أصدرت وزيرة العدل الأميركية بام بوندي مجموعة من القرارات التي شددت قبضة الحكومة الفيدرالية على العاصمة واشنطن، إذ وجهت عمدة المدينة والشرطة بإلغاء سياسات "مدن الملاذ"، التي كانت تمنع الشرطة المحلية من اعتقال المهاجرين غير النظاميين، وأمرت بتعيين رئيس إدارة مكافحة المخدرات مفوضاً للشرطة في حالة الطوارئ، لتضع شرطة المدينة بالكامل تحت السيطرة الفيدرالية.
وألغت بوندي في قراراها الصادر مساء الخميس (بالتوقيت المحلي)، سياسات العاصمة التي كانت تمنع الشرطة المحلية من المساعدة في إنفاذ قوانين الهجرة، واعتقال المهاجرين غير الشرعيين.
ونص الأمر على تعيين تيري كول، رئيس إدارة مكافحة المخدرات DEA، كـ"مفوض الشرطة في حالة الطوارئ"، ومنحته جميع الصلاحيات والمهام، التي كانت مخوّلة لرئيسة شرطة المدينة، باميلا سميث.
وبموجب هذا القرار، يتعيّن على إدارة الشرطة، بما في ذلك رئيسة الشرطة سميث، الحصول على موافقة كول قبل إصدار أي توجيهات، بحسب ما أعلنت وزيرة العدل.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، أنه سيفعّل "قانون الحكم الذاتي لمقاطعة كولومبيا" لوضع إدارة شرطة العاصمة واشنطن تحت السيطرة المباشرة للحكومة الفيدرالية، وسينشر أيضاً قوات الحرس الوطني في واشنطن العاصمة لـ"إعادة فرض القانون والنظام وضمان السلامة العامة"، مؤكداً أنهم سيُمنحون الصلاحيات الكاملة لأداء مهامهم كما ينبغي.
وأضاف: "سأفعّل رسمياً المادة 740 من قانون الحكم الذاتي لمقاطعة كولومبيا، وأضع إدارة شرطة العاصمة واشنطن تحت السيطرة الفيدرالية المباشرة".
وزعم ترمب أن معدل جرائم القتل في واشنطن اليوم "أعلى من معدله في بوجوتا وكولومبيا ومكسيكو سيتي، وبعض الأماكن التي نسمع عنها تُعتبر أسوأ الأماكن على وجه الأرض".
ملاحقة المهاجرين في واشنطن العاصمة
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن التوجيه يهدف إلى تحويل واشنطن من "مدينة ملاذ" إلى مدينة تلاحق المهاجرين غير النظاميين بشكل نشط، وهو أشد تدخل علني من جانب وزارة العدل في شؤون شرطة المدينة منذ بدء السيطرة الفيدرالية عليها.
وأشارت إلى أن القرارات الجديدة قد تشكل "بؤرة توتر جديدة"، في العلاقة بين قيادة المدينة الديمقراطية والإدارة الجمهورية.
ولم تدل عمدة المدينة موريل باوزر بتعليق بعد، لكنها كانت قد أعربت في وقت سابق، عن قلقها بشأن توجيه أقل صرامة بخصوص الهجرة كانت رئيسة الشرطة قد أصدرته صباح الخميس.
وخفف التوجيه السابق، من قيود تحدث ضباط الشرطة المحليين، الذين يعملون مع العملاء الفيدراليين المنتشرين في المدينة، عن الوضع القانوني للمهاجرين الذين يوقفونهم. لكنه أعاد أيضاً التأكيد على السياسة الراسخة للمدينة، التي تمنع الشرطة من ملاحقة المهاجرين.
ولكن توجيه وزيرة العدل، يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ ألغى لوائح المدينة الصادرة عامي 2024 و2023، التي تحظر على الضباط المحليين توقيف الأشخاص لمجرد كونهم مهاجرين غير نظاميين، وتحظر معظم أشكال التعاون مع سلطات الهجرة الفيدرالية.
ورغم انتقاد باوزر لقرار دونالد ترمب، الاثنين، بإعلان حالة طوارئ جنائية في العاصمة ونشر مئات من قوات الحرس الوطني وعناصر إضافية من وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية، فإن العمدة ورئيسة الشرطة شددتا حتى الآن على أنهما تتعاونان بشكل جيد مع إدارة ترمب، وأنهما تستفيدان من المساعدة الإضافية في خفض معدلات الجريمة.
ويأتي هذا القرار بينما تجري الشرطة المحلية دوريات مشتركة مع العملاء الفيدراليين، في إطار سيطرة ترمب على أجهزة إنفاذ القانون في العاصمة الأميركية.
وقال مفوض الحدود في توم هومان، الأسبوع الجاري، إن انتشار سلطات إنفاذ القانون الفيدرالية في واشنطن سيؤدي عملياً إلى إلغاء القوانين المحلية التي تحد من التعاون مع جهود الترحيل.
وأضاف في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأربعاء: "واشنطن تحت السيطرة الفيدرالية لن تكون مدينة ملاذ".
وتابع: "نعمل مع الشرطة جنباً إلى جنب، وعندما نعثر على مهاجر غير نظامي ارتكب جريمة، سنسلمه إلى إدارة الهجرة والجمارك (ICE)، وهذا ما يجب أن يكون".
اعتقالات في العاصمة واشنطن
وقال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) كاش باتيل، الخميس، إن وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية نفذت 45 عملية توقيف خلال دورياتها الليلية المكثفة في المدينة، من بينها 29 حالة "مرتبطة بالهجرة"، حسب وصفه.
ورفض مكتب التحقيقات الفيدرالي التعليق عندما طُلب منه توضيح وضع الأشخاص الـ29 وماهية التوقيفات "المرتبطة بالهجرة". كما لم ترد شرطة العاصمة، إدارة شرطة متروبوليتان، على طلب للتعليق.
وبموجب قانون "مدينة الملاذ" في واشنطن، المعروف باسم "تعديل قيم الملاذ" لعام 2020، لم يُسمح لضباط الشرطة المحليين بالتعاون مع سلطات إنفاذ قوانين الهجرة الفيدرالية، سواءً بتسليم أي شخص في حيازتهم أو السماح لهم بدخول مرافق الاحتجاز، إلا إذا كان هناك اتهام جنائي فيدرالي.
وصوت مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، في وقت سابق من العام الجاري، لإلغاء قانون "مدينة الملاذ" الخاص بواشنطن وإجبارها على التعاون الكامل مع السلطات الفيدرالية، إلا أن مجلس الشيوخ لم ينظر في التشريع بعد.