مع اقتراب "القاعدة" من باماكو.. واشنطن تبدي استعدادها للتعاون مع مالي

أشخاص يتجمعون أمام محطة وقود في باماكو وسط النقص المستمر في الوقود. مالي. 1 نوفمبر 2025 - Reuters
أشخاص يتجمعون أمام محطة وقود في باماكو وسط النقص المستمر في الوقود. مالي. 1 نوفمبر 2025 - Reuters
دبي-الشرق

أبدت الولايات المتحدة استعدادها للتعاون من المجلس العسكري الحاكم في مالي، في وقت يقترب فيه مسلحو تنظيم القاعدة من العاصمة باماكو، بعد أن سيطروا على معظم طرق الإمداد، وقطعوا وصول شحنات الوقود الحيوية.

ودفع الوضع المتأزم في مالي، البالغ عدد سكانها 21 مليوناً، العديد من الدول إلى بدء إجلاء رعاياها، على غرار الولايات المتحدة، وسط مخاوف من سقوط باماكو بأيدي "القاعدة" قريباً.

وبعد أيام من مطالبة واشنطن للدبلوماسيين والمواطنين الأميركيين بمغادرة مالي، أشاد مسؤول أميركي رفيع بالمجلس العسكري الحاكم، ملمحاً إلى إمكانية التعاون بين الحكومتين بعد سنوات من العلاقة الدبلوماسية المتوترة.

وقال كريستوفر لاندو، نائب وزير الخارجية الأميركي، في منشور عبر منصة "إكس"، الأربعاء: "تثني الولايات المتحدة على القوات المسلحة في مالي في محاربتها للمتطرفين، جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (المرتبطة بالقاعدة)".

وأضاف لاندو: "أجريت محادثة ممتازة مع وزير خارجية مالي عبد الله ديوب، لمناقشة مصالحنا الأمنية المشتركة في المنطقة"، معرباً عن تطلعه لتعزيز التعاون بين البلدين.

وذكرت وكالة "أسوشيتد برس"، أن هذا التصريح يمثل تحولاً علنياً في موقف الحكومة الأميركية بشأن التعاون مع المجلس العسكري في مالي، الذي تولى السلطة بعد انقلاب 2021.

"إصلاح العلاقات"

وبذلت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب جهوداً لإصلاح العلاقات مع البلدان التي تحكمها مجالس عسكرية في المنطقة، بسبب الفراغ الدبلوماسي الذي أعقب الانقلابات.

وشهدت منطقة غرب إفريقيا سلسلة من الانقلابات منذ عام 2020، حيث سيطر العسكريون على السلطة، ما أدى إلى شرخ دبلوماسي بين دول الساحل الإفريقي وشركائها الغربيين الرئيسيين. وطُردت القوات الفرنسية من دول شريكة في المنطقة، كما طُلب من القوات الأميركية مغادرة النيجر.

لكن منذ ذلك الحين، تصاعدت هجمات الجماعات المسلحة، وأصبحت أكثر سوءاً، رغم الجهود المشتركة بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر، التي تشكل معاً "تحالف دول الساحل".

ورحّب بعض المسؤولين في الحكومة المالية بتصريحات لاندو، مؤكدين أن التعاون سيساعد الجيش المالي على مواجهة الجماعات التي تهدد العاصمة باماكو الآن.

وقال موسى أغ أشاراتومان، عضو المجلس الوطني الانتقالي، وهو الهيئة التشريعية خلال المرحلة الانتقالية في مالي، لـ"أسوشيتد برس": "نظراً للخبرة الأميركية في هذا المجال، فذلك لن يكون إلا أمراً إيجابياً بالنسبة لنا".

منطقة الساحل الإفريقي

ووفق "أسوشيتد برس"، فإن الولايات المتحدة، ورغم رغبتها الواضحة في الانخراط في منطقة الساحل، إلا أنها لا تملك حتى الآن مساراً واضحاً أو عاجلاً للتحرك.

ومنذ سبتمبر الماضي، فرضت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بتنظيم "القاعدة"، حصاراً خانقاً على واردات النفط إلى مالي.

وأدى ذلك إلى تأثير اقتصادي واسع في البلاد، حيث يصطف الناس بالساعات للحصول على الوقود، كما زاد الضغط على المجلس العسكري.

ويشير الخبراء للوكالة، إلى أن الجماعة كانت تُرسخ سيطرتها على المناطق الريفية منذ فترة، لكن ضغطها الآن على المفاصل الاقتصادية للبلاد يدل على طموحات أكبر.

وقال جيمس بارنيت، الباحث في معهد هدسون والمتخصص في الأمن والسياسة في إفريقيا: "إن تصاعد شدة الحصار على الوقود، وعمليات الجماعة على أطراف العاصمة، وحتى التقارير التي تشير إلى تواصلها مع شخصيات سياسية معارضة للحكومة، كلها توحي بإمكانية أن تكون الجماعة تفكر فعلياً في سيناريو شبيه بطالبان في أفغانستان".

تصطف الدراجات النارية بالقرب من محطة بنزين مغلقة وسط نقص مستمر في الوقود بسبب الحصار الذي فرضه المتطرفون المرتبطون بتنظيم القاعدة في أوائل سبتمبر الماضي، في باماكو. 31 أكتوبر 2025
دراجات نارية تصطف بالقرب من محطة بنزين مغلقة وسط نقص مستمر في الوقود بسبب الحصار الذي فرضته "القاعدة" على باماكو. 31 أكتوبر 2025 - REUTERS

والأسبوع الماضي، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، عن مسؤولين محليين وأوروبيين، قولهم إن جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، قريبة من السيطرة على باماكو، رغم أنها قد تنتظر بعض الوقت قبل اتخاذ خطوة حاسمة.

وذكر المسؤولون، أن قطع طرق إمدادات الغذاء والوقود عن باماكو، تسبب في التأثير على قدرة الجيش للرد.

وتشكّلت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" في عام 2017، إثر اندماج فصائل تابعة لـ"القاعