أفادت وسائل إعلام فلسطينية، الأحد، بأن القوات الإسرائيلية شنت هجوماً قرب نقطة لتوزيع المساعدات تديرها مؤسسة مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا والمصابين في رفح بجنوب قطاع غزة، فيما سلطت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية الضوء على تكرار "مشاهد الفوضى" وإطلاق النار في مواقع توزيع المساعدات بالقطاع.
وقالت حركة "حماس"، في بيان، إن الجيش الإسرائيلي ارتكب "مجزرة وحشية" باستهدافه آلاف المواطنين الذين توجّهوا إلى أحد مراكز توزيع المساعدات، غربي مدينة رفح، وفق الآلية الإسرائيلية، ما أودى بحياة 35 فلسطينياً وإصابة أكثر من 150 آخرين.
وأوضحت الحركة: "لقد توجّه، فجر اليوم (الأحد)، الآلاف من المواطنين الرازحين تحت وطأة حرب إبادة وتجويع غير مسبوقة، إلى منطقة استلام المساعدات، استجابة لإعلان ودعوة صادرة عن جيش الاحتلال، قبل أن يفتح النار عليهم بوحشية، في تأكيد صارخ على النية المبيّتة لارتكاب هذه الجريمة".
وحمّلت الحركة إسرائيل والإدارة الأميركية، المسؤولية الكاملة عن "المجازر المرتكبة في مواقع تنفيذ آلية توزيع المساعدات، وعن استخدام سياسة التجويع كسلاح حرب".
وطالبت الحركة الأمم المتحدة ومؤسساتها، وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي، باتخاذ قرارات عاجلة وملزمة تُجبر إسرائيل على "وقف هذه الآلية الدموية، وفتح معابر قطاع غزة فوراً، وضمان تدفّق المساعدات الإنسانية عبر المؤسسات الأممية المعتمدة".
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" عن مصادر محلية قولها، إن "قوات الاحتلال أطلقت النار بشكل مباشر على المئات من الفلسطينيين أثناء محاولتهم الوصول إلى نقطة توزيع مساعدات في مواصي رفح، ما أسفر عن سقوط 30 شخصاً على الأقل وإصابة 150آخرين محوّلة مراكز توزيع المساعدات إلى مصائد للقتل الجماعي"، مشيرة إلى ارتفاع حصيلة الضحايا في مواقع المساعدات إلى 39 شخصاً، وأكثر من 220 جريحاً في أقل من أسبوع.
ولم يصدر بعد أي تعليق من إسرائيل بشأن الهجوم.
وبرزت "مؤسسة غزة الإنسانية" Gaza Humanitarian Foundation، المعروفة اختصاراً بـ (GHF) مع تصاعد الضغط الدولي على إسرائيل بسبب الأوضاع في غزة، إلا أن الخطة لقيت معارضة من الأمم المتحدة، والمنظمات الإغاثية، التي أعربت عن مخاوف من أن الخطة قد تستخدم كغطاء لتهجير الفلسطينيين من شمال القطاع إلى جنوبه.
"مصائد للموت الجماعي"
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، في بيان، إن هذا "المشهد الدموي يعكس طبيعة هذه المناطق بوصفها "مصائد موت جماعي"، وليست نقاط إغاثة إنسانية".
ووصف المكتب مشروع المساعدات عبر المناطق العازلة بأنه "مشروع فاشل وخطير، يشكّل غطاءً لسياسات الاحتلال الأمنية والعسكرية"، وما حدث يُعدّ "دليلاً إضافياً على مضيّ الاحتلال في تنفيذ خطة إبادة جماعية ممنهجة، عبر التجويع المسبق ثم القتل الجماعي عند نقاط التوزيع، وهي جريمة حرب مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي، ولا سيّما المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948".
في المقابل، قال الجيش الإسرائيلي إنه "ليس على علم" بهذه التقارير، حسبما نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وجاء في بيان الجيش: "في الوقت الحالي، لسنا على علم بوجود إصابات ناجمة عن نيران جنود الجيش الإسرائيلي داخل موقع توزيع (المساعدات الإنسانية)"، مضيفاً أن "المسألة لا تزال قيد المراجعة".
وعند طلب توضيح إضافي، لم ينفِ الجيش وقوع إطلاق نار، لكنه قال إنه لا يعلم بوقوع أي إصابات بسببه.
