محدّث
سياسة

احتجاجات شعبية بعد العملية الإسرائيلية.. والمنظمون: سنواصل الإبحار

اعتقالات في عرض البحر.. تنديد دولي بعد اعتراض إسرائيل "أسطول الصمود" قبل وصول غزة

دبي-الشرقرويترز

تواصل إسرائيل اعتراض قوارب "أسطول الصمود" قرابة سواحل غزة، منذ مساء الأربعاء، قبل وصولهم إلى القطاع لكسر الحصار الإسرائيلي، فيما اعتقلت البحرية الإسرائيلية نشطاء، ما فجر احتجاجات شعبية وإدانات دولية للعملية الإسرائيلية.

وتوالت البيانات الصادرة عن "أسطول الصمود"، الخميس، بشأن اعتراض البحرية الإسرائيلية للقوارب واعتقال ركابها، لافتين إلى عدم ضمانهم لسلامة المحتجزين، في حين أظهرت لقطات شاشة من كاميرات بث مباشر كانت مثبتة داخل السفن لحظة اقتحام الجنود الإسرائيليين، حيث صوبوا أسلحتهم نحو النشطاء الذين رفعوا أيديهم إلى الأعلى.

لقطة شاشة من مقطع فيديو مباشر لنشطاء يرفعون أيديهم بعد اقتحام البحرية الإسرائيلية إحدى سفن أسطول الصمود العالمي. 2 أكتوبر 2025
لقطة شاشة من مقطع فيديو مباشر لنشطاء يرفعون أيديهم بعد اقتحام البحرية الإسرائيلية إحدى سفن أسطول الصمود العالمي. 2 أكتوبر 2025 - Reuters

ويتألف "أسطول الصمود" من نحو 50 قارباً و500 ناشط، ويحمل كمية رمزية من المساعدات الإنسانية إلى غزة. وأوضح المنظمون، الساعة 3:20 بتوقيت جرينتش، الخميس، أن 30 قارباً لا تزال تبحر بقوة في طريقها إلى غزة، على بعد 46 ميلاً بحرياً فقط، على الرغم من الاعتداءات المتواصلة من البحرية الإسرائيلية.

وكانت القوارب على بعد حوالي 70 ميلاً بحرياً عند اعتراضها قبالة القطاع المدمر داخل منطقة تراقبها إسرائيل لمنع أي قوارب تقترب من غزة. وقال المنظمون إن اتصالاتهم تعرضت للتشويش.

ووفقاً لبيانات تتبع القوارب الخاصة بالأسطول، تم اعتراض أو إيقاف 13 قارباً حتى صباح الخميس. فيما تحدى المنظمون الإجراءات الإسرائيلية قائلين، في بيان، إن الأسطول "سيستمر ولن يوقفه شيء".

لقطة شاشة من مقطع فيديو مباشر لاقتحام قوات البحرية الإسرائيلية إحدى سفن
لقطة شاشة من مقطع فيديو مباشر لاقتحام قوات البحرية الإسرائيلية إحدى سفن - Reuters

وقالت المجموعة، التي تضم حفيد نيلسون مانديلا، ماندلا مانديلا، وعمدة برشلونة السابقة آدا كولاو وعدداً من النواب الأوروبيين، إنها لا تزال مصممة على مهمتها لكسر الحصار الإسرائيلي وإيصال المساعدات للفلسطينيين.

ماندلا مانديلا حفيد رئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا في مظاهرة لدعم الفلسطينيين بمدينة كيب تاون. 13 أكتوبر 2023
ماندلا مانديلا حفيد رئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا في مظاهرة لدعم الفلسطينيين بمدينة كيب تاون. 13 أكتوبر 2023 - REUTERS

احتجاز نشطاء

وذكر "أسطول الصمود"، الخميس، أن البحرية الإسرائيلية تقطع البث المباشر للكاميرات والاتصالات عن القوارب فور اعتراضها، مشدداً على أن الهجوم الإسرائيلي "غير قانوني بحق مدنيين عزل"، ودعا الحكومات والمؤسسات الدولية للمطالبة بضمان سلامتهم وإطلاق سراحهم فوراً.

