الهند تراهن على "السلع المحلية" في مواجهة الضغوط التجارية الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في البيت الأبيض بواشنطن. 13 فبراير 2025 - reuters
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في البيت الأبيض بواشنطن. 13 فبراير 2025 - reuters
دبي -الشرق

دعا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مواطني بلاده، إلى شراء السلع المحلية، في مواجهة تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بفرض رسوم جمركية على نيودلهي، التي أكدت أنها ستواصل شراء النفط الروسي. 

وقال مودي في تجمع حاشد بولاية أوتار براديش الشمالية، السبت: "يمر الاقتصاد العالمي بمخاوف كثيرة، فهناك جو من عدم الاستقرار". 

وأضاف: "الآن، مهما نشتري، يجب أن يكون هناك ميزان واحد فقط: سنشتري الأشياء التي صُنعت بعرق جبين الهندي"، مؤكداً على أهمية حماية المصالح الاقتصادية للهند في ظل الظروف العالمية غير المستقرة. 

وجاءت هذه التصريحات بعد أيام قليلة من فرض إدارة ترمب رسوماً جمركية بنسبة 25% على الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة، كما هدد البيت الأبيض باتخاذ المزيد من الإجراءات، حال واصلت الهند شراء النفط الروسي. 

وأفادت مصادر مطلعة لـ"بلومبرغ"، بأن حكومة مودي لم تُصدر تعليمات لمصافي النفط الهندية بوقف شراء النفط الروسي، ولم يُتخذ أي قرار بشأن وقف المشتريات، إذ يُسمح لكل من مصافي النفط الحكومية والخاصة بالشراء من مصادر مفضلة، لكن قرار شراء النفط الخام يبقى قراراً تجارياً.

الهند.. أبرز أهداف ترمب

وأصبحت الهند أحد أبرز أهداف ترمب في سعيه للضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء حرب أوكرانيا، إذ هاجم الرئيس الأميركي الهند الأسبوع الماضي، منتقداً إياها لانضمامها إلى "مجموعة بريكس" للدول النامية، والحفاظ على علاقات وثيقة مع روسيا، قائلاً: "يمكنهما معاً هدم اقتصاداتهما المتعثرة".

وشكّل هذا التوبيخ تحولاً مذهلاً في لهجة الولايات المتحدة، التي تجاهلت لسنوات العلاقات التاريخية الوثيقة بين الهند وروسيا، حيث كانت تسعى إلى جذبها كقوة موازنة للصين في آسيا. 

والآن، يبدو ترمب مستعداً للتراجع عن هذه الاستراتيجية لكسب نفوذ ضد بوتين، الذي قاوم جهود الرئيس الأميركي لإنهاء القتال في أوكرانيا. 

واتهم ستيفن ميلر، نائب رئيس موظفي ترمب، الهند، بفرض رسوم جمركية "ضخمة" على السلع الأميركية و"الغش" في نظام الهجرة الأميركي، بالإضافة إلى شراء كميات من النفط الروسي تعادل ما تشتريه الصين تقريباً.

وقال ميلر في تصريحات صحافية الأحد: "الرئيس ترمب، يريد علاقة وطيدة، ولطالما كانت تربطه علاقة وطيدة بالهند ورئيس وزرائها. لكننا بحاجة إلى أن نكون واقعيين بشأن التعامل مع تمويل هذه الحرب".

وأضاف ميلر: "لذا، أيها الرئيس ترمب، جميع الخيارات مطروحة للتعامل دبلوماسياً ومالياً وسياسياً مع الحرب الدائرة في أوكرانيا، حتى نتمكن من تحقيق السلام".

وصرح ترمب للصحافيين الأسبوع الماضي، بأنه "سمع" أن الهند ستتوقف عن شراء النفط من روسيا، واصفاً ذلك بأنه "خطوة جيدة". 

وذكرت "بلومبرغ" الأسبوع الماضي، أنه طُلب من مصافي التكرير الهندية، وضع خطط لشراء النفط الخام غير الروسي، لكن أحد المصادر قال إن "التعليمات كانت بمثابة تخطيط سيناريوهات في حال عدم توفر النفط الخام". 

بدورها، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، السبت الماضي، أن الهند ستواصل شراء النفط الخام الروسي رغم تهديد ترمب بفرض عقوبات.

انتقادات أميركية وأوروبية

وتعرضت مصافي التكرير الهندية، لانتقادات من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لدعمها موسكو خلال حرب أوكرانيا من خلال مشتريات النفط.

وأصبحت الهند أكبر مشترٍ في العالم لصادرات النفط الخام الروسية المنقولة بحراً، حيث استحوذت على براميل النفط المخفضة وزادت مشترياتها من الصفر تقريباً إلى حوالي ثلث وارداتها.

وعلى الرغم من أن الصين هي الداعم الاقتصادي والدبلوماسي الرئيسي لروسيا، إلا أن نفوذ ترمب على ثاني أكبر اقتصاد في العالم محدود، بسبب سيطرة بكين على المعادن الأرضية النادرة التي تحتاجها الولايات المتحدة لصنع سلع عالية التقنية. 

وقد أجرت الولايات المتحدة والصين محادثات في الأشهر الأخيرة بهدف استقرار العلاقة، بعد أن رفعت كل منهما الرسوم الجمركية على سلع الأخرى إلى ما يزيد عن 100% في وقت سابق من هذا العام. 

ودافعت الهند عن علاقاتها مع روسيا، إحدى أكبر مورديها للأسلحة منذ الحرب الباردة، إذ قال المتحدث باسم الخارجية الهندية، راندير جايسوال، الجمعة، إن الدولتين تربطهما "شراكة راسخة وثابتة". 

وأضاف جايسوال: "علاقاتنا الثنائية مع مختلف الدول قائمة بذاتها، ولا ينبغي النظر إليها من منظور دولة ثالثة". ورداً على سؤال حول العلاقات مع الولايات المتحدة، أضاف أنه "واثق من أن هذه العلاقة ستستمر في التطور".

وقال مسؤول في نيودلهي، إن الهند تتوقع زيارة مفاوضين تجاريين أميركيين للبلاد قبل نهاية هذا الشهر، وذلك لمواصلة المحادثات بشأن اتفاقية ثنائية، فيما أكد المسؤول على أن الهند ستتمسك بموقفها ولن تمنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى قطاعي الألبان والزراعة، مشيراً إلى الحساسيات السياسية والدينية.

تصنيفات

قصص قد تهمك