انتقادات لآلية التوزيع
وواجهت آلية توزيع المساعدات في القطاع، وفق خطة إسرائيلية أميركية، موجة متصاعدة من الانتقادات، بعد إصابة العشرات من الفلسطينيين في إطلاق نار إسرائيلي، خلال يومين متتاليين من عمليات تسليم المساعدات.
وقال مسؤولون في الأمم المتحدة، إن ما يصل إلى 50 شخصاً أصيبوا بطلقات نارية بالقرب من موقع خاص لتوزيع المساعدات في حي تل السلطان بمدينة رفح جنوب القطاع، الثلاثاء، مشيرين إلى أن حشوداً اجتاحت، الأربعاء، موقعاً لتوزيع المواد الغذائية تابعاً لبرنامج الأغذية العالمي في دير البلح بوسط القطاع، ونهبته بحثاً عن أكياس دقيق فردية، قبل أن يتعرضوا لهجوم من قبل مسلحين.
وقال مسؤولون في الأمم المتحدة، إن ما يصل إلى 50 شخصاً أصيبوا بطلقات نارية بالقرب من موقع خاص لتوزيع المساعدات في حي تل السلطان بمدينة رفح جنوب القطاع، الثلاثاء، مشيرين إلى أن حشوداً اجتاحت، الأربعاء، موقعاً لتوزيع المواد الغذائية تابعاً لبرنامج الأغذية العالمي في دير البلح بوسط القطاع، ونهبته بحثاً عن أكياس دقيق فردية، قبل أن يتعرّضوا لهجوم من قبل مسلحين.
وفي 28 مايو الماضي، اتهمت "حماس" إسرائيل بقتل 3 فلسطينيين على الأقل وإصابة 46 آخرين بالقرب من أحد مواقع توزيع المساعدات التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية، وهو اتهام نفته المؤسسة.
كما قال الجيش الإسرائيلي إن قواته أطلقت أعيرة نارية تحذيرية في المنطقة خارج المجمع لإعادة السيطرة عليه، بينما هرع آلاف الفلسطينيين إلى موقع توزيع المساعدات.
واكتظت المواقع التي يجرى فيها توزيع المواد الغذائية بالحشود، في مشاهد تسلط الضوء على حجم أزمة الجوع في القطاع المحاصر والمُدمر، الذي يعاني منذ مارس الماضي من حصار إسرائيلي يمنع إدخال المساعدات الإغاثية.
"فوضى وإطلاق نار"
ووصفت وكالة "أسوشيتد برس" في تقرير "مشاهد الفوضى" الخميس، عندما حاول عشرات الآلاف من الفلسطينيين اليائسين في قطاع غزة جمع الطعام من مواقع التوزيع التي تديرها مؤسسة جديدة مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأفاد العديد من شهود العيان الوكالة الأميركية بأنهم رأوا "فوضى عارمة أثناء محاولة جمع أشخاص للمساعدات، وقالوا إن القوات الإسرائيلية فتحت النار للسيطرة على الحشود".
وفي وسط غزة، أظهر تسجيل مصور بثته الوكالة قنابل دخان تتصاعد في الهواء حول مركز توزيع للمساعدات، وسُمع دوي إطلاق النار أثناء تحرك دبابة إسرائيلية في مكان قريب.
وذكر شهود عيان أن القوات الإسرائيلية هي التي أطلقت القذائف لتفريق حشود كبيرة من الفلسطينيين بعد نفاد المؤن من المركز الخميس.
ونقلت "أسوشيتد برس" عن أحد الفلسطينيين، وكان يتوكأ على عكازين بسبب إصابة سابقة في ساقه، قوله إنه سار لأميال للوصول إلى المركز، لكنه غادر خالي الوفاض، مضيفاً: "لا يوجد طعام في منزلي، ولا أستطيع الحصول على طعام لأطفالي".
ولفتت "أسوشيتد برس" إلى تصاعد الجوع وسوء التغذية في أوساط الفلسطينيين في غزة البالغ عددهم 2.3 مليون فلسطيني منذ أن منعت إسرائيل دخول المواد الغذائية والوقود والأدوية وغيرها من الإمدادات منذ ما يقرب من 3 أشهر، وسمحت بإدخال كميات قليلة من المساعدات خلال الأسبوعين الماضيين فقط.