ونشر الأسطول عدة مقاطع فيديو على تطبيق "تليجرام" تتضمن رسائل من أفراد على متن القوارب المتعددة، بعضهم يحمل جوازات سفرهم، قائلين إنهم اختطفوا واقتيدوا إلى إسرائيل رغماً عنهم، وشددوا على أن مهمتهم إنسانية غير عنيفة.

وقال جريج ستوكر، وهو جندي أميركي سابق على متن قارب "أوهويلا" أحد قوارب الأسطول، إن نحو اثني عشر زورقاً حربياً أطفأت أجهزة الإرسال الخاصة بها واقتربت من القارب الذي يعتليه.

وأضاف ستوكر، في مقطع فيديو مهتز نُشر على إنستجرام: "إنهم ينادون قواربنا حالياً، ويطلبون منا إطفاء المحركات وانتظار تعليمات أخرى، وإلا ستتم مصادرة قواربنا وسنتحمل العواقب". وأفاد ستوكر وناشطون آخرون على وسائل التواصل الاجتماعي بأن السلطات الإسرائيلية استخدمت خراطيم المياه ضد بعض القوارب.

ونشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية مقطع فيديو على منصة X ظهرت فيه الناشطة السويدية ثونبرج جالسة على سطح قارب محاطة بجنود. وقالت الوزارة إن عدة قوارب "تم إيقافها بأمان ويتم نقل ركابها إلى ميناء إسرائيلي. جريتا وأصدقاؤها بخير وبصحة جيدة".

لقطة شاشة من مقطع فيديو تظهر الناشطة السويدية جريتا ثونبرج أثناء اعتقال البحرية الإسرائيلية لها. 1 أكتوبر 2025
لقطة شاشة من مقطع فيديو تظهر الناشطة السويدية جريتا ثونبرج أثناء اعتقال البحرية الإسرائيلية لها. 1 أكتوبر 2025 - Reuters

وسبق لإسرائيل احتجاز ثونبرج، أثناء محاولتها المشاركة في كسر الحصار عن قطاع غزة، يونيو الماضي، من خلال "سفينة الحرية" (مادلين). وسخر من ذلك حينها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قائلاً: "أعتقد أن إسرائيل لديها ما يكفي من المشاكل دون اختطاف جريتا ثونبرج"، وأضاف: "إنها شابة غاضبة... أعتقد أنها بحاجة إلى حضور دورة تدريبية لإدارة الغضب".

كما احتجزت إسرائيل ما لا يقل عن 10 برازيليين وأرجنتيني مقيم في البرازيل، بحسب وكالة الأنباء البرازيلية.

إدانات دولية

وعبّرت وزارة الخارجية البريطانية، الخميس، عن "قلقها البالغ" إزاء اعتراض إسرائيل للأسطول المتجه إلى غزة، مضيفة أنها أوضحت لإسرائيل ضرورة حل الوضع بشكل آمن.

وقالت الوزارة في بيان: "نشعر بقلق بالغ إزاء وضع أسطول الصمود، ونحن على اتصال بعائلات عدد من البريطانيين المشاركين فيه".

وأضافت وزارة الخارجية البريطانية: "يجب تسليم المساعدات التي يحملها الأسطول إلى المنظمات الإنسانية على الأرض لإيصالها بأمان إلى غزة".

وقالت أستراليا، الخميس، إنها على علم بتقارير عن "اعتقالات" نفذتها القوات الإسرائيلية على متن أسطول الصمود العالمي الذي يحمل ناشطين أجانب ومساعدات متجهة إلى غزة، وإنها على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة القنصلية لمواطنيها الذين كانوا على متنه.

