محادثات باكستان وأفغانستان تدخل مرحلة حاسمة.. ما أبرز الملفات؟

رجل يجلس بجوار شاحنات متوقفة عند معبر تورخام الحدودي بعد أن أغلقت باكستان المعابر الحدودية مع أفغانستان في أعقاب تبادل إطلاق النار بين قوات البلدين. 12 أكتوبر 2025 - REUTERS
رجل يجلس بجوار شاحنات متوقفة عند معبر تورخام الحدودي بعد أن أغلقت باكستان المعابر الحدودية مع أفغانستان في أعقاب تبادل إطلاق النار بين قوات البلدين. 12 أكتوبر 2025 - REUTERS
إسلام آباد -سُميرة خان

تتواصل في مدينة إسطنبول التركية الجولة الثانية من المحادثات بين باكستان وأفغانستان، إذ تبحث وفود رفيعة المستوى من الجانبين عدة قضايا منها أمن الحدود، والتعاون في مكافحة الإرهاب، إضافة إلى آليات تثبيت وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مؤخراً في العاصمة القطرية الدوحة.

ووفقاً لمصادر دبلوماسية، يترأس الوفد الباكستاني مبعوث رفيع المستوى، في حين تمثل الحكومة الأفغانية المؤقتة مجموعة من المسؤولين من وزارات الداخلية، والخارجية، وشؤون الحدود. 

وتتولى قطر، وتركيا دور الوساطة في المحادثات بين باكستان، وأفغانستان، فيما أكد الجانبان أن مشاركتهما تقتصر على "دور حيادي" يهدف فقط إلى تيسير الحوار بين كابول وإسلام آباد.

باكستان وأفغانستان تتفقان على وقف فوري لإطلاق النار
باكستان وأفغانستان توقعان على تفاهم بشأن وقف إطلاق النار في الدوحة يوم 19 أكتوبر 2025 - @MofaQatar_AR

وتستضيف تركيا الاجتماعات على أراضيها، فيما تقدم قطر دعماً فنياً ودبلوماسياً لتسهيل التواصل بين الوفدين. 

ودعت الدولتان الوسيطتان كلاً من باكستان وأفغانستان إلى تجاوز التصريحات العلنية، والتركيز على تقديم ضمانات عملية تضمن استدامة وقف إطلاق النار.

وانطلقت محادثات إسطنبول في 25 أكتوبر الجاري، في إطار متابعة التفاهم الذي تم التوصل إليه في الدوحة في 19 من الشهر نفسه.

وأفادت مصادر باكستانية لـ"الشرق" بأن المناقشات من المتوقع أن تستمر حتى الاثنين، مع بقاء الوفدين في إسطنبول لعقد جولات إضافية من المفاوضات. 

اتفاقات قيد البحث

ومن المقرر أن تُستأنف المفاوضات بشأن إنشاء "آلية مراقبة مشتركة"، مع تركيز باكستان على "منع أي أنشطة إرهابية عابرة للحدود تنطلق من الأراضي الأفغانية".

وأشارت المصادر إلى أن الآلية المقترحة للتحقق قد تتوسع لتشمل تعاوناً أوسع بين الجانبين في حال إحراز تقدم ملموس في المباحثات، مضيفةً أن حركة "طالبان الأفغانية" تعمل حالياً على استكمال ملفاتها الخاصة، في حين لم تتسلم باكستان بعد أي مقترحات مكتوبة من كابول.

وشددت على أن التقارير الإعلامية التي تحدثت عن اتفاقيات أولية أو مسودات نهائية "غير صحيحة"، موضحةً أن تبادل الوثائق الرسمية لن يتم إلا في ختام المحادثات، في إشارة إلى أن إسطنبول قد لا تكون المحطة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق نهائي بين الطرفين. 

أبرز الملفات المطروحة

وقالت مصادر مطلعة إن باكستان طرحت 3 مطالب رئيسية خلال المفاوضات الجارية، وهي إنشاء "نظام رقابة حدودية"، ووضع "آلية أمنية قابلة للتحقق"، بالإضافة إلى تأسيس "خلية تنسيق واستجابة مشتركة".

أبرز المطالب الباكستانية من أفغانستان خلال مفاوضات إسطنبول

  • إنشاء نظام رقابة حدودية واضح وفعال يضمن عدم استخدام الأراضي الأفغانية لأي أنشطة معادية ضد باكستان.

  • وضع آلية أمنية قابلة للتحقق تتيح رصد أي عمليات تسلل أو هجمات إرهابية والرد عليها فوراً.

  • تأسيس خلية تنسيق واستجابة مشتركة تشكل قناة اتصال دائمة ومباشرة بين الجانبين.

وأشار الوفد الباكستاني إلى أن القبول بهذه المبادئ وتنفيذها سيمهّد الطريق لإعادة بناء العلاقات الثنائية على أساس من الثقة المتبادلة، محذراً من أن إسلام آباد تحتفظ بحقها في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية مصالحها الوطنية وأمنها القومي في حال عدم الالتزام بها. 

ومن جانبه، أعرب الوفد الأفغاني، الذي يسعى إلى تعزيز التعاون الثنائي مع باكستان دون المساس بسيادة كابول ووحدة أراضيها، عن رغبته في "حل النزاعات الحدودية بسرعة"، و"استئناف حركة التجارة"، و"تجنب عمليات الإعادة المبكرة للاجئين الأفغان". 

أبرز المطالب الأفغانية من باكستان خلال مفاوضات إسطنبول

  • حل النزاعات الحدودية بسرعة.

  • استئناف حركة التجارة بين البلدين.

  • تجنب عمليات الإعادة المبكرة للاجئين الأفغان.

وقال مسؤول أفغاني لـ"الشرق" إن "النهج الباكستاني في المفاوضات كان حازماً بشكل كبير"، مضيفاً أن "هذا القلق تم نقله إلى الجانب التركي".

ولفت المسؤول إلى أن "أفغانستان حثت باكستان على النظر في جميع الأبعاد المرتبطة بحركة طالبان الباكستانية"، مع الأخذ في الاعتبار أن كابول تواجه تحديات متعددة في الوقت ذاته. 

تحذيرات من تصعيد محتمل

ووصفت المصادر الباكستانية، أجواء المحادثات في إسطنبول، بأنها "بعيدة عن الودية"، مشيرة إلى أن الوزراء في إسلام آباد يتابعون التطورات بحذر قبل الإدلاء بأي تصريحات علنية. 

ويأتي هذا الحذر الدبلوماسي عقب تصريحات وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف، الذي قال إن فشل المحادثات قد يؤدي إلى "صراع مفتوح" مع أفغانستان. 

وفي المقابل، قال مسؤول أفغاني بارز لـ"الشرق" إن "العلاقات مع باكستان لا تزال متوترة رغم اتفاق الدوحة الأخير".

وأضاف أن "الجليد لم يذُب بعد"، موضحاً أن "التأشيرات الدبلوماسية التي تصدرها باكستان للمسؤولين الأفغان ما زالت معلقة إلى أن تُظهر إسلام آباد حُسن نية عملياً" في تعاملها مع الحكومة الأفغانية. 

شروط أمنية واضحة

وذكرت مصادر أمنية باكستانية أن المباحثات الجارية في إسطنبول بين باكستان وأفغانستان تتركز بشكل أساسي على القضايا الأمنية، ومكافحة الإرهاب، ولا سيما الأنشطة المسلحة العابرة للحدود. 

ووفقاً للمصادر، عرضت باكستان "موقفاً واضحاً وحازماً"، إذ شددت فيه على أن أي تقدم في العلاقات مرهون بقبول طالبان إطاراً أمنياً من ثلاث نقاط: "أن يكون الوضع الأمني مضبوطاً، وقابلاً للتحقق، وفعّالاً".

وأعربت المصادر عن استعداد إسلام آباد للمضي قدماً في "تعزيز العلاقات الأخوية وحُسن الجوار" في حال وافقت سلطات طالبان على هذه المبادئ، وأظهرت تنفيذاً عملياً لها، لكنها أضافت أن باكستان ستتخذ كل الإجراءات الضرورية لحماية مصالحها الوطنية، وأمنها القومي إن لم تحصل على ضمانات كافية. 

ونفت المصادر الأمنية التقارير التي أشارت إلى أن الاستخبارات التركية تلعب دوراً خاصاً في منع تصعيد محتمل بين باكستان وأفغانستان، مشيرةً إلى أن هذا الانطباع "غير صحيح".

وذكرت أن أنقرة، مثل الدوحة، تُعتبر من منظور باكستان "وسيطاً محايداً" يسهم فقط في تسهيل الحوار، مشددة على أن أي مزاعم بانحياز الوسطاء لأي طرف هي "خاطئة ومضللة". 

وتابعت المصادر الأمنية: "معنويات باكستان وعزيمتها لا تزال قوية"، سواء على مستوى الرأي العام أو مؤسسات الأمن أو الحكومة، معتبرةً أن "أي افتراض بضعف باكستان سياسياً، أو اقتصادياً، أو عسكرياً يمثل سوء تقدير خطيراً". 

واختتمت المصادر بالتشديد على أن باكستان تمتلك القدرة الكاملة على الرد المناسب تجاه "أي مغامرة عدائية محتملة"، وأنها ستدافع عن سيادتها، ومصالحها الوطنية في جميع الظروف.

تصنيفات

قصص قد تهمك