لعقود طويلة، اكتنف الغموض الهيكل التنظيمي لقيادة حركة طالبان. وحتى قبل الغزو الأميركي لأفغانستان في عام 2001، لم يكن معروفاً سوى القليل عن كيفية عمل الحركة، وأسماء كبار قادتها.
لكن، خلال الأيام الأخيرة، وبالتزامن مع سيطرة طالبان على السلطة في أفغانستان، أظهرت قيادة الحركة مدى رغبتها بتقديم نفسها في قالب أكثر اعتدالاً، سعياً منها للحصول على اعتراف دولي كحاكم شرعي للبلاد، بحسب ما أفاد به تقرير لوكالة "بلومبرغ" الأميركية.
قادة "طالبان"، قدموا وعوداً بالعفو عن أعدائهم، وتشكيل حكومة تشمل مختلف المجموعات العرقية، واستبعاد الجماعات المسلحة من الأراضي الأفغانية، والسماح للنساء بالعمل ضمن حدود الشريعة الإسلامية.
منذ استيلاء طالبان على كابول، وسيطرتها على مفاصل الحكومة بالكامل، سعت بشكل متكرر للظهور إعلامياً. توزّع متحدثوها الرسميون على القنوات العالمية. حتى أن سهيل شاهين، المتحدث باسمها والمقيم في الدوحة، اتصل هاتفياً بمذيعة "بي بي سي وورلد"، الأسترالية الأفغانية الأصل يالدا حكيم، على الهواء، ليشرح موقف الحركة. أمضى الرجل زهاء نصف ساعة في اليوم التالي متحدثاً لمذيعة قناة "سكاي" البريطانية.
بعد عقدين أمضاهما في الخفاء، عقد ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم الحركة مؤتمراً صحافياً في كابول الثلاثاء، تلقى خلاله أسئلة المراسلين المحليين والأجانب على الهواء مباشرة، ليبدأ عهداً جديداً من الظهور العلني لقيادات الحركة.
من هم قادة الحركة؟
تضم القيادة العليا لطالبان العديد من المقاتلين الذين دربتهم الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة، في الثمانينات لمحاربة قوات الاتحاد السوفيتي. وينتمي أعضاء الحركة بشكل كبير إلى عرقية البشتون، الأكثر حضوراً في الجزء الجنوبي من أفغانستان.
السبعة الأكثر نفوذاً في طالبان:
1- هبة الله أخوند زاده.. زعيم الحركة
ولد أخوند زاده في عام 1961، وأصبح ثالث أعلى قيادي في تاريخ طالبان، ومن ثم بات زعيمها الأول (أعلى رتبة في الحركة)، وذلك بعدما اغتالت الولايات المتحدة سلفه أختر محمد منصور، في غارة بطائرة مُسيرة في عام 2016.
ويعرف أخوند زاده بأنه رجل دين وعالم "حديث"، أكثر من كونه قائداً عسكرياً، ويحافظ على عدم ظهوره، إذ إنه لم يشاهد علناً منذ توليه القيادة العليا لطالبان. وهناك القليل من الصور المتاحة له. وآخر بيان علني له كان في مايو الماضي، لمناسبة عيد الفطر.
2- عبد الغني برادار.. نائب القائد
عبد الغني برادار هو نائب قائد طالبان، والوجه الرئيسي المعروف للحركة، ومن المرجح أن يرأس الحكومة المقبلة، وفقاً لتقرير "بلومبرغ".
كان برادار على صلة وثيقة بزعيم "تنظيم القاعدة" الراحل أسامة بن لادن. وشارك في تأسيس حركة طالبان مع الملا محمد عمر، رجل الدين الذي كان أول قائد أعلى للحركة.
تم القبض على برادار في مدينة كراتشي الباكستانية في عام 2010، خلال عملية مشتركة مع المخابرات الأميركية. ويقال إن زلماي خليل زاده، المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان، ساعد في إطلاق سراحه في عام 2018، قبل محادثات السلام بين إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والحركة.
عاش برادر في العاصمة القطرية الدوحة، حيث يوجد مكتب سياسي لطالبان، إلى أن عاد الثلاثاء إلى مدينة قندهار الجنوبية، منشأ الحركة.
وبصفته الزعيم الدبلوماسي لطالبان، وقّع برادر اتفاق سلام مع إدارة ترمب في فبراير 2020، والتي وضعت خارطة الطريق لانسحاب القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي من أفغانستان. كما التقى وزير الخارجية الصيني وانغ يي في تيانجين، في وقت سابق من شهر أغسطس الجاري.
3- سراج الدين حقاني.. قائد جماعة مصنفة "إرهابية"
سراج الدين حقاني هو قائد "شبكة حقاني"، التي تصنفها الولايات المتحدة "جماعة إرهابية". أصبح النائب الثاني لزعيم طالبان بعد اندماج الجماعتين (الشبكة والحركة) في عام 2016.
ويعتقد أنه يتنقل بين أفغانستان وباكستان، كما يقال إنه يشرف على الشؤون المالية والأصول العسكرية في البلدين. من غير الواضح كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع "شبكة حقاني" كجزء من المفاوضات الجارية مع طالبان.
ووفقاً لـ"بلومبرغ"، ألقت القوات الأميركية القبض على شقيق حقاني، وهو قائد بارز في حركة طالبان، في البحرين في عام 2014، ونقل سراً إلى سجن باجرام في أفغانستان، قبل إطلاق سراحه بعدها بأربع سنوات في عملية تبادل للأسرى.
4- محمد يعقوب.. "القائد العسكري للحركة"
يعقوب هو نجل الملا عمر، مؤسس حركة طالبان، وكان يعتبر في وقت سابق منافساً على المنصب الأعلى للحركة بسبب نسبه. لا يعرف عن الرجل سوى القليل، وتشير تقارير إخبارية إلى أنه تلقى تعليمه في معهد ديني في باكستان، ويعيش الآن في أفغانستان.
5- عبد الحكيم حقاني.. كبير المفاوضين
يعتقد أن عبد الحكيم حقاني مقرب من القائد الأعلى لطالبان، أخواند زاده. إذ إنه رأس وفد الحركة لمفاوضات السلام مع الحكومة السابقة المدعومة من الولايات المتحدة. كما يرأس مجلساً رفيعاً لعلماء الدين.
6- محمد عباس ستانيكزاي.. كبير الدبلوماسيين
على العكس من العديدين من قادة الحركة، يتحدث محمد عباس ستانيكزاي اللغة الإنجليزية بطلاقة، كما سافر إلى مناطق عدة حول العالم كنائب لوزير الخارجية، خلال سيطرة الحركة على السلطة في أفغانستان.
في عام 1996 زار ستانيكزاي واشنطن في مهمة لم تكلل بالنجاح، لإقناع إدارة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون للاعتراف بحكومة طالبان. كما ترأس وفوداً إلى الصين للقاء مسؤولين حكوميين وفقاً لتقرير نشرته وكالة "رويترز". وهو نائب لعبد الحكيم حقاني في مفاوضات الحركة مع مسؤولي الحكومة الأفغانية.
7- ذبيح الله مجاهد.. المتحدث الرسمي
ظهر ذبيح الله مجاهد في أول مؤتمر صحافي لطالبان في كابول، الثلاثاء، ومن المرجح أن يلعب دوراً مهماً في نقل رسائل الحركة إلى المجتمع الدولي.
وخلال 20 عاماً من الحرب، كان مجاهد يتواصل مع الصحافيين فقط عبر الهاتف، أو من خلال الرسائل النصية، حتى ظهوره علناً في 17 أغسطس الجاري في كابول.