وزير خارجية كوبا: أجندة روبيو في أميركا اللاتينية تهدد مهمة ترمب للسلام

وزير الخارجية الكوبي برونو إدواردو رودريجيز باريا يلقي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك الأميركية. 27 سبتمبر 2025 - reuters
وزير الخارجية الكوبي برونو إدواردو رودريجيز باريا يلقي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك الأميركية. 27 سبتمبر 2025 - reuters
دبي-الشرق

قال وزير الخارجية الكوبي برونو رودريجيز بارييا، إن التصعيدات الأميركية الأخيرة في منطقة الكاريبي جاءت نتيجة لأجندة شخصية ينتهجها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ضد المنطقة، مضيفاً أن نظيره الأميركي يدفع بسياسات لا تتماشى مع نهج الرئيس دونالد ترمب "مهمة من أجل تحقيق السلام". 

وأضاف بارييا لـ "أسوشيتد برس"، أن كوبا "رأت فرصة لتغيير المواقف العدائية القديمة بين الولايات المتحدة والجزيرة الشيوعية بعد عودة ترمب إلى السلطة يناير الماضي"، موضحاً أن روبيو، المولود لعائلة مهاجرة كوبية، جعل دفع واشنطن إلى انتهاج حملة "الضغط الأقصى" ضد هافانا بوتيرة أشد هدفاً له. 

وتابع: "وزير الخارجية الحالي لم يُولد في كوبا، ولم يزرها قط، ولا يعرف شيئاً عنها. هناك أجندة شخصية وفاسدة للغاية ينفذها، ويبدو أنه يضحي بالمصالح الوطنية الأميركية من أجل دفع هذا النهج المتطرف قدماً". 

وألقى بارييا، الذي يتولى منصبه منذ عام 2009، باللوم على النهج "الثنائي التوجه" الذي تتبعه وزارة الخارجية الأميركية في التصعيدات ضد كوبا، وكذلك في الإجراءات الأخيرة ضد فنزويلا، معتبراً أن البيت الأبيض "ليس المحرك الرئيسي لها". 

وأضاف أن ترمب "يقدم نفسه كمدافع عن السلام"، في حين أن روبيو "يروج لاستخدام القوة أو التهديد بها كأداة يومية معتادة". 

"نهج حذر "

وذكرت "أسوشيتد برس" أن وزير الخارجية الكوبي ومسؤولون آخرون ينتهجون مساراً دبلوماسياً "حذراً" في تعاملهم مع إدارة ترمب، سعياً لإنهاء الحظر الاقتصادي الأميركي المفروض منذ 6 عقود، والذي أخفق في إسقاط الحكومة، لكنه تسبب في انقطاعات للكهرباء على نطاق واسع ونقص في المواد الغذائية وارتفاع التضخم. 

وأكد بارييا أن كوبا تصرفت "بكامل تضامنها" مع فنزويلا، محذراً من أن الحشد البحري غير المعتاد قبالة سواحل أميركا الجنوبية، والتكهنات بشأن احتمال سعي ترمب للإطاحة برئيس فينزويلا نيكولاس مادورو "قد تفضي إلى عواقب غير متوقعة وكارثية". 

وتقول إدارة ترمب إنها تحاول إجبار كوبا على وقف دعمها لمادورو، الذي تؤكد واشنطن أنه يتلقى مساعدات عسكرية واستخباراتية من هافانا، وعند سؤاله عما إذا كانت كوبا ستدعم فنزويلا عسكرياً حال وقوع غزو، امتنع بارييا عن الإجابة بشكل مباشر، قائلاً: "لا نعرف ما الذي قد يحمله المستقبل". 

