رسوم ترمب الجمركية على الدول الأقل ثراءً.. الفقراء يدفعون الثمن

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوقع أمراً تنفيذياً خلال إعلان رسوم جمركية في البيت الأبيض بواشنطن. 2 أبريل 2025 - Bloomberg
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوقع أمراً تنفيذياً خلال إعلان رسوم جمركية في البيت الأبيض بواشنطن. 2 أبريل 2025 - Bloomberg
دبي-الشرق

وجّهت الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ضربة قاصمة للدول الفقيرة، بعدما منحتها واشنطن امتيازات تجارية استمرت لعقود، غير أن هذا لم يعد نهجاً متبعاً حالياً، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

فبينما فرضت إدارة ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10% و15% على الواردات من دول غنيّة مثل كوريا الجنوبية واليابان ودول الاتحاد الأوروبي، رفعت النسب إلى 20% فأكثر على سلع واردة من دول نامية بينها فيتنام وبنجلاديش وجنوب إفريقيا والعراق.

كما فُرضت رسوم بنسبة 40% على ميانمار ولاوس، وهما من أفقر دول آسيا، في خطوةٍ تهدّد عملياً بإنهاء صادراتهما إلى السوق الأميركية، وتشمل الأثاث والملابس.

وكان ترمب أعلن عزمه أيضاً رفع الرسوم الجمركية على الهند إلى 50%، في ظل خلاف بين واشنطن ونيودلهي بشأن استمرار واردات الهند من النفط الروسي، في وقت لا تملك فيه الدول الفقير نفوذاً على دولة بحجم الولايات المتحدة.

فيما نجت بعض الدول ذات الثقل الجيوسياسي أو الاقتصادي من رسوم ترمب الجمركية، إذ لم تفرض واشنطن تعريفات أعلى من الحد الأدنى البالغ 10%.

نهج السياسة والاستثمار في أميركا 

لكن انخفاض الأجور في بعض الدول الفقيرة مثل بنجلاديش وفيتنام، حولها إلى قوى صناعية، ما يعني أنها غالباً ما تحقق فوائض تجارية كبيرة مع الولايات المتحدة، إلا أن مواطنيها لا يستطيعون تحمل كلفة المنتجات الأميركية باهظة الثمن.

علاوة على ذلك، طالب ترمب شركاءه التجاريين بالاستثمار في الولايات المتحدة، لكن قلة من الدول النامية تمتلك القوة المالية الكافية لمواكبة مئات المليارات من الدولارات التي تعهدت اليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي بضخها في الاقتصاد الأميركي.

وحتى عام 2020، استفادت دول فقيرة عدّة، مثل كمبوديا وبنجلاديش، من نظام خاص يُعرف باسم "نظام الأفضليات المعمم"، والذي ألغى الرسوم التجارية على منتجات أكثر من 100 من أفقر دول العالم وأقاليمها، والآن، تضاءل وصول الدول الفقيرة إلى الولايات المتحدة بشكل أكبر.

وفي بعض الحالات، كما في فيتنام، خضعت الدول النامية لتدقيق البيت الأبيض بسبب علاقاتها التجارية والدبلوماسية الوثيقة مع الصين، وفي أحيان أخرى، أعرب ترمب عن غضبه من سياساتها الداخلية. 

في السياق، قالت ديبورا إلمز، رئيسة قسم السياسة التجارية في مؤسسة "هينريش" البحثية ومقرّها آسيا، إن هذه السياسات أبقت الدول النامية تحت تعريفات جمركية "مرتفعة للغاية"، واعتبرتها "تغييراً كبيراً" لا سيما في ما يتصل بمعاملة أقلّ البلدان نمواً.

سوريا والبرازيل

وغالباً ما يجد الاقتصاديون ومسؤولو التجارة صعوبة في تفسير تفادي بعض الدول العقاب فيما تُفرض إجراءات أشد على دول أخرى. إذ تواجه الجزائر وليبيا رسوماً جمركية بنسبة 30% على صادراتهما إلى الولايات المتحدة، فيما تُفرض نسبة 35% على سلع العراق.

ومن بين أعلى الرسوم، سُجّلت ضريبة 41% على السلع القادمة من سوريا، وبعد سنوات من العقوبات الصارمة، لا تُصدّر دمشق إلا القليل جداً إلى السوق الأميركية. ويزيد هذا المعدّل حتى على الرسوم البالغة 39% المفروضة على سويسرا، وهي من الدول الغنية النادرة التي تواجه تعريفات مرتفعة.

وفرض ترمب رسوماً بنسبة 50% على بعض المنتجات البرازيلية، مثل القهوة، مستشهداً بإجراءات قانونية ضد الرئيس اليميني السابق جايير بولسونارو وضد شركات التكنولوجيا الأميركية.

وفي كمبوديا، الدولة الصغيرة والتي تعد مصدراً كبيراً للملابس إلى الولايات المتحدة، فُرضت عليها تعريفات جمركية بنسبة 19%، ما أثار قلقاً واسعاً في صناعة الملابس بالبلاد.

وقال سون تشانثول، نائب رئيس وزراء كمبوديا، الذي قاد محادثات التعريفات الجمركية مع الولايات المتحدة، في مقابلة: "نحن دولة فقيرة، قدرتنا الشرائية تختلف عن قدرة دولة غنية"، مضيفاً:"كنت آمل أن أحصل على تعريفة 15% على الأقل مثل كوريا أو اليابان".

وخفّضت كمبوديا تعريفاتها الجمركية على الواردات الأميركية إلى الصفر، فيما وعدت شركة الطيران الوطنية بشراء 10 طائرات من شركة "بوينج"، مع خيار شراء 10 طائرات أخرى، وهو عرض متواضع مقارنةً بالتعهدات المالية لدول غنية مثل اليابان، التي وافقت على شراء 100 طائرة من شركة الطيران والفضاء الأميركية.

وعلى الرغم من أن التعريفة الجمركية البالغة 19% التي حصلت عليها كمبوديا في النهاية كانت أفضل قليلاً من تعريفات بعض الدول النامية الأخرى، إلا أن الحكومة كانت تضغط من أجل خفضها.

والأسبوع الماضي، أكد البيت الأبيض أن جنوب إفريقيا ستخضع لرسوم جمركية بنسبة 30%، رغم الجهود التي بذلها مسؤولو جنوب إفريقيا على مدى أشهر لخفضها.

وفي مايو الماضي، التقى رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا نظيره الأميركي في البيت الأبيض في محاولة لإنقاذ علاقة متدهورة مع الولايات المتحدة بشأن قضايا تتراوح بين العلاقات العرقية وإسرائيل والتجارة، لكن زيارة المكتب البيضاوي تحولت إلى نقاش حاد حول التهديدات المتصورة للمزارعين البيض في جنوب إفريقيا.

تصنيفات

قصص قد تهمك