فرنسا.. سقوط حكومة لوكورنو خلال 14 ساعة يضع ماكرون أمام 3 خيارات

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال فعالية بمناسبة توحيد ألمانيا في مدينة ساربروكن الألمانية. 3 أكتوبر 2025 - REUTERS
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال فعالية بمناسبة توحيد ألمانيا في مدينة ساربروكن الألمانية. 3 أكتوبر 2025 - REUTERS
باريس/دبي-رويترزالشرق

تفاقمت الأزمة السياسية التي تعيشها فرنسا منذ قرار الرئيس إيمانويل ماكرون حلّ البرلمان في 7 يوليو  2024، وسقوط رئيسي حكومة متتاليين، فرانسوا بايرو الشهر الماضي، ثم سيباستيان لوكورنو، الذي قدّم استقالته لماكرون، الاثنين، بعد 14 ساعة فقط من إعلان تشكيل حكومته، لتُسجّل بذلك أقصر حكومة في تاريخ البلاد.

وجاءت استقالة لوكورنو بعد تهديد الحلفاء والمعارضة بإسقاط الحكومة في البرلمان، وسط انتقادات حادة من مختلف الأطياف السياسية للتشكيلة الحكومية، فيما ندد لوكورنو، في أول تصريح له عقب الاستقالة، بـ"المصالح الحزبية" التي قال إنها أدت إلى انهيار حكومته.

ورغم الاستقالة، أعلن قصر الإليزيه أن ماكرون كلّف لوكورنو بمهمة جديدة تقضي بإجراء محادثات نهائية مع القوى السياسية حتى مساء الأربعاء، بهدف صياغة "منصة عمل واستقرار للبلاد".

وأكد لوكورنو، عبر منصة "إكس"، قبول المهمة بطلب من الرئيس، مشيراً إلى أنه سيُبلغ ماكرون، مساء الأربعاء، ما إذا كان التوافق السياسي ممكناً أم لا، ليتمكن من اتخاذ ما يراه مناسباً من خطوات لاحقة.

 

وتأتي هذه المحاولة في وقت يواجه فيه ماكرون أزمة سياسية خانقة تضعه أمام تحديات سياسية واقتصادية، وسط أزمة تهدد استقرار حكمه.

ماكرون أمام 3 خيارات 

ويواجه ماكرون الآن 3 خيارات رئيسية، تتمثل في تعيين رئيس وزراء جديد بتشكيلة حكومية مختلفة، أو الدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة، أو استقالته شخصياً (وهو ما أكد سابقاً أنه لن يُقدم عليه)، بحسب "رويترز".

ومع اقتراب الموعد الدستوري لتقديم مشروع الموازنة في 13 أكتوبر المقبل، قد تجد الحكومة نفسها مضطرة للجوء إلى تشريعات الطوارئ، خصوصاً بعد تحذير لوكورنو من أن الفشل في اعتماد الموازنة سيؤدي إلى تفاقم العجز الفرنسي ليصل إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي، بدلاً من تراجعه إلى 4.6% مقارنة بـ5.4% هذا العام، وفق ما ذكرته وكالة "بلومبرغ".

وذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، الاثنين، أن إيمانويل ماكرون "وحيد في مواجهة الأزمة"، في تعبير عن العزلة السياسية التي يواجهها الرئيس الفرنسي، فيما عرضت قناة (BFMTV) لقطات لماكرون وهو يسير على ضفاف نهر السين، بعد استقالة الحكومة، ويبدو وحيداً.

من جانبه، دعا رئيس الوزراء السابق ميشال بارنييه، الذي أسقطته المعارضة في البرلمان نهاية ديسمبر 2024 بعد 3 أشهر فقط من تعيينه، إلى التهدئة، قائلاً: "يجب أن نحافظ على هدوئنا، ونفكر في مصلحة الفرنسيين".

وتبدو الأزمة السياسية الحالية بلا مخرج واضح، وسط وضع مالي متدهور، حيث وصلت ديون فرنسا إلى نحو 3400 مليار يورو، ما يعادل 115.6% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتمثل استقالة لوكورنو حلقة جديدة في سلسلة الانهيارات الحكومية، بعد استقالة فرانسوا بايرو الشهر الماضي إثر خسارته تصويت الثقة، وقبله ميشيل بارنييه في ديسمبر الماضي بسبب مقترحات "تقشفية"، وفق "بلومبرغ"

وكانت جميع الحكومات المتعاقبة تعاني من صعوبة تمرير الموازنة في ظل برلمان منقسم وخلافات عميقة حول التخفيضات في الإنفاق وزيادات الضرائب، المطلوبة للحد من العجز الأكبر في منطقة اليورو.

غضب واسع

وجاءت استقالة لوكورنو على خلفية تهديدات من المعارضة وبعض الحلفاء بإسقاط الحكومة في البرلمان، إذ أثار تشكيل الحكومة الجديدة غضباً واسعاً من جميع الأطراف، فقد اعتبرتها المعارضة إما يمينية أكثر من اللازم أو لا تحمل أي تغيير حقيقي عن الحكومة السابقة.

حتى وزير الداخلية المُعاد تعيينه في الحكومة، برونو ريتايو، (زعيم حزب الجمهوريين من يمين الوسط)، انتقد اختيارات الوزراء، معتبراً أنها فشلت في إحداث "القطيعة مع الماضي"، لكنه أوضح في مقابلة على قناة TF1 أنه لا يشعر "على الإطلاق" بأنه مسؤول عن سقوط حكومة سباستيان لوكورنو.

ودعا رئيس حزب التجمع الوطني (اليمين المتطرف) جوردان بارديلا، إلى حل الجمعية الوطنية، مؤكداً أن "الاستقرار لا يمكن استعادته إلا بالعودة إلى صناديق الاقتراع".

من جانبها، اعتبرت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان أن حل البرلمان "أمر لا مفرّ منه"، ووصفت استقالة ماكرون، إن حصلت، بأنها ستكون "قراراً حكيماً".

أما الحزب الاشتراكي، فطالب بتعيين رئيس وزراء من اليسار أو من حزب الخضر، مع تأكيده أنه لا يدعو إلى استقالة رئيس الجمهورية أو حل الجمعية الوطنية. وقال زعيم الحزب، أوليفييه فور، إن مجموعة ماكرون "تنهار" والحكومة الجديدة "فقدت شرعيتها بالكامل"، مشيراً إلى أننا نشهد "أزمة سياسية غير مسبوقة".

وبدأ حزبا "فرنسا الأبية" (يسار) و"التجمع الوطني" (يمين متطرف) حملات دعائية لحثّ الفرنسيين على التسجيل في اللوائح الانتخابية، تحسّباً لاحتمال حل الجمعية الوطنية.

في المقابل، دعت رئيسة الجمعية الوطنية، يائيل براون-بيفيه، إلى الحوار، مؤكدة أن "طريق حل الأزمة ما زال ممكناً"، وشددت على أهمية التوافق لوضع "ميثاق للاستقرار والمسؤولية" يلبّي تطلعات الفرنسيين.

وتبقى الأيام القليلة المقبلة حاسمة في تقرير مصير المشهد السياسي الفرنسي، في ظل غياب توافق واضح، وضغوط اقتصادية متصاعدة، ومعارضة متأهبة للانتخابات في أي لحظة.

تصنيفات

قصص قد تهمك