قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، السبت، إنه يتوقع أن يجري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة إلى مصر في العام القادم، كما كشف عن بدء التحضير للجلسة القادمة للمجلس الاستراتيجي الأعلى الذي تم إطلاقه خلال الزيارة التي أجراها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة في سبتمبر الماضي.
وأشاد وزير الخارجية المصري، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي هاكان فيدان في مدينة العلمين الجديدة، بمستوى العلاقات المصرية التركية، واعتبر أنها "تعكس الإدراك المشترك بين البلدين لضرورة التنسيق والعمل يداً بيد لتعزيز مسار التعاون الثنائي".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية إن الوزيرين "أعربا عن الحرص المشترك لتعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات، خاصة في ظل ما يحمله العام الجاري من دلالة رمزية بمناسبة مرور 100 عام على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا، وهو ما يجسد عمق الروابط التاريخية والحضارية التي تجمع البلدين الصديقين".
وقال عبد العاطي إن الجزء الأكبر من المباحثات مع نظيره التركي ناقش الأوضاع في غزة، وأضاف أن إسرائيل تريد جعل الحياة غير ممكنة في الضفة الغربية وغزة تمهيداً لتهجير السكان منهما وهذا خط أحمر. وتابع: "لن نسمح بتهجير سكان غزة والضفة الغربية تحت أي ظرف من الظروف".
وأشار عبد العاطي إلى أنه لا يمكن السماح لطرف "بأن يهيمن على المنطقة أو يفرض ما يسمى بإعادة هندستها"، مشيراً إلى إنه "لا يمكن الحديث بأي حال من الأحوال عن ترتيبات إقليمية دون الاتفاق على احترام مبادئ القانون الدولي".
بدوره، قال فيدان إنه يجب على الدول الإسلامية أن تتحد وتتحرك لحشد المجتمع الدولي ضد خطة إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة، وأضاف أنه دعا منظمة التعاون الإسلامي لعقد اجتماع طارئ.
مباحثات إيجابية ومثمرة
وأشار عبد العاطي إلى أنه أجرى جولة مباحثات "إيجابية ومثمرة" مع فيدان، استعرضا خلالها ملفات التعاون الثنائي والرغبة المشتركة في مواصلة الدفع بالعلاقات للأمام، واتفقا على عقد اجتماع لمجموعة العمل المشترك قبل نهاية العام الجاري، في أفق التحضير للجلسة القادمة للمجلس الاستراتيجي الأعلى ليعقد في العام القادم.
وأضاف: "توافقنا على أهمية الدفع بالعلاقات الاقتصادية والتجارية إلى آفاق أرحب وكان الرئيسان قد اتفقا في سبتمبر الماضي في أنقرة على العمل على مضاعفة حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى رقم 15 مليار دولار في السنوات القليلة القادمة".
وأوضح أن هذا اللقاء يأتي في توقيت بالغ الأهمية، إذ يتزامن مع الاحتفال بمرور 100 عام على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا.
واعتبر وزير الخارجية المصري أن العلاقات بين مصر وتركيا تشهد "مرحلة هامة من التلاقي الاستراتيجي"، مؤكداً أن التنسيق المشترك يهدف إلى "دعم الأمن والاستقرار في المحيط الإقليمي".
وقال في هذا الصدد: "العلاقات بين مصر وتركيا تشهد اليوم مرحلة هامة من التلاقي الاستراتيجي، قوامها الصراحة وأداتها التنسيق وأفقها هو خدمة مصالح البلدين ومصالح المنطقة على نحو يحقق التنمية والرفاهية للشعبين الصديقين، وأيضاً يحقق الأمن والاستقرار في هذه المنطقة المضطربة من العالم".
العلاقات التجارية والاقتصادية
من جهته، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إن الشركات التركية "تقدم إسهاماً ملموساً في توفير فرص العمل والإنتاج باستثماراتها في مصر"، وأكد أن الجانبين سيواصلان العمل في قطاعات كالصناعات الدفاعية والمواصلات وأمن الطاقة.
وأشاد فيدان بالإصلاحات ومشاريع البنية التحتية التي تمت خلال السنوات الأخيرة، واعتبر أنها "حولت مصر إلى نموذج يحتذى به من حيث التنمية".
وقال وزير الخارجية التركي: "من هذا المنظور نهنئ مصر حقيقة ونفرح لمصر ونؤمن بأن مصر ستقطع مسابقة أبعد وتحقق إنجازات أكبر".
وذكر أنه على الصعيد الاقتصادي والتجاري، فإن حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا بلغ 9 مليارات دولار في عام 2024، وأكد أن الجانبين يطمحان لرفع حجم التبادلات إلى 15 مليار دولار مستقبلاً.
وأكد عبد العاطي أن الاستثمارات التركية في مصر تحظى بأولوية، مؤكداً حرص الحكومة المصرية على تقديم كل الدعم الممكن للشركات التركية وإزالة أي معوقات أو ماكل تعترض عمل هذه الشركات.
رفض "احتلال غزة"
وأجرى وزير الخارجية التركي مباحثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث شدد الجانبان على رفض إعادة الاحتلال العسكري الإسرائيلي لقطاع غزة.
وقال بيان صادر عن الرئاسة المصرية إن الاجتماع تناول تطورات الأوضاع في قطاع غزة، حيث "تم التأكيد على رفض إعادة الاحتلال العسكري للقطاع، وضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، والإفراج عن الرهائن والأسرى، مع التشديد على رفض تهجير الفلسطينيين".
كما ناقش الجانبان "تطورات الأوضاع في ليبيا وسوريا والسودان"، وقالت الرئاسة المصرية إن السيسي "استعرض رؤية مصر لتحقيق السلام والاستقرار في تلك الدول الشقيقة، وجهودها في هذا الإطار".
وأضاف البيان أنه جرى "التأكيد على أهمية احترام سيادة تلك الدول، والحفاظ على وحدة أراضيها ومقدرات شعوبها".
وذكر البيان أن الرئيس المصري أكد أهمية مواصلة العمل على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وأشار في هذا الصدد إلى "التطور النوعي في العلاقات المصرية التركية، لا سيما بعد توقيع الإعلان المشترك في فبراير 2024 لإعادة تفعيل اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، ورفعها إلى مستوى رئيسي البلدين".
وقال إن اللقاء "شهد تأكيداً متبادلاً على ضرورة تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر وتركيا، والسعي للوصول إلى حجم تبادل تجاري يبلغ 15 مليار دولار، وفقاً لما تم الاتفاق عليه خلال زيارة السيسي إلى أنقرة في سبتمبر 2024، كما تم التأكيد على أهمية توسيع مشاركة الشركات التركية في المشروعات الاستثمارية داخل مصر".