في محاولة لصدّ هجوم كاسح تشنّه حركة "طالبان"، مكّنها من السيطرة على عواصم 9 ولايات، عيّن الرئيس الأفغاني أشرف غني، قائد القوات الخاصة، الجنرال هيبة الله عليزاي، رئيساً لأركان الجيش، خلفاً للجنرال ولي محمد أحمدزاي.
جاء ذلك، فيما أعلنت حركة طالبان السيطرة على سجن قندهار المركزي المعروف باسم "ساربوزا" وإطلاق سراح كافة سجناء الحركة.
وسبق أن حاولت الحركة من قبل اقتحام السجن المركزي نظراً لأهميته، حيث يحتجز عدد من عناصر الحركة المهمين.
وتوعّد الجنرال عبد الرشيد دوستم، النائب الأول السابق لرئيس أفغانستان، والذي عاد إلى أفغانستان، الأسبوع الجاري، بعد تلقيه العلاج في تركيا، بهزيمة "طالبان" في شمال البلاد، بينما استقال وزير المال الأفغاني بالوكالة، خالد بايندا، وغادر البلاد إلى جهة مجهولة، إثر استيلاء الحركة على مراكز جمركية أساسية، مّا أدى إلى استنزاف إدارة الإيرادات، حسبما أفادت وكالة "بلومبرغ".
وذكرت شبكة "طلوع نيوز" الأفغانية أن عليزاي، خلف أحمدزاي في رئاسة أركان الجيش. مشيرة إلى أن الجنرال سميع سادات، وهو قائد فيلق، سيخلف عليزاي في قيادة القوات الخاصة.
كانت وكالة "فرانس برس" اعتبرت، قبل أيام، أن القوات الأفغانية الخاصة التي درّبتها الولايات المتحدة وجهزتها بعتاد متطوّر، باتت آخر خط دفاع للوحدات الأفغانية، في مواجهة "طالبان".
ونقلت الوكالة عن الجنرال عليزاي (35 عاماً) قوله إن تقلّص الدعم الجوي الأميركي جعل مهمة قواته "أكثر تعقيداً".
وأضاف: "نقاتل في أماكن كثيرة وعلى جبهات مختلفة، ويصبح الأمر صعباً، لكن ليس لدينا خيار آخر، فهذا بلدنا".
وتابع عليزاي: "نفقد كل يوم أشخاصاً مميّزين ورجالاً عظماء وضباطاً جيدين جداً، لكن ذلك لن يُحبط معنويات أحد.. نحن مستعدون لمزيد من التضحيات".
دوستم يحذر "طالبان"
يأتي ذلك بعدما دعا وزير الخارجية الأفغاني، محمد حنيف أتمر، المجتمع الدولي إلى إعادة فرض عقوبات على "طالبان"، التي باتت تسيطر على نحو ربع عواصم الولايات الـ 34 في البلاد، في تقدّم عسكري سريع، يدفع الولايات المتحدة إلى الاستعداد لسقوط كابول بأسرع ممّا كانت تتوقّع، في غضون شهر إلى 3 أشهر، وفقاً لتقييم استخباراتي أميركي، نقله مسؤولون في إدارة الرئيس جو بايدن، الذي أكد أنه "ليس نادماً" على قراره بسحب قوات بلاده من أفغانستان، معتبراً أن على مواطنيها "أن يقاتلوا من أجل أنفسهم، وأمّتهم".
وفيما تضغط الحركة على مزار الشريف، أبرز مدن شمال البلاد، زارها الرئيس أشرف غني، الأربعاء، والتقى الرجل القوي في المدينة، عطا محمد نور، وعبد الرشيد دوستم، لمناقشة الدفاع عنها، فيما يتقدّم مسلحو "طالبان" في اتجاه المدينة.
وبعد وصوله إلى المدينة، حذر دوستم الحركة، معتبراً أنها "لا تستخلص العبر أبداً من الماضي". وأضاف: "قدمت طالبان مرات إلى الشمال، ولكن في كل مرة كانت تقع في مكمن، ليس سهلاً عليهم الخروج".
استسلام مئات الجنود
وبعد ساعات على زيارة غني مزار الشريف، أُعلن استسلام مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية، في مدينة قندوز، وقال ضابط في الجيش إنهم تعرّضوا لقصف بالهاون في مطار قندوز، مضيفاً: "لم يكن هناك مجال للتصدي لهم... ننتظر الآن تسلّم رسالة العفو، هناك صف انتظار طويل".
إلى ذلك، نقلت صحيفة "كوميرسانت" الروسية عن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، قوله إن "طالبان" سيطرت على الحدود الأفغانية مع طاجيكستان وأوزبكستان، في تطوّر يعزز مخاوف موسكو.
وأضاف أن الحركة تعهدت بالامتناع عن عبور الحدود، مستدركاً أن موسكو ستواصل إجراء تدريبات مشتركة مع حلفائها في المنطقة.
ونفذت روسيا أخيراً تدريبات مع أوزبكستان وطاجيكستان قرب الحدود الأفغانية، وعززت قاعدتها العسكرية في طاجيكستان بمركبات مدرعة وأسلحة جديدة.
استقالة وزير المال
وفي تطوّر آخر، أعلن الناطق باسم وزارة المال الأفغانية، أن الوزير بالوكالة، خالد بايندا، "استقال وغادر البلاد، لأن أفغانستان تكافح مع انخفاض الإيرادات بعد الاستيلاء على مراكز جمركية".
وتحدث عن أسباب أخرى، بما في ذلك "تدهور الوضع الأمني" والسفر كي يكون الوزير مع زوجته المريضة في الخارج.
وأعلن بايندا استقالته، في تغريدة على "تويتر"، من دون توضيح أسباب، إذ كتب: "كانت قيادة وزارة المال أعظم شرف في حياتي، ولكن حان الوقت للتنحّي من أجل الاهتمام بأولويات شخصية، عيّنت السيد عالم شاه إبراهيمي، نائب وزير الإيرادات والجمارك، لحين تعيين وزير جديد".
وأشارت وكالة "بلومبرغ" إلى أن استيلاء "طالبان" على مراكز جمركية مهمة، تسبّب في خسارة حكومة غني 30 مليون دولار من رسوم الاستيراد، الشهر الماضي، علماً بأن الضرائب تشكّل نحو نصف إجمالي الإيرادات المحلية لأفغانستان.
تركيا ومطار كابول
وعلى الرغم من التقدّم السريع لحركة طالبان، إلا أن مسؤولين تركيين أكدا أن بلادهما لا تزال عازمة على إدارة مطار العاصمة الأفغانية كابول وحراسته، بعد انسحاب القوات الأجنبية الأخرى من أفغانستان، علماً أن "طالبان" عارضت ذلك.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول تركي وصفته بأنه بارز قوله: "لم يتغيّر شيء حتى الآن، في ما يتعلّق بسيطرة القوات التركية على مطار كابول، المحادثات والعملية مستمران، العمل مستمرّ على أساس أن نقل السيطرة سيحدث، ولكن بالطبع الوضع في أفغانستان يخضع لمتابعة عن كثب".
وقال مسؤول أمني تركي للوكالة: "لا تغيير في الرأي في ما يتعلّق بالسيطرة على مطار كابول، لكن الوضع في أفغانستان يتغيّر من يوم إلى آخر".
في غضون ذلك، جمّدت ألمانيا وهولندا ترحيل أفغان من طالبي اللجوء، نتيجة تدهور الأوضاع في بلدهم.
وتحدث وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، عن "قرار مناسب وضروري"، فيما قالت أنكي بروكرس كنول، نائبة وزير العدل الهولندية: "الوضع يشهد تغييرات وتطوّرات، ويبدو ضبابياً جداً في الفترة المقبلة، لذلك قررت هولندا تجميد القرارات والترحيلات".
اقرأ أيضاً: