دعا حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم، الخميس، المشرّعين في الولاية إلى الموافقة على إجراء انتخابات خاصة في نوفمبر المقبل، تسمح لهم بإعادة رسم الخريطة الانتخابية لدوائر الكونجرس في الولاية، لمواجهة خطط الجمهوريين لإعادة تقسيم الدوائر في تكساس وولايات حمراء أخرى، ما يسمح لهم بالحفاظ على أغلبيتهم بمجلس النواب بانتخابات 2026، فيما حذر الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما من "هجوم منهجي على الديمقراطية".
واقترح حاكم كاليفورنيا مشروع قانون أطلق عليه اسم "قانون الاستجابة لتزوير الانتخابات"، والذي سيمهّد الطريق أمام الديمقراطيين في كاليفورنيا لتجاوز اللجنة المستقلة المسؤولة عن رسم الخرائط الانتخابية في الولاية، ووضع خطوط جديدة للدوائر الانتخابية تكون أكثر ملاءمة لحزبهم، وفق شبكة NBC الأميركية.
ويسعى الجمهوريون في تكساس، بقيادة الرئيس دونالد ترمب، إلى وضع خريطة انتخابية جديدة تمكّنهم من الحصول على ما يصل إلى خمسة مقاعد إضافية في مجلس النواب.
وقال نيوسوم: "الأمر ليس معقداً. نحن نفعل ذلك رداً على رئيس الولايات المتحدة الذي اتصل بحاكم ولاية تكساس وهو في منصبه وقال له: (اعثر لي على خمسة مقاعد). نحن نفعل ذلك رداً على ذلك الفعل، ونحن مدركون لقيمنا ومبادئنا العليا، ومدركون أننا نريد أن نقدّم نموذجاً أفضل للسلوك، كما فعلنا طوال 15 عاماً في كاليفورنيا مع لجنتنا المستقلة لإعادة التقسيم. لكننا لا نستطيع أن ننزع سلاحنا من طرف واحد".
ويحتاج الديمقراطيون في كاليفورنيا إلى موافقة أطراف أخرى لتجاوز اللجنة المستقلة لرسم الدوائر الانتخابية، فيما يسابق المشرّعون الزمن للموافقة على مبادرة الاقتراع قبل انتخابات 4 نوفمبر هذا العام. وإذا تم تمرير المبادرة، فستسمح باعتماد خرائط جديدة في الوقت المناسب للانتخابات النصفية المقررة في 2026.
إعادة تقسيم الدوائر
وظهر عدد من قادة الحزب الديمقراطي في كاليفورنيا إلى جانب نيوسوم خلال فعالية أقيمت الأسبوع الماضي، في لوس أنجلوس، واعتبروا أن إعادة تقسيم الدوائر، هي رسالة أوسع رفضاً لترمب وإجراءات إدارته.
وقالت سارة سادواني، العضوة في لجنة إعادة تقسيم الدوائر في كاليفورنيا والتي تحدثت خلال الفعالية، إن عملاء من حرس الحدود كانوا خارج مكان التجمع ويقومون بعمليات اعتقال، مضيفة أن ترمب "يحوّل مدننا إلى دول بوليسية".
وأضافت: "نحن نشهد تجاوزاً تنفيذياً بلا شك يجعل آباءنا المؤسسين يتقلبون في قبورهم".
في المقابل، ردّت المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي، تريشيا ماكلوجلين، على انتقادات الديمقراطيين لوجود عملاء حرس الحدود، قائلة: "عملياتنا الأمنية تتعلق بفرض القانون، وليست مرتبطة بجافين نيوسوم".
وأضافت على "إكس" أن حرس هيئة الحدود والجمارك يقوم بدوريات في جميع مناطق لوس أنجلوس يومياً، بأكثر من 40 فريقاً على الأرض لجعل المدينة أكثر أماناً.
وذكرت شبكة NBC أن خطوة ولاية كاليفورنيا تمثل الجولة التالية في ما أصبح مواجهة متبادلة على مستوى الولايات المتحدة بين الولايات التي يقودها الجمهوريون وتلك التي يقودها الديمقراطيون، وذلك رداً على خطة لإعادة رسم الدوائر الانتخابية في تكساس بهدف تعزيز أغلبية الحزب الجمهوري في مجلس النواب الأميركي.
خرائط مقترحة جديدة
والشهر الماضي، وبعد دعوة علنية من ترمب، استدعى الحاكم جريج أبوت الهيئة التشريعية في تكساس التي يسيطر عليها الجمهوريون إلى جلسة خاصة تضمنت خطوة نادرة لإعادة رسم خريطة الكونجرس في منتصف العقد، خارج الدورة المعتادة التي تحدث مرة كل عشر سنوات.
وقال نيوسوم للصحافيين بعد التجمع إن برلمان كاليفورنيا سيطلق رسمياً هذه المبادرة الاثنين، من خلال سلسلة من مشاريع القوانين. وأضاف: "نتوقع أن يتحرك البرلمان بسرعة، وبحلول نهاية الأسبوع المقبل سيكملون هذا العمل".
وأشار إلى أن الخرائط المقترحة الجديدة ستظهر خلال الأيام القليلة القادمة، وأنه يتوقع أن تقوم هذه الخرائط بـ"إبطال وتحجيم" الجهود في تكساس.
ويُمثل الديمقراطيون حالياً 43 دائرة من أصل 52 دائرة انتخابية في مجلس النواب عن ولاية كاليفورنيا.
وقال الحاكم جافين نيوسوم إنه إذا لم تمضِ الولايات ذات الأغلبية الجمهورية قدماً في إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية، فلن تكون جهود كاليفورنيا ضرورية، لكنه أضاف: "لن ننتظر".
وكان ترمب قد قال في مقابلة مع شبكة CNBC هذا الشهر إن الجمهوريين يستحقون خمسة مقاعد إضافية في تكساس.
ويشغل الجمهوريون بالفعل 25 مقعداً من أصل 38 مقعداً في الكونجرس عن تكساس، لكن ترمب فاز في 27 من هذه الدوائر في الانتخابات الرئاسية العام الماضي. وإذا دخلت الخرائط الجديدة التي رسمها الجمهوريون حيز التنفيذ، فإن 30 من هذه الدوائر كانت ستصوّت لصالح ترمب في العام الماضي.
وقال نيوسوم الخميس: "استيقظي يا أميركا. استيقظي على ما يفعله دونالد ترمب. استيقظي على هجومه. استيقظي على الهجوم على المؤسسات والمعرفة والتاريخ".
وفر عشرات المشرعين الديمقراطيين من تكساس، إلى ولاية إلينوي، لمنع اكتمال النصاب القانوني المطلوب لعقد الجلسات ومناقشة مشاريع القوانين.
أوباما على الخط
ودخل الرئيس السابق باراك أوباما (2006 - 2017) في النقاش بشأن إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية خلال مكالمة هاتفية مع الديمقراطيين في مجلس النواب في تكساس الخميس، محذراً من "هجوم منهجي على الديمقراطية" مدفوعاً بجهود الجمهوريين لإعادة رسم الخرائط الكونجرسية في تكساس.
أفاد مصدران مطلعان على المكالمة أن أوباما ووزير عدله السابق، إريك هولدر، شكرا المشرعين الديمقراطيين في تكساس الذين غادروا ولايتهم لعرقلة جهود الجمهوريين في إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية.
وعلى مدى ما يقارب أسبوعين، أجرى هؤلاء الديمقراطيون عشرات المقابلات وعقدوا مؤتمرات صحافية تهدف إلى انتقاد خطة الحزب الجمهوري، ودعوة حكام الولايات الديمقراطيين للتعهد بالرد عبر السعي لإعادة رسم خرائطهم لمواجهة المكاسب المحتملة للجمهوريين في تكساس وربما في ولايات أخرى.
ويُعد نيوسوم أكثر هؤلاء الحكام صراحة، إذ أمضى أسابيع يحذر من أنه سيدفع نحو إعادة رسم خرائط كاليفورنيا إذا لم يتراجع الجمهوريون في الولايات الأخرى، كما واصل انتقاد ترمب في مقابلاته ووسائل التواصل الاجتماعي.
وفي حين أن تكساس وغيرها من الولايات ذات القيادة الجمهورية التي تفكر في إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية في منتصف العقد تحتاج في الغالب إلى موافقة الهيئات التشريعية التي يهيمن عليها الجمهوريون والحكام الجمهوريين فقط، فإن العملية في العديد من الولايات الديمقراطية أكثر تعقيداً.
ففي كاليفورنيا، يتطلب الأمر موافقة البرلمان، ثم موافقة الناخبين. أما في نيويورك، فالمسار أكثر صعوبة، إذ يجب أن يوافق المجلس التشريعي على تعديل دستوري مقترح في دورتين متتاليتين، ثم يوافق عليه الناخبون في استفتاء العام التالي. وهذه العملية الطويلة تضمن تقريباً أنه حتى إذا نجح الديمقراطيون، فلن تتغير الخرائط قبل انتخابات عام 2028 على أقرب تقدير.