تحدّى بعض رؤساء البلديات في فرنسا أوامر الحكومة، ورفعوا الأعلام الفلسطينية فوق مباني البلديات، فيما من المتوقع أن ينضم آخرون إلى هذه المبادرة مع استعداد فرنسا للاعتراف رسمياً بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ولم يتضح بعد عدد المدن التي ستشارك في هذه الخطوة، الاثنين، بعد دعوة زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور إلى رفع الأعلام، رغم تحذيرات وزارة الداخلية من مثل هذه المظاهر، في بلد يضم أكبر جالية يهودية وأكبر جالية مسلمة في أوروبا.
وذكرت "أسوشيتد برس" أن هذه الدعوة باتت تكتسب زخماً متزايداً، مع انتشار الأعلام الفلسطينية بشكل أكبر في فرنسا خلال الحرب المستمرة منذ نحو عامين في غزة.
ورُفعت الأعلام الفلسطينية في مظاهرات هذا الأسبوع خلال يوم كبير للاحتجاجات شهدته البلاد، وانتقد عدة سياسات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحكومته.
ويرفرف العلم الفلسطيني منذ الجمعة على مبنى بلدية مالاكوف، إحدى ضواحي باريس. وقالت رئيسة البلدية، جاكلين بيلهوم، لوكالة أسوشيتد برس إنها تلقت أمراً بإنزاله لكنها رفضت الامتثال.
وأضافت: "نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وهذا أمر ذو رمزية مهمة، تماماً كما فعلنا من قبل عندما رفعنا العلم الأوكراني تضامناً مع الشعب الأوكراني الذي كان يتعرض لهجوم من روسيا".
في جنوب غرب فرنسا، رفع رئيس بلدية موليون-ليشاره، وهو شيوعي، علم فلسطين، الجمعة، في بلدته، التي يبلغ عدد سكانها 3 آلاف نسمة، لكنه أنزله في اليوم التالي بعد إحالة الواقعة إلى محكمة إدارية.
وقال رئيس البلدية لويس لابادوت لمحطة إذاعية محلية Ici Pays Basque: "العلم موجود الآن في مكتبي.. هذا اعتداء على حرية فكري".
ومن المتوقع أن يتصدر موضوع الحرب الإسرائيلية على غزة جدول أعمال قادة العالم في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبدأ الاثنين.
وكان الفلسطينيون قد أعربوا عن أملهم في أن تعترف 10 دول إضافية على الأقل بدولة فلسطين، لينضموا إلى أكثر من 145 دولة اعترفت بالفعل، إذ اعترفت بالفعل كل من كندا وأستراليا والمملكة المتحدة رسمياً بدولة فلسطين.
وفي باريس، أضيء برج إيفل بألوان العلمين الفلسطيني والإسرائيلي، يفصل بينهما رمز حمامة للسلام.
وقال ماثيو هانوتان، رئيس بلدية سان دوني، الضاحية الباريسية التي تستضيف الملعب الوطني لكرة القدم، إنه سيرفع العلم الفلسطيني تعبيراً عن التضامن مع الشعب الفلسطيني.
وفي غرب فرنسا، أعلنت رئيسة بلدية نانت، جوهانا رولان (من الحزب الاشتراكي)، أن مدينتها سترفع أيضاً العلم الفلسطيني على مبنى البلدية.
وقالت لشبكة "فرانس أنفو": "بالنسبة للبلديات التي ترغب في الانضمام من خلال لفتة رمزية إلى اعتراف فرنسا بدولة فلسطين، أعتقد أن ذلك منطقي. وسأقوم به دون تردد".
وفي مذكرة أرسلت إلى ممثلي الدولة في الأقاليم، أوعزت وزارة الداخلية الفرنسية لهم بمعارضة رفع الأعلام الفلسطينية على مباني البلديات والمباني العامة الأخرى، مشيرة إلى مخاطر "استيراد نزاع دولي قائم" إلى الأراضي الفرنسية، بحسب تعبير المذكرة.
وقالت الوزارة: "مبدأ الحياد في الخدمة العامة يحظر مثل هذه المظاهر"، مضيفة أن أي قرار من رؤساء البلديات لرفع العلم الفلسطيني يجب أن يُحال إلى المحاكم الإدارية.
وقال وزير الداخلية برونو ريتايو السبت: "واجهة مبنى البلدية ليست لوحة إعلانات.. وحده العلم الثلاثي الألوان، ألواننا، له الحق في أن يُرفع على ما يبقى بالنسبة لنا بيتاً مشتركاً".
أما إيان بروسّا، المتحدث باسم الحزب الشيوعي الفرنسي، فاتهم وزير الداخلية بالتناقض مع الموقف الرسمي لفرنسا.
وقال لشبكة BFM: "وزير الداخلية يختلف مع الدبلوماسية الفرنسية.. إنه لا يؤيد الاعتراف بدولة فلسطين، خلافاً لرئيس الجمهورية.. ومن خلال فرض قناعاته الشخصية بدلاً من الالتزام بموقف الجمهورية الفرنسية، وهو الاعتراف بدولة فلسطين، يأخذ فرنسا ودبلوماسيتها رهينة".
وفي يونيو، اضطر رئيس بلدية نيس، كريستيان إستروزي، إلى إنزال الأعلام الإسرائيلية التي كان قد رفعها على مبنى بلدية المدينة الواقعة على الريفييرا تضامناً مع المحتجزين، وذلك بقرار قضائي.
أما رئيس بلدية سان-أوين، إحدى ضواحي باريس، كريم بوعمراني (من الحزب الاشتراكي)، فقد قال إنه سيعرض العلمين الإسرائيلي والفلسطيني معاً على واجهة مبنى البلدية لإيصال رسالة سلام.
وأضاف لإذاعة RMC: "نحن مجتمع واحد، هو المجتمع الجمهوري.. المجتمع الذي أمثله هو مجتمع السلام: لا أريد أن أضع المسلمين في مواجهة اليهود، ولا الناشطين ضد مؤيدي حماس أو ضد (بنيامين) نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي".