صادق مجلس النواب الأميركي، صباح الجمعة، على طلب الرئيس دونالد ترمب باسترجاع نحو 9 مليارات دولار، خصّصها الكونجرس للمساعدات الخارجية والبث العام، في خطوة تعكس تصاعد جهود الجمهوريين لاستهداف مؤسسات وبرامج يرونها "مبالغاً فيها"، أو "لا تنسجم مع أجندتهم السياسية".
وصوّت مجلس النواب لصالح المشروع بأغلبية 216 مقابل 213، وسيتوجه الآن إلى ترمب لتوقيعه، حسبما نقلت "أسوشيتد برس".
وشكّل هذا التصويت سابقة هي الأولى من نوعها منذ عقود، يتمكن فيها رئيس أميركي من تمرير طلب رسمي إلى الكونجرس لسحب اعتمادات مالية تمت الموافقة عليها سابقاً ويحظى بالموافقة. وألمح البيت الأبيض إلى أن هذه "لن تكون المرة الأخيرة".
تحفظات جمهورية
ورغم أن بعض الجمهوريين أبدوا تحفظات على هذه التخفيضات، إلا أنهم صوتوا لصالحها، حرصاً على عدم تحدي ترمب أو تعطيل أجندته، وفق الوكالة.
وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون من لويزيانا: "نحتاج إلى العودة إلى الرشد المالي، وهذه خطوة مهمة في هذا الاتجاه".
وعبّر المعارضون عن قلقهم ليس فقط بشأن البرامج التي استهدفتها التخفيضات، بل أيضاً بشأن "تخلّي الكونجرس عن صلاحياته الدستورية في الإنفاق"، لصالح السلطة التنفيذية، حيث تم إلغاء استثمارات سبق أن أُقرّت بتوافق بين الحزبين، من خلال تصويت حزبي صرف.
وأشاروا إلى أن محاولات سحب الاعتمادات السابقة كانت تحظى، على الأقل، بدعم جزئي من الحزبين، واعتبروا أن الحزمة التي قدّمها الجمهوريون "غير مسبوقة".
ولم يدعم أي ديمقراطي هذا الإجراء عند إقراره في مجلس الشيوخ، بأغلبية 51 صوتاً مقابل 48 صوتاً، في الساعات الأولى من صباح الخميس. أما التصويت النهائي في مجلس النواب، فقد تأخر عدة ساعات بينما كان الجمهوريون يواجهون ضغوط الديمقراطيين الذين طالبوا بإجراء تصويت على الإفراج عن ملفات جيفري إبستين، المتهم بالاتجار بفتيات قاصرات واعتداءات جنسية على أطفال،
وتلغي الحزمة نحو 1.1 مليار دولار مخصصة لمؤسسة البث العام CPB، ونحو 8 مليارات دولار مخصصة لمجموعة متنوعة من برامج المساعدات الخارجية، والتي صمم الكثير منها لمساعدة البلدان التي تعاني من الجفاف والأمراض والاضطرابات السياسية.
وجاءت محاولة استرجاع جزء ضئيل من الإنفاق الفيدرالي بعد أسابيع فقط من تمرير الجمهوريين، مشروع قانون ترمب لخفض الضرائب والإنفاق، دون أي دعم من الديمقراطيين.
وقدّر مكتب الميزانية في الكونجرس أن هذا التشريع، سيؤدي إلى زيادة الدين الأميركي بنحو 3.3 تريليون دولار خلال العقد المقبل.
وقال زعيم الديمقراطيين حكيم جيفريز: "لا أحد يصدق أن الجمهوريين يحاولون فعلاً الحد من الإنفاق المهدَر".
ضربة موجعة لمؤسسة البث العام
ويمثل إلغاء مبلغ 1.1 مليار دولار من مخصصات مؤسسة البث العام كامل التمويل الذي كانت ستحصل عليه خلال السنتين الماليتين المقبلتين.
وقالت إدارة ترمب إن المؤسسة "منحازة سياسياً"، وتشكّل نفقات غير ضرورية.
وتقوم المؤسسة بتوزيع أكثر من ثلثي هذا التمويل على أكثر من 1500 محطة تلفزيون وإذاعة عامة تُدار محلياً، فيما يُخصص الجزء الأكبر مما تبقى لدعم البرمجة الوطنية عبر "الإذاعة الوطنية العامة" (NPR) و"خدمة البث العام" (PBS).
وحاول الديمقراطيون استعادة التمويل في مجلس الشيوخ، لكن دون جدوى.
وأعرب عدد من المشرعين الذين يمثلون مناطق ريفية واسعة عن قلقهم الشديد بشأن ما قد تعنيه هذه التخفيضات لبعض محطات البث العام المحلية في ولاياتهم.
وقالت السيناتور ليزا ميركاوسكي، الجمهورية من ألاسكا، إن المحطات "ليست مجرد أخبار، بل هي تنبيه للتسونامي، وتنبيه للانهيارات الأرضية، وتنبيه للبركان".
ومن بين تخفيضات المساعدات الخارجية، 800 مليون دولار لبرنامج يوفر المأوى الطارئ والمياه ولمّ شمل الأسر للاجئين، و496 مليون دولار لتوفير الغذاء والماء والرعاية الصحية للدول المتضررة من الكوارث الطبيعية والنزاعات.
كما رُصد تخفيض قدره 4.15 مليار دولار لبرامج تهدف إلى تعزيز الاقتصادات والمؤسسات الديمقراطية في الدول النامية.
وأكد البيت الأبيض أن العديد من التخفيضات ستحفز الدول الأخرى على بذل المزيد من الجهود للاستجابة للأزمات الإنسانية، وأن إلغاء هذه التخفيضات يخدم دافعي الضرائب الأميركيين على أفضل وجه.