تراجع المحافظون بزعامة المستشار الألماني فريدريش ميرتس إلى المركز الثاني خلف اليمين المتطرف، وذلك في استطلاع للرأي بمناسبة مرور 100 يوم على توليه المنصب.
وأظهر استطلاع معهد "فورسا" الألماني المتخصص في استطلاعات الرأي، أن حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف حصل على 26% أي بزيادة نقطتين عن الأسبوع السابق، وظل المحافظون عند 25% "الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) و الاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU)" قبل موسم سياسي يتوقع أن تهيمن عليه قرارات صعبة بشأن إنعاش الاقتصاد المتعثر وتحديد تخفيضات مؤلمة في الإنفاق.
وكان قرار ميرتس الأسبوع الماضي تعليق شحنات الأسلحة إلى إسرائيل بعد إعلانها عن خطط لاحتلال غزة بالكامل قد لاقى قبولاً شعبياً بين الناخبين، لكنه أثار غضب الحلفاء المحافظين الذين اعتبروه خيانة لالتزامات ألمانيا التاريخية.
ووفق صحيفة "دي تسايت" الألمانية فإن خطوات ميرتس بشأن الديون وتعليق صادرات الأسلحة لإسرائيل مثلت طعنة قوية للكثير من حلفائه المحافظين، إلّا أن المعارضين لأفكاره غضبوا أيضاً لعدم تمكنه من حشد الأصوات اللازمة لتعيين مرشحة الحزب الديمقراطي الاجتماعي لمنصب قاضية في المحكمة الدستورية.
وحقق تحالف ميرتس مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي بعض الإنجازات البارزة إذ إنه تمكن حتى قبل توليه السلطة من كسر تقليد طويل من التقشف المالي من خلال إقرار حزمة ديون بقيمة تريليون يورو تقريباً لتعزيز الاقتصاد ودعم أوكرانيا مالياً.
وأظهر المستشار الألماني ثقة أكبر على الساحة الدولية مقارنة بسلفه المستشار السابق أولاف شولتز، حيث لعب دوراً محورياً في الجهود المبذولة لحشد الدول الأوروبية لتشكيل جبهة موحدة للدفاع عن أوكرانيا في ظل تردد الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تقديم الدعم.
الحد من الهجرة
وفي السياسة الداخلية، عبّرت حكومة ميرتس صراحة عن رغبتها في الحد من الهجرة، حيث تعتزم تقليص المزايا المتاحة للاجئين الأوكرانيين الفارين من الحرب على سبيل المثال.
وفي مؤشر الاتجاهات الذي نشرته صحيفة "دي تسايت" نقلاً عن قناتي RTL وNTV، حصل حزب البديل من أجل ألمانيا على 26%، بزيادة نقطتين عن الأسبوع السابق. وحافظ الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي على نسبة 25%، مما جعلهما ثاني أقوى حزب في هذا الاستطلاع.
وفي استطلاع رأي أجرته شركة إبسوس في 9 أبريل، تفوق الحزب اليميني المتطرف على حزبي (الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي).
وأشارت استطلاعات رأي أخرى إلى تساوي الحزبين، أو تأخر حزب البديل لألمانيا قليلاً عنهما في الانتخابات الفيدرالية التي جرت في فبراير، حيث حصل حزبا الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي معاً على 28.5% من الأصوات في الجولة الثانية، بينما حصل حزب البديل لألمانيا على 20.8%.
تراجع في الشعبية
وكانت كتلة المحافظين في ألمانيا بدأت تفقد شعبيتها في استطلاعات الرأي، منذ 3 أشهر بعد تولي ميرتس قيادة ألمانيا، بينما يستفيد حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، الذي سيصبح أكبر قوى المعارضة في البلاد مع انعقاد البوندستاج (البرلمان) الجديد، من هذا التراجع.
ووفقاً لأحدث استطلاع لـ"دويتشلاند تريند"، تراجعت شعبية الكتلة المحافظة بقيادة ميرتس بمقدار 3 نقاط مئوية لتصل إلى 26%، في المقابل كسب حزب "البديل" 3 نقاط مئوية ليصل إلى 24%، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق.
وربما يكون الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لميرتس، هو أن نسبة تأييده بين الألمان تراجعت إلى 25% فقط، بانخفاض 10 نقاط مئوية منذ فبراير الماضي، الشهر الذي فاز فيه المحافظون بالانتخابات الوطنية.
وتعود بدايات مشكلات ميرتس السياسية إلى الاتفاق التاريخي الذي توصَّل إليه مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي وحزب الخضر، والذي يقضي بضخ نحو تريليون يورو في الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية خلال العقد المقبل، بما في ذلك 100 مليار يورو لتمويل التحول البيئي في ألمانيا.
وعلى الرغم من أن هذه الخطوة، التي أنهت أكثر من 15 عاماً من التقشف الذاتي، حظيت بترحيب في الخارج، فإن الكثير من المحافظين في الداخل عبروا عن استيائهم بصمت.
واعتبر هؤلاء أن ميرتس- الذي روَّج لخطاب محافظ يقوم على الانضباط المالي قبل الانتخابات- منح خصومه من اليسار الوسط ما كانوا يطالبون به منذ فترة طويلة، وهو الإنفاق الممول عبر الديون.
وفتحت هذه الخطوة الباب أمام هجمات شرسة من حزب "البديل"، الذي اتهم قادته ميرتس بخيانة ناخبيه. وقال تينو كروبالا، أحد زعماء الحزب: "ما الذي تُمثّله حقاً يا سيد ميرتس؟".