السيطرة على شرطة العاصمة واشنطن.. "خطة ترمب" تؤجج جدالات قانونية

أحد عناصر الشرطة الأميركية بالقرب من محطة الاتحاد في واشنطن العاصمة. 11 أغسطس 2025 - reuters
أحد عناصر الشرطة الأميركية بالقرب من محطة الاتحاد في واشنطن العاصمة. 11 أغسطس 2025 - reuters
دبي -الشرق

اتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطوات غير مسبوقة نحو تحويل واشنطن العاصمة إلى مدينة فيدرالية، وذلك رغم إشارة قادة المدينة إلى بيانات تُظهر انخفاضاً في جرائم العنف، في خطوة وصفتها "أسوشيتد برس" بأنها "غير مسبوقة" في تاريخ الرئاسة الأميركية.  

وأعلن ترمب، الاثنين، أنه سيفعّل "قانون الحكم الذاتي لمقاطعة كولومبيا" لوضع إدارة شرطة العاصمة واشنطن تحت السيطرة المباشرة للحكومة الفيدرالية، في خطوة نادرة ومثيرة للجدل.

وبرّر ترمب قراره بالإشارة إلى عدد من الحوادث البارزة الأخيرة، بما في ذلك مصرع متدرب في الكونجرس يبلغ من العمر 21 عاماً، والاعتداء على موظف في وزارة كفاءة الحكومة DOGE خلال محاولة سرقة سيارة. 

وبموجب قوانين وصلاحيات دستورية تمنح الحكومة الفيدرالية نفوذاً أكبر على العاصمة مقارنة بالمدن الأميركية الأخرى، تولّى ترمب قيادة شرطة المدينة ونشر الحرس الوطني.  

ورغم أن قانون الحكم الذاتي، منح بعض الصلاحيات للحكومة المحلية، فإنه لا يزال بإمكان الرئيس استدعاء الحرس الوطني في واشنطن، وهو ما فعلته إدارة ترمب خلال احتجاجات حركة "حياة السود مهمة" في عام 2020، حين وُجّهت لاحقاً انتقادات لأفراد الحرس الوطني لاستخدامهم مروحية على ارتفاع منخفض جداً فوق المتظاهرين، كما تم استدعاء الحرس الوطني مجدداً خلال ولاية ترمب الأولى في السادس من يناير 2021، أثناء اقتحام أنصاره مقر مبنى الكابيتول. 

في الإطار، قالت مونيكا هوبكنز، المديرة التنفيذية لمنظمة الحريات المدنية الأميركية في واشنطن، إن المادة (740) من قانون الحكم الذاتي تسمح للرئيس بالسيطرة على إدارة شرطة العاصمة لمدة 48 ساعة قابلة للتمديد إلى 30 يوماً في حالات الطوارئ، لكن هذه الخطوة لم يُقدم عليها أي رئيس أميركي من قبل. 

وحذرت هوبكنز من أن الخطوات التي اتخذها ترمب في العاصمة قد تشكّل سابقة لتحركات مماثلة في مدن أخرى، قائلة: "هذا ينبغي أن يُقلق الجميع، ليس في واشنطن فقط".

من جانبها، وصفت عمدة واشنطن الديمقراطية، موريل باوزر، استيلاء الرئيس على شرطة المدينة، بأنه "أمر غير مسبوق"، موضحة أن معدلات الجريمة العنيفة في العاصمة انخفضت إلى أدنى مستوياتها خلال 30 عاماً، بعد ارتفاعها في عام 2023. 

فعلى سبيل المثال، انخفضت حوادث سرقة السيارات بنحو 50% في عام 2024، وواصلت التراجع خلال العام الجاري، ومع ذلك، فإن أكثر من نصف المعتقلين في هذه الجرائم هم من القُصَّر، وهي نقطة خلاف رئيسية بين إدارة ترمب والسلطات المحلية، خاصة فيما يتعلق بشدة العقوبات المفروضة عليهم. 

وذكرت الوكالة أن العاصمة، ذات الغالبية السكانية من أصول إفريقية تاريخياً، لم يكن يُسمح لها بانتخاب مجلس المدينة أو العمدة حتى عام 1973، حين وقّع الرئيس الجمهوري السابق ريتشارد نيكسون على قانون الحكم الذاتي، وهو القانون الذي منح المدينة مزيداً من السيطرة المحلية، لكنه أبقى سلطات مهمة بيد الرئيس والكونجرس، بما في ذلك إمكانية تولّي السيطرة على جهاز الشرطة، وهي صلاحية لم يسبق لأي رئيس أن استخدمها حتى الآن. 

وينُص الدستور الأميركي على إنشاء "مقاطعة كولومبيا" لتكون مقراً للسلطة الفيدرالية، وتخضع لولاية الكونجرس، وليس لأي ولاية من الولايات الـ50. 

صلاحيات ترمب 

وتأتي تحركات ترمب في واشنطن خلال ولايته الثانية، في وقتٍ لا تزال فيه المعركة القانونية مستمرة بشأن قراره نشر الحرس الوطني في مدينة لوس أنجلوس التي يقودها الديمقراطيون، رغم اعتراض حاكم ولاية كاليفورنيا، جافين نيوسوم. 

وفي هذا السياق، أشارت وكالة "أسوشيتد برس" إلى أن صلاحيات ترمب في مدينة لوس أنجلوس تبدو أقل وضوحاً من تلك التي يتمتع بها في العاصمة، إلا أن محكمة الاستئناف رفضت حتى الآن التدخل.  

وفي غضون ذلك، بدأت محكمة أدنى درجة، الاثنين، جلسات محاكمة للنظر في ما إذا كان قرار نشر الحرس الوطني هناك يُعد "انتهاكاً لقانون فيدرالي آخر". 

ورغم أن الكونجرس لا يزال يحتفظ بسلطة على قضايا مثل الموازنة والقوانين المحلية الصادرة عن مجلس المدينة، فإنه سيكون مضطراً لإلغاء قانون الحكم الذاتي إذا ما أراد توسيع السلطة الفيدرالية في العاصمة، وهي خطوة يدفع باتجاهها عدد من المشرعين الجمهوريين. 

لكن "أسوشيتد برس" حذرت من أن مثل هذا التعديل الجذري سيواجه على الأرجح مقاومة شديدة من جانب غالبية الديمقراطيين، ما يجعل من الصعب تحقيقه في الوقت الراهن. 

وأكد التقرير أن هذا القانون يقتصر تطبيقه على العاصمة واشنطن، ولا ينطبق على المدن الأخرى في الولايات المتحدة التي تُصنَّف بأنها تتمتع بصلاحيات "الحكم الذاتي" ضمن نطاق ولاياتها. ولم يتضح بعد إلى متى ستستمر هذه السيطرة الفيدرالية أو ما إذا كانت ستخضع لتحديات قانونية في المحاكم. 

تصنيفات

قصص قد تهمك