محللون: التقدم على الأرض ورقة خطيرة في يد الرئيس الروسي بقمة ألاسكا

قبل قمة ترمب وبوتين.. مكاسب روسية جديدة على الأرض في القلب الصناعي لأوكرانيا

مبنى سكني تعرض لغارة روسية بطائرة بدون طيار، في بلدة بيلوزيرسكي في منطقة دونيتسك، أوكرانيا. 10 أغسطس 2025 - Reuters
مبنى سكني تعرض لغارة روسية بطائرة بدون طيار، في بلدة بيلوزيرسكي في منطقة دونيتسك، أوكرانيا. 10 أغسطس 2025 - Reuters
دبي-الشرق

قال محللون إن القوات الروسية اخترقت خطوط الدفاع الأوكرانية عبر سلسلة من التوغلات في إقليم دونيتسك، القلب الصناعي للبلاد، وذلك قبل ساعات قليلة من عقد القمة المرتقبة بين الرئيسين الأميركي والروسي في ألاسكا، حسبما نقلت وكالة "أسوشيتد برس". 

ورغم أن هذه التقدمات التي حققتها موسكو هذا الأسبوع لا تمثل سوى "نجاح محدود"، وفقاً لتقدير محللين، فإنها تشكل لحظة خطيرة محتملة بالنسبة لأوكرانيا، إذ يتعيّن على موسكو تثبيت مكاسبها قبل الحديث عن اختراق حقيقي.

ونقلت وكالة "أسوشيتد برس"، في تقرير نُشر الجمعة، عن ميكولا بيليسكوف، كبير المحللين في مركز CBA Initiatives، قوله إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيحاول على الأرجح، خلال لقائه المرتقب مع نظيره الأميركي دونالد ترمب، إقناع واشنطن بالضغط على أوكرانيا، عبر الادعاء بأن الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف تسير بشكل سيئ بالنسبة لكييف.

وأضاف: "الخطر الأساسي لأوكرانيا هو محاولة الكرملين تحويل بعض المكاسب المحدودة ميدانياً إلى انتصارات استراتيجية على طاولة التفاوض".

معارك دونيتسك

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، إن بوتين يطالب بانسحاب القوات الأوكرانية من نحو 30% من إقليم دونيتسك، الذي لا يزال تحت سيطرة كييف، كجزء من صفقة لوقف إطلاق النار، وهو ما رفضه زيلينسكي رفضاً قاطعاً.

ورغم القتال المستمر منذ سنوات، لا تزال روسيا غير قادرة على بسط سيطرتها الكاملة على دونيتسك، التي أعلنت ضمها بصورة غير قانونية عام 2022، إلى جانب أقاليم لوغانسك وخيرسون وزابوروجيا، بحسب الوكالة.

ووفقاً لموقع تحليل المعارك العسكري DeepState، فإن الاهتمام تركز مؤخراً على مدينة بوكروفسك، التي تُعد تقاطعاً مهماً للطرق السريعة والسكك الحديدية، وكانت تضم نحو 60 ألف نسمة، لكنها محاصرة جزئياً في الوقت الحالي. وأوضح التقرير أن القوات الروسية تحاول استغلال الثغرات الموجودة شمال شرق المدينة.

وأشار الموقع إلى أن القوات الروسية وجدت ثغرة شرق بلدة دوبروبيليا، المعروفة بإنتاج الفحم، ونجحت في التقدم نحو 10 كيلومترات.

وربط زيلينسكي هذا التصعيد مباشرة بالقمة المرتقبة، قائلاً: "الهدف هو خلق حالة إعلامية معينة قبل لقاء بوتين وترمب، خصوصاً في الفضاء الإعلامي الأميركي، لتصوير الأمر وكأن روسيا تتقدم، وأوكرانيا تخسر الأرض".

وقال دميترو تريهوبوف، المتحدث باسم مجموعة العمليات الاستراتيجية الأوكرانية Dnipro، إن مجموعات صغيرة من الجنود الروس تتسلل عبر الخط الدفاعي الأول، وتختبئ لتجميع قواتها.

وأضاف أن الجيش الأوكراني يصد هذه المحاولات، رغم أن موقع DeepState أشار إلى أن الوضع لا يزال غير مستقر. ووصف المحللون الاختراق قرب دوبروبيليا بأنه "أزمة محلية" قد تتفاقم إذا لم يتم وقف القوات الروسية ومنعها من توسيع الثغرة.

وقال طيار أوكراني يعمل بالطائرات المسيّرة في المنطقة، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن اختراق الخط الدفاعي بدا أمراً حتمياً على مدى أشهر، مشيراً إلى أن موسكو تستغل نقص المشاة في الجيش الأوكراني، وهو عجز مرتبط بتباطؤ جهود التعبئة وسوء الإدارة.

وتابع الطيار: "ندفع الثمن بأراضٍ وأرواح لتصحيح الأخطاء، وسنواصل ذلك ما دمنا نمتلك ولو قطعة أرض صغيرة".

سلاح المسيرات

وحاولت القوات الأوكرانية سد الثغرات من خلال الاستخدام المكثف للطائرات المسيّرة من طراز FPV، وهي طائرات مُحمّلة بالمتفجرات تُوجّه عن بُعد، وتمكّن المشغّل من رؤية الهدف مباشرة قبل الهجوم.

وحوّلت هذه المسيّرات مناطق تمتد حتى 20 كيلومتراً من الخطوط الأمامية إلى مناطق قاتلة للطرفين، لكن بسبب هجوم الروس بمجموعات صغيرة، يصعب مواجهتهم بالطائرات المسيّرة وحدها.

وقال الطيار الأوكراني: "لا يمكننا إطلاق 100 طائرة مسيّرة في الوقت ذاته، لأن المشغلين سيتداخلون مع بعضهم البعض".

وقال بيليسكوف، المقيم حالياً في كييف، إن التكافؤ في التكنولوجيا والتكتيكات بين الطرفين يعني أن التفوق العددي لروسيا يصب في مصلحتها، موضحاً: "هم لا يبالون بالحياة البشرية، وغالباً ما يُرسلون الجنود في مهام لا عودة منها".

وأضاف أن التصدي للتوغلات الروسية والهجمات بالمركبات المدرعة يتطلب تغييرات في الدفاعات وهياكل القيادة الأوكرانية، وهي تغييرات لم تُجرَ بعد، بحسب قوله.

وفي سياق متصل، قالت القوات الأوكرانية، الخميس، إنها أرسلت تعزيزات إلى المناطق المتضررة، من بينها وحدات ذات خبرة قتالية مثل لواء "آزوف"، إلا أن خريطة DeepState لم تُظهر أي تغيرات لصالح الجيش الأوكراني حتى الآن.

ومن جانبه، قال مايكل كوفمان، المحلل العسكري لدى مؤسسة كارنيجي، في منشور على منصة "إكس"، إنه "من السابق لأوانه تقييم ما إذا كانت الخطوط الأمامية تنهار".

أما بيليسكوف، فأوضح أن روسيا تركز على توسيع الخرق في الخط الدفاعي لإنشاء ممر يدعم تقدم قواتها البرية، متجنبة الهجمات المباشرة على المدن الحضرية المحصنة بشدة، ومفضّلة التقدم في المناطق المفتوحة حيث تعاني أوكرانيا من نقص في الجنود وصعوبة في الدفاع عن المستوطنات الكبيرة.

تصنيفات

قصص قد تهمك