"مراقبة البرنامج النووي".. العقوبات على إيران تعيد الغرب إلى المربع صفر

الأمم المتحدة/فيينا -رويترز

قال دبلوماسيون ومحللون إن إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، التي رفعت بموجب اتفاق نووي عام 2015 يعيد القوى الغربية إلى المربع صفر فيما يتعلق بكيفية احتواء ومراقبة البرنامج النووي الإيراني.

كانت القوى الأوروبية فرنسا وبريطانيا وألمانيا، المعروفة باسم الترويكا الأوروبية، تأمل في أن يدفع التهديد بإعادة فرض العقوبات إيران إلى الرضوخ لمطالب مثل السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بالعودة على نحو سريع إلى المنشآت النووية التي قصفتها إسرائيل والولايات المتحدة في يونيو، واستئناف المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن أنشطة طهران النووية.

لكن على الرغم من تكثيف النشاط الدبلوماسي في اللحظات الأخيرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، فإن الترويكا الأوروبية قالت إن إيران لم تقدم سوى النزر اليسير للحيلولة دون دخول آلية إعادة فرض العقوبات حيز التنفيذ الأحد، في الساعة (0000 بتوقيت جرينتش)، بعد شهر من بدء عملية الثلاثين يوماً.

وقال مشرع إيراني ينتمي للتيار المحافظ في الساعات الأخيرة من المفاوضات، اشترط عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية المحادثات، "آلية إعادة فرض العقوبات هي الرصاصة الأخيرة للغرب. فبمجرد أن يضغطوا على الزناد، لن يتبقى لهم شيء".

وأضاف "العصا التي كانوا يضعونها فوق رؤوسنا، بمجرد استخدامها ستزول. لن يكون لديهم أي نفوذ بعد الآن".

"الولايات المتحدة استخدمت ورقتها الرابحة"

ويرى دبلوماسيون غربيون أنه على النقيض من ذلك، سيكون لدى الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية ميزة تتمثل في عرض رفع هذه العقوبات وغيرها من العقوبات. لكن رفع العقوبات عملية شاقة من غير المرجح أن تسفر عن تنازلات سريعة كتلك التي سعت إليها الترويكا الأوروبية في الآونة الأخيرة.

وقال إريك بروير، الباحث في مبادرة التهديد النووي، "استخدمت الولايات المتحدة ’ورقتها الرابحة’ في قصف المواقع الإيرانية الرئيسية. وعلى الرغم من أن البرنامج النووي قد تضرر بالتأكيد، إلا أنه لم يتم القضاء عليه".

وتابع "إيران ليست مستعدة لتلبية الشروط الأميركية للتوصل إلى اتفاق. لكن من الواضح أن الولايات المتحدة لا تزال بحاجة إلى اتفاق من أجل أي حل مستدام. لذا فقد عدنا من نواح عديدة إلى نقطة البداية".

وتتطلب إعادة فرض العقوبات من إيران تعليق جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم وحظر استيراد أي شيء يمكن أن يساهم في تلك الأنشطة أو في تطوير أنظمة نقل الأسلحة النووية مثل الصواريخ الباليستية.

كما ستعيد فرض حظر على الأسلحة وعقوبات موجهة على عشرات الأفراد والكيانات.

وفرض الاتفاق المبرم عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى قيوداً على أنشطة إيران النووية مقابل تخفيف العقوبات.

وسار الاتفاق كما هو مخطط له لمدة عامين إلى أن انسحبت واشنطن من الاتفاق في عام 2018 وأعادت فرض العقوبات الأميركية. وردت طهران بتوسيع نطاق تخصيب اليورانيوم.

وتقول القوى الغربية إنه لا يوجد مبرر مدني لتخصيب إيران لليورانيوم بمستويات متقدمة، خشية أن تكون طهران تتجه نحو امتلاك أسلحة نووية. وتنفي إيران سعيها لامتلاك قنبلة ذرية.

خطط إيران للرد

ومع ترقب سريان آلية إعادة فرض العقوبات، قالت إيران إنها سترد دبلوماسياً، مشيرة إلى أنها قد تقلص تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على نحو أكبر، في حين تطالب القوى الغربية والوكالة بإجابات عن وضع مخزون طهران الكبير من اليورانيوم عالي التخصيب.

وقال مسؤول إيراني رفيع المستوى قبل فترة وجيزة من بدء سريان إعادة فرض العقوبات "إذا تم تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات وعادت العقوبات، سنعيد بالتأكيد النظر في علاقتنا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ومن المؤكد أنه سيتم تشديد القيود على عمليات التفتيش".

وفي أعقاب شن إسرائيل لهجمات جوية على إيران، أقر البرلمان الإيراني تشريعاً يعلق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويشترط موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني على عمليات التفتيش.

وأعلنت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية عن اتفاق هذا الشهر كان من المفترض أن يمهد الطريق نحو استئناف كامل لعمليات التفتيش، لكن لم يحدث تقدم يذكر منذ ذلك الحين.

وقال دبلوماسيون من الترويكا الأوروبية إنهم سيعودون إلى ما كانت عليه استراتيجيتهم منذ عام 2003: مزيج من الضغط والحوار.

مناورة محفوفة بالمخاطر

لكن على النقيض مما كان عليه الحال قبل عقد من الزمن، فإن القوى الكبرى منقسمة بعد أحداث مثل الحرب في أوكرانيا، الأمر الذي يجعل من الصعب الضغط على إيران للتوصل إلى اتفاق. وقامت روسيا والصين بمحاولة أخيرة لتجنب إعادة فرض العقوبات في مجلس الأمن الدولي مساء الجمعة، لكنها باءت بالفشل.

وقال دبلوماسي من الترويكا الأوروبية "تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية محدود بالفعل ويمكن أن يتقلص أكثر، لكنني لا أعتقد أنها ستقدم على خطوة مثل الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي".

وأضاف أنه لا يعتقد أن الصين أو روسيا ستقبلان أن تسارع إيران إلى امتلاك قنبلة نووية، وتابع "وإذا فعلتا ذلك، فلن تقبل إسرائيل".

وقال مسؤول إسرائيلي إن إسرائيل ليس لديها أي سبب لشن هجمات جديدة على إيران في الوقت الراهن إلا إذا قامت طهران بتطوير برنامجها النووي سراً، مضيفا "إنهم يعلمون أننا نراقب".

ويبدو أن المواجهة الدبلوماسية ستدخل مرحلة متوترة وطويلة الأمد، إذ من المرجح أن تزداد حالة الضبابية بشأن ما تفعله إيران على الأرض في ظل غياب مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال علي واعظ من مجموعة الأزمات الدولية "بالنسبة للإيرانيين، كان تطوير البرنامج النووي نقطة نفوذهم الرئيسية قبل الحرب، أما الآن فهي غموضه".

وأضاف "لكنها مناورة محفوفة بالمخاطر. إذا حاولت إيران إحياء عناصر برنامجها وتم اكتشافها على الرغم من غياب مفتشي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية) على الأرض، فإن ذلك سيزيد من القلق بشأن نواياها".

تصنيفات

قصص قد تهمك