هل تصبح أفغانستان قاعدة لهجمات 11 سبتمبر جديدة؟

جانب من استهداف مركز التجارة العالمي في نيويورك خلال هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي نفذها تنظيم القاعدة- 11 سبتمبر 2001 - AFP
جانب من استهداف مركز التجارة العالمي في نيويورك خلال هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي نفذها تنظيم القاعدة- 11 سبتمبر 2001 - AFP
دبي-الشرق

قالت مجلة "ناشيونال إنترست" الأميركية إن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان يزيد من مخاطر تحوُّل البلاد تحت حكم طالبان إلى ملاذ لهجوم كبير مماثل لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، قد يطال مستقبلاً الولايات المتحدة.

وأشارت المجلة إلى أن مشاهد الانهيار في أفغانستان بعد عقدين من الاستثمارات، تدل بوضح على أن واشنطن "كانت في حاجة إلى خروج أقل فوضوية".

ما التالي؟

وأشارت المجلة إلى أنه بمعزل عن الانتقاد المتأخر للانسحاب، فإن السؤال المهم الآن بالنسبة للأميركيين، هو ما التالي؟

ولفتت في هذا الصدد إلى أشباح الحادي عشر من سبتمبر التي تتجسد الآن في مخيلة منتقدي قرار الرئيس الأميركي جو بايدن سحب جميع القوات الأميركية من أفغانستان.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي السابق في إدارة دونالد ترمب هربرت مكماستر: "لقد أدركنا منذ 20 عاماً، غداة الحادي عشر من سبتمبر، أن الإرهاب في أفغانستان، لن يبقى فيها"، على حد تعبيره.

وذكرت المجلة أنه على الرغم من أن انهيار القوات الأفغانية أمام مقاتلي طالبان كان مفاجئاً، إلا أن بايدن وفريقه للأمن القومي كانوا مدركين عند اتخاذ قرار سحب القوات الأميركية، أن ذلك قد يعني إلى حد كبير انتصار طالبان.

وأضافت: "كما أنهم كانوا يعلمون أيضاً لدى اتخاذ قرار الانسحاب بأن حركة طالبان الآن هي نفسها الجماعة المتطرفة التي حكمت البلاد قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وقدمت ملاذاً آمناً لتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن الذي أسفرت هجماته على مركز التجارة العالمي، والبنتاغون في 2001 عن مقتل 2977 شخصاً".

ومع ذلك فإن قرار بايدن ينسجم، بحسب المجلة، مع مواقفه التي دافع عنها لأكثر من عقد منذ أن كان نائباً للرئيس السابق باراك أوباما، فعندما أراد الأخير سحب القوات الأميركية من أفغانستان في 2009، أصرَّ بايدن على ضرورة التركيز على المصالح الأميركية في أفغانستان لضمان القضاء على تنظيم القاعدة، ومنع استخدام الأراضي الأفغانية للتخطيط لأي هجمات مستقبلية ضد الولايات المتحدة، وهي المهمة التي يعتقد بايدن منذ قدومه إلى البيت الأبيض أنه تم إنجازها بنجاح.

هل يمكن أن تقع هجمات أخرى؟

لكن هل يمكن أن تُنفذ هجمات أخرى ضد الولايات المتحدة انطلاقاً من أفغانستان؟ تجيب المجلة دون لبس أو مواربة "بالطبع يمكن ذلك".

وهل يعني ذلك أن قرار سحب القوات الأميركية كان خاطئاً؟ تقول المجلة إنه قبل الإجابة بـ"نعم" على هذا السؤال، تجب الإشارة إلى أن هناك الكثير من المواقع الأخرى التي يمكن أن تنطلق منها هجمات كبيرة على الولايات المتحدة.

 وأضافت "ناشيونال إنترست" أنه حتى في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وعلى الرغم من تمركز أسامة بن لادن في أفغانستان، إلا أن مساعديه الذين خططوا للهجوم على مركز التجارة العالمي فعلوا ذلك من هامبورغ في ألمانيا.

كما أن عملاء القاعدة الذين اختطفوا الطائرات الأميركية وحولوها إلى صواريخ موجهة نحو مركز التجارة والبنتاغون، أمضوا آخر أسبوع لهم قبل الهجوم في بوسطن ونيوآرك بولاية نيو جيرسي .

الحقيقة المرة، كما تقول المجلة، هي أن هناك الكثير من المواقع حول العالم القابلة لاحتضان عناصر إرهابية قادرة على التخطيط لهجمات مماثلة، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها.

كيف يمكن منع الهجمات؟

وفقاً للمجلة، فإن الذي حال حتى الآن دون وقوع هجوم مماثل لهجمات الحادي عشر من سبتمبر ليس القوات الأميركية التي تقاتل على الأرض، وإنما القدرات الدفاعية والهجومية القوية التي بنتها الولايات المتحدة خلال العقدين الماضيين منذ عام 2001.

وتشمل هذه القدرات توسع وكالات الاستخبارات الأميركية، وإنشاء وزارة جديدة للأمن الداخلي، وتطوير القوات الخاصة في الجيش الأميركي قدراتٍ هجومية غير مسبوقة لمكافحة الإرهاب. 

وأشارت المجلة إلى أن استراتيجية الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب تتألف من 3 مستويات مترابطة، الأول دفاعي لمنع العناصر الإرهابية من الدخول إلى الولايات المتحدة أو العمل داخل الأراضي الأميركية، والثاني هجومي لرصد العناصر التي تخطط لهجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها والقضاء عليها، والثالث ردعي يتعلق بإنذار الحكومات أو المنظمات التي قد تؤوي الجماعات الإرهابية.

وكشفت المجلة أن الولايات المتحدة نفذت نحو 15 ألف عملية لمكافحة الإرهاب في إطار هذه الاستراتيجية خلال العقدين الماضيين، في دول مثل سوريا والعراق واليمن والصومال وباكستان وأفغانستان.

وأشارت إلى أن الرئيس جو بايدن وجه، كجزء من قرار الانسحاب الأفغاني، بتوسيع هذه القدرات لدعم حملة مكافحة الإرهاب، وتعويض النقص الناتج عن الانسحاب الميداني من أفغانستان. 

هل هناك خيارات أخرى؟

مع ذلك، لا يزال قرار الانسحاب يتضمَّن، كما تقول المجلة، مخاطر تحويل أفغانستان تحت حكم طالبان إلى قاعدة لهجوم إرهابي كبير على الولايات المتحدة، وإذا حدث ذلك فإن المعلقين سيدينون قرار بايدن باعتباره خطأً متهوراً، على حد تعبير المجلة.

وقالت المجلة إن الخيار الأكثر أماناً، من الناحية السياسية، هو إعادة تعريف المهمة العسكرية الأميركية في أفغانستان لضمان إبقاء الحكومة في كابول حية من ناحية، والسماح للقوات القتالية الأميركية بالتمسك بالقواعد التي يمكن أن تستمر منها حملة مكافحة الإرهاب، من ناحية أخرى.

لكن المجلة أشارت إلى أن بايدن آثر مع كل هذه الاعتبارات، المخاطرة والانسحاب من أجل انتزاع الولايات المتحدة مما بدا وكأنه، بحسب المجلة، "مسعى فاشل ومهمة مضلَّلة من الأساس".

اقرأ أيضاً: