تايوان تبدأ حملة لتطهير مؤسسات الخدمة المدنية من مؤيدي الصين

الرئيس التايواني لاي تشينج تي يحضر التدريب السنوي لقوات خفر السواحل في مدينة كاوهسيونج الساحلية جنوب تايوان. 8 يونيو 2025 - REUTERS
الرئيس التايواني لاي تشينج تي يحضر التدريب السنوي لقوات خفر السواحل في مدينة كاوهسيونج الساحلية جنوب تايوان. 8 يونيو 2025 - REUTERS
دبي -الشرق

شرعت تايوان في مهمة لتطهير مؤسسات الخدمة المدنية من أي "حلفاء لبكين" في معركة متصاعدة ضد النفوذ الصيني، مع بدء عمليات تدقيق لفحص مئات الآلاف من العاملين، وهددت بسحب الجنسية ممن يتبين أنهم مواطنون صينيون، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".

وذكرت الصحيفة، الاثنين، أنه للمرة الأولى منذ أن أطلق الرئيس التايواني لاي تشينج تي، حملة ضد ما وصفه بـ"التغلغل الصيني" في تايوان، قالت السلطات الأسبوع الماضي إنها تتخذ إجراءات ضد مدرس حصل على إقامة دائمة في الصين، وهي خطوة أقل من الحصول الجنسية.
 
ووفق الصحيفة، جعل لاي من الحفاظ على الحكم الذاتي لتايوان "نداء حشد سياسي"، وبذل جهوداً من أجل تعزيز الجيش للتصدي لأي غزو صيني محتمل، ودفع المدنيين لتوخي الحذر من بكين التي تعتبر الجزيرة جزءاً من أراضيها.

وبعد خطاب ألقاه "لاي" في مارس الماضي، أعلن فيه الصين "خصماً أجنبياً"، بدأت السلطات تطلب من جنود الجيش الإعلان عما إذا كانوا يمتلكون وثائق تربطهم بالبر الرئيسي للصين، مثل بطاقات هوية صينية، والتي تشير إلى الجنسية الصينية.

والأسبوع الماضي، بدأت المكاتب العليا في الحكومة التايوانية جولة جديدة من التحريات عن خلفيات الموظفين.

وتعد عملية التدقيق رداً على حملة الضغط التي تشنها الصين في إطار ما يعرف بـ"المنطقة الرمادية"، التي تتراوح بين رسائل عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى عروض شبه يومية للقوة العسكرية تهدف إلى إقناع الناس في تايوان بأنه من الأفضل لهم التنازل عن السلطة لبكين.

جهود لمكافحة "التجسس"

وكثّف لاي جهوده لمكافحة "التجسس والنفوذ الصيني" المشتبه به، في أعقاب الكشف عن سلسلة من قضايا التجسس، يرتبط بعضها بالجيش التايواني، أو تورط فيها مسؤولون متقاعدون ومساعدون سابقون رفيعو المستوى، بحسب الصحيفة.

وتعد مطاردة أنصار الصين المشتبه بهم، مؤشراً على الميل السياسي للاي وحزبه الحاكم، على النقيض من المعارضة التي تدعم توثيق العلاقات مع بكين.

وكانت الصين أصدرت تصاريح إقامة ووثائق هوية لأشخاص من تايوان يعملون، أو يعيشون في البر الرئيسي، من بين حوافز لتشجيع الاستثمار وتعزيز ما تسميه بكين "التنمية المتكاملة".

ونقلت الصحيفة عن هو تشنج هوي، المؤسس المشارك لأكاديمية كوما، وهي منظمة مدنية تركز على الدفاع عن النفس في تايوان، قوله إن النهج الصيني يعكس نهج موسكو في إصدار هويات روسية لسكان شرق أوكرانيا.

وقال: "إنها في الأساس استراتيجية قضم وابتلاع كامل. لا يبدو الأمر وكأنه غزو واسع النطاق، ولكن مع مرور الوقت، يستوعبونهم بشكل تدريجي من خلال هذه الوسائل".

