العام الماضي، إنه يتعين على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة "اتخاذ خطوات لمنع العلاقات التجارية أو الاستثمارية التي تسهم في الإبقاء على" الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ 6 عقود.
وأعرب هاريس عن أمله في أن يبدأ البرلمان مناقشة مشروع القانون في يونيو، قائلاً: "نريد أن نخطو خطوة مؤثرة.. لكن تحرّك الاتحاد الأوروبي بشكل جماعي سيكون له أثر أعمق بكثير".
وتشير البيانات إلى أن واردات إيرلندا من الأراضي المحتلة بين عامي 2020 و2024، بلغت فقط 685 ألف يورو، شملت فواكه وخضروات وأثاثاً ومستحضرات تجميل.
ويقول مؤيدو مشروع القانون إن إيرلندا اتخذت موقفاً مشابهاً في الثمانينيات، عندما حظرت استيراد السلع من جنوب إفريقيا إبان نظام "الفصل العنصري"، وهو ما تبعته دول أخرى لاحقاً.