وذكرت وزارة الخارجية الأسترالية في بيان: "تدعو أستراليا جميع الأطراف إلى احترام القانون الدولي، وضمان سلامة ومعاملة الأشخاص المشاركين معاملة إنسانية".

وأدانت وزارة الخارجية التركية اعتراض إسرائيل للقوارب ووصفت ذلك بأنه "عمل إرهابي" وانتهاك جسيم للقانون الدولي. وقالت الوزارة في بيان إنها تتخذ مبادرات لضمان الإفراج الفوري عن المواطنين الأتراك وغيرهم من الركاب المحتجزين لدى القوات الإسرائيلية.

من ناحيته، ندد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، الخميس، باعتراض إسرائيل لأسطول القوارب، مضيفاً أن القوات الإسرائيلية احتجزت 23 ماليزياً.

وقال أنور في بيان: "بعرقلة مهمة إنسانية، أظهرت إسرائيل ازدراء تاماً ليس فقط لحقوق الشعب الفلسطيني بل أيضاً لضمير العالم".

وأضاف رئيس وزراء ماليزيا: "سأتواصل مع قادة الشرق الأوسط وأصدقاء آخرين، بينهم وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، للمساعدة في إطلاق سراح المحتجزين لدى إسرائيل".

وأعلنت وزارة الخارجية الكويتية، الخميس، أنها تتابع عن كثب وباهتمام بالغ التطورات المتعلقة باحتجاز عدد من الكويتيين المشاركين في أسطول الصمود العالمي.

ونقلت وكالة الأنباء الكويتية عن وزير الخارجية عبدالله اليحيا قوله إن الوزارة "تبذل جميع الجهود الممكنة لضمان سالمة المواطنين والعمل
على تأمين اإلفراج عنهم في أقرب وقت".

وشدد على أن "الحفاظ على سلامة المواطنين الكويتيين أولوية أساسية".

كما دعا رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا إلى الإفراج الفوري عمن وصفهم بـ"المخطوفين" من أسطول الصمود العالمي، معتبراً أن اعتراض سفن الأسطول في المياه الدولية، قبالة سواحل غزة، يؤكد استمرار إسرائيل في انتهاك القانون الدولي.

في إسبانيا، قال رئيس الوزراء بيدرو سانشيز للصحافيين: "يجب أن نتذكر أنها مهمة إنسانية لم تكن لتحدث لو سمحت الحكومة الإسرائيلية بدخول المساعدات". وأضاف أن الإسبان المشاركين سيحظون بحماية دبلوماسية كاملة، مؤكداً أنهم "لا يشكلون أي تهديد ولا خطر على إسرائيل".

وأمر الرئيس الكولومبي جوستابو بيترو بطرد كامل الوفد الدبلوماسي الإسرائيلي، الأربعاء، بعد احتجاز كولومبيين اثنين من المشاركين في الأسطول. وليس لدى إسرائيل سفير في كولومبيا منذ العام الماضي.

ووصف بيترو اعتقال مواطنيه بأنها "جريمة دولية جديدة" محتملة يرتكبها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وطالب بالإفراج عنهما. وأنهى كذلك اتفاقية التجارة الحرة بين بلاده وإسرائيل.

ويعد "أسطول الصمود" أبرز رمز لرفض الحصار الإسرائيلي على غزة. وحظي تقدمه عبر البحر المتوسط باهتمام دولي وأرسلت دول مثل تركيا وإسبانيا وإيطاليا قوارب أو طائرات مسيّرة في حال احتاج رعاياها إلى المساعدة. وأصدرت إسرائيل إنذارات متكررة طالبت فيها الأسطول بالتراجع.

احتجاجات شعبية

وتظاهر يونانيون أمام وزارة الخارجية في أثينا احتجاجاً على اعتراض قافلة المساعدات إلى غزة. كما شهدت تركيا مظاهرات مشابهة أمام القنصلية الإسرائيلية.

