بعد إعلان ترمب استئناف التجارب النووية.. ما عددها ولماذا توقفت؟

انفجار يهز منشأة نووية وهمية خلال تدريبٍ بالذخيرة الحية في منشأة فينيكس للتدريب، شمال غرب لاس فيجاس. 20 فبراير 2002 - Reuters
انفجار يهز منشأة نووية وهمية خلال تدريبٍ بالذخيرة الحية في منشأة فينيكس للتدريب، شمال غرب لاس فيجاس. 20 فبراير 2002 - Reuters
دبي-الشرق

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، إنه أصدر تعليمات إلى وزارة الحرب لاستئناف اختبار الأسلحة النووية الأميركية "فوراً" وعلى أساس المساواة مع الدول الأخرى، بما فيها روسيا والصين.

وكتب ترمب على موقع "تروث سوشال"، قبل اجتماعه مع الرئيس الصيني شي جين بينج في كوريا الجنوبية: "بسبب برامج الاختبارات التي تقوم بها الدول الأخرى، وجهت وزارة الحرب لبدء اختبار أسلحتنا النووية على أساس المساواة. وستبدأ هذه العملية فوراً".

وأضاف أن الولايات المتحدة تمتلك أسلحة نووية أكثر من أي دولة أخرى، مشيراً إلى أن روسيا تأتي في المرتبة الثانية، بينما تحتل الصين المرتبة الثالثة، لكنها ستصبح متساوية خلال 5 سنوات"، لافتاً إلى أن واشنطن لم تجر أي اختبارات نووية منذ عام 1992.

وفي وقت سابق الأربعاء، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا اختبرت بنجاح طوربيداً نووياً فائق القدرة من طراز بوسيدون، مضيفاً أنه "أقوى بكثير" من صاروخ سارمات الباليستي العابر للقارات، مشيراً إلى أن سارمات سيدخل الخدمة قريباً.

متى كان آخر اختبار نووي في أميركا؟

كانت آخر مرة اختبرت فيها الولايات المتحدة قنبلة نووية في 23 سبتمبر 1992. وأُجري الاختبار في منشأة تحت الأرض بولاية نيفادا غربي البلاد. قبل أن يصدر الرئيس الجمهوري الأسبق جورج بوش الأب قراراً بفرض وقف اختياري للاختبارات النووية مع نهاية الحرب الباردة.

وحمل المشروع اسماً رمزياً هو "ديفايدر" (Divider)، وكان الاختبار النووي رقم 1,054 الذي تنفذه الولايات المتحدة، وفقاً لمختبر لوس ألاموس الوطني، الذي لعب دوراً محورياً في تطوير أول قنبلة ذرية في العالم.

الاختبار الأول والوحيد للمدفع الذري باستخدام قذيفة مدفعية نووية حية عيار 280 ملم في موقع اختبار نيفادا عام 1953
الاختبار الأول والوحيد للمدفع الذري باستخدام قذيفة مدفعية نووية حية عيار 280 ملم في موقع اختبار نيفادا عام 1953 - REUTERS.

ويُدار موقع الاختبار في نيفادا، الذي يقع على بُعد نحو 65 ميلاً (105 كيلومترات) شمال مدينة لاس فيجاس، حتى اليوم من قبل الحكومة الأميركية.

ووفقاً للمتحف الوطني للعلوم والتاريخ النووي، التابع لمؤسسة سميثسونيان، "إذا اعتُبر الأمر ضرورياً، يمكن إعادة تفويض الموقع لإجراء اختبارات الأسلحة النووية من جديد".

أما آخر اختبار معروف أجرته الصين، فكان في عام 1996، بينما التجارب الأخيرة التي أجرتها روسيا لم تشمل تفجير سلاح نووي، بل كانت لتقنيات الإطلاق فقط.

وقال ترمب، الذي صعّد في الآونة الأخيرة من لهجته بشأن القدرات العسكرية الأميركية، إن قراره باستئناف الاختبارات يهدف إلى تحقيق التكافؤ مع موسكو وبكين.

ما خلفيات قرار ترمب؟

جاء إعلان ترمب استئناف الاختبارات النووية قبل نحو 100 يوم من انتهاء آخر معاهدة كبرى للحد من الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا، وهي معاهدة "نيو ستارت" (New START)، التي تحد من عدد الأسلحة النووية الاستراتيجية المنشورة إلى 1,550 رأساً لكل دولة، وهي الأسلحة القادرة على عبور القارات، وعادة ما تُحمل على صواريخ باليستية عابرة للقارات.

ولا يمكن تمديد هذه المعاهدة مرة أخرى.

خبراء فنيون ومهندسون يستعدون لإجراء آخر اختبار نووي في الولايات المتحدة بولاية نيفادا، 23 سبتمبر 1992
خبراء فنيون ومهندسون يستعدون لإجراء آخر اختبار نووي في الولايات المتحدة بولاية نيفادا، 23 سبتمبر 1992 - Los Alamos

لكن بعد لقاء ترمب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في أنكوراج، بألاسكا خلال يوليو الماضي، اقترح بوتين أن يتفق البلدان بشكل غير رسمي على الالتزام بالقيود المفروضة على عدد الأسلحة المنشورة لمدة عام إضافي، على الأرجح في أثناء بدء مناقشة معاهدة بديلة أو نوع آخر من الترتيبات لتجنب سباق تسلح جديد شبيه بالحرب الباردة.

وقال ترمب للصحافيين إنه يعتقد أن فكرة بوتين كانت جيدة، لكن ذلك كان قبل أن يتهمه بتعطيل المحادثات، بينما يواصل مهاجمة المدنيين الأوكرانيين.
ولا توجد أي إشارة إلى أن محادثات جديدة مع روسيا بشأن معاهدة بديلة قد بدأت فعلاً.

كما أن اختبار أنظمة تسليح جديدة وغير تقليدية يمثل تحدياً خاصاً، لأنها غير مشمولة بقيود المعاهدة الحالية.

هل تشكل الصين تحدياً لترمب؟

تشكل الصين تحدياً نووياً معقداً لترمب على وجه الخصوص، لأنها لم تكن طرفاً في أي معاهدات للحد من التسلح النووي، وفق "نيويورك تايمز".

وخلال الحرب الباردة، كان لديها "ردع أدنى" يضم بضع مئات فقط من الأسلحة النووية، مقارنةً بالآلاف لدى روسيا والولايات المتحدة، ما جعلها تُعتبر قوة نووية صغيرة لا تستدعي القلق الكبير.

لكن الرئيس الصيني شي جين بينج تخلى عن تلك السياسة المستمرة لعقود، أولاً بشكل سري ثم علني، مع قيام الصين ببناء صوامع صواريخ جديدة يمكن رصدها بوضوح عبر الأقمار الاصطناعية الأميركية.

وتقدّر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) أن الصين ستمتلك حوالي 1,000 سلاح نووي منشور بحلول عام 2030، و1,500 بحلول عام 2035، ما سيجعلها توازي الترسانتين الحاليتين لواشنطن وموسكو تقريباً.

خريطة انتشار الرؤوس النووية في أوروبا
خريطة انتشار الرؤوس النووية في أوروبا - الشرق

وإلى أن تصل الصين إلى هذا المستوى من التكافؤ، يبدو أنها غير مهتمة بالانضمام إلى محادثات الحد من التسلح. وقد أعرب ترمب عن اعتقاده بأنه يستطيع إقناع شي بالمشاركة في مثل هذه المفاوضات.

أما إذا قرر ترمب المضي قدماً في اختبار سلاح نووي، ربما في منطقة الاختبارات الواقعة خارج لاس فيجاس، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى قيام دول نووية أخرى باختبارات مماثلة.

ومن بين حلفاء الولايات المتحدة الذين يمتلكون أسلحة نووية: بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، التي يُعتقد أن لديها ترسانة غير معلنة تضم نحو 100 سلاح نووي.
كما أن الهند وباكستان وكوريا الشمالية تمتلك مخزونات نووية متنامية؛ وكانت كوريا الشمالية آخر دولة أجرت اختباراً نووياً مؤكداً، وذلك خلال الولاية الأولى لترمب.

ما عدد الرؤوس النووية؟

وفقاً لتقديرات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) لهذا العام، تمتلك الولايات المتحدة نحو 3 آلاف و700 رأس نووي، وروسيا 4 آلاف و309، بينما لدى الصين ما لا يقل عن 600 رأس نووي، مع زيادة تقدر بحوالي 100 رأس سنوياً منذ عام 2023.

فيما تشير أرقام الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية (ICAN)، إلى امتلاك روسيا أكبر عدد من الرؤوس النووية المؤكدة، حيث تملك 5 آلاف و499 رأساً، مقابل 5 آلاف و277 لدى الولايات المتحدة. وتشكل الدولتان معاً نحو 90% من الترسانة النووية في العالم.

وأعلنت روسيا الأربعاء عن اختبار سلاح نووي جديد بعيد المدى يعمل بالطاقة النووية تحت الماء، كما أجرت مؤخراً تجارب على صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية.

وخلال ولايته الأولى، كان ترمب قد سعى، وفقاً لشبكة NBC، إلى زيادة الترسانة النووية الأميركية بمقدار 10 أضعاف تقريباً.

وجاء هذا الإعلان بعد أيام من تجربة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لصاروخ كروز يعمل بالطاقة النووية، ويتميز بـ "مدى غير محدود"، واصفاً إياه بأنه "سلاح فريد لا تمتلكه أي دولة أخرى".

المخزون العالمي من الأسلحة النووية
المخزون العالمي من الأسلحة النووية - https://fas.org/

وردّ ترمب على ذلك قائلاً للصحفيين على متن طائرة الرئاسة (إير فورس ون) الاثنين: "لا أعتقد أن ما يفعله بوتين أمر مناسب. عليه أن ينهي الحرب، حرب كان يفترض أن تنتهي خلال أسبوع، لكنها الآن تدخل عامها الرابع. هذا ما ينبغي عليه فعله بدلاً من اختبار الصواريخ".

وفي وقت سابق من هذا العام، وصف ترمب نزع السلاح النووي بأنه "هدف كبير"، قائلاً للصحافيين خلال الصيف إن "روسيا مستعدة لذلك، وأعتقد أن الصين ستكون مستعدة أيضاً"، مضيفاً: "لا يمكننا السماح بانتشار الأسلحة النووية. علينا أن نوقفها".

لكن بكين رفضت في ذلك الوقت دعوة ترمب للانضمام إلى الولايات المتحدة وروسيا في تقليص الترسانات النووية، معتبرة أن ذلك "غير معقول وغير واقعي".

كيف استقبلت نيفادا إعلان ترمب؟

أثار إعلان ترمب على مواقع التواصل الاجتماعي موجة انتقادات حادة من بعض الديمقراطيين في الكونجرس، خصوصاً من أعضاء وفد ولاية نيفادا.

وقالت السناتورة جاكي روزن على منصة "إكس": "هذا القرار يتعارض تماماً مع التعهدات التي حصلت عليها من مرشحي ترمب ومسؤولي إدارته، الذين أكدوا أن إجراء تجارب نووية تفجيرية لن يحدث؛ لأنها غير ضرورية. سأقاتل لإيقاف هذا القرار".

كما قالت النائبة دينا تايتوس، وهي ديمقراطية من ولاية نيفادا، إنها ستقدّم مشروع قانون لوقف هذا الإجراء.

وكان برلمان نيفادا قد أقرّ في شهر مايو الماضي قراراً يدعو الحكومة الفيدرالية إلى الحفاظ على وقف اختبارات الأسلحة النووية.

تصنيفات

قصص قد تهمك