الرئيس الأميركي يحذر من "نفاد الصبر" ويطالب طهران بـ"استسلام غير مشروط"

مع تقارير عن "فرصة أخيرة" للدبلوماسية.. إسرائيل وإيران تترقبان قرار ترمب

دبي -الشرق

لم يحسم الرئيس الأميركي دونالد ترمب موقفه بشأن توجيه ضربة عسكرية ضد إيران رغم تصعيد الخطاب ضد قادتها، في الوقت الذي يترقب فيه كبار المسؤولين في إسرائيل لمعرفة قراره بشأن إمكانية تدخل الولايات المتحدة "في مرحلة ما" في الحرب بين تل أبيب وطهران، وسط تقارير عن إعطاء "فرصة أخيرة" للجهود الدبلوماسية.

وحذّر ترمب، الثلاثاء، من أن صبر الولايات المتحدة "بدأ ينفد"، ودعا إيران إلى "استسلام غير مشروط" مع دخول الحرب بين إيران وإسرائيل يومها السادس.

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، الثلاثاء، عن مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم، إن الرئيس ترمب اجتمع مع فريقه للأمن القومي في البيت الأبيض، ولكن "لم يُتخذ أي قرار" بشأن المضي قدماً في تنفيذ هجوم ضد إيران، وإن الهجوم كان "مجرد أحد الخيارات التي نُوقشت".

ووفق الصحيفة، يُعد هذا التصعيد خطوة لافتة في سياسة الضغط على إيران، إذ لمّح ترمب للمرة الأولى إلى أنه يدرس استخدام القوات الأميركية ليس فقط للحد من برنامج إيران النووي، بل ربما لاستهداف القيادة الإيرانية أيضاً.

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، قال ترمب عدة مرات إنه يفضّل التفاوض مع طهران، التي تؤكد أن أنشطتها النووية لأغراض سلمية. لكن الرئيس الأميركي غيّر مساره فجأة خلال الأيام الأخيرة، بعد أن أشار مساعدوه إلى أنه توصّل إلى قناعة بأن التوصل إلى اتفاق مع إيران بات أمراً غير مرجح إلى حد كبير.

ومنذ أن شنت إسرائيل ضرباتها، يوم الجمعة الماضي، ضم ترمب صوته بشكل أكبر مع دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتدمير المنشآت النووية الإيرانية.

ولفتت الصحيفة، إلى أن ترمب لا يزال يتمسك بإمكانية أن يدفع التهديد بعمل عسكري طهران إلى الإذعان لمطالبه بإنهاء عملية تخصيب المواد الانشطارية، وهي عنصر أساسي في صناعة السلاح النووي. وقال ترمب، الاثنين، إن إيران أبدت رغبة في استئناف المحادثات.

وفي طريقه إلى واشنطن بعد مغادرته قمة مجموعة السبع في كندا، صرح ترمب بأنه لا يسعى إلى "وقف إطلاق نار"، بل إلى "نهاية حقيقية" لطموحات إيران النووية.

ترقب في إسرائيل

وأشارت شبكة CNN، إلى أنه بعد أيام من الهجمات الإسرائيلية على إيران، واستهداف برنامجها النووي، ينتظر كبار المسؤولين الإسرائيليين معرفة ما إذا كان الرئيس الأميركي سيساعدهم في "إنهاء المهمة".

وذكرت أن المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين كانوا على اتصال متكرر بشأن سير العمليات العسكرية الإسرائيلية في إيران، وإمكانية تدخل الولايات المتحدة.

ونقلت عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله: "نحن بانتظار قرار الرئيس"، فيما قال اثنان من المسؤولين الإسرائيليين، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي "لا يحث ترمب صراحةً" على الموافقة على الضربات الأميركية على منشأة "فوردو" النووية الإيرانية التي تقع تحت جبل.

ويأمل نتنياهو، مثل غيره من المسؤولين الإسرائيليين، أن يتوصل ترمب إلى هذا القرار بنفسه، دون أن يشعر بأنه "تعرّض لضغوط من نظيره الإسرائيلي".

وقال مسؤول إسرائيلي ثالث إن "العملية برمتها مبنية على حقيقة أن الولايات المتحدة ستنضم في مرحلة ما".

ويصر المسؤولون الإسرائيليون، على أن إسرائيل لديها خيارات أخرى لتدمير المنشأة النووية الإيرانية في "فوردو" أو على الأقل تعطيلها مؤقتاً، ولكن من غير المرجح أن يكون أي منها فعالاً مثل ضربة من قاذفات استراتيجية أميركية تستخدم قنابل خارقة للتحصينات تزن 30 ألف رطل.

موقف "أكثر تشدداً" تجاه إيران

وذكرت شبكة ABC News الأميركية، أنه في الوقت الذي اجتمع الرئيس ترمب مع كبار مستشاريه في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، الثلاثاء، قال مسؤولون أميركيون، إن الساعات الـ24 إلى 48 المقبلة ستكون "حاسمة" في تحديد ما إذا كان لا يزال هناك مجال لحل دبلوماسي مع إيران، أو ما إذا كان الرئيس قد يلجأ إلى الخيار العسكري بدلاً من ذلك.

وصعّد ترمب إلى حد كبير من خطابه تجاه النظام الإيراني قبل الاجتماع. وفي حين قال إنه لا توجد نية لقتل المرشد الإيراني "في الوقت الراهن"، فإن تعليقاته تعكس موقفاً أكثر تشدداً تجاه إيران، في الوقت الذي يدرس فيه إمكان زيادة التدخل الأميركي.

وكتب ترمب على عبر منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال" (Truth Social)، إن مكان المرشد الإيراني علي خامنئي معروف لكن "لن نقضي عليه (نقتله!)، على الأقل ليس في الوقت الراهن"، مضيفاً: "صبرنا ينفد". وبعد 3 دقائق كتب في منشور جديد "استسلام غير مشروط!".

وأدت رسائل ترمب المتناقضة والغامضة أحياناً، عن الصراع بين إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة الوثيقة، وإيران عدوها اللدود، إلى تعميق حالة الضبابية المحيطة بالأزمة.

وتنوعت تعليقاته العلنية بين التهديدات العسكرية والمبادرات الدبلوماسية، وهو أمر ليس غريباً على رئيس معروف بنهجه المتقلب في السياسة الخارجية.

وقال مصدر مطلع على المناقشات الداخلية، إن ترمب وفريقه يدرسون عدداً من الخيارات، بما في ذلك الانضمام إلى إسرائيل في توجيه ضربات ضد مواقع نووية إيرانية.

وقال مسؤولون في البيت الأبيض، إن ترمب تحدث هاتفياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء.

"فرصة أخيرة" للدبلوماسية

ورغم نبرة التصعيد الظاهرة، يواصل مفاوضون أميركيون تقييم الوضع بأن إيران في "موقف ضعف"، وقد تُجبر على العودة إلى طاولة المفاوضات، وقبول اتفاق يُلزمها بالتخلي الكامل عن تخصيب اليورانيوم، بحسب ما ذكره مسؤولون مشاركون في العملية الدبلوماسية لشبكة ABC News.

وفي ظل تبادل الضربات بين إيران وإسرائيل، ألمح النظام الإيراني إلى استعداداه لاستئناف المحادثات مع الولايات المتحدة، بحسب ما أفاد مسؤولون، مع التأكيد على أن إدارة ترمب تسعى إلى التزامات أكثر وضوحاً قبل أن تتراجع عن مسار التصعيد.

اقرأ أيضاً

ترمب يأمر إدارته بالتحرك نحو محادثات مع إيران "في أسرع وقت"

يبحث البيت الأبيض إمكانية عقد لقاء بين المبعوث الأميركي، ويتكوف، ووزير الخارجية الإيراني، عراقجي، فيما يستعد الرئيس ترمب لتقديم مقترح "الفرصة الأخيرة" لإيران.

وإذا عادت إيران إلى طاولة المفاوضات ووافقت على التخلي عن تخصيب اليورانيوم، يعتقد مسؤولون أميركيون، أنه قد يُعقد اجتماع رفيع المستوى بقيادة المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وربما بمشاركة نائب الرئيس جي دي فانس، في وقت مبكر هذا الأسبوع.

ورجحت الشبكة الأميركية، أن هذا السيناريو يتطلّب على الأرجح "تحركاً سريعاً" من إيران، خاصة أن الرئيس ترمب عبّر بالفعل عن نفاد صبره حيال الوضع في الشرق الأوسط.

ونقلت عن أشخاص مطلعون على تفكير الرئيس قولهم، إن "إحباطه يتزايد بسبب عدم قدرة إيران، بوضعها غير المستقر، على تقديم ردود فورية للإدارة، كما أنه يبدو غير مستعد للسماح بظهور صورة توحي بأن طهران نجحت في تحديه عسكرياً".

