قالت وكالات إنفاذ القانون في نيوزيلندا، إن كاش باتيل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (FBI)، أهدى قادة الشرطة والاستخبارات في البلاد، مسدسات "معطلة" مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد، تحظر حيازتها بموجب قوانين الأسلحة المحلية ويجب إتلافها، حسبما أفادت به "أسوشيتد برس".
وزار باتيل ويلينجتون، في يوليو الماضي، لافتتاح أول مكتب مستقل لمكتب التحقيقات الفيدرالي في نيوزيلندا، وباتيل هو أرفع مسؤول في إدارة الرئيس دونالد ترمب يزور البلاد حتى الآن.
وشكّلت نسخ المسدسات البلاستيكية المطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد جزءاً من الهدايا التي قدمها باتيل لثلاثة مسؤولين أمنيين كبار على الأقل.
ويقيد القانون النيوزيلندي حيازة المسدسات باعتبارها أسلحة محظورة بشدة، ويتطلب امتلاكها تصريحاً إضافياً يتجاوز ترخيص السلاح العادي.
ولم يتضح ما هي التصاريح التي سعى باتيل للحصول عليها لإدخال الأسلحة إلى البلاد، وقال متحدث باسم باتيل لـ"أسوشيتد برس" إن مكتب التحقيقات الفيدرالي لن يعلق على الواقعة.
وتُعامل الأسلحة غير القابلة للتشغيل في نيوزيلندا كما لو كانت قابلة للتشغيل، إذا ما كان يمكن إجراء تعديلات تجعلها قابلة للتشغيل مرة أخرى.
وقال مفوض شرطة نيوزيلندا ريتشارد تشامبرز إن "هيئات تنظيم الأسلحة اعتبرت المسدسات قابلة للتشغيل، وتم تدميرها"، ولم يحدد كيف تم تعطيل الأسلحة قبل أن يهديها باتيل للمسؤولين في نيوزيلندا. وعادة ما يعني هذا، التعطيل المؤقت لآلية إطلاق المسدس.
وقال مسؤولون رفيعو المستوى في هيئات إنفاذ القانون في نيوزيلندا إنهم تلقوا الهدايا في اجتماعات عُقدت في 31 يوليو، حيث كان تشامبرز أحد المتلقين، والآخران هما أندرو هامبتون، المدير العام لوكالة الاستخبارات البشرية في البلاد NZSIS، وأندرو كلارك، المدير العام لوكالة الاستخبارات التقنية GCSB.
وذكر تشامبرز أن المسؤولين طلبوا المشورة بشأن الهدايا في اليوم التالي من الجهة التنظيمية المسؤولة عن إنفاذ قوانين الأسلحة في نيوزيلندا، وعندما فُحصت الأسلحة، تبيّن أنها قابلة للتشغيل، وقال تشامبرز: "لضمان الامتثال لقوانين الأسلحة النارية، أصدرتُ تعليماتٍ للشرطة بتدميرها".
وانتقد جيمس ديفيدسون، العميل السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، تعيين باتيل.
لكن ديفيدسون قال إن هدية المسدسات المقلدة بدت "بادرة صادقة" من باتيل، وإن تدميرها "كان رد فعل مبالغاً فيه من جانب جهاز الأمن والمخابرات النيوزيلندي (NZSIS)، والذي كان من الممكن أن يجعل النسخة غير قابلة للتشغيل".
وتفرض نيوزيلندا ضوابط صارمة على الأسلحة، وتعامل الأسلحة المطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بنفس طريقة معاملة الأسلحة الأخرى في نيوزيلندا.
قيود الأسلحة في نيوزيلندا
وعززت البلاد قيودها على الأسلحة في أعقاب هجوم على مسجدين في مدينة كرايستشيرش عام 2019، حيث قتل رجل أسترالي 51 مصلياً مسلماً بالرصاص بعدما جمع كميةً كبيرةً من الأسلحة نصف الآلية بشكل قانوني.
ولم تكن الأسلحة التي أهداها باتيل لمسؤولي إنفاذ القانون من النماذج نصف الآلية المحظورة الآن بعد مذبحة كرايستشيرش، ولكن هناك مجموعة من الأسباب الأخرى التي قد تمنع النيوزيلنديين من امتلاك أسلحة معينة قانونياً، بما في ذلك التصاريح المحددة المطلوبة للمسدسات.
ولا تتمتع نيوزيلندا بثقافة امتلاك الأسلحة، وتراجعت النظرة إليها منذ حادثة إطلاق النار الجماعي، حيث يُكرّس القانون النيوزيلندي امتلاك الأسلحة "كامتياز وليس حقاً".
ولا تعاني البلاد من نقص في الأسلحة؛ فهي شائعةٌ في المناطق الريفية، لكن جرائم العنف المسلح نادرة، وربما لم ير الكثير من سكان المدن سلاحاً نارياً قط.
وأثارت زيارة باتيل موجةً من الجدل في نيوزيلندا آنذاك، إذ لم يُكشف عن افتتاح المكتب الميداني الجديد لمكتب التحقيقات الفيدرالي في ويلينجتون لوسائل الإعلام أو للجمهور إلا بعد اكتماله.
وذكر بيانٌ صادر عن مكتب التحقيقات الفيدرالي في يوليو، أن هذه الخطوة تُنسّق بين نيوزيلندا ومهام المكتب في دول أخرى ضمن تحالف "العيون الخمس" لتبادل المعلومات الاستخباراتية، والتي تشمل أيضاً الولايات المتحدة وأستراليا وكندا وبريطانيا.
وأضاف البيان أن المكتب سيوفر مهمة محلية لموظفي مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين يعملون تحت إشراف كانبيرا، بأستراليا، منذ عام 2017.
وكان باتيل قد أثار بالفعل بعض الانزعاج الدبلوماسي في ويلينجتون بتلميحه في تصريحات أدلى بها للصحافيين إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الجديد يهدف إلى مواجهة نفوذ الصين في جنوب المحيط الهادئ، حيث تقع نيوزيلندا.
وأثارت هذه التصريحات استياءً من المسؤولين في ويلينجتون، الذين قالوا إن وجود مكتب التحقيقات الفيدرالي يهدف في المقام الأول إلى التعاون في جرائم استغلال الأطفال وتهريب المخدرات.