صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجمعة، بأغلبية ساحقة على إعلان يحدد "خطوات ملموسة ومحددة زمنياً ولا رجعة فيها" نحو حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين، وذلك قبيل اجتماع لقادة العالم.
والإعلان، المكون من 7 صفحات، هو ثمرة مؤتمر دولي انعقد في الأمم المتحدة في يوليو الماضي استضافته السعودية وفرنسا، وقاطعت الولايات المتحدة وإسرائيل هذا المؤتمر.
وحصل قرار يؤيد الإعلان على 142 صوتاً مؤيداً و10 أصوات معارضة، بينما امتنعت 12 دولة عن التصويت.
ترحيب فلسطيني ورفض أميركي إسرائيلي
وقال نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ، الجمعة، إن "إعلان نيويورك" الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة يعبر عن الإرادة الدولية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني.
وأضاف الشيخ أن القرار يمثل خطوة مهمة نحو إنهاء الاحتلال، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، مشيراً إلى أن الاعترافات الدولية المتزايدة بالدولة الفلسطينية "ترسخ حق الشعب في تقرير مصيره".
ورحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بنتيجة التصويت، ودعت إلى تنفيذ مخرجات المؤتمر الدولي، والضغط على إسرائيل لوقف حربها على قطاع غزة، وإنهاء ما وصفته بسياسة "المجاعة كسلاح حرب"، ومنع التهجير القسري.
وأكدت الخارجية الفلسطينية ضرورة تفعيل كل الأدوات لإنهاء الاحتلال، وتنفيذ حل الدولتين باعتباره "الحل الوحيد" في مواجهة الاستيطان، والهجمات الإسرائيلية.
بدوره، حذر ممثل إسرائيل بالأمم المتحدة داني دانون من أن الإقرار "سيطيل أمد الحرب، ويقوض المفاوضات"، فيما هاجمت مورجان أورتاجوس المبعوثة الأميركية إقرار الأمم المتحدة "لإعلان نيويورك"، ووصفته بأنه "دعاية تقوض الجهود الدبلوماسية لوضع حد لهذا الصراع، ومكافأة لحركة حماس".
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة لإعلان نيويورك بشأن تنفيذ حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي يمثل "مساراً لا رجعة فيه نحو السلام في الشرق الأوسط".
وأضاف ماكرون أن فرنسا، والسعودية، ومعهما الشركاء الدوليون، سيعملون على جعل خطة السلام هذه واقعاً خلال مؤتمر خاص بحل الدولتين يُعقد في نيويورك هذا الشهر.
السعودية: يؤكد الإجماع الدولي
وأعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لـ"إعلان نيويورك" ومرفقاته، الصادر عن المؤتمر الدولي الرفيع المستوى لتسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية وتنفيذ حل الدولتين، الذي عُقد برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية، وجمهورية فرنسا.
وقالت إن "هذا القرار، والتصويت عليه بأغلبية كبرى من قبل 142 دولة، يؤكد الإجماع الدولي على الرغبة في المضي قدماً نحو مستقبل يعمه السلام، ويحصل فيه الشعب الفلسطيني على حقه المشروع بإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
ونص إعلان نيويورك على إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، على أن تكون الحوكمة، وإنفاذ القانون، والأمن في جميع الأراضي الفلسطينية من مسؤولية السلطة الفلسطينية وحدها، مع تقديم الدعم الدولي المناسب.
ورحب الإعلان بسياسة "دولة واحدة.. حكومة واحدة.. قانون واحد.. سلاح واحد" التي أعلنتها السلطة الفلسطينية.
وفي سياق إنهاء الحرب في غزة، أكدت الوثيقة إنهاء حكم حركة حماس في غزة، وتسليم أسلحتها للسلطة الفلسطينية، مع تقديم الدعم الدولي، بما يتماشى مع هدف إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
وشددت الوثيقة على إنشاء لجنة إدارية انتقالية على الفور بعد وقف الحرب، لإدارة شؤون غزة تحت مظلة السلطة الفلسطينية، ودعم نشر بعثة استقرار دولية مؤقتة، تدعو لها السلطة الفلسطينية، تحت رعاية الأمم المتحدة ووفقاً لمبادئها، وبناءً على القدرات القائمة للأمم المتحدة، وتفويض من مجلس الأمن الدولي، مع الدعم الإقليمي والدولي المناسب.
وفي هذا السياق رحب "إعلان نيويورك بالاستعداد الذي أعربت عنه بعض الدول الأعضاء للمساهمة بقوات في هذه البعثة.
وستوفّر البعثة، التي يمكن تطويرها بحسب الحاجة، الحماية للسكان المدنيين الفلسطينيين، وتدعم نقل مسؤوليات الأمن الداخلي إلى السلطة الفلسطينية، وتقدم الدعم في بناء قدرات الدولة الفلسطينية وقواتها الأمنية، وتقدم ضمانات أمنية لفلسطين وإسرائيل، بما في ذلك مراقبة وقف إطلاق النار والاتفاقيات المستقبلية، مع الاحترام الكامل لسيادة الطرفين.
"ملحق إعلان نيويورك"
وجاء "ملحق إعلان نيويورك" الذي جرى إقراره، الجمعة، كخارطة طريق ذات خطوات عملية تهدف إلى إنهاء الحرب في غزة، ودعم تنفيذ حل الدولتين، وتمكين دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام وأمن جنباً إلى جنب مع إسرائيل.
وشدد الملحق على ضرورة التوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الرهائن، وانسحاب القوات الإسرائيلية بشكل كامل، بالتوازي مع دعم جهود الوساطة التي تقودها مصر، وقطر، والولايات المتحدة.
كما دعا إلى توحيد الضفة الغربية وغزة تحت إدارة فلسطينية واحدة، وإنشاء لجنة انتقالية لفترة محدودة تعمل تحت مظلة السلطة الفلسطينية.
وطالبت الوثيقة المجتمع الدولي بتأمين وصول المساعدات الإنسانية دون قيود، وإلزام إسرائيل بفتح المعابر، وتسهيل دخول المواد الغذائية والطبية، إضافة إلى إعادة الكهرباء، والمياه، والخدمات الأساسية.
كما اقترحت دعم خطة إعادة الإعمار التي تقودها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، والمشاركة في مؤتمر القاهرة لحشد التمويل اللازم لذلك.
تمكين الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال
وأكدت الوثيقة أن الحل الدائم يكمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي 1967، ودعم الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، وعضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، وضمان سيادتها الكاملة على مواردها، وحدودها، ومجالها الجوي.
كما أوصت الوثيقة بعقد مؤتمر دولي للمانحين لتأمين دعم مالي متعدد السنوات للسلطة الفلسطينية، وتعزيز الإصلاحات المالية والإدارية، وتحفيز النمو الاقتصادي عبر الاستثمار في البنية التحتية، والطاقة، والتكامل الإقليمي، والرقمنة.
حماية حل الدولتين
ودعت الدول إلى اتخاذ خطوات عملية لوقف الاستيطان والعنف ضد الفلسطينيين، وإلزام إسرائيل بالقانون الدولي، ودعم المساءلة أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، مع فرض قيود على أي جهات تدعم الأنشطة غير القانونية في الأراضي المحتلة.
تعزيز الحوار والسلام المجتمعي
الوثيقة ركزت أيضاً على أهمية مواجهة خطاب الكراهية والتحريض عبر التعليم والإعلام، ودعم الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وضمان حرية الإعلام وحماية الصحافيين، إضافة إلى دعم مبادرات المصالحة الفلسطينية الداخلية.
واقترحت الوثيقة إنشاء "حزمة دعم السلام" لتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي بعد تنفيذ حل الدولتين، وتطوير هيكل أمني إقليمي شامل، فضلاً عن تشكيل آلية متابعة دولية، لضمان تنفيذ الخطوات المتفق عليها وحشد الدعم العالمي للتسوية السلمية.