تموضع أميركي دفاعي

وذكرت ABC News، أن الجيش الأميركي بدأ فعلياً تحريك وحدات إضافية نحو منطقة الشرق الاوسط، بما في ذلك إرسال طائرات إضافية وحاملة طائرات ثانية مع مجموعتها القتالية إلى الشرق الأوسط، وهي تحركات وُصفت بأنها "ذات طابع دفاعي"، وفق مسؤولين.

وقال وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث، في مقابلة مع شبكة FOX News، الاثنين، عن الوضع العسكري الأميركي في المنطقة: "نحن أقوياء، نحن مستعدون، نحن في وضع دفاعي، ونحن موجودون".

ورغم أن إعادة تمركز القوات تهدف بشكل أساسي إلى حماية ما يُقدّر بنحو 40 ألف جندي أميركي متمركزين في المنطقة، فإنها تتيح في الوقت نفسه خيارات مفتوحة أمام إدارة ترمب إذا قررت تقديم دعم مباشر للهجوم الإسرائيلي المستمر ضد إيران.

اقرأ أيضاً

وزير الدفاع الأميركي يأمر بنشر تعزيزات إضافية في الشرق الأوسط

أعلن وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث، الاثنين، أنه وجه بنشر تعزيزات إضافية في الشرق الأوسط.

في هذا السياق، قال أحد المسؤولين الأميركيين: "دورنا هو الحفاظ على جميع الخيارات على الطاولة، لكن وضعنا لا يزال دفاعياً".

وقال 3 مسؤولين أميركيين لوكالة "رويترز"، إن الولايات المتحدة تنشر المزيد من الطائرات المقاتلة في الشرق الأوسط وتوسع نطاق نشر طائرات حربية أخرى.

وقال مصدر مطلع على تقارير استخباراتية أميركية، إن "إيران حرّكت بعض منصات إطلاق الصواريخ الباليستية، لكن من الصعب تحديد ما إذا كانت تستهدف القوات الأميركية أم إسرائيل".

"وسيلة ضغط"

وأحد التساؤلات الرئيسية بحسب ABC News، يتعلق بإمكانية نشر الولايات المتحدة قاذفات B-2 الشبحية، وهي قاذفات استراتيجية ثقيلة قادرة على حمل قنابل خارقة للتحصينات (Massive Ordnance Penetrator) تزن 30 ألف رطل، ربما تكون الوحيدة القادرة على تدمير المنشأة النووية الإيرانية العميقة تحت الأرض في موقع "فوردو" لتخصيب الوقود.

وتوجد حالياً جميع قاذفات B-2 البالغ عددها 19 طائرة في قاعدة "وايتمان" الجوية في ولاية ميزوري. وكانت ست منها قد نُشرت سابقاً في قاعدة دييجو جارسيا الجوية الواقعة في المحيط الهندي، وهي أقرب جغرافياً إلى إيران، لكنها استبدلت بقاذفات B-52 بعيدة المدى، التي لا يمكنها حمل القنابل الخارقة للتحصينات اللازمة لتدمير منشأة "فوردو".

ونقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول أميركي رفيع، الاثنين، قوله، إن "ترمب يرى أن القنابل الضخمة الخارقة للتحصينات اللازمة لتدمير منشأة التخصيب الإيرانية تحت الأرض في فوردو، التي تمتلكها الولايات المتحدة ولا تمتلكها إسرائيل، وسيلة ضغط رئيسية لحمل إيران على إبرام اتفاق".

ووصف المسؤول القرار بشأن القنابل الخارقة للتحصينات بأنه "نقطة تحوّل"، لافتاً إلى أن ترمب "يفكر بمفهوم الصفقات والضغط. وهذه وسيلة ضغط".

وبدأ الجيش الإسرائيلي هجمات على إيران، الجمعة، بهدف معلن هو القضاء على برامجها النووية وبرامج الصواريخ الباليستية. وردت إيران، التي تصر على أن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية، بهجمات صاروخية على إسرائيل.

وواصل الجانبان تبادل الهجمات، ما أسفر عن سقوط وإصابة مدنيين وأثار مخاوف بين زعماء العالم المجتمعين في كندا هذا الأسبوع من أن أكبر مواجهة بينهما قد تؤدي إلى صراع أوسع في المنطقة.

تصنيفات

قصص قد تهمك