زهران ممداني.. وجه جديد لليسار الأميركي يُقلق ترمب

المرشح لمنصب عمدة مدينة نيويورك زهران ممداني خلال مؤتمر صحافي مع قادة النقابات وأنصاره في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة. 2 يوليو 2025 - Reuters
المرشح لمنصب عمدة مدينة نيويورك زهران ممداني خلال مؤتمر صحافي مع قادة النقابات وأنصاره في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة. 2 يوليو 2025 - Reuters
دبي-الشرق

فاز زهران ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في نيويورك، في خطوة تقربه من المنافسة على منصب عمدة المدينة، نوفمبر المقبل، لكن موقفه المؤيد للفلسطينيين، ودعمه لحركة مقاطعة إسرائيل أثارا انتقادات واسعة النطاق، خاصة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وهدد ترمب، باعتقال المرشح الديمقراطي لمنصب رئيس بلدية نيويورك زهران ممداني، إذا عرقل عمليات وكالة الهجرة والجمارك الأميركية ICE، وذلك في حال انتخابه عمدة للمدينة.

وواصل ترمب، خلال حديثه للصحافيين في فلوريدا، مطلع يوليو، اتهام ممداني، المنتمي للتيار الديمقراطي الاشتراكي، بأنه "شيوعي".

وفي غضون أشهر قليلة، أصبح زهران ممداني أحد الوجوه الجديدة لليسار الأميركي، بعدما أثار الشاب البالغ من العمر 33 عاماً، ضجة كبيرة بفوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في مدينة نيويورك. 

ممداني الذي ولد في أوغندا هو صاحب حضور لافت على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ دأب على نشر مقاطع فيديو تتميز بروح الدعابة، وأسلوبه الهادئ، لكن رسائله لا تخلوا من مواقف "تقدمية"، إذ قدم خلال حملته الانتخابية للظفر بترشيح الحزب الديمقراطي، وعوداً بخفض تكلفة المعيشة للطبقة المتوسطة في نيويورك.

كما تحدث في مناسبات عديدة عن حرب غزة، إذ إنه مؤيد للفلسطينيين، ومنتقد صريح للحكومة الإسرائيلية، وهي مواقف تجر عليه انتقادات شديدة.

زهران ممداني.. من كامبالا إلى نيويورك

ولد زهران كوامي ممداني ونشأ في كامبالا بأوغندا، ثم انتقل إلى مدينة نيويورك في سن السابعة.

وينحدر ممداني من عائلة بارزة، والدته هي المخرجة السينمائية الشهيرة ميرا ناير، المعروفة بأعمالها التي تتناول قضايا الهجرة والهوية الثقافية.

أما والده فهو البروفيسور محمود ممداني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا، ومتخصص في الدراسات الإفريقية. وكلا الوالدين من خريجي جامعة هارفارد.

ممداني متزوج من الفنانة السورية راما دواجي، البالغة من العمر 27 عاماً، وتعرّفا على بعضهما من خلال تطبيق المواعدة "Hinge"، حسب ما تشير بعض التقارير الإعلامية، ويعيش الزوجان في بروكلين.

تخرج ممداني من نظام المدارس العامة في مدينة نيويورك، والتحق بمدرسة برونكس الثانوية للعلوم، وحصل على درجة البكالوريوس في الدراسات الإفريقية من كلية بودوين، وبعد بضع سنوات، في عام 2018، أصبح مواطناً أمريكياً.

في المدرسة الثانوية، شارك زهران في تأسيس أول فريق كريكيت في مدرسته، والذي شارك لاحقاً في الموسم الافتتاحي للكريكيت في دوري المدارس العامة الرياضي.

قبل تمثيله للدائرة الانتخابية السادسة والثلاثين، عمل زهران مستشاراً إسكانياً متخصصاً في عمليات الرهن العقاري، وساعد أصحاب المنازل من ذوي الدخل المحدود من غير البيض في جميع أنحاء كوينز على مواجهة أوامر الإخلاء والبقاء في منازلهم. 

أمضى ممداني أيام عمله في التفاوض مع البنوك التي تفضل الربح المالي على  احتياجات الأشخاص، وهو ما ساعده على فهم أن أزمة الإسكان لم تكن وليدة الصدفة، بل ثمرة عقودٍ من السياسات المؤيدة للشركات في الولايات المتحدة ونيويورك تحديداً.

