وسط مخاوف من خروقات محتملة .. كيف يستعد العراق لتأمين الانتخابات؟

ملصقات دعائية لمرشحين برلمانيين معروضة، استعداداً للانتخابات البرلمانية المقبلة، في بغداد. 8 أكتوبر 2025 - Reuters
ملصقات دعائية لمرشحين برلمانيين معروضة، استعداداً للانتخابات البرلمانية المقبلة، في بغداد. 8 أكتوبر 2025 - Reuters
بغداد-إدريس جواد

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في العراق، تتجه الأنظار إلى الإجراءات الأمنية المتخذة لضمان نزاهة العملية الانتخابية وحماية صناديق الاقتراع، وسط مخاوف من خروقات محتملة أو محاولات للتأثير على إرادة الناخبين. وأكدت الجهات الرسمية جاهزيتها التامة لتأمين مراكز التصويت وضمان مشاركة آمنة وشفافة.

وفي إطار الاستعدادات الجارية أكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أن حماية صناديق الاقتراع تمثل "أولوية قصوى لضمان نزاهة العملية وطمأنة الناخبين"، مشددة على أن الخطة الأمنية وُضعت بالتنسيق الكامل مع الجهات المختصة.

وقال عماد جميل، رئيس الفريق الإعلامي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لـ"الشرق"، إن المفوضية أعدت خطة متكاملة بالتعاون مع القوات الأمنية، تتضمن "تأمين مراكز الاقتراع عبر 3 أطواق أمنية، إضافة إلى حماية المخازن ومكاتب المحافظات، وكل ما يتعلق بالعملية الانتخابية، بما في ذلك نقل المواد اللوجستية من المخازن إلى المراكز ثم إعادتها بعد انتهاء التصويت".

وأضاف جميل أن "عملية حماية صناديق الاقتراع ستكون خاضعة لمراقبة كاملة عبر كاميرات تعمل بالصوت والصورة لتوثيق جميع الأحداث داخل المحطات الانتخابية"، مشيراً إلى أن "العاملين في المراكز هم من موظفي الدولة وطلبة الجامعات والخريجين، مع وجود رقابة محلية ودولية تتابع مجريات العملية الانتخابية لحظة بلحظة".

لافتة انتخابية تحمل صورة المرشحة البرلمانية التركمانية آسين فرحان معروضة في أحد شوارع كركوك. العراق في 13 أكتوبر 2025
لافتة انتخابية تحمل صورة المرشحة البرلمانية التركمانية آسين فرحان معروضة في أحد شوارع كركوك. العراق في 13 أكتوبر 2025 - Reuters

وأوضح جميل أن التنسيق يجري ضمن إطار اللجنة الأمنية العليا للانتخابات، التي انبثقت عنها لجان ميدانية واستخبارية، وأخرى معنية بالأمن السيبراني والإعلام، مشدداً على أن "هذه اللجان تنفذ خطط اللجنة العليا بالتعاون مع جميع الوزارات الأمنية، لضمان انسيابية العملية الانتخابية خلال يومي التصويت الخاص والعام".

استعدادات ميدانية واستخبارية

من جانبه، أكد الفريق سعد معن رئيس خلية الإعلام الأمني، لـ"الشرق"، أن اللجنة الأمنية العليا لانتخابات مجلس النواب، أكملت جميع الإجراءات والترتيبات الخاصة بيوم الاقتراع، لافتاً إلى أن اللجنة تضم 5 لجان فرعية تشمل الاستخبارات، الإعلام، الإدارة واللوجستيات، والأمن السيبراني.

وأشار معن إلى أن "الخطط العامة والخاصة لحماية المراكز الانتخابية ونقل عصا الذاكرة، وكل ما يتعلق بسير العملية قد اكتملت"، لافتاً إلى أن "جميع المواد البشرية والاستخبارية باتت جاهزة، وأن الأجواء مهيأة لإجراء الانتخابات دون معوقات".

وأضاف أن التحديات الأمنية تكاد تكون غير موجودة بفضل الجهد الكبير الذي تبذله القوات الأمنية، وما يحدث أحياناً من توتر أو مخالفات لا يتجاوز إطار التنافس الانتخابي، مثل جرائم الدعاية غير المشروعة أو استخدام الذكاء الاصطناعي في التضليل ونشر الشائعات".

وشدد على أن "الوضع الأمني مستقر، ولا توجد مخاطر حقيقية تهدد العملية الانتخابية".

مخاوف من السلاح المنفلت

في المقابل، يرى خبراء أمنيون أن ملف السلاح المنفلت لا يزال يشكل هاجساً قد يؤثر على سير العملية الانتخابية وحريّة الناخبين في الاختيار.

وقال الخبير الأمني معن الجبوري لـ"الشرق"، إن "الهاجس الأكبر الذي يقلق المواطن هو الاستتباب الأمني، خصوصاً بعد حادثة اغتيال أحد المرشحين في بغداد"، مؤكداً أن "وجود السلاح خارج سيطرة الدولة يمثل عامل ضغط نفسي على الناخب، ويحد من قدرته على الإدلاء بصوته بحرية تامة".

وأضاف الجبوري أن "أي حادث أمني يوم الاقتراع قد يتسبب في عزوف المواطنين عن المشاركة، في وقت يعاني فيه الشارع أساساً من تردد في الإقبال على التصويت"، مشيراً إلى أن "الإجراءات الأمنية الحالية جيدة جداً، لكن الخطر الحقيقي يتمثل في السلاح غير المنضبط الذي كان له تأثير واضح في تجارب انتخابية سابقة".

وتابع أن "القوات الأمنية ستكون في حالة استنفار تام، وستسخّر كل الإمكانيات لتأمين سير الانتخابات"، معرباً عن ثقته بقدرة الأجهزة الأمنية على إدارة الملف، رغم استمرار القلق الشعبي من السلاح المنفلت.

اختبار الثقة

ورغم اكتمال الخطط الأمنية والمراقبة المحلية والدولية، تبقى مسألة الأمن الانتخابي التحدي الأبرز أمام نزاهة الاستحقاق المقبل، إذ تعتمد الثقة بالعملية الديمقراطية على قدرة الدولة في ضمان سلامة الناخبين وصون إرادتهم.

وبين التحضيرات المكثفة والمخاوف الأمنية، تبدو الانتخابات المقبلة اختباراً حقيقياً لمدى قدرة المؤسسات على حماية الصناديق وصون أصوات المواطنين، ليبقى الأمن الانتخابي هو المعيار الأهم لنجاح التجربة الديمقراطية في العراق. 

تصنيفات

قصص قد تهمك