هاجم وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت مسؤول تمويل الإسكان بيل بولت بألفاظ نابية، وهدد بلكمه في وجهه، وذلك خلال حفل عشاء خاص حضره عدد من كبار مسؤولي الإدارة والمستشارين المقربين من الرئيس دونالد ترمب، ما يعكس التوترات بين كبار مسؤولي الإدارة، حسبما أفادت به مجلة "بوليتيكو".
وخلال حفل أقيم الأربعاء، في نادي Executive Branch الحصري للغاية في جورج تاون، والذي تأسس خصيصاً لأثرياء إدارة ترمب، سمع بيسنت من عدة أشخاص أن مدير وكالة تمويل الإسكان الفيدرالي كان يتحدث عنه بسوء أمام ترمب.
وقال مصدر مقرب من بيسنت إن وزير الخزانة "لم يكن مستعداً للتصرف وكأن كل شيء طبيعي"، حيث هاجم بيسنت بولت بشدة باستخدام ألفاظ نابية، قائلاً: "لماذا تتحدث عني إلى الرئيس؟ سألكمك في وجهك الـ(****)".
وبدا بولت في حالة صدمة، وحاول مالك النادي ومنظم الحفل، أوميد مالك، التدخل، لكن بيسنت لم يستجب، بل طالب بطرد بولت، قائلاً لمالك: "إما أنا أو هو، حدد من سيغادر".
وأضاف: "أو يمكننا الخروج إلى الخارج"، ولما سأل بولت: "لماذا؟ للتحدث؟"، أجاب بيسنت: "لا، لأضربك".
ولتهدئة الوضع، فصل مالك بينهما، وأخذ بيسنت إلى مكان آخر في النادي، وجلس كل من بيسنت وبولت على طرفي الطاولة، وانتهى الحفل دون أي مشكلة أخرى.
ويعكس هذا الصراع، الذي وصفه أحد المقربين من ترمب بأنه "مجنون" ووصفه آخر بأنه "غير مبرر"، التوترات المفاجئة بين كبار مسؤولي إدارة ترمب المكلفين بالنظر في قضايا الاقتصاد الأكثر حساسية في البلاد، وفق "بوليتيكو".
خلافات بيسنت وبولت
وكان ترمب أعلن مايو الماضي، أن كل من بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك وبولت سيتعاونون على خطة لخصخصة مؤسستي "فاني ماي" و"فري ماك" اللتين يشرف عليهما بولت، وهما مؤسستان للتمويل السكني وتتبعان الحكومة الفيدرالية.
وفي الأسابيع الأخيرة، تولى بولت زمام المبادرة في مشروع قد يسمح بوضع ما يصل إلى 15% من أسهم هاتين المؤسستين في البورصة، لكن وراء الكواليس، نشب خلاف حاد بين الرجلين بشأن شركات الرهن العقاري الكبرى، بالإضافة إلى قضايا اقتصادية أخرى.
ويشير بعض من يعرفون تفاصيل هذا الخلاف إلى أن بيسنت يعتقد أن بولت "تدخل في أمور تقع ضمن اختصاصه.
وقال حلفاء لترمب يتابعون هذه القضية عن كثب، إن العلاقة الوثيقة بين بولت ولوتنيك تعقد الأمور أكثر، فقد كانت علاقة وزير التجارة وبيسنت متوترة منذ فترة الانتقال الرئاسي، عندما تنافس الاثنان على منصب وزير الخزانة، وقد أدى ذلك إلى غياب الثقة المتبادلة بين الثلاثة في أي مشروع يتعاونون فيه.
ولهذا السبب، غضب بيسنت بشدة، عندما التقى ببولت الأربعاء، إذ يشعر بأنه "لا يملك الوقت لمثل هذه الخلافات مع كل هذه المسؤوليات التي يضطلع بها".
علاقات وثيقة مع ترمب
ويحظى كلا الرجلين بعلاقة وثيقة مع ترمب، وكلاهما معروف في محيط الرئيس بمحاولتهما الواضحة لكسب النفوذ والسلطة، وإن كان بطرق مختلفة.
وبيسنت، الذي يبدو هادئاً في تصريحاته العامة، اكتسب ثقة ترمب بفضل دوره في تهدئة الأسواق خلال فترة تقلبات السياسة الاقتصادية للرئيس. ويعد بيسنت وهو رجل أعمال متمرس، "عامل توازن" في الإدارة، وقد تجاوز علاقته السابقة مع جورج سوروس، المانح البارز للحزب الديمقراطي، وبات بيسنت يُعد الآن من أقرب حلفاء ترمب.
أما بولت (37 عاماً) هو شاب طموح ولديه 3 ملايين متابع على منصة "إكس"، فقد اتخذ نهجاً أكثر عدوانية في منصبه، إذ ينتمي إلى عائلة ثرية في مجال بناء المنازل، وقام بطرد أكثر من 100 موظف من "فاني" و"فريدي ماك"، بعد توليه المسؤولية المباشرة عن مؤسسات تمويل الإسكان الرئيسية.
وفي الأسابيع الأخيرة، ارتفعت مكانته في البيت الأبيض وفي أوساط مؤيدي ترمب، حيث استخدم منصبه لبدء تحقيقات في قضايا الرهن العقاري ضد بعض منتقديه.
وفي سياق متصل، اختلفت وجهات نظر بيسنت وبولت بشأن ما إذا كان ينبغي لترمب إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول.
وحذر بيسنت من أن مثل هذا الإجراء "قد يُخلّ باستقرار الأسواق المالية"، أما بولت، فقد طالب مراراً باستقالة باول، مؤكداً أن لترمب الحق في إقالته بسبب سوء إدارته لمشروع تجديد مقر مجلس الاحتياطي الفيدرالي المكلف.
ولم تكن هذه أول خلافات بيسنت مع مسؤولين آخرين في إدارة ترمب، ففي أبريل الماضي، احتدم نقاشه مع الملياردير إيلون ماسك خارج المكتب البيضاوي، واتهمه في هجوم حاد وبأسلوب غير لائق بـ"التلاعب خلف الكواليس لتعيين المرشح المفضل لديه، جاري شابلي، كرئيس مؤقت لخدمة الإيرادات الداخلية".