مواقف "تقدمية"

يركز ممداني في برنامجه الانتخابي على تمكين سكان نيويورك من تحمل تكاليف المعيشة وتحسين قدرتهم الشرائية.

وخلال فعالية أقيمت مؤخراً، قال لشبكة BBC: "هذه مدينة يعيش فيها ربع سكانها في فقر، مدينة ينام فيها 500 ألف طفل جائعًا كل ليلة"، واعتبر أن الناخبين في أغلى مدينة في أميركا يريدون من الديمقراطيين التركيز على القدرة على تحمل التكاليف.

ويقترح المرشح الديمقراطي ضمن برنامجه الانتخابي توفير خدمة حافلات مجانية على مستوى المدينة وإطلاق سلسلة متاجر بقالة مملوكة للمدينة توفر المواد الأساسية بأسعار معقولة، وتوفير رعاية شاملة للأطفال من عمر ستة أسابيع إلى خمس سنوات.

ويركز ممداني بشكل كبير على التعامل مع أزمة الإسكان التي تعرفها المدينة، إذ يقترح تجميد الإجارات وتشديد المسؤولية على ملاك العقارات ومضاعفة إنتاج المساكن المثبتة الإيجار التي تبنيها النقابات العمالية بواقع ثلاث مرات، كما يتعهد بإجراء "إصلاح شامل" لمحاسبة ملاك العقارات وزيادة المعروض من المساكن الدائمة بأسعار معقولة.

مؤيد للقضية الفلسطينية

يقول ممداني إنه يتلقى تهديدات من أشخاص معادين للإسلام بشكل يومي، بعضها استهدف عائلته. 

والشهر الماضي، قال متحدث باسم شرطة نيويورك إن السلطات تلقت تقارير تفيد بأن ممداني، أبلغ عن تلقيه "أربع رسائل صوتية عبر الهاتف، في أيام مختلفة، تتضمن عبارات تهديد معادية للمسلمين من قبل شخص مجهول".

نعلم أن تقديم أنفسنا علناً كمسلمين يعني أيضاً التضحية بالأمن الذي قد نجده أحياناً في الخفاء

زهران ممداني خلال تجمع انتخابي

وفي تصريحات لـBBC، قال ممداني إن العنصرية مؤشر على ما هو معيب في السياسة الأميركية، وانتقد الحزب الديمقراطي "الذي مكّن إعادة انتخاب دونالد ترمب" والذي فشل في الدفاع عن العمال "بغض النظر عن هويتهم أو أصولهم".

أدى دعم ممداني الراسخ للقضية الفلسطينية وانتقاده لإسرائيل إلى خلافه مع معظم أوساط المؤسسة الديمقراطية، فقد قدم مشروع قانون لإنهاء الإعفاءات الضريبية للجمعيات الخيرية في نيويورك المرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية التي تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان.

كما أعرب عن اعتقاده بضرورة اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقد سألته الصحافة مراراً في مقابلات عما إذا كان يدعم حق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية.

وصرح ذات مرة: "لا أشعر بالارتياح لدولة تعتمد على تسلسل هرمي للمواطنة قائم على الدين أو أي شيء آخر.. أعتقد أن المساواة، كما هو الحال في هذا البلد، يجب أن تكون مكرسة في كل دولة في العالم. هذا هو اعتقادي".

وأكد ممداني أيضاً أنه لا مكان لمعاداة السامية في مدينة نيويورك، مضيفاً أنه في حال انتخابه، سيزيد التمويل المخصص لمكافحة جرائم الكراهية.

وخلال حملته الانتخابية، حظي بدعم العديد من المنظمات اليهودية والشخصيات السياسية في المدينة، وهو الدعم الذي سيحتاجه في الانتخابات البلدية في نوفمبر المقبل، للفوز برئاسة المدينة التي تضم أكبر عدد من السكان اليهود خارج إسرائيل.

من نواحٍ عديدة، تُعدّ القضايا التي يواجهها الديمقراطيون في نيويورك هي نفسها التي سيواجهها الحزب في الانتخابات القادمة، ونتيجةً لذلك، من المرجح أن تُسلّط الانتخابات التمهيدية الضوءَ على الصعيد الوطني لمعرفة ما تكشفه عن الحزب، وكيف ينبغي له أن يواجه ترمب.

تصنيفات

قصص قد تهمك