الأطول في تاريخ أميركا.. استمرار الإغلاق الحكومي وسط خلافات الديمقراطيين والجمهوريين

البيت الأبيض بعد مرور أكثر من شهر على استمرار إغلاق الحكومة الأميركية. واشنطن . 2 نوفمبر 2025 - Reuters
البيت الأبيض بعد مرور أكثر من شهر على استمرار إغلاق الحكومة الأميركية. واشنطن . 2 نوفمبر 2025 - Reuters
دبي-الشرق

دخل الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، الأربعاء، يومه الـ36، محطماً الرقم القياسي كأطول إغلاق في تاريخ البلاد، ومتسبباً في تعطيل حياة ملايين الأميركيين، عبر وقف برامج فيدرالية وتأخر الرحلات الجوية وحرمان الموظفين الفيدراليين من رواتبهم.

ويرفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب التفاوض مع الديمقراطيين بشأن مطالبهم بإنقاذ إعانات التأمين الصحي التي أوشكت على الانتهاء، ما لم يوافقوا أولاً على إعادة فتح الحكومة، وفق ما أورد تقرير لوكالة "أسوشيتد برس".

لكن الديمقراطيين المشككين يتساءلون عمّا إذا كان ترمب، المنتمي للحزب الجمهوري، سيلتزم بوعوده، خاصة بعد أن قامت إدارته بتقييد مساعدات الغذاء، رغم وجود أوامر قضائية تضمن توفير التمويل لمنع الجوع.

لقاء ترمب مع الجمهوريين

ترمب، الذي سجّل خلال ولايته الأولى الرقم القياسي السابق للإغلاق الحكومي، من المقرر أن يلتقي الأربعاء مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين. لكن لم يتم تحديد أي اجتماعات مع الديمقراطيين.

وقالت عضوة مجلس الشيوخ الديمقراطية إيمي كلوبوشار: "لماذا يحدث هذا؟ نحن في حالة إغلاق، لأن زملاءنا غير مستعدين للجلوس والتفاوض حول أمر واحد بسيط: أقساط التأمين الصحي". وأضافت: "أوقفوا هذه الفوضى، اجلسوا إلى الطاولة، وتفاوضوا".

ومع ابتعاد ترمب إلى حد كبير عن مسار المحادثات، يقود مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الوسطيين جهوداً لمحاولة التوصل إلى اتفاق لإنهاء الجمود، ولكن يبدو أن هذه الجهود لم تكلل بأي نجاح بعد.

وبعد اجتماع مغلق استمر ساعات، الثلاثاء، خرج الديمقراطيون في مجلس الشيوخ بوجوه جامدة، ومن دون مسار واضح للحل.

وقال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، بعد الاجتماع: "نحن نبحث كل الخيارات".

وكان من المتوقع أن يُكسر هذا الانسداد السياسي بعد الانتهاء من فرز نتائج انتخابات، الثلاثاء، التي تعتبر اختباراً لمزاج الناخبين تجاه فترة ترمب الثانية في البيت الأبيض.

ولكن الديمقراطيين اكتسحوا السباقات الأساسية، لمنصب الحاكم في فرجينيا ونيوجيرسي، وكذلك سباق عمدة مدينة نيويورك التي عادت للديمقراطي زهران ممداني، ما من شأنه تغيير الحسابات السياسية. واحتفل الديمقراطيون بهذا النصر، واعتبروه فوزاً للحزب أمام ترمب.

رقم قياسي جديد لترمب

يختلف نهج ترمب في هذا الإغلاق عن إغلاق عامه الأول، حين توقفت الحكومة لمدة 35 يوماً بسبب مطالبته بتمويل بناء الجدار الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك.

حينها، كان ترمب يعقد اجتماعات علنية ويتفاوض مع قادة الكونجرس، لكنه تراجع في نهاية المطاف عام 2019 بعد فشله في الحصول على التمويل.

هذه المرة، الأمر لا يتوقف على امتناع ترمب عن الدخول في المحادثات. فقادة الكونجرس في حالة جمود، ورئيس مجلس النواب مايك جونسون (جمهوري) أرسل المشرعين إلى منازلهم في سبتمبر بعد تمريرهم مشروع تمويل خاص بهم، رافضاً أي مفاوضات إضافية.

وفي غضون ذلك، تعطلت مساعدات الغذاء، وصناديق رعاية الأطفال، والعديد من الخدمات الحكومية، وتم منح إجازات قسرية لمئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين، بينما يُطلب من آخرين العمل دون أجر.

وتوقّع وزير النقل، شون دافي، حدوث فوضى في الأجواء الأسبوع المقبل، إذا لم يحصل مراقبو الحركة الجوية على رواتبهم. وتضغط النقابات العمالية على المشرعين لإعادة فتح الحكومة.

وقال زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، جون ثون: "هذا ليس فقط أطول إغلاق، بل أكثر الإغلاقات قسوة في التاريخ".

وحثّ ثون الديمقراطيين على قبول عرضه بالتصويت على قضية الرعاية الصحية والاستمرار في التفاوض بعد إعادة فتح الحكومة، مؤكداً أن "لا أحد يفوز سياسياً من هذا الجمود". وأضاف: "الإغلاقات الحكومية شيء غبي".

زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ جون ثون  يتحدث إلى الصحافيين في البيت الأبيض وإلى جانبه أعضاء جمهوريون بعد اجتماعهم مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب. واشنطن. 21 أكتوبر 2025
زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ جون ثون يتحدث إلى الصحافيين في البيت الأبيض وإلى جانبه أعضاء جمهوريون بعد اجتماعهم مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب. واشنطن. 21 أكتوبر 2025 - Reuters

 خلافات حول التأمين الصحي

أي حل نهائي سيتطلب سلسلة اتفاقات يجب أن يلتزم بها مجلس الشيوخ ومجلس النواب والبيت الأبيض، وكل ذلك غير مؤكد في واشنطن.

يدفع أعضاء في المجلس من الحزبين، وخاصة أعضاء لجنة المخصصات، لإعادة عملية تمويل الحكومة إلى مسارها الطبيعي. وقال السناتور الديمقراطي جاري بيترز من ميشيجان: "وتيرة المحادثات تسارعت".

ومن بين الأهداف ضمان التصويت على مجموعة صغيرة من مشاريع القوانين التي تحظى بتوافق حزبي واسع، لتمويل قطاعات حكومية معينة، مثل البرامج الزراعية ومشاريع البناء العسكري.

وقالت العضوة الجمهورية في مجلس الشيوخ كايتي بريت: "أعتقد بالتأكيد أن حزمة القوانين جاهزة لتقديم الكثير من الفائدة للشعب الأميركي".

ويسعى عدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ لإيجاد حلّ للخلاف بشأن تمويل إعانات قانون الرعاية الصحية (أوباما كير)، التي تنتهي بنهاية العام.

ويواجه ملايين الأميركيين صدمة الأسعار، ومن المتوقع أن يؤدي انتهاء الإعانات الفيدرالية المعززة، التي أُضيفت خلال جائحة "فيروس كورونا" على شكل اعتمادات ضريبية، إلى حرمان الكثيرين من القدرة على شراء تأمين صحي.

ويبقى الجمهوريون مترددين في تمويل البرنامج من دون إصلاحات، بينما يرى الديمقراطيون أن التفاوض على إصلاحات سيستغرق وقتاً طويلاً للتوصل إلى اتفاق.

ووعد ثون الديمقراطيين بتحديد موعد تصويت على اقتراحهم المفضل بشأن الرعاية الصحية، كجزء من أي اتفاق لإعادة فتح الحكومة، لكن ذلك لا يكفي لبعض أعضاء المجلس، الذين يرون أن هذا الخلاف هو جزء من مخاوفهم الأوسع تجاه نهج ترمب في قيادة البلاد.

ولكن البيت الأبيض يقول إن موقفه لم يتغير، وأنه يجب على الديمقراطيين التصويت لتمويل الحكومة قبل بدء أي نقاش حول الرعاية الصحية.

وقال مسؤول كبير في إدارة ترمب لوكالة "أسوشيتد برس"، إن البيت الأبيض على اتصال وثيق مع أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ، والذين يجرون محادثات بهدوء مع الديمقراطيين.

"قاعدة التعطيل" 

يدفع ترمب أعضاء مجلس الشيوخ لإلغاء "قاعدة التعطيل"، من أجل إعادة فتح الحكومة.

وقاعدة التعطيل، هو أسلوب متبع منذ زمن طويل في الكونجرس، يتيح لأي عضو أو مجموعة من الأعضاء إطالة النقاش ومنع التصويت على مشروع قانون أو قرار، عبر الحديث المستمر، ما يدفع بالمجلس إلى تأجيل التصويت.

ويتطلب التغلب على هذه القاعدة في مجلس الشيوخ، الحصول على 60 صوتاً (من أصل 100) لإنهاء النقاش والانتقال إلى التصويت، ولكن ذلك يتطلب أصواتاً من الديمقراطيين لدعم أصوات الأغلبية الجمهورية المؤلفة من 53 مقعداً.

ورفض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون فكرة إلغاء قاعدة التعطيل، في موقف علني نادر ضد ترمب.

ويجادل ثون وآخرون بأن هذه القاعدة، على الرغم من أنها محبطة أحياناً، تضمن قدرة حزب الأقلية على كبح السلطة، وهو أمر مهم عند تغير النفوذ في واشنطن.

وفي مجلس الشيوخ الحالي، حيث يمتلك الجمهوريون أغلبية ضئيلة 53 مقابل 47، تمكن الديمقراطيون من عرقلة مشروع قانون التمويل الذي أقره مجلس النواب بعد تصويتهم ضده أكثر من اثنتي عشرة مرة.

وقال ترمب إن التخلص من "قاعدة التعطيل" سيكون وسيلة للجمهوريين لتجاوز الديمقراطيين، وإنهاء الإغلاق بمفردهم. ويحاول أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون تجنب الوصول إلى هذا السيناريو.

تصنيفات

قصص قد تهمك