وتظاهر المئات في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، احتجاجاً على اعتراض البحرية الإسرائيلية سفن "أسطول الصمود العالمي".

ودعت أكبر نقابة عمالية في إيطاليا، الأربعاء، إلى إضراب عام، الجمعة المقبل، للتضامن مع أسطول الصمود العالمي الذي يسعى إلى نقل المساعدات إلى قطاع غزة، بينما اندلعت احتجاجات في عدد من المدن في وقت متأخر الأربعاء بعد ورود تقارير عن اعتراض أفراد عسكريين للأسطول.

وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، لم يسمح عمال الموانئ الإيطاليون المحتجون لعدد من السفن بالرسو والتحميل، مستهدفين سفناً ترتبط بعلاقات تجارية مع إسرائيل.

ماذا يقول القانون البحري؟

تنص اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار على أن للدولة ولاية قضائية فقط حتى 12 ميلاً بحرياً (19 كيلومتراً) من سواحلها. وبشكل عام، لا يحق للدول الاستيلاء على السفن في المياه الدولية، رغم أن النزاع المسلح يعد استثناءً لذلك، بحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية.

وقال عمر شاتز، خبير القانون الدولي الإسرائيلي الذي يدرّس في جامعة "ساينس بو" في باريس وشارك في التقاضي في قضية أسطول سابقة أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، لوكالة "أسوشيتد برس" إنه حتى لو اعتُبر الحصار المتنازع عليه على غزة قانونياً، فإن "القانون الدولي يمهد طريقاً إنسانياً من أعالي البحار إلى غزة، سواء في المياه الدولية أو الوطنية قبالة غزة".

وأضاف: "إذا لم يتم تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان من قبل القوة المحتلة، فهناك حق في تقديم المساعدات الإنسانية، وإن كان ذلك بشروط معينة". وأوضح أن لإسرائيل، على سبيل المثال، الحق في الصعود إلى السفن التي تحمل المساعدات وتفتيشها للتحقق من حمولتها، على غرار ما تفعله مع شاحنات المساعدات التي تعبر إلى غزة براً.

ويجادل الأسطول بأنه مجموعة مدنية غير مسلحة وأن مرور المساعدات الإنسانية مكفول في القانون الدولي.

وتفرض إسرائيل حصاراً بحرياً على غزة منذ سيطرة حركة "حماس" على القطاع الساحلي عام 2007، وحاول ناشطون مرات عدة إيصال مساعدات إلى غزة عبر البحر، سواء خلال الصراع الحالي أو قبله.

وفي عام 2010، قتل الجيش الإسرائيلي 9 نشطاء بعدما صعد جنود إسرائيليون على متن أسطول مكون من 6 سفن كانت تقل نحو 700 ناشط مؤيد للفلسطينيين من 50 دولة.

وفي يونيو الماضي، احتجزت القوات البحرية الإسرائيلية ثونبري و11 شخصاً من أفراد الطاقم على متن سفينة صغيرة أرسلتها مجموعة داعمة للفلسطينيين تُعرف باسم تحالف أسطول الحرية في أثناء اقترابهم من غزة.

وأسطول الصمود، هو أحدث وأكبر محاولة بحرية لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع الفلسطيني الذي تحولت مساحات كبيرة منه إلى أنقاض بسبب الحرب المستمرة منذ ما يقرب من عامين.

وكان من المقرر أن يصل الأسطول، الذي بدأ رحلته من ميناء برشلونة الإسباني قبل شهر، إلى شواطئ غزة صباح الخميس، وفقاً لما قاله المنظمون سابقاً.

ويتسبب حصار إسرائيل لغزة في أزمة جوع غير مسبوقة وأوضاع إنسانية كارثية في القطاع، وذلك جرّاء حرب شهدت قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 66 ألف فلسطيني وإصابة ما يزيد عن 168 ألفاً آخرين.

تصنيفات

قصص قد تهمك