تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى التواصل مع عدد من كبار رجال الأعمال لاستطلاع مدى اهتمامهم بمرافقته في زيارة محتملة إلى الصين هذا العام، بحسب ما أفاد به أشخاص مطلعون على الأمر، في مؤشر على احتمال تعزيز الروابط بين الاقتصادين، رغم الرسائل الأميركية المتكررة بشأن السعي إلى فصل الاقتصاد الأميركي عن بكين، وفق "بلومبرغ".
وبحسب المطلعين، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم نظراً إلى خصوصية المناقشات، يجري مسؤولو وزارة التجارة اتصالات لاستطلاع اهتمام الرؤساء التنفيذيين لبعض الشركات الأميركية بالمشاركة. ولم يتضح بعد عدد مسؤولي الشركات الذين وُجّهت إليهم الدعوة، أو ما إذا كان أحدهم قد أكد مشاركته.
وأشار بعض المطلعين إلى أن الفرص المحتملة لهذه الزيارة قد تكون بالتزامن مع قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ التي ستُعقد في أواخر أكتوبر، في كوريا الجنوبية، بالتزامن مع قمة أخرى لقادة دول "رابطة أمم جنوب شرق آسيا" في ماليزيا، وهي مناسبات دأب الرئيس الأميركي على حضورها.
وفي ردها على سؤال حول هذا الأمر، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن زيارة إلى الصين "ليست مجدولة في الوقت الحالي"، في حين رفضت وزارة التجارة التعليق.
معارضة الزيارة إلى الصين
مع ذلك، يشير المطلعون إلى أن زيارة ترمب للصين لم تُحسم بعد؛ إذ تواجه الفكرة معارضة داخل الإدارة التي تضم العديد من المسؤولين المعروفين بمواقفهم المتشددة حيال بكين.
غير أن التحرك المبكر لإجراء هذه الاتصالات يبرز كيف يسعى ترمب إلى استخدام منصبه الرئاسي لإبرام صفقات لصالح الشركات الأميركية وتوسيع الأسواق أمام المنتجات الأميركية، رغم أن سياساته الحمائية، وفي مقدمتها فرض الرسوم الجمركية، أثارت قلق الحلفاء واضطراب الأسواق.
وخلال أول جولة خارجية له هذا العام، زار ترمب دول الخليج، بما فيها السعودية وقطر والإمارات، يرافقه كبار التنفيذيين في قطاعات المال والتكنولوجيا والتصنيع، حيث أُعلن عن صفقات بمليارات الدولارات شملت مجالات الطاقة والذكاء الاصطناعي والرقائق والطيران والرياضة وغيرها، في استعراض لقوة الشركات الأميركية.
ومن بين الشخصيات التي رافقته في تلك الجولة، لاري فينك من "بلاك روك" (.BlackRock Inc)، وكيلي أورتبرج من "بوينج"، وأليكس كارب من "بالانتير تكنولوجيز" (.Palantir Technologies Inc)، وجينسن هوانج من "إنفيديا"، وآخرون.
ويأمل وزير التجارة الأميركي هاورد لوتنيك أن يضم الوفد إلى بكين شخصيات مماثلة، يمكنها توقيع صفقات استثمارية وعقود مشتريات خلال الزيارة المحتملة إلى جانب ترمب والرئيس الصيني شي جين بينج، وفقاً لما أفاد به مطلعون.
وكان ترمب وشي قد تحدثا في مكالمة هاتفية مطلع يونيو، أعلن بعدها ترمب أن نظيره الصيني "دعاه والسيدة الأولى لزيارة الصين، وقد قابلت الدعوة بالمثل".
وقال ترمب حينها في منشور عبر منصة "تروث سوشال": "كرئيسين لدولتين عظيمتين، نتطلع نحن الاثنان إلى هذه الزيارة".
تخفيف التوتر بين أميركا والصين
ووصفت المكالمة بين ترمب وشي بأنها خطوة أساسية لتخفيف حدة التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم، بعد أن تبادلا فرض رسوم جمركية قاسية هذا العام، كادت تخنق حركة التجارة بينهما.
لكن الإطار العام لهذا التقارب لا يزال بعيداً عن أن يكون شاملاً؛ إذ لا تزال هناك ملفات شائكة من دون حل، من بينها تهريب الفنتانيل، وصعوبة دخول المصدّرين الأميركيين إلى الأسواق الصينية. كما يُعتبر تطبيق "تيك توك" نقطة خلاف أخرى محتملة في العلاقات بين واشنطن وبكين.
ويسعى ترمب إلى التوصل إلى اتفاق ينهي ملكية الشركة الصينية "بايت دانس" (.ByteDance Ltd) لتطبيق "تيك توك" في السوق الأميركية، لكن تأمين هذه الصفقة لا يزال يمثل العقبة الأخيرة، بحسب الأشخاص المطلعين؛ إذ إن أي اتفاق لتفكيك ملكية الشركة سيحتاج إلى موافقة بكين، وهو ما يمنح الصين ورقة ضغط قد تُستخدم لانتزاع تنازلات من واشنطن في ملفات التجارة وغيرها.
صرح ترمب بأنه وجد مشترياً محتملاً لـ"تيك توك"، يتمثل في تحالف استثماري يضم "أوراكل" (.Oracle Corp)، و"بلاكستون" (Blackstone)، وشركة رأس المال الاستثماري "أندريسن هورويتز" (Andreessen Horowitz).