وفي الوقت نفسه، أعرب الوزير الكوبي عن تفاؤله بإمكانية إقامة علاقة أقل عداءً مع الجار الشمالي، مشيراً إلى أن المسؤولين يواصلون التعاون مع واشنطن في عدد من الاتفاقيات الثنائية، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والهجرة، مضيفاً: "مستعدون تماماً، كما كنا دائماً، لبدء حوار جاد ومسؤول مع الإدارة الأميركية الحالية، اليوم قبل الغد".

وفي التصريحات العلنية والخطب الرسمية، يتجنب المسؤولون الكوبيون توجيه انتقادات مباشرة لترمب بسبب سلسلة الإجراءات العدائية التي اتخذتها إدارته ضد كوبا خلال الأشهر الثمانية الأولى من ولايته الثانية. 

وشملت هذه الإجراءات إعادة العمل بمجموعة من العقوبات الاقتصادية المشددة التي خففها الرئيسان الديمقراطيان باراك أوباما وجو بايدن، الذي اتخذ خطوات لرفع اسم كوبا من قائمة الدول الراعية للإرهاب قبل مغادرته منصبه.

لكن ترمب أعاد إدراج كوبا على قائمة الدول الراعية للإرهاب في اليوم التالي لتنصيبه، كما وضعت الولايات المتحدة كوبا ضمن قائمة من 7 دول تواجه قيوداً مشددة على دخول الزوار، وألغت الحماية القانونية المؤقتة التي كانت تتيح لنحو 300 ألف كوبي تجنب الترحيل. 

وأعلنت الإدارة الأميركية أيضاً فرض قيود على منح التأشيرات لمسؤولين كوبيين وأجانب مشاركين في البعثات الطبية الكوبية، التي وصفها روبيو بأنها "عمالة قسرية". 

التدخل الأميركي في أميركا اللاتينية

وقبل تعيينه وزيراً للخارجية ومستشاراً للأمن القومي، كان روبيو قد لعب دوراً مؤثراً في صياغة السياسة الأميركية تجاه أميركا اللاتينية خلال الولاية الأولى لترمب. 

واعترف السيناتور السابق عن ولاية فلوريدا بأن اهتمامه بمواجهة الزعماء اليساريين في أميركا اللاتينية "شخصي"، إذ إن والديه مهاجران كوبيان وصلا إلى ميامي عام 1956، قبل 3 سنوات من الثورة الشيوعية التي قادها فيدل كاسترو عام 1959. ونشأ روبيو في ميامي، حيث لجأ كثير من الكوبيين بعد صعود كاسترو إلى السلطة. 

وساعدت انتقاداته المتكررة للشيوعية في كسب تأييد آلاف المنتمين إلى الجالية الفنزويلية الذين اتخذوا من فلوريدا موطناً جديداً لهم هرباً من الجريمة والانهيار الاقتصادي والاضطرابات التي شهدتها بلادهم في عهد الرئيس نيكولاس مادورو وسلفه الراحل هوجو شافيز، الذي تولى الرئاسة عام 1999 وأطلق ما وصفه بـ"ثورته الاشتراكية". 

وبرزت دعوات روبيو لتوسيع التدخل الأميركي في أميركا اللاتينية، التي شكلت محوراً رئيسياً لمسيرته السياسية الممتدة على مدى ربع قرن، بوضوح في الآونة الأخيرة عندما أرسلت الولايات المتحدة أسطولاً من سفنها الحربية إلى المياه المقابلة لفنزويلا، عقب تنفيذ ضربات متتالية أودت بحياة أشخاص على متن قوارب يُشتبه في تورطها في عمليات تهريب مخدرات. 

ودافع روبيو ومسؤولون أميركيون عن موقفهم المتشدد تجاه كوبا، متهمين قيادتها بـ"إدارة نظام ديكتاتوري"، إذ قال روبيو يوليو الماضي: "الولايات المتحدة ستواصل الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية للشعب الكوبي، وستوضح أنه لا مكان لأي أنظمة ديكتاتورية غير شرعية في نصف الكرة الغربي". 

تصنيفات

قصص قد تهمك