ورجحت "وول ستريت جورنال"، أن السبب الأكثر احتمالاً لحمل الأشخاص في تايوان لوثائق هوية صينية، هو أنهم أو آباؤهم هاجروا من الصين. وفي البر الرئيسي، توفر وثائق الهوية حقوقاً معينة وتسهل القيام بمهام مثل فتح حساب مصرفي.

حملة موسّعة

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، وسّعت تايوان عملية التحقق من الهوية لتشمل الحكومات المحلية والمدارس والجامعات، وطلبت من المسؤولين معاقبة الموظفين الذين يحملون بطاقات هوية صينية، أو تقدموا بطلبات للحصول عليها ولكنهم لم يبلغوا عن ذلك.

وقالت نقابة في تايوان، تمثل ما يقرب من 80 ألف معلم مؤخراً، إن عملية الفحص تفرض عبئاً لا مبرر له على المعلمين، وحضت الحكومة على قصر عمليات الفحص على من يشغلون مناصب إدارية.

وقال هو تشون ليانج، من نقابة المعلمين: "لا ينبغي أن تصبح المدارس (أجهزة صراف آلي) للإدارات الحكومية"، التي تسعى إلى تسجيل نقاط سياسية.

ومنذ أن بدأت عملية التدقيق في وقت سابق من العام الجاري، أسفرت الحملة عن ضبط عدد قليل من المخالفين، وفقاً لتشو تشوي تشنج، رئيس مجلس شؤون البر الرئيسي في تايوان، الذي يدير العلاقات مع بكين.

وقال تشيو إنه بعد فحص 371 ألفاً و203 من الأفراد العسكريين والموظفين المدنيين، حددت المراجعة موظفين اثنين تقدما بطلب للحصول على بطاقات هوية صينية، و75 موظفاً سعوا للحصول على تصاريح إقامة في الصين.

مواجهة ضغوط بكين

وقال جا إيان تشونج، وهو أستاذ علوم سياسية يُدرّس في جامعة سنغافورة الوطنية: "كان العدد حتى الآن صغيراً جداً". لكنه أضاف: "ليس من المستغرب أن تتخذ إدارة لاي إجراءات رداً" على الضغوط السياسية والعسكرية الصينية المتزايدة.

وتابع: "أي حكومة ترى نفسها تخدم الشعب في تايوان أولاً وقبل كل شيء من المرجح أن تتخذ إجراءات مماثلة".

وبموجب القانون التايواني، يمكن أن يفقد المواطنون تسجيلهم الأسري، ما يعني فعلياً فقدانهم لجنسيتهم، إذا كانوا يحملون بطاقة هوية صينية. والحكومة وسعت تفسير هذا القانون في أبريل، معلنةً أن حيازة تصريح إقامة دائمة في الأراضي الصينية يمكن أن يؤدي أيضاً إلى السحب الفعلي للجنسية.

وقالت متحدثة باسم مكتب شؤون تايوان في بكين آنذاك، إن بطاقات الهوية الصينية وتصاريح الإقامة كان الهدف منها التيسير على الأشخاص من تايوان الذين يعيشون في الصين، زاعمة أن تايبيه تحاول "تقويض الجهود الرامية إلى التقريب بين الناس على جانبي المضيق".

وفي أحدث قضية، قالت تايوان الأسبوع الماضي، إنها سحبت الجنسية من تشانج لي تشي، وهو مدرس في جامعة هواشياو في فوجيان بالصين. 

وحصل تشانج، المولود في تايوان، على تصريح إقامة دائمة في الصين العام الماضي، ووصف ذلك في مقابلة على الإنترنت بأنه "تحقيق لهدف طال انتظاره بفارغ الصبر". 

كما كتب مقالاً في وسائل إعلام حكومية صينية، عبر فيه عن رغبته في الانضمام إلى الحزب الشيوعي الصيني. وقال تشانج، في مقطع فيديو نُشر على منصة "توتياو" الصينية، إن قرار تايوان لا أساس له من الناحية القانونية وحالة من الاضطهاد السياسي.

وقال نائب رئيس مجلس شؤون البر الرئيسي، ليانج ون تشيه: "إذا أراد (تشانج) القدوم إلى تايوان في المستقبل، فعليه أن يتقدم بطلب للحصول على تصريح دخول".

تصنيفات

قصص قد تهمك