مفاوضات حماس وإسرائيل تنطلق الاثنين وسط عقبات وفرص تتراوح بين النجاح الجزئي والكلي أو الانهيار

فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة إسرائيلية على منزل في حي الطفاح بمدينة غزة. 5 أكتوبر 2025 - Reuters
فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة إسرائيلية على منزل في حي الطفاح بمدينة غزة. 5 أكتوبر 2025 - Reuters
رام الله-محمد دراغمة

تنطلق المفاوضات غير المباشرة بين حركة "حماس" وإسرائيل، في شرم الشيخ، الاثنين، بمشاركة 3 أطراف وسيطة هي الإدارة الأميركية ومصر وقطر، وسط أجواء من التفاؤل الحذر بسبب عدد وحجم العقبات التي تواجهها.

وجاءت الدعوة إلى استئناف المفاوضات المتوقفة منذ شهور بعد موافقة حركة "حماس" على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الموافقة التي أبدت الحركة فيها الاستعداد للتفاوض على المرحلة الأولى من الصفقة التي تنص على إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء والأموات مقابل 250 أسيراً فلسطينياً محكوم عليه بالسجن مدى الحياة و1700 أسير من قطاع غزة ممن اعتقلوا في أثناء الحرب دون أن يكون لهم علاقة بهجوم السابع من أكتوبر.

لكن الحركة وضعت موافقتها هذه في إطار "يحقق وقف الحرب والانسحاب الكامل من القطاع"، ما يثير بعض الشكوك بشأن فرص نجاحها.

آليات ومعايير تنفيذية

تتركز المفاوضات التي ستجري بحضور وفد أميركي رفيع، حول آليات ومعايير تنفيذية لصفقة التبادل. وقالت مصادر في حركة حماس لـ"الشرق"، إن هذه الآليات تتضمن المطالبة بوقف تام لإطلاق النار، وانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى المواقع التي تواجد فيها في أثناء تطبيق الصفقة السابقة التي تم التوصل إليها في يناير الماضي، أي خارج التجمعات السكانية، وتوقف حركة الطيران الحربي والطائرات المسيرة لمدة 10 ساعات يومياً و12 ساعة في الأيام التي يجري فيها التبادل.

وقالت المصادر إن الحركة ستطالب بتطبيق هذه الإجراءات طيلة فترة المفاوضات التي قد تستغرق أسبوعاً وربما أكثر.

وذكر مسؤولون في الحركة أن المفاوضات ستتناول أيضاً معايير إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، مشيرين إلى أن الحركة تتمسك مبدأ الأقدمية والسن بحيث يجري إطلاق سراح القائمة وفق تاريخ الاعتقال ووفق السن.

اقرأ أيضاً

كيف يبدو الوضع في غزة بعد دعوة ترمب لوقف القصف وموافقة إسرائيل على انسحاب أولي؟

واصلت إسرائيل الأحد، القصف على قطاع غزة، بما في ذلك الغارات إلى جانب الطيران الاستطلاعي والمسير، مع تراجع في عدد الغارات، رغم مطالبة ترمب بوقف القصف "فوراً".

التحفظ الإسرائيلي

وكانت إسرائيل تحفظت في الصفقة السابقة على 50 أسيراً فلسطينياً بينهم قادة بارزون مثل مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وإبراهيم حامد، وحسن سلامة، وعباس السيد، وغيرهم.

وقالت المصادر إن حركة "حماس" ستطالب برفع التحفظ الإسرائيلي عن هذه القائمة، مشيرة إلى أن هذه الفرصة الوحيدة الباقية لإطلاق سراحهم.

مروان البرغوثي رقم 60 في القائمة

وحسب معيار الأقدمية فإن مروان البرغوثي يحتل الرقم 60 في قائمة الأسرى المحكوم عليهم بالسجن مدى الحياة ما يؤهله للإفراج.

وقالت المصادر إن المفاوضات ستشهد أزمة حادة في حال إصرار إسرائيل على التحفظ على أي من الأسرى الفلسطينيين.

ربط المراحل

ومن المتوقع أن تطالب حركة "حماس" بربط المرحلة الأولى من الصفقة بالمراحل التالية التي تتناول الحكم والأمن والسلاح، والمعابر وإعادة الإعمار وغيرها بما يضمن تواصل وقف إطلاق النار في أثناء هذه المفاوضات التي قد تستغرق فترة طويلة من الزمن.

ويتوقع أن ترفض إسرائيل هذا الربط. ويرى المراقبون أن نتائج التفاوض تعتمد إلى حد بعيد على تدخل الوفد الأميركي الذي من المتوقع أن يحاول إنجاح وإتمام خطة الرئيس دونالد ترمب.

دخول السلطة الفلسطينية

تطالب حركة "حماس" بإشراك السلطة الفلسطينية في المفاوضات المتعلقة بمصير قطاع غزة خاصة الحكم.

وقالت مصادر إن مصر ستدعو إلى حوار وطني فلسطيني للتفاهم على ملفات الحكم، والأمن، والسلاح، والمعابر.

"تأهيل السلطة"

وترفض إسرائيل السماح للسلطة الفلسطينية بالعودة إلى حكم قطاع غزة مصرة على تولي لجنة دولية لإدارة القطاع بذريعة أن السلطة تمارس التحريض من خلال المناهج التعليمية والأنظمة المالية التي تمنح الأسرى رواتب شهرية متصاعدة حسب فترة الاعتقال.

وطالبت جهات غربية الرئيس محمود عباس، بإدخال إصلاحات جوهرية (مالية وإدارية وتعليمية وإعلامية) لتأهيل السلطة للعودة إلى حكم قطاع غزة بما في ذلك إجراء انتخابات عامة لا تشارك فيها القوى التي لا تعترف بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل.

وأعلن الرئيس عباس في بيان مفاجئ، الجمعة، عن "خريطة طريق" للإصلاح يعتقد كثير من المراقبين أنها تهدف إلى إعادة تأهيل السلطة للعودة إلى حكم قطاع غزة بقبول ودعم أميركي وغربي.

وجاء في البيان الرئاسي: "إننا، من منطلق التزامنا أمام شعبنا الفلسطيني البطل بخارطة طريق الإصلاح والتطوير الشامل، والالتزامات التي تعهدنا بها أمام المجتمع الدولي في إطار المؤتمر الدولي للسلام في نيويورك نؤكد عزمنا على مواصلة جهودنا من أجل توسيع دائرة الاعتراف الدولي بدولة فلسطين والعضوية الكاملة بالأمم المتحدة، وصولاً إلى إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على أرضنا وعاصمتها القدس الشرقية".

وأضاف: "في هذا السياق، نجدد التأكيد على التزامنا بإجراء انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية خلال عام واحد من تاريخ انتهاء الحرب... كما سيتم تعديل قانون الانتخابات والقوانين ذات الصلة، بحيث يحظر على أي حزب أو قوة سياسية أو فرد الترشح ما لم يلتزم بالبرنامج السياسي والالتزامات الدولية والقانونية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتنفيذ مبدأ حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية، ومبدأ النظام الواحد، والقانون الواحد، ووجود قوة أمنية شرعية واحدة".

وقال البيان إن الرئيس وجه الحكومة الفلسطينية بـ"مواصلة تطوير وتحديث المناهج التعليمية لتتماشى مع معايير اليونسكو". وتضمن البيان أيضاً التأكيد على "التمسك بالقيم الوطنية للسلام، ونبذ العنف والتحريض في مختلف المجالات، بما في ذلك الإعلام والمناهج التعليمية والمجال الثقافي".

وأكد البيان "إلغاء كل القوانين والتعليمات السابقة المتعلقة بمستحقات عائلات الأسرى والشهداء والجرحى" وإحالة هذه الحالات إلى برامج الحماية والرعاية الاجتماعية وفقاً للمعايير الدولية المعروفة.

واختتم الرئيس عباس بيانه بالقول: "إن شعبنا يقف اليوم أمام مرحلة مفصلية وحاسمة تتطلب من الجميع الاضطلاع بمسؤولياتهم للحفاظ على المكتسبات والإنجازات التي حققها بتضحيات جسيمة، والمضي قدماً بلا تراجع نحو تحقيق أهداف شعبنا في الحرية والاستقلال، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية".

رسالة للداخل والخارج

ويرى كثير من المسؤولين والمراقبين أن بيان الرئيس عباس موجه إلى العالم الخارجي والداخل خاصة، مشيرين إلى أن خريطة الطريق هذه تمثل جسراً لحركة "حماس" للاستجابة للمطالب الدولية الخاصة بإنهاء الحرب ورفع الحصار وإعادة إعمار قطاع غزة وفي مقدمتها الابتعاد عن الحكم والتخلي عن السلاح.

وقال مسؤولون في السلطة لـ"الشرق"، إن التزام "حماس" بوحدة السلطة ووحدة المؤسسة ووحدة القانون ووحدة السلاح يشكل مدخلاً أساسياً لإقناع الجهات الدولية القادرة على التأثير على إسرائيل بوقف الحرب خاصة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وقال مسؤول رفيع في السلطة: "في حال نجاح المرحلة الأولى من الصفقة أو عدم نجاحها، يمكن لإسرائيل مواصلة فرض الحصار على قطاع غزة ومنع إعادة الإعمار مشترطة حدوث ذلك بتجريد حماس من السلاح".

وأضاف: "من الأفضل للحركة تسليم السلاح للسلطة الفلسطينية كممر إجباري لوقف الحرب على بقاء حالة القصف والحصار ومنع إعادة الإعمار خاصة وأن الغالبية العظمى من البيوت والمنشآت والمدارس والجامعات والبنى التحتية في القطاع تعرضت للهدم ولا يمكن إعادة بناءها إلا بموافقة العالم على خريطة طريق تضمن ليس فقط وقف الحرب وإنما عدم عودتها مرة أخرى".

تصنيفات

قصص قد تهمك