هل كشفت أحداث تونس "ارتباكاً" في حركة "النهضة"؟

رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي - REUTERS
رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي - REUTERS
دبي- الشرق

يعتقد طرف من الشارع التونسي، أن حركة النهضة تعيش على وقع "ارتباك" قد يهدد مستقبلها في المشهد السياسي التونسي، ظهر جلياً بعد سلسلة قرارات الرئيس قيس سعّيد بتجميد أعمال البرلمان، وهو ما تنفيه الحركة وعناصرها، الذين يشددون على أن القرارات "انقلاب" ويدعون للحوار. 

وناقشت حلقة "دائرة الشرق" على تلفزيون "الشرق" هذه الإشكالية مع ضيفيها الباحث السياسي والأمني، خليفة الشيباني، والعضو المستقيل من المكتب السياسي لحركة "النهضة" رضوان المصمودي.

"تراجع" الغنوشي

ورأى الشيباني، أن هناك تراجعاً في خطاب الغنوشي تجاه القرارات التي اتخذها الرئيس، ما أحدث خلافات داخل مجلس الشورى لحركة النهضة، مشيراً إلى أن اعتراف الحركة بالوقوع في العديد من الأخطاء "محاولة لامتصاص" ما حدث في الـ25 من يوليو (قرارات الرئيس قيس سعيّد).

وعقب إعلان الرئيس قيس سعيّد قراراته الاستثنائية، بتجميد أعمال البرلمان الذي تملك فيه النهضة أكبر كتلة لمدة 30 يوماً، وإقالة حليفها رئيس الحكومة هشام المشيشي وتولي السلطة التنفيذية بنفسه، اعتبرت الحركة تلك القرارات "انقلاباً على الثورة والدستور"، ودعت أنصارها للخروج للتظاهر و"الدفاع عن الشرعية".

لكن الغنوشي سرعان ما تراجع عن هذه الدعوة، "تجنباً للعنف"، كما قال. وأضاف في تصريحات إعلامية: "سندعم الرئيس قيس سعيّد، ونعمل على إنجاحه، بما يقتضي ذلك من استعداد للتضحيات من أجل الحفاظ على استقرار البلاد، واستمرار الديمقراطية"، مؤكداً: "ننتظر خريطة الطريق للرئيس ولا حل إلا بحوار تحت إشرافه".

ارتباك "النهضة"

وأضاف الشيباني في المقابلة، أن هذا الاضطراب "يعكس الارتباك الذي وقعت فيه حركة النهضة"، مشيراً إلى أن دعوة الحوار التي أطلقتها الحركة اليوم "متأخرة"، فالرئيس سعّيد أكد أن الحوار "لن يكون إلا مع الصادقين".

من جانبه، قال العضو المستقيل من المكتب السياسي لحركة النهضة ورئيس "مركز دراسة الإسلام والديمقراطية" في واشنطن، رضوان المصمودي، إن قرارت مجلس الشورى التي حضرها كانت تؤكد أن ما حصل في الـ25 من يوليو "محاولة انقلابية على الديمقراطية وعلى الدستور"، مشدداً على أن هذا لا يزال هو موقف مجلس الشورى، الذي هو أعلى سلطة في الحركة.

وأضاف المصمودي أن الحركة "لا ترغب في أن تؤول الأمور في ظل هذه الظروف إلى العنف والفوضى"، مشيراً إلى أن قرارات الغنوشي تأتي "في إطار توجهات الحركة، التي تهدف إلى الحفاظ على الديمقراطية أولاً، لذلك تعمل الحركة على التهدئة".

واعتبر المصمودي في مقابلة مع "دائرة الشرق"، أن هناك "فشلاً في التدبير الحكومي خلال السنوات الأخيرة، تتحمل الحركة جزءاً منه"، داعياً إلى الحوار لمراجعة الدستور والنظام الانتخابي لمواجهة الصعوبات والتحديات الاقتصادية التي تعيشها البلاد.

"مناورة متأخرة"

لكن الباحث السياسي والأمني، خليفة الشيباني، حمّل المسؤولية كاملة لحركة "النهضة" في فشل السياسات الحكومية في مجال التنمية ومحاربة الفساد خلال السنوات العشر الماضية. 

وقال الشيباني إن النهضة اليوم "تعيش على وقع أزمة بعد انسحاب أكثر من مئة قيادي، والاستقالات المتواترة"، تؤكد أن الحزب يتحمل المسؤولية في الأزمة التي تشهدها البلاد.

واستبعد المحلل السياسي والأمني أن تجد دعوة الغنوشي للحوار صدى عند الرئيس قيس سعّد، الذي أكد أنه "لا حوار مع من أفسدوا وأجرموا سياسياً في حق الشعب التونسي"، معتبراً أن دعوة الغنوشي اليوم هي "مناورة في الوقت بدل الضائع"، فقد كان ينبغي أن يفتح حزب النهضة حواراً في السنوات الخمس الماضية.

وأقرّت حركة النهضة الأسبوع الماضي بضرورة القيام بـ"نقد ذاتي" لسياسياتها التي اعتمدتها بعد أن قرّر الرئيس قيس سعيّد تجميد أعمال البرلمان الذي يترأسه زعيمها راشد الغنوشي.

وأكدت الحركة في بيان إثر انعقاد مجلس الشورى "ضرورة القيام بنقد ذاتي معمق لسياساتها خلال المرحلة الماضية والقيام بالمراجعات الضرورية والتجديد في برامجها، لإعادة النظر في خياراتها وتموقعها بما يتناسب مع الرسائل التي عبر عنها الشارع التونسي وتتطلبها التطورات في البلاد"، مشيرة إلى أنها "تتفهّم الغضب الشعبي المتنامي، خاصة في أوساط الشباب، بسبب الإخفاق الاقتصادي والاجتماعي بعد عشر سنوات من الثورة". 

وعادت حركة النهضة التي أُسست قبل أربعين عاماً إلى الحياة السياسية في تونس إثر ثورة 2011، وكانت جزءاً من كل البرلمانات ومعظم الحكومات منذ ذلك الوقت، ثم تراجع حضورها بشكل لافت، وانتقل تمثيلها البرلماني من 89 نائباً في عام 2011 إلى 53 (من أصل 217) في الانتخابات التشريعية سنة 2019.

لمتابعة تغطية "الشرق" الخاصة بأخبار تونس: