عبد الله عبد الله.. "طبيب المقاتلين" ومرشح الرئاسة الدائم في أفغانستان

عبد الله عبد الله رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية في أفغانستان خلال زيارة سابقة للدوحة لإجراء محادثات سلام أفغانية - REUTERS
عبد الله عبد الله رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية في أفغانستان خلال زيارة سابقة للدوحة لإجراء محادثات سلام أفغانية - REUTERS
دبي-الشرق

يشير لقاء الأربعاء 18 أغسطس  بين وفد من حركة طالبان برئاسة أنس حقاني عضو المكتب السياسي، والرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، وفضل الهادي مسلم يار رئيس مجلس الشيوخ، وعبد الله عبد الله رئيس لجنة المصالحة، إلى دور محتمل تظل معالمه غير واضحة للمسؤولين الأفغان السابقين في مستقبل البلاد.

من بين هؤلاء المسؤولين عبد الله عبد الله، السياسي الذي كان عنصراً فاعلاً على الساحة العسكرية والسياسية بأفغانستان منذ ثمانينات القرن الماضي.

ولعب عبد الله دوراً محورياً في أزمات واتفاقات تقاسم السلطة في أفغانستان عبر الإدارتين السابقتين للرئيس أشرف غني الذي فر من العاصمة.

من هو عبد الله عبد الله؟

عبد الله عبد الله هو سياسي أفغاني برز نجمه عام 2009، حين قدم نفسه كبديل للرئيس الأفغاني حينها حامد كرزاي، بعد حالة التململ الشديدة إزاء اتهامات بعجزه عن حل قضايا الأمن والخدمات.

ويشغل عبد الله عبد الله حالياً منصب رئيس مجلس المصالحة الأفغانية، وكبير مفاوضي الحكومة الأفغانية مع طالبان، وكان عبد الله، الذي يتحدث لغات الداري والباشتو والعربية والإنجليزية في الدوحة عندما سيطرت طالبان على كابول، يتفاوض مع قادتها لوقف إطلاق النار.

ولد عبد الله عبد الله في 5 سبتمبر 1960 في كابول لأب موظف مدني كبير عمل في مكتب رئيس الوزراء الأفغاني في الستينات ليصبح عضواً بمجلس الشيوخ في السنوات الأخيرة للملك ظاهر شاه آخر ملوك أفغانستان، وهو ينتمي لأحد قبائل البشتون.

تلقى عبد الله عبد الله تعليمه في كلية الطب بجامعة كابول قسم العيون عام 1983، وعمل كطبيب عيون مقيم في معهد كابول لطب العيون، قبل أن يغادر للعمل كطبيب في بيشاور بباكستان لفترة قصيرة، بعد تدهور الأوضاع بسبب الغزو السوفيتي لبلاده.

Head of Afghanistan's high Council for National reconciliation Abdullah Abdullah (C) walks down a hotel lobby in Qatar's capital Doha during an international meeting on the escalating conflict in Afghanistan, August 10, 2021. (Photo by KARIM JAAFAR / AFP) - AFP
عبد الله عبد الله رئيس المجلس الأعلي للمصالحة في قطر- 10 أغسطس 2021 AFP

طبيب المقاتلين

التحق عبد الله بالمقاتلين الأفغان الذين قاوموا الاحتلال السوفيتي، وأصبح كبير الأطباء في جبهة القتال في إقليم بانجشير، حيث قام بإدارة تقديم الخدمة الطبية للمقاتلين والمدنيين، وأصبح مستشاراً مقرباً من القائد الأفغاني أحمد شاه مسعود، الذي قاد الحرب ضد الغزو السوفيتي.

ومع سقوط الحكومة الشيوعية في 1992، وتأسيس دولة أفغانستان الإسلامية، وتشكيل حكومة مؤقتة برئاسة برهان الدين رباني، تولى عبد الله منصب رئيس مكتب وزير الدفاع والمتحدث باسمه.

سنوات طالبان

مع استيلاء طالبان على كابول في 1996، وتشكيلها الحكومة، أسس القائد الأفغاني أحمد شاه مسعود التحالف الشمالي الذي شكل الحكومة المعترف بها دولياً في 1998. وتولى عبد الله فيها منصب وزير الخارجية في المنفى، وحتى 2001 مع الغزو الأميركي.

وزير خارجية ما بعد الغزو

بعد سقوط طالبان بعد الغزو الأميركي لأفغانستان، وتشكيل حكومة انتقالية برئاسة حامد كرزاي الذي اختير كرئيس للبلاد، عين كرزاي عبد الله عبد الله كوزير للخارجية في الإدارة الانتقالية، واستمر في الحكومة حتى 2006، حين استقال لخلافات مع الرئيس السابق.

مرشح رئاسي 3 مرات

قرر عبد الله دخول الانتخابات الرئاسية ضد كرزاي في 2009 كمرشح مستقل، وحل في المركز الثاني بنسبة 30% من الأصوات.

وتنازل عن خوض جولة الإعادة مع كرزاي الذي حصل على أقل من 50% بعد حذف الأصوات التي قررت لجنة الانتخابات بطلانها، بعد شكاوى بالتزوير في أكثر من 200 مركز اقتراع.

انتخابات 2014

خاض عبد الله عبد الله الانتخابات مرة أخرى في 2014 ضد المرشح أشرف غني وحصل في الجولة الأولى على قرابة 45% من الأصوات، وحل غني تالياً بـ33%، وهو ما استلزم جولة إعادة أعلنت نتيجتها في يونيو 2014، حصل فيها غني على 55% من الأصوات، بينما حصل عبد الله على 44.73% من الأصوات.

الرئيس الأفغاني أشرف غني (يسار) ورئيس
الرئيس الأفغاني أشرف غني (يسار) ورئيس "المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية" عبد الله عبد الله خلال قمة لحلف شمال الأطلسي في وارسو - 8 يوليو 2016 - REUTERS

رئيس تنفيذي لأفغانستان

رفض عبد الله قبول النتيجة بسبب ادعاءات بالتزوير شابت العملية، واضطرت الولايات المتحدة للتدخل  لتجنب انقسام البلاد، وهددت بقطع المعونة عنها.

وتوصل عبد الله وأشرف غني إلى اتفاق لتقاسم السلطة، أصبح عبد الله الرئيس التنفيذي للبلاد، بينما شغل أشرف غني منصب الرئيس في صفقة أغضبت حلفاء عبد الله.

انتخابات جديدة.. اتفاق جديد

ترشح عبد الله للرئاسة لمرة ثالثة في سبتمبر 2019، وخسر مجدداً أمام غني، ولم تتوقف ادعاءات التزوير هذه المرة أيضاً. 

أعلن عبد الله نفسه رئيساً، وأقام مراسم تنصيب نفسه رئيساً للبلاد في التاسع من مارس 2020 في نفس اليوم الذي أدى فيه غني القسم الدستوري رئيساً للبلاد.

أدى الوضع المتوتر في النهاية، والذي زج بالبلاد في أزمة سياسية كبيرة، إلى موافقة أشرف غني على توقيع اتفاق جديد لتقاسم السلطة بعد ضغوط من الأمم المتحدة، ليصبح عبد الله عبد الله بموجبه رئيساً للمجلس الأعلى للمصالحة، ويتولى عدد من حلفاء عبد الله مناصب وزارية في حكومة غني.

وقاد عبد الله مفاوضات السلام مع طالبان في الدوحة، حتى سيطرة الحركة على السلطة.