أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، الثلاثاء، فرض عقوبات جديدة على أكبر شركتين روسيتين للنفط، هما "روسنفت" و"لوك أويل"، في ما وصفته برد على "غياب التزام روسيا الجاد بعملية السلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا"، وذلك بالتزامن مع موافقة الاتحاد الأوروبي على الحزمة التاسعة عشرة من القيود ضد موسكو، والتي تشمل حظر واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي وتوسيع قائمة الكيانات المشمولة بالعقوبات.
وقالت "الخزانة الأميركية"، في بيان، إن الخطوة تهدف إلى "زيادة الضغط على قطاع الطاقة الروسي، وتقويض قدرة الكرملين على جمع الإيرادات لتمويل آلة الحرب، ودعم الاقتصاد المتضرر".
ويرى وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن "الوقت حان لوقف القتل، وإعلان وقف فوري لإطلاق النار"، مشيراً إلى أن "رفض الرئيس فلاديمير بوتين إنهاء هذه الحرب العبثية دفع الوزارة إلى فرض عقوبات على أكبر شركتين تمولان آلة الحرب الروسية".
وأضاف: "وزارة الخزانة مستعدة لاتخاذ مزيد من الإجراءات إذا لزم الأمر لدعم جهود الرئيس دونالد ترمب لإنهاء حرب أخرى، وندعو حلفاءنا للانضمام إلى هذه العقوبات والالتزام بها".
وشملت العقوبات شركتي "روسنفت"، و"لوك أويل" وعدداً من الشركات التابعة لهما داخل روسيا، والتي تعمل في مجالات الاستكشاف، والإنتاج، والتكرير، وبيع النفط والغاز.
وأكدت الوزارة أن جميع الممتلكات والمصالح العائدة للأشخاص والكيانات المشمولة بالعقوبات داخل الولايات المتحدة أو في حيازة أشخاص أميركيين "سيتم تجميدها، ويجب الإبلاغ عنها لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)".
وحذرت الخزانة الأميركية من أن أي مؤسسة مالية أجنبية تتورط في معاملات كبيرة، أو تقدم خدمات لأشخاص أو كيانات مدرجة ضمن القوائم قد تواجه عقوبات أميركية ثانوية، مشيرة إلى أن الهدف من العقوبات "ليس العقاب، بل إحداث تغيير إيجابي في السلوك".
وأوضحت الوزارة أن الكيانات المملوكة بنسبة 50% أو أكثر من قبل الشركات أو الأفراد المدرجين ستُعتبر بدورها خاضعة للعقوبات، حتى إذا لم تُذكر أسماؤها صراحة.
وختم البيان بالتأكيد على أن "الولايات المتحدة ستواصل استخدام جميع صلاحياتها لدعم عملية السلام، وأن تحقيق سلام دائم يعتمد كلياً على استعداد روسيا للتفاوض بحسن نية".
الحرب بين كييف وموسكو
وازدادت حدة الحرب مؤخراً بين كييف وموسكو بعد سلسلة هجمات مكثفة استهدفت البنية التحتية للطاقة، في وقت عبّر فيه ترمب، الذي تعهّد بإنهاء الحرب المندلعة منذ غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022، عن إحباطه المتزايد من نظيره الروسي فلاديمير بوتين بسبب استمرار الهجمات.
وسبق أن هدد ترمب بفرض "عقوبات كبيرة" ورسوم جمركية على روسيا إذا لم تنهي حربها في أوكرانيا خلال فترة محددة، لكنه في الوقت نفسه أبدى تردداً في فرض عقوبات فورية، قائلاً إنه "إذا شعرت أننا قريبون من صفقة، فلن أتسرّع بذلك حتى لا أفسدها".
وفي بداية الشهر الجاري، وافقت دول مجموعة السبع، الولايات المتحدة واليابان وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، على تنسيق العقوبات وتكثيفها ضد موسكو، بسبب حربها على أوكرانيا من خلال استهداف الدول التي تشتري النفط الروسي، وبالتالي تساعد في التحايل على العقوبات.
وتسعى القوى الغربية إلى الاستفادة من "تباطؤ الاقتصاد الروسي" من خلال تقليص المزيد من عائدات موسكو التي لا تزال كبيرة من صادرات النفط والغاز.
عقوبات أوروبية جديدة
وفي السياق، أعلنت الرئاسة الدورية الدنماركية للاتحاد الأوروبي، الأربعاء، موافقة دول الاتحاد على الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا، وتشمل فرض حظر على واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي.
وأضافت: "يسعدنا أن نعلن أنه جرى إخطارنا للتو من قبل الدولة العضو المتبقية بأنها تخلت الآن عن تحفظها تجاه حزمة العقوبات التاسعة عشرة".
وتُعد هذه الحزمة، وهي التاسعة عشرة منذ بدء الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا قبل أكثر من 3 سنوات، موجهة بشكل أساسي إلى استنزاف الموارد المالية للكرملين من خلال فرض قيود على تجار الطاقة والمؤسسات المالية، بما في ذلك العديد من الكيانات في دول ثالثة، بحسب مجلة "بوليتيكو" الأميركية.
وتنص الحزمة الجديدة على إضافة قيود جديدة على سفر الدبلوماسيين الروس، وكذلك إدراج 117 سفينة أخرى من "أسطول الظل" الروسي، معظمها ناقلات نفط، ليصل إجمالي السفن إلى 558 سفينة.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، وافق وزراء الطاقة في الدول السبع والعشرين بالأغلبية على "خطة تاريخية" لإنهاء الاعتماد على الغاز الروسي، رغم اعتراض سلوفاكيا، والمجر.
وكانت سلوفاكيا قد تعهّدت بتجميد حزمة العقوبات إلى أن تحصل على ضمانات لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة ودعم الصناعات الثقيلة مثل صناعة السيارات، في حين أعربت كل من النمسا، والمجر عن مخاوفهما من الحزمة الجديدة قبل أن ترفعا اعتراضهما خلال الأيام الماضية.
وبقيت سلوفاكيا آخر دولة رافضة لفرض القيود الجديدة، مطالبة بتقديم تنازلات تُدرج في البيان الختامي لقمة قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، الخميس.
وطلب رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيتسو ضمانات من المفوضية الأوروبية بشأن ارتفاع أسعار الطاقة ومواءمة أهداف المناخ مع احتياجات شركات صناعة السيارات والصناعات الثقيلة.
وقال دبلوماسي من سلوفاكيا لوكالة "رويترز" إن مطالب بلاده وجدت استجابة من خلال بنود جديدة أضيفت إلى البيان الختامي لقمة قادة الاتحاد الأوروبي.
وذكرت الرئاسة الدورية الدنماركية أنه "بناء على ذلك، بدأنا إجراءات كتابية للحصول على موافقة المجلس، وفي حال عدم تلقي أي اعتراضات سيجري اعتماد الحزمة (الخميس) بحلول الساعة الثامنة صباحاً".
دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا
وستسعى القمة إلى التأكيد على دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، فيما من المتوقع أن يشارك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في جزء من اجتماعات القمة في بروكسل.
ومن المنتظر أن يؤكد القادة على ضرورة توجيه مزيد من "العقوبات القاسية" ضد موسكو، بسبب حربها على أوكرانيا، إلى جانب مناقشة قضايا الإنفاق الدفاعي واستخدام الأصول الروسية المجمّدة لدعم كييف، بحسب المجلة الأميركية.
كما ستوسع الحزمة الجديدة بشكل كبير قائمة الشركات غير الروسية المحظور عليها التعامل مع الاتحاد الأوروبي، في محاولة لمنع موسكو من الالتفاف على القيود المفروضة.
ويتضمن القرار أيضاً فرض ضوابط تصدير على 45 شركة أخرى يُعتقد أنها تساعد روسيا في تجاوز العقوبات، من بينها 12 شركة صينية، وشركتان تايلنديتان، و3 شركات هندية.
وتفرض الحزمة أيضاً قيوداً على تحركات الدبلوماسيين الروس داخل الاتحاد الأوروبي، إذ سيتعيّن عليهم إخطار حكومات الدول الأعضاء الأخرى قبل عبور حدود الدولة التي يعملون فيها.