يصل مدير وكالة المخابرات الأميركية (CIA) وليام بيرنز، إلى رام الله الثلاثاء، للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقال مسؤولون فلسطينيون لـ"الشرق"، إن الرئيس عباس سيبحث مع بيرنز الجهود الأميركية الرامية لإعادة إحياء المسار السياسي، ومتطلبات ذلك وفي مقدمتها وقف الإجراءات الإسرائيلية في فلسطين، خاصة الاستيطان ومصادرة الأراضي.
وكشف أحد المسؤولين، أن الرئيس عباس أعد قائمة مطالب سياسية واقتصادية ومالية وحياتية، مثل وقف الاستيطان ووقف الاقتطاعات المالية التي تقوم بها إسرائيل من عائدات الجمارك، واحترام الولاية الفلسطينية على مناطق السلطة، وتوسيع مناطق البناء، وإلغاء قرارات ترحيل العائلات الفلسطينية من أحياء القدس وغيرها.
لكنهم استبعدوا حدوث تقدم في المطالب السياسية، بسبب طبيعة الحكومة الإسرائيلية التي يقودها رئيس وزراء متطرف، حسب وصفهم.
أول زيارة لبيرنز
ووصل بيرنز إلى إسرائيل الثلاثاء، وعقد سلسلة لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين. وتركزت المباحثات على الملفات الأمنية والعسكرية في المنطقة خاصة إيران، وسبل التعاون بين الجانبين في مواجهة التحديات الأمنية.
وتأتي زيارة بيرنز، التي تعد الأولى منذ توليه منصب مدير الوكالة في مارس الماضي، بدعوة من رئيس الموساد الجديد دافيد برنياع، حسبما أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الاثنين.
ويلتقي بيرنز خلال الزيارة برئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت، والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.
وأشارت الصحيفة إلى أن الهدف من زيارة بيرنز هو التنسيق بشأن إيران، استعداداً لاستئناف محتمل للمحادثات الإيرانية - الأميركية غير المباشرة في فيينا، بشأن الملف النووي الإيراني والعودة الأميركية المحتملة للاتفاق الموقع عام 2015 بين طهران والقوى الدولية.
تنسيق لدعم السلطة الفلسطينية
والتقى وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس، الاثنين، مع المنسق الأمني الأميركي لإسرائيل والسلطة الفلسطينية، الجنرال مارك شوارتز، والقائم بأعمال السفير الأميركي في إسرائيل مايكل راتني، وناقش معهما القيام بإجراءات لتقوية السلطة الفلسطينية، وتوسيع نطاق التعاون معها.
وأضاف جانتس في تغريدة على تويتر، أن اللقاء شهد مناقشة "التهديدات الاستراتيجية العالمية والمحلية، بما في ذلك البرنامج النووي الإيراني، والعدوان الإقليمي".
ومن جانبه، أعلن وزير التنمية الاجتماعية الفلسطيني أحمد مجدلاني، أن هناك مقترحات أميركية لإعادة بناء الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لكنها لم تؤدي إلى حدوث أي تقدم.
وأوضح مجدلاني في تصريح خاص لـ"الشرق"، الاثنين، أن العنصر الجوهري في بناء الثقة هو العنصر السياسي، "وفي مقدمة ذلك وقف الاستيطان والتطهير العرقي في القدس، إضافة إلى العناصر الاقتصادية والمالية والأمنية والمدنية".
وأكد أن الجانب الفلسطيني "لم يلمس حتى الآن أي تقدم"، معتبراً أن الحكومة الإسرائيلية تعمل على تعميق أزمة الثقة، "ومن ذلك قيامها يوم أمس باقتطاع أكثر من مئة مليون شيكل من عوائد الجمارك الفلسطينية".
بناء الثقة
مصادر دبلوماسية كانت كشفت لـ"الشرق" الشهر الماضي عن اقتراح أميركي، بعقد لقاءات مشتركة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لبحث إجراءات "بناء الثقة"، تمهيداً لإعادة إطلاق المفاوضات السياسية.
وقالت المصادر إن الاقتراح عرضه المبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط، هادي عمرو، خلال لقاءاته مع مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين، خلال زيارته لإسرائيل والأراضي الفلسطينية منتصف شهر يوليو الماضي.
وأضافت المصادر أن اقتراح عمرو "لا يزال قيد الدراسة" من الجانبين، مؤكدة أن "هناك هُوة كبيرة تفصل بين المطالب الفلسطينية والإسرائيلية، التي قُدمت للجانب الأميركي"، بحسب وصفها.
واقترحت الإدارة الأميركية، في لقاءات سابقة مع الجانبين، تقسيم المسار السياسي إلى مرحلتين، الأولى تتعلق بإجراءات بناء الثقة، والثانية تهتم بإعادة إطلاق المفاوضات السياسية، وفقاً لما أكدته المصادر لـ"الشرق".
وقدم الفلسطينيون 33 مطلباً لإعادة بناء الثقة، أهمها، بحسب المصادر، "وقف الإجراءات أحادية الجانب التي تجحف بقضايا الحل النهائي، وفي مقدمتها الاستيطان".
كما طالبوا أيضاً بـ"احترام وتوسيع الولاية الأمنية والمدنية الفلسطينية، وإقامة مطار في الضفة الغربية وإعادة فتح الاتفاقات، والترتيبات الجمركية والمالية والأمنية والمدنية والمائية وغيرها".
وفي المقابل، أوضحت المصادر لـ"الشرق"، أن إسرائيل "قدمت للجانب الأميركي عدة مطالب من بينها، وقف دفع السلطة لرواتب أسر الأسرى والشهداء، وتغيير المنهاج التعليمي الفلسطيني وغيرها".
وقالت المصادر الدبلوماسية المطلعة، إن إسرائيل "ترفض المطالب ذات الطابع السياسي، مثل وقف الاستيطان، والولاية الأمنية والمدنية، والمطار وغيرها، لكنها تبدي مرونة في القضايا الحياتية مثل الجمارك والشؤون المدنية والمائية والبيئية وغيرها".
لكن دبلوماسياً غربياً قال لـ"الشرق"، بعد أيام من زيارة عمرو، إن الجهود الأميركية تواجه صعوبات في جسر الهوة بين مطالب الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وأوضح المصدر الدبلوماسي أن الجانب الإسرائيلي "رفض إظهار أي مرونة تجاه المطالب الفلسطينية".
واشنطن تحسن العلاقات
وفي أعقاب زيارة المبعوث الأميركي الشهر الماضي، قال مسؤولون فلسطينيون، إن الإدارة الأميركية تعمل على تطوير العلاقات "الأميركية - الفلسطينية"، من خلال زيادة الدعم المالي المقدم للفلسطينيين، وإعادة فتح القنصلية في القدس، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.
وأعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، بعد أيام من زيارة المبعوث الأميركي، أن الولايات المتحدة سوف تمضي قدماً في عملية إعادة فتح القنصلية الأميركية لدى الفلسطينيين في القدس.
وذكر موقع "أكسيوس" الإخباري في وقت سابق، نقلاً عن مصادر أميركية وإسرائيلية وفلسطينية، أن إدارة الرئيس جو بايدن قررت تأجيل إعادة فتح القنصلية، إلى ما بعد موافقة الحكومة الإسرائيلية الجديدة على الميزانية، وهو ما يُرجح أن يكون في أوائل نوفمبر المقبل.
وكانت القنصلية الأميركية في القدس بمنزلة البعثة الدبلوماسية الأميركية الأساسية للفلسطينيين حتى عام 2019، عندما أغلقتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، إثر اعترافه بالقدس "عاصمة لإسرائيل"، ودمجتها في السفارة الأميركية الجديدة لدى إسرائيل في القدس. ووعد بايدن بإعادة افتتاحها، لكنه يحتاج لموافقة من الحكومة الإسرائيلية.