استبق وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن وصوله إلى سنغافورة، الثلاثاء، مؤكداً أن منطقة المحيطين الهندي والهادئ، هي "مسرح عمليات يشكل أولوية" لبلاده، وشدد على وجوب ألا تعمد أي دولة إلى "إملاء قواعدها" في المنطقة، معتبراً أن دعاوى بكين بالسيادة على بحر الصين الجنوبي "بلا أساس، وغير مفيدة"، حسبما نقلت وكالة "بلومبرغ".
ووصل أوستن إلى سنغافورة، في إطار جولة تشمل أيضاً فيتنام والفلبين، في جنوب شرقي آسيا، في محاولة لتأكيد الأهمية التي توليها واشنطن تعزيز علاقاتها في المنطقة، وبأنها لا تزال شريكاً موثوقاً به، بالتزامن مع تصديها لبكين، في حين توجه السفير الصيني الجديد لدى الولايات المتحدة، تشين غانغ، إلى واشنطن الثلاثاء.
وتأتي رحلة أوستن بعد محادثات أجرتها نائبة وزير الخارجية الأميركي، ويندي شيرمان، مع وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، في مدينة تيانجين الساحلية الصينية، الاثنين، كما تتزامن مع الانسحاب العسكري الأميركي من أفغانستان، وهي خطوة من شأنها تحويل بعض تركيز الولايات المتحدة إلى غرب المحيط الهادئ، من الشرق الأوسط.
وأشارت "بلومبرغ" إلى أن هذا التحوّل الاستراتيجي سيكون جزءاً من المحادثات التي سيجريها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال زيارته إلى العاصمة الهندية نيودلهي، للقاء رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الأربعاء، قبل أن يتوجّه إلى الكويت.
لويد في سنغافورة
وكان وزير الدفاع السنغافوري، نغ إنغ هين، في استقبال أوستن، واستعرضا حرس الشرف، وأفاد بيان مشترك بأن أوستن ونغ إنغ هين ناقشا "البيئة الأمنية الإقليمية، واتفقا على أهمية الحفاظ على نظام قائم على القواعد". ثم التقى أوستن رئيس الوزراء السنغافوري، لي هسين لونغ، الذي كتب على فيسبوك أنهما "أجريا مناقشة جيدة بشأن التطورات الإقليمية والدولية، فضلاً عن التعاون الدفاعي" بين الجانبين.
ووَرَدَ في مقتطفات من خطاب أوستن: "لن نجفل عندما تكون مصالحنا مهددة. لكننا لا نسعى إلى مواجهة. إنني ملتزم بمتابعة علاقة بنّاءة ومستقرة مع الصين، بما في ذلك اتصالات أكثر قوة خلال الأزمات مع الجيش الصيني".
وفي إحاطة لصحافيين قبل جولته، شدد أوستن على أن منطقة المحيطين، الهندي والهادئ، هي "مسرح عمليات يشكّل أولوية" بالنسبة إلى بلاده، مضيفاً أنه سيواصل دفاعه عن قضية "نظام إقليمي أكثر عدلاً وانفتاحاً وشمولية".
وأضاف: "لا نعتقد بأن أي دولة يجب أن تكون قادرة على إملاء القواعد، أو ما هو أسوأ من ذلك، دون اتفاق، وفي هذا الصدد سأؤكد التزامنا بحرية البحار. سأوضح أيضاً موقفنا بشأن بعض المطالبات غير المفيدة والتي بلا أساس للصين في بحر الصين الجنوبي" الذي تزعم بكين سيادتها على غالبيته، فيما تطالب ماليزيا وفيتنام والفلبين وبروناي وتايوان بأجزاء منه.
وتطرّق أوستن إلى خطاب بعنوان "ضرورة الشراكة"، سيلقيه أمام "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" في سنغافورة، مشيراً إلى أنه سيركّز على كيفية قيام الولايات المتحدة بـ "تعزيز أحد أصولنا الاستراتيجية في المنطقة، وهي شبكتنا القوية من الحلفاء والشركاء".
وتابع أنه سيُطلع المسؤولين العسكريين على كيفية تحديث الولايات المتحدة قدراتها الدفاعية، وإمكانها مساعدة شركائها على فعل الأمر ذاته، لمواجهة "أشكال متغيّرة من العدوان والإكراه، نراه جميعاً"، وفق "بلومبرغ".
جبهة موحّدة ضد بكين
وأشارت وكالة رويترز للأنباء إلى أن إدارة بايدن سعت إلى حشد حلفاء وشركاء للولايات المتحدة، لتشكيل جبهة موحّدة ضد ما تعتبر أنها سياسات اقتصادية وخارجية قسرية تعتمدها الصين بشكل متزايد.
واستكملت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" دراسة بشأن سياستها إزاء الصين، وأصدر أوستن توجيهاً داخلياً يدعو إلى اتخاذ مبادرات، لكن تفاصيل ضئيلة ظهرت في هذا الصدد.
وأفادت رويترز، بأن الولايات المتحدة أدرجت طيلة سنوات، مواجهة الصين في صلب سياستها الأمنية الوطنية، ووصفت إدارة بايدن التنافس مع بكين بأنه "أضخم اختبار جيوسياسي" في هذا القرن.
وبعد 6 أشهر على تنصيب بايدن، لا تزال دول جنوب شرقي آسيا تستكشف تفاصيل استراتيجيته، إضافة إلى خططه للتفاعل الاقتصادي والتجاري والعسكري مع منطقة المحيطَين، الهندي والهادئ.
سفير صيني جديد في واشنطن
وبعد يوم على محادثات شيرمان في تيانجين، توجّه السفير الصيني الجديد لدى الولايات المتحدة، تشين غانغ، إلى واشنطن، الثلاثاء، حسبما أفادت رويترز. وسيخلف تشين (55 عاماً) كوي تيانكاي (68 عاماً)، الذي تجاوز سنّ التقاعد للسفراء الصينيين البارزين، فيما أنهى، الشهر الماضي، 8 سنوات قضاها في واشنطن، وكان السفير الصيني الأطول خدمة لدى الولايات المتحدة.
وتفيد السيرة الذاتية لتشين، المنشورة على موقع وزارة الخارجية الصينية، بأنه نائب لوزير الخارجية، وليست لديه خبرة سابقة بشأن الولايات المتحدة.
ونقلت "رويترز" عن لي مينغيانغ، وهو أستاذ مساعد في العلاقات الدولية بكلية إس راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، قوله: "سيستغرق الأمر بعض الوقت كي يبني تشين شبكة اتصالاته، في الدوائر السياسية والأمنية والدبلوماسية في الولايات المتحدة".
وذكرت "رويترز" أن تشين شغل مرتين منصب الناطق باسم وزارة الخارجية، بين عامَي 2006 و2014، مضيفة أنه برز بين أقرانه بكونه من أوائل الدبلوماسيين الصينيين الذين أدلوا بتعليقات حادة، دفاعاً عن بلاده.
وقال لي: "يُرجّح أن يبدو تشين أكثر صرامة من كوي، عند تعامله مع الأميركيين. ولكن نظراً إلى أن العلاقات (الصينية - الأميركية) مقيّدة الآن إلى حد كبير بعوامل هيكلية، مثل الضغط المحلي والتنافس الاستراتيجي، فثمة حدود لمدى ما يمكن للسفير فعله للتأثير في العلاقات" بين الجانبين.
اقرأ أيضاً: