موسكو تنتقد مواقف أوروبا والناتو.. ودوجين يلمح إلى "مخاوف غربية" من اللقاء المنتظر

قمة بوتين وترمب "الاستكشافية".. آمال روسية بشأن التطبيع وترقب أوروبي

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان. 28 يونيو 2019 - Reuters
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان. 28 يونيو 2019 - Reuters
موسكو/ دبي -الشرقوكالات

تأمل موسكو من خلال القمة المرتقبة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في ألاسكا، والمقرر، الجمعة، في تعزيز تطبيع العلاقات الثنائية، فيما وصف ترمب اللقاء بأنه "استكشافي"، بينما ألمح الفيلسوف الروسي المقرب من بوتين، ألكسندر دوجين،  إلى أنه "قد يكون اختراق مُحتمل للغرب"، إلا أن أمين عام حلف شمال الأطلسي "الناتو"، مارك روته، اعتبره "اختبار لجدية بوتين" بشأن إنهاء حرب أوكرانيا.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف في حديث لصحيفة "إزفستيا " الروسية: "نأمل أن يعطي اللقاء المرتقب على أعلى المستويات زخماً لتطبيع العلاقات الثنائية، والذي من شأنه أن يتيح حل بعض القضايا، مثل (استئناف الرحلات الجوية).. على الرغم أنه من الواضح أن الزعيمين سيُركزان على مواضيع مختلفة تماماً".

وكان ترمب وصف، الاثنين، اجتماعه المرتقب مع بوتين بأنه "استكشافي" يهدف إلى حث روسيا على إنهاء حرب أوكرانيا.

وأضاف للصحافيين: "سأذهب للحديث مع بوتين، وسأخبره بوضوح: عليك أن تنهي هذه الحرب. عليك أن تنهيها". وأشار إلى أن اجتماعاً مستقبلياً قد يضم أيضاً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وتُعقد القمة، يوم الجمعة المقبل، في ألاسكا، لكن الموقع المحدد داخل الولاية الأميركية، لم يُعلن بعد، وسيكون هذا أول سفر لبوتين إلى الولايات المتحدة منذ عام 2015، حين شارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وستكون هذه أول زيارة لزعيم روسي إلى ألاسكا، رغم أنها كانت جزءاً من الإمبراطورية القيصرية حتى عام 1867.

مخاوف غربية من اللقاء

الفيلسوف الروسي ألكسندر دوجين، المقرب من الرئيس الروسي بوتين، علق على القمة المرتقبة قائلاً: "أعتقد أنه وبغض النظر عن تصريحات الكرملين والبيت الأبيض، إلا أنه لا تزال هناك علامة استفهام حول اللقاء، لأن هناك قوى مؤثرة جداً داخل الولايات المتحدة وفي الغرب الجماعي أو قوى في العالم تقف ضد ذلك".

وتابع دوجين:" تعتقد هذه القوى المؤثرة أن هذا اللقاء هو خطوة لترمب نحو بوتين وإشارة تجاه الاعتراف به وبشرعيته، بينما الغرب بذل جهوداً جبارة لشيطنة وتجريم رئيسنا (بوتين)".

وأضاف: "الغرب يريد أن يبدو بوتين كمجرم لا يتواصل معه أو يتحدث إليه أحد، وفي عزلة تامة، وتحت العقوبات ومطلوب للمحكمة الدولية"، موضحاً أن "حقيقة لقاء بوتين وترمب سيكون كارثة بالنسبة للسياسة التي كانت ولا تزال سائدة الآن في الغرب"، فيما أشار إلى أنه حال تم اللقاء "سيكون اختراقاً كبيراً جداً، وحينها لن يكون مهماً من حيث المبدأ أين سيعقد اللقاء".

لحظة ميونخ

وفي مقابلة مع برنامج Face the Nation على شبكة CBS NEWS الأميركية، رد مارك روته، على سؤال بشأن المخاوف من احتمال تكرار "لحظة ميونخ 1938"، حيث يتم تقديم تنازلات خطيرة لتجنب الحرب مع ألمانيا، في إشارة إلى لقاء رئيس الوزراء البريطاني آنذاك نيفيل تشامبرلين مع الزعيم الألماني النازي أودلف هتلر، قال إن "لقاء الجمعة، هو اختبار لبوتين من قبل ترمب"، مشيداً بدور الرئيس الأميركي في تنظيم هذا اللقاء.

وأوضح: "بالطبع، عندما نصل إلى مرحلة محادثات السلام، ووقف إطلاق النار، وما يتبع ذلك من ترتيبات تتعلق بالأراضي والضمانات الأمنية لأوكرانيا، فإن كييف يجب أن تكون طرفاً مشاركاً".

وتابع: "لكن من المهم تقييم مدى جدية بوتين، والشخص الوحيد القادر على القيام بذلك هو ترمب، لذا، من الضروري أن يُعقد هذا اللقاء، مع التأكيد على أنه ليس نهاية الطريق، ولن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي خلاله، لكن من المهم مواصلة الضغط على الروس، وهو ما استمر ترمب في فعله خلال الأشهر الستة الماضية". 

وبشأن ما إذا كانت روسيا لا تزال تطالب بأن تتخلى أوكرانيا عن مساعي الانضمام إلى الناتو، رفض روته الخوض في تفاصيل المفاوضات، لكنه قال: "أؤكد أننا جميعاً، الأميركيون والأوروبيون وأوكرانيا، متفقون على أن بوتين لا يملك أي حق في فرض شروط تتعلق بالوضع الجيوستراتيجي لأوكرانيا في المستقبل، أو حجم قواتها المسلحة، أو موقف الحلف على الجبهة الشرقية في دول مثل لاتفيا أو ليتوانيا أو إستونيا أو فنلندا أو بولندا".

المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، علقت على تصريحات روته قائلة: "دعا مارك روته، في مقابلة مع شبكة CBSNEWS إلى التخلي عن الاعتراف القانوني بالأراضي الجديدة داخل روسيا"، "روته استخدم مقارنة تاريخية عن انضمام جمهوريات البلطيق (ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا) إلى الاتحاد السوفيتي في عام 1940، معتبراً أن عدم اعتراف الغرب حينها بالسيطرة السوفيتية على الدول الثلاث، يُعد سابقة قانونية يجب تطبيقها اليوم على الأراضي التي ضمتها روسيا"، وهو ما وصفته زاخاروفا بأنه "مقارنة مشوّهة وتستند إلى تزوير للواقع التاريخي".

وبعد وقت قصير من بدء الحرب العالمية الثانية، أجبر الزعيم السوفيتي آنذاك، جوزيف ستالين، قادة دول البلطيق على السماح للقوات السوفيتية بدخول بلادهم، وفي أغسطس عام 1940، أعلن ستالين دول البلطيق الثلاث جمهوريات سوفيتية، حتى إعلان الاستقلال في عام 1991، عقب انهيار الاتحاد السوفيتي.

وتابعت: "تم هذا الضم وفق إجراءات دستورية في أغسطس 1940، لكن الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، رفض الاعتراف به سياسياً، رغم استمراره في التعامل العملي مع هذه الأوضاع".

ومع اندلاع الحرب الوطنية العظمى (مصطلح روسي عندما تخطت الحرب العالمية الثانية حدود الاتحاد السوفيتي في الفترة بين عامي 1941 و1945)، ضحّى العديد من الجنود السوفيت من جميع أنحاء الاتحاد بأرواحهم من أجل تحرير دول البلطيق من النازية، بحسب وصف زاخاروفا.

توقعات بشأن اللقاء

يرى بوتين في لقائه مع ترمب فرصة لـ"تكريس المكاسب الإقليمية لروسيا"، وإبقاء أوكرانيا خارج الناتو، ومنعها من استضافة قوات غربية، بما يسمح لموسكو بإعادتها تدريجياً إلى دائرة نفوذها، حسبما تصف وكالة "أسوشيتد برس".

و"يعتقد أن الوقت في صالحه مع استمرار صعوبة الوضع الأوكراني على الجبهة، وتزايد الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة الروسية"، وفق الوكالة.

واعتبرت الوكالة الأميركية، أن "القمة تمثل انتصاراً دبلوماسياً لبوتين"، إذ يسعى الكرملين لتصوير استئناف الاتصالات مع واشنطن على أنه حوار بين قوتين عظميين لحل مشكلات عالمية، وأوكرانيا مجرد ملف من بينها.

لكن أوكرانيا وحلفاءها الأوروبيين يخشون أن يسمح عقد القمة دون مشاركة أوكرانية، لبوتين باستمالة ترمب، ودفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات.

وقال زيلينسكي: "أي قرارات من دون أوكرانيا هي في الوقت نفسه قرارات ضد السلام ولن تحقق شيئاً، إنها قرارات ميتة لن تنجح أبداً".

ورددت دول أوروبية الموقف نفسه، إذ قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس: "القانون الدولي واضح: جميع الأراضي المحتلة مؤقتاً تابعة لأوكرانيا… والسلام المستدام يعني أن العدوان لا يمكن أن يُكافأ".

تصنيفات

قصص قد تهمك