الاتحاد الأوروبي يبحث أجندة المناخ بالتزامن مع "موجة قاتلة" من الحر الشديد

علامة توقف مع مقياس حرارة مثبت على جدار مقر اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في بون بألمانيا. 1 يوليو 2025 - Reuters
علامة توقف مع مقياس حرارة مثبت على جدار مقر اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في بون بألمانيا. 1 يوليو 2025 - Reuters
دبي-الشرق

بينما تجتاج أوروبا موجة من الحر الشديد، أعلنت العديد من دول القارة حالة التأهب القصوى، واتخذت الحكومات إجراءات مثل إغلاق المدارس وتقليص ساعات العمل في الخارج. وفي غضون ذلك، يدرس صناع القرار في الاتحاد الأوروبي ما إذا كان الوقت مناسباً للدفع بأجندة مناخية جديدة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 90% بحلول عام 2040، بحسب مجلة "بوليتيكو".

وفي باريس، أُغلق برج إيفل جزئياً بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وكذلك مبنى أتوميوم الشهير في بروكسل. ولم يكن المواطنون والسياح وحدهم من عانوا من اعكاسات ارتفاع الحرارة، بل صناع القرار والصحافيون كذلك، تضيف المجلة.

وخلال المؤتمر البحثي السنوي للبنك المركزي الأوروبي، الذي عقد في سينترا بالبرتغال، ناشدت رئيسة البنك، كريستين لاجارد، الحاضرين لشرب الكثير من الماء، أما في ليولبيانا بسلوفينيا، وقبل انطلاق حفل وضع حجر الأساس لمنشأة طبية خارج المدينة، أعلن المنظمون، توفر المسعفين للتعامل مع حالات الطوارئ قبل أن يصعد رئيس الوزراء روبرت جولوب إلى المنصة.

وتقول المجلة في نسختها الأوروبية، إن السبب وراء هذا القلق الشديد هو أن الحرارة قد تكون قاتلة. إذ من المتوقع أن تسجل سلوفينيا ارتفاعاً كبيراً في عدد الوفيات بسبب الحرارة، وسجلت البرتغال أعلى درجة حرارة لها على الإطلاق في يونيو (46.6 درجة مئوية) يوم الثلاثاء. وفي بلجيكا، كان متوسط ​​درجة الحرارة في يونيو أعلى بمقدار 2.6 درجة من المتوسط، حيث وصلت درجات الحرارة في بروكسل إلى 35 درجة يوم الخميس.

القبة الحرارية

ويحذر  الخبراء من احتمال وفاة الآلاف إما خلال موجة الحر التي تضرب أجزاء واسعة من أوروبا، أو نتيجة مضاعفات طويلة الأمد بعد انتهائها.

ولقي شخصان حتفهما في إيطاليا، أحدهما جراء فيضانات مفاجئة، والآخر عامل بناء تأثر بحرارة الجو. وفي إشبيلية بإسبانيا، حيث كان المسؤولون الأوروبيون يحضرون قمة، ارتفعت درجات الحرارة إلى ما يزيد عن أربعين درجة مئوية.

وتشهد القارة ما يعرف بـ"القبة الحرارية"، وهي نمط مناخي "يحتجز" الطقس الحار، استقرت فوق معظم أنحاء القارة، وهو ما "عرّض ملايين الأوروبيين لضغط حراري شديد"، كما قالت سامانثا بيرجيس، أخصائية المناخ في المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى لمجلة "بوليتيكو".

وأصبحت موجات الحر القاتلة سمة أساسية في كل صيف أوروبي. ويتفق جميع الخبراء على أن تغير المناخ يزيد من تكرارها.

وفتحت هذه الأزمة نقاشاً سياسياً داخل الدول المعنية حول الإجراءات التي يمكن للحكومات اتخاذها للتخفيف من آثار موجة الحر.

"سياسة التكييف"

في فرنسا، أعلنت العديد من المناطق حالة التأهب القصوى بسبب الحرارة، وأُغلقت أكثر من 1000 مدرسة، وارتفع خطر اندلاع حرائق الغابات. وحضر رئيس الوزراء فرانسوا بايرو اجتماعاً طارئاً بشأن ارتفاع الحرارة، الثلاثاء.

إلى ذلك، فتحت زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، مارين لوبان، نقاشاً جديداً. إذ قالت إنه يجب وضع خطة لتركيب المزيد من مكيفات الهواء في جميع أنحاء البلاد، وانتقدت بشدة "ما يسمى بالنخب" الذين يستفيدون منها بالفعل.

وقالت في منشور على منصة "إكس": "من الجنون أن نطلب من العائلات التوقف عن العمل بين عشية وضحاها لأن المدارس لم تعد قادرة على استقبال أطفالنا، بينما نطلب منهم الذهاب إلى السينما المحلية المكيفة".

وردت وزيرة التحول البيئي الفرنسية، أنييس بانييه روناشر، قائلة، إن تكييف الهواء "غير كافٍ"، مشيرة إلى أن مكيف الهواء يولد بدوره الحرارة، ما يجعل منه مساهماً رئيسياً في تغير المناخ.

وتعتبر أوروبا أسرع قارات العالم ارتفاعاً في درجات الحرارة، والفقراء هم الأكثر معاناة خلال موجات الحر. ومع ذلك، فإنهم أقل احتمالاً للاستفادة من التوسع في استخدام مكيفات الهواء، وفق كارستن شنايدر، وزير البيئة الألماني. 

وقال شنايدر، الثلاثاء: "الحرارة تُبرز الخلل الاجتماعي بشكل ملحوظ. فأقل الناس دخلاً أقل قدرة على حماية أنفسهم من آثار الحرارة. أما من يملكون ثروةً طائلة، فبإمكانهم شراء مكيف هواء أو حديقة مُبردة."

نقاش مناخي على المستوى الأوروبي

وعلى المستوى الأوروبي، تستعد المفوضية الأوروبية لاتخاذ قرار حاسم بشأن خطة مقترحة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 90% بحلول عام 2040، وهي الخطة التي يرى بعض المفوضين أن الوقت غير مناسب لاتخاذ موقف جريء بشأن ارتفاع درجة حرارة المناخ.

وأشارت "بوليتيكو"، إلى اجتماع لمفوضي دول الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين في مطلع الأسبوع، تجاوز موعده المحدد بكثير، حيث أعرب العديد من المسؤولين عن ترددهم بشأن التوقيت ومضمون المقترح نفسه.

وأضافت المجلة بناء على تصريحات مسؤول لم تكشف هويته، أن حوالي نصف المفوضين أثاروا مخاوف بشأن مستهدف عام 2040، الذي شهد بالفعل العديد من التنازلات، بسبب مخاوف من رد فعل سياسي عنيف تجاه أهداف مناخية جديدة وطموحة.

ويريد الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، السماح للدول بنقل كمية محدودة من تخفيضات التلوث الخاصة بها إلى الخارج من خلال استثمارات في الدول الأكثر فقراً.

وأوضحت "بوليتيكو"، أن هذه الخلافات داخل المفوضية، برزت بشكل واضح بعد نقاش على مأدبة عشاء خلالة قمة قادة الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، إذ أثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون احتمال تأجيل المشروع.

ومن المرتقب أن يشارك المفوضوع الأوروبيون في اجتماع، الأربعاء، لمناقشة الخطة قبل نشرها بشكل رسمي في وقت لاحق من اليوم ذاته. ونقلت المجلة عن المسؤول قوله: "على ما يبدو، نتوقع نقاشاً حاداً حول اختيار توقيت هذا القانون".

تصنيفات

قصص قد تهمك