بدأت الحكومة والمعارضة في فنزويلا، مساء الجمعة، مفاوضات في العاصمة المكسيكية، يُفترض أن تركز على العقوبات المفروضة على البلاد، وتنظيم انتخابات رئاسية لإنهاء الأزمة السياسية والاقتصادية.
ولم تفضِ المحادثات السابقة التي جرت في الدومينيكان عام 2018 وبربادوس في العام التالي إلى حلّ الخلافات التي تركزت على الرئيس نيكولاس مادورو وزعيم المعارضة خوان جوايدو، المعترف به من قبل نحو 60 دولة رئيساً مؤقتاً للبلاد.
ولم يحضر أي من الزعيمين مراسم افتتاح المحادثات الجديدة في المتحف الوطني للأنثروبولوجيا في مدينة مكسيكو.
اتفاق لإنقاذ الاقتصاد
ووقّع ممثلو الجانبين وثيقة تفاهم تؤكد اتفاقهما على إجراء "حوار شامل وعملية تفاوض" بوساطة النرويج وبضيافة المكسيك. وتشدد مذكرة الاتفاق على ضرورة "رفع العقوبات"، وتحقيق استقرار الاقتصاد، وتجنّب أي نوع من العنف السياسي.
وقال رئيس وفد المعارضة جيراردو بلايد إن فنزويلا "في وضع سيئ جداً، وشعبنا يعاني أسوأ أزمة في تاريخه الحديث"، موضحاً أنه يتوقع "أوقاتاً صعبة" للمفاوضين.
من جهته، دعا رئيس البرلمان خورخي رودريجيز الذي يقود وفد السلطة إلى التقدم نحو "اتفاقات عاجلة" لتخفيف معاناة الشعب والاقتصاد.
وتفاقمت الأزمة الاقتصادية في فنزويلا بعد سلسلة عقوبات جديدة فرضتها واشنطن في أعقاب انتخابات 2018 التي أثارت الجدل، إثر إعادة انتخاب مادورو في عملية اعتبرتها المعارضة "احتيالاً".
لا تشمل رحيل مادورو
ومن المتوقع أن يجتمع الطرفان المتفاوضان مجدداً في وقت لاحق من الشهر الجاري لمناقشة برنامج من 7 نقاط لا يشمل رحيل مادورو.
وأشاد مادورو على "تويتر"، الجمعة، بتوقيع الوثيقة، وشكر المكسيك والنرويج لـ"جهودهما من أجل سلام الشعب الفنزويلي".
لكن رغم هذه الإشادة، يرى بيتر حكيم، الرئيس الفخري لمؤسسة "حوار الدول الأميركية" الفكرية (مقرها واشنطن) أن موافقة مادورو على إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة "أمر غير مرجح كما يبدو".
وأوضح حكيم لوكالة "فرانس برس" أن "مادورو يظهر بقوة في السلطة، بثقة أكبر من أي وقت مضى، بينما المعارضة لا تزال منقسمة كما كانت دائماً بلا استراتيجية فعالة، وتضعف الدعم الدولي والإقليمي".
وأضاف أن مادورو "قد يكون مستعداً لقبول فوز بعض المعارضين في الانتخابات طالما أن الأكثر تشدداً ليسوا بينهم والمعارضة لا تهدد سلطته أو سيطرته".
ضغط أميركي
وحضّت الولايات المتحدة مادورو، سائق الحافلة السابق الذي أصبح رئيساً بعد وفاة راعيه هوجو تشافيز عام 2013، على بذل جهود جادة لإجراء انتخابات إذا كان يريد تخفيف العقوبات.
لكن مادورو قال، الخميس، في برنامج للتلفزيون الحكومي إن بلاده ستذهب إلى المحادثات "باستقلالية ولن تخضع لابتزاز أو تهديدات من حكومة الولايات المتحدة".
وكان أكد في السابق أنه يسعى إلى "رفع فوري لكل العقوبات الإجرامية" التي فُرضت بقيادة الولايات المتحدة حينما أعلنت واشنطن، في عام 2019، أنها لم تعد تعتبره الرئيس الشرعي للبلاد إثر اتهامات بمخالفات انتخابية.
جوايدو يحذر
والجمعة، تحدث زعيم المعارضة جوايدو عن جدوى العقوبات للضغط على مادورو، وأقرّ بأن "بعض الحلول لن تكون سهلة"، محذراً من أن الفشل على طاولة المفاوضات لن يؤدي إلا إلى "تعميق النزاع".
وأوضح الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، أن العقوبات التي تشمل حظراً نفطياً تهدف إلى "التأكيد على المحاسبة" بشأن انتهاك الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وقال برايس للصحافيين: "أوضحنا أيضاً أن نظام مادورو يمكن أن يوجِد طريقاً لتخفيف العقوبات، عبر السماح للفنزويليين بالمشاركة في انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية حرة ونزيهة طال انتظارها".
ويريد جوايدو، الذي أعلن نفسه رئيساً لفنزويلا في عام 2019، ضمانات بشأن الظروف الانتخابية وبرنامجاً واضحاً للاقتراع الرئاسي، إلى جانب إطلاق سراح السجناء السياسيين. وكتب على "تويتر"، الجمعة، أن فنزويلا "تحتاج إلى حلّ وتستحقه".
ولم يفقد مادورو السيطرة على مؤسسات البلاد، لا سيما القوات المسلحة، فيما لم يعد جوايدو رئيساً للبرلمان بعدما قاطعت المعارضة الانتخابات التشريعية في ديسمبر.
ويرى المحلل السياسي والأستاذ الجامعي الفنزويلي، بيدرو بينيتيز، بحسب ما نقلت عنه "فرانس برس"، أنه يمكن للطرفين التوصل إلى اتفاقات إذا أقرّا بأنه "لا يمكن لأي منهما سحق الآخر".