ستولتنبرج: نواجه مآزق وقرارات صعبة.. وبعنا نصف حصصنا في شركات إسرائيلية

وسط دعوات لانسحاب كامل من إسرائيل.. النرويج: الصندوق السيادي يحقق "التوازن الصحيح"

وزير المالية النرويجي ينس ستولتنبرج خلال مؤتمر صحفي في أوسلو، النرويج. 18 أغسطس 2025 - Reuters
وزير المالية النرويجي ينس ستولتنبرج خلال مؤتمر صحفي في أوسلو، النرويج. 18 أغسطس 2025 - Reuters
دبي-الشرق

دافع وزير المالية النرويجي ينس ستولتنبرج، عن أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم في مواجهة الغضب الشعبي من استثماراته في إسرائيل، وسط اتهامات بـ"انتهاك المعايير الأخلاقية" ومخاوف من تراجع الثقة.

وقال ستولتنبرج لصحيفة "فاينانشيال تايمز" إن هناك "مآزق" و"قرارات صعبة"، في وقت دعا فيه بعض السياسيين الصندوق النفطي البالغة قيمته تريليونا دولار إلى الانسحاب الكامل من إسرائيل، قبل الانتخابات البرلمانية النرويجية الشهر المقبل.

وبحسب ستولتنبرج، الذي كان رئيساً للوزراء سابقاً وعاد إلى السياسة الداخلية هذا العام، بعد أن شغل منصب الأمين العام لحلف "الناتو" لعشر سنوات، فإن قيام الصندوق ببيع حصته في ما يقارب نصف الشركات الإسرائيلية، التي كان يستثمر فيها قبل أسابيع فقط ساعده على إيجاد "التوازن الصحيح".

وتابع: "النظام يعمل… من الممكن التوفيق بين كونك صندوق ثروة سيادياً ضخماً وبين الالتزام بالمبادئ الأخلاقية".

وأسست النرويج أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم، ويمتلك في المتوسط 1.5% من كل شركة مدرجة في البورصات العالمية، من خلال ادخار جميع إيراداتها النفطية والغازية فيه. وهي من بين قلة من الديمقراطيات التي نجحت في مقاومة الضغوط السياسية لإنفاق الأموال على احتياجات آنية.

لكن الكشف عن أن بعض الشركات التي استثمر فيها الصندوق، ساعدت في حرب إسرائيل على غزة وفي المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، أدخل الصندوق في أزمة.

ودعا بعض السياسيين المعارضين إلى استقالة الرئيس التنفيذي نيكولاي تانجن وإلى مقاطعة إسرائيل، بحسب "فاينانشيال تايمز".

وعاد ستولتنبرج إلى النرويج وزيراً للمالية في فبراير الماضي، قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في 8 سبتمبر، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تقارب بين حزب العمال (يسار الوسط) الذي ينتمي إليه والمعارضة من يمين الوسط.

ويُعد ستولتنبرج (66 عاماً) من أبرز من صاغوا مسار الصندوق منذ نشأته عام 1996؛ ففي عام 1997، عندما كان وزيراً للمالية، اتخذ القرار بالسماح له بالاستثمار في الأسهم لأول مرة، ولاحقاً كرئيس للوزراء عام 2001 وضع ما يُعرف بـ"القاعدة المالية" لضمان عدم إسراف الحكومات في إنفاق عوائد الصندوق.

"تسييس الصندوق"

وشدد ستولتنبرج على أنه من الضروري ألّا يُستخدم الصندوق كأداة للسياسة الخارجية أو أن تُسيَّس استثماراته.

وقال: "بما أن الصندوق السيادي مملوك للشعب النرويجي من خلال الحكومة، فإن هناك قرارات سياسية تُنشئ إطاره. يجب أن يكون الأمر كذلك في الديمقراطية. لكن الصندوق يتمتع باستقلالية وبمسافة فاصلة عن الحكومة".

وحاولت عدة أحزاب معارضة صغيرة استدعاء ستولتنبرج لجلسة مساءلة طارئة رغم العطلة الصيفية للبرلمان. أما الحزبان الرئيسيان من يمين الوسط فقد انتقدا ستولتنبرج ووزارة المالية بخصوص القضية، لكنهما في الوقت ذاته حذّرا من تسييس الصندوق.

وقالت إرنا سولبرج، رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة حزب المحافظين (يمين الوسط): "لقد ناضلنا بقوة لضمان ألّا يكون الصندوق سياسياً". لكنها أقرت بأنه بسبب "حجمه الضخم" هناك أصوات في النرويج تقول إنه يجب استخدام المزيد من أموال الصندوق للاستثمارات الخضراء أو الدخول في مجالات جديدة.

ومنذ وقت طويل، يشعر بعض المسؤولين في الصندوق والحكومة بالقلق إزاء كيفية تحقيق التوازن بين الرأي العام النرويجي الذي يطالب بموقف صارم من إسرائيل، وبين اعتبارات السياسة الخارجية مثل عدم إغضاب الولايات المتحدة.

وقال مسؤول نرويجي: "إنه مأزق كبير… فأنت تخاطر بإغضاب طرف أو آخر، ولهذا السبب لا ترى صناديق ثروة سيادية كثيرة في الديمقراطيات".

وقال تروند جرانده، نائب الرئيس التنفيذي للصندوق، لصحيفة فايننشال تايمز: "السبب في عدم وجود العديد من صناديق الثروة السيادية في الديمقراطيات هو أن السياسيين في النرويج يدخرون نيابة عن الشعب".

ثلاثة مبادئ

وأوضح ستولتنبرج أن الصندوق يقوم على ثلاثة مبادئ أساسية؛ أن "الحكومة تودع فيه فقط الفائض من إيرادات النفط بعد تغطية عجز الموازنة غير النفطي، وأن يستثمر في محفظة متوازنة، بما في ذلك الأسهم، وأن تعكس السحوبات (لأغراض الإنفاق الحكومي) العائد الحقيقي المتوقع. وقال: "طالما نفعل ذلك، فإن الصندوق سيبقى إلى الأبد".

وأضاف ستولتنبرج، الذي قال إنه يرغب في الاستمرار كوزير للمالية إذا فاز حزب العمال في الانتخابات: "ما دمت أملك تأثيراً، فسأفعل كل ما بوسعي لمنع أي تغيير في تلك المبادئ الأساسية".

ويُسمح للصندوق بالاستثمار فقط خارج النرويج، ولا يمكنه امتلاك أكثر من 10% من أي شركة واحدة، ما يجعله يعمل كمؤشر اقتصادي ضخم.

وقال ستولتنبرج: "بالنسبة لي، من المهم للغاية أن أظل وفياً لفكرة صندوق المؤشر، بعيداً عن التعرض السياسي. لكن من ناحية أخرى، عندما تملك ثروة بهذا الحجم، لا مكان للاختباء، ولا وسيلة لتجنب المخاطر".

ويُسمح للحكومة باستخدام ما يصل إلى 3% من أموال الصندوق سنوياً في موازنتها، بموجب القاعدة المالية التي تتيح إنفاق العائد الحقيقي المتوقع.

تصنيفات

قصص قد تهمك