قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، السبت، إن الاعتداءات الإسرائيلية على غزة تتطلب إجراءات دولية لردع إسرائيل، مشيراً إلى أن إصلاحات السلطة الفلسطينية تستحق دعماً دولياً، ولفت إلى أن السعودية شكلت مساراً تنفيذياً واضحاً يُفضي إلى حل الدولتين.
وأضاف الوزير السعودي في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أن حل الدولتين هو "السبيل الوحيد الذي يضمن أمن المنطقة".
وتابع: "آن الأوان لإيجاد حل دائم وشامل للقضية الفلسطينية بعيداً عن التصعيد العسكري"، مضيفاً أن "الحل العسكري لن يحقق الأمن والسلام".
ولفت إلى "المعاناة التي يشهدها الشعب الفلسطيني والأزمة الإنسانية غير المسبوقة في قطاع غزة والتي صنفت رسمياً حالة مجاعة وفقاً لتقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي".
وأضاف أن ذلك "يتنافى مع مبادئ الميثاق والقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي في ظل الممارسات الوحشية التي تقوم بها سلطات الاحتلال دون رادع".
وذكر أن سلطات الاحتلال تقوم بـ"تجويع وتهجير قسري وقتل ممنهج"، لافتاً إلى أن ذلك في يأتي في ظل "تجاهل تام لحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والقانونية في أرضه، وسعياً لطمس حقوقه المشروعة".
وشدد على أن ذلك "يحتم علينا جميعاً التحرك الجاد لوقف العدوان وضمان الوصول المستدام للمساعدات الإنسانية".
ولفت إلى أن "استمرار التعامل مع القضية الفلسطينية خارج أطر القوانين الشرعية الدولية هو ما أدى إلى استمرار العنف وتفاقم المعاناة".
"حل الدولتين السبيل الوحيد لضمان أمن المنطقة"
وأكد أهمية أن "يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته لوقف هذه المأساة، وإيجاد السلام عبر حل الدولتين، باعتباره السبيل الوحيد الذي يضمن أمن الجميع في المنطقة".
واعتبر أن "تقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية لن يسهم إلا في زعزعة الأمن والاستقرار إقليمياً وعالمياً، وفتح المجال أمام تداعيات خطيرة، وتصاعد جرائم الحرب وأعمال الإبادة الجماعية".
وتابع: "من هذا المنطلق بادرت المملكة بالتعاون مع النرويج والاتحاد الأوروبي بإطلاق التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، كما ترأست مع فرنسا المؤتمر الدولي رفيع المستوى بشأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين".
وأكد أن ذلك "سيشكل مساراً تنفيذياً واضحاً لحل الدولتين، يفضي إلى إنهاء الاحتلال والصراع"، مبيناً أن المملكة "ستكمل جهوداً حثيثةً للوصول إلى تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وحل الدولتين".
وأشار إلى أن "المملكة تشيد بالدعم الدولي الذي شهده المؤتمر الدولي رفيع المستوى بشأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين"، كما "تشيد المملكة باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان نيويورك بشأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة".
وذكر أن اعتماد الجمعية العامة للإعلان جاء بعد "حشد أغلبية كبرى"، موضحاً أن المملكة "ترحب بالعدد المتزايد من الدول التي أعلنت الاعتراف بالدولة الفلسطينية بما فيها فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال ومالطا وبلجيكا ولوكسمبورج وموناكو وأندورا وسان مارينو".
واعتبر أن ذلك "خطوة مهمة نحو تكريس حل الدولتين، وتعزيز مسار السلام العادل والدائم"، مبيناً أن المملكة "تدعو جميع الدول إلى الاعتراف بدولة فلسطين، واستمرار دعم مسار حل الدولتين التزماً بالقانون الدولي، وترسيخاً للأمن والسلام في المنطقة والعالم".
إصلاح السلطة الفلسطينية
كما أشاد الأمير فيصل بن فرحان بتوجه السلطة الفلسطينية لـ"إجراء إصلاحات مهمة وهو ما يستحق المزيد من الدعم والتمكين من قبل المجتمع الدولي".
وشدد وزير الخارجية السعودي على "حرص المملكة على العمل المشترك القائم على الاحترام المتبادل وترسيخ قواعد القانون الدولي بما يعزز الثقة المتبادلة، ويوفر أساساً راسخاً للأمن والاستقرار والتنمية المستدامة".
وأردف: "تؤكد المملكة في هذا السياق استمرار سعيها نحو تعزيز علاقات حسن الجوار واحترام سيادة الدول، والإسهام في جهود خفض التصعيد والتهدئة تعزيزاً للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم".
ومن هذا المنطلق، أكد الأمير فيصل بن فرحان على "إدانة المملكة الاعتداء الإيراني على دولة قطر"، كما "تدين بشدة الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة في المنطقة، وآخرها العدوان السافر على دولة قطر والذي يتطلب تحركاً دولياً لمواجهة هذه الاعتداءات".
ودعا الوزير إلى "اتخاذ إجراءات دولية لإيقاف إسرائيل وردعها عن ممارسة أعمالها الإجرامية في زعزعة أمن المنطقة واستقرارها".
البرنامج النووي الإيراني
وبشأن الملف النووي الإيراني، قال وزير الخارجية السعودي إنه "انطلاقاً من اقتناعنا الثابت بأهمية الأمن والاستقرار الإقليمي ومنع سباق التسلح النووي في منطقتنا تشدد المملكة على ضرورة الالتزام بمنظومة منع الانتشار وصولاً إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط مع احترام حق الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق الضوابط الدولية".
وأكد أن "المسار الدبلوماسي هو السبيل لمعالجة مسألة البرنامج النووي الإيراني"، مشيراً إلى أن المملكة "تدعو إلى الانخراط بإيجابية في المفاوضات، والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
ولفت إلى أن "المملكة تؤكد على أهمية حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن والمضائق لما تمثله من أهمية بالغة للاقتصاد العالمي، والأمن الإقليمي والدولي".
كما دعا إلى "تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب عبر تبادل المعلومات وتجفيف مصادر تمويله والحد من حملاته الدعائية التي تهدد أمن المجتمعات واستقرارها".
ونبه إلى "مخاطر الاستخدامات العسكرية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، والأسلحة ذاتية التحكم، وضرورة سن القوانين الدولية التي تنظمها".
الاستقرار في سوريا
وفيما يتعلق بسوريا، أشاد الوزير السعودي، بـ"الخطوات الإيجابية التي تقوم بها سوريا لترسيخ الأمن والاستقرار"، مرحباً بـ"رفع العقوبات عنها والذي يسهم في دعم جهود الحكومة السورية في إعادة الإعمار، وتعزيز خطوات التعافي واندماج سوريا إقليمياً ودولياً، وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي بين سوريا والعالم بما ينعكس إيجاباً على تحقيق الاستقرار والازدهار والنماء للشعب السوري".
وشدد على "ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية"، وأكد دعم السعودية "لكل ما يسهم في ترسيخ أمن سوريا واستقرارها واحترام سيادتها ووحدة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".
وجدد التأكيد على "حرص المملكة على استعادة أمن اليمن واستقراره"، وأشار إلى أهمية التوصل إلى حل سياسي شامل، ودعم الجهود الأممية والقرارات الدولية ذات الصلة.
وقال إن المملكة تواصل "مساعيها لدعم الاقتصاد اليمني، وتخفيف المعاناة الإنسانية، وهي تعد أكبر المانحين لليمن، حيث تجاوز حجم مساعداتها الإغاثية والتنمية 27 مليار دولار".
ولفت إلى أن المملكة "قدمت مؤخراً دعماً اقتصادياً للبنك المركزي اليمني بقيمة نصف مليار دولار لمعالجة عجز الميزانية، كما قدمت المملكة في 20 من الشهر الجاري دعماً اقتصادياً تنموياً جديداً لليمن بمبلغ 386 مليون دولار".
استقرار السودان
وأكد الأمير فيصل بن فرحان أهمية "استقرار السودان ووحدة أراضيه وسلامة مؤسساته الوطنية"، داعياً إلى "تكثيف الجهود لتخفيف المعاناة الإنسانية، ووقف الحرب والحد من التدخلات الخارجية التي تغذي الصراع وتطيل أمده".
وشدد الأمير فيصل بن فرحان، على أهمية "استمرار الحوار عبر منبر جدة وصولاً لوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية"، لافتاً إلى رفض المملكة لـ"أي خطوات خارج إطار مؤسسات الدولة قد تمس بوحدة السودان ولا تعبر عن إرادة شعبه".
وأعرب عن وقوف المملكة إلى جانب لبنان "ودعم كل ما يعزز أمنه واستقراره"، وثمّن جهود الدولة اللبنانية لتطبيق اتفاق الطائف وبسط سيادة الدولة، وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية، مع ضرورة انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من جميع الأراضي اللبنانية تطبيقاً للقرارات الدولية ذات الصلة.
كما أعرب الوزير عن دعم المملكة لـ"الحل الليبي الليبي"، وقال إنها تدعو إلى الالتزام بتنفيذ وقف إطلاق النار بما يفضي إلى ترسيخ وحدة ليبيا ومؤسساتها الوطنية".
استمرار جهود الوساطة
وعن الأزمة الروسية الأوكرانية، أشار الأمير فيصل بن فرحان، إلى أن "المملكة تدعو إلى إيجاد تسوية سلمية من خلال الحوار بما يحقق مصلحة جميع الأطراف".
وأكد على استعداد المملكة لـ"استمرار جهود الوساطة مستنداً إلى موقفها المتوازن وعلاقتها الموثوقة مع مختلف أطراف الأزمة".
وتابع: "في هذا الإطار استضافت المملكة محادثات سلام روسية أوكرانية أميركية ضمن مساعيها للتوصل إلى حل سياسي لهذه الأزمة بما يعزز الأمن والسلام الدوليين".
وأشاد الوزير بـ"استجابة باكستان والهند للجهود الدبلوماسية وتقديم الحكمة في التوصل إلى اتفاق ينهي التوتر بين البلدين"، مؤكداً دعم المملكة لـ"حل الخلافات بالحوار والطرق السلمية انطلاقاً من مبادئ حسن الجوار بما يحقق السلام والازدهار للبلدين وشعبيهما".
رؤية 2030
وتطرق وزير الخارجية السعودي، إلى رؤية المملكة 2030، قائلاً: "الرؤية رسمت مساراً تنموياً للمملكة على المدى الطويل وأرست تحولات هيكلية واسعة على مستوى الاقتصاد والمجتمع والحكومة، عملت من خلالها على تمكين الشباب والمرأة وتعزيز قيم التسامح وتبني الابتكار وتوسيع آفاق التواصل والتعاون الدولي".
وذكر أن "المملكة حققت في نهاية العام الماضي 93% من مؤشرات أداء الرؤية على مستوى برامجها واستراتيجيتها".
وقال إن معدل البطالة بين السعوديين "انخفض ليصل إلى 6.3% مقارنة بـ12% عام 2016، كما ارتفعت مشاركة المرأة في سوق العمل إلى أكثر من 36%، وبلغت قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة 913 مليار دولار بنهاية العام 2024".
وأكد أن المملكة "تستمر في إطار رؤيتها 2030 في استكمال مسيرة التقدم"، مشدداً على أهمية "تعزيز التعاون الدولي للحد من آثار التغير المناخي".
ودعا إلى "تبني نهج متوازن وشامل في مسارات تحول الطاقة"، مؤكداً على "أهمية عدم إقصاء أي من مصادر الطاقة"، كما "تدعو المملكة إلى انتهاج مسارات انتقالية واقعية وشاملة".
ترسيخ احترام القانون الدولي
وقال الأمير فيصل بن فرحان إن السعودية "تبذل كل ما فيه وسعها لترجمة مبادئ ميثاق الأمم المتحدة إلى واقع ملموس عبر ترسيخ احترام القانون الدولي وتعزيز الأمن والسلم الدوليين ودعم التعاون متعدد الأطراف".
وأشار إلى أن ذلك يأتي "انطلاقاً من إيمانها العميق بأهمية دور المنظمة في عالمنا اليوم"، مشدداً على حرص المملكة على تحقيق مقاصد ميثاق الأمم المتحدة بالإسهام في الاستجابة في نداءات الإنسانية".
وأوضح أن السعودية "لم تأل جهداً في مد يد العون والعطاء حتى تجاوز ما قدمته في مساعدات وإعانات 141 مليار دولار، واستفاد منها 174 دولة".
وأكد الوزير على حاجة المنظمة "الملحة" لأن "تصبح أكثر قدرة وكفاءة على مواكبة التطورات وإيجاد المقاربات اللازمة لحل الأزمات ووضع حد للصراع".
كما دعا الأمير فيصل بن فرحان الأمم المتحدة إلى "ألا تحيد عن الأهداف التي أنشأت من أجلها خاصة فيما يتعلق بحفظ السلم والأمن ودون ازدواجية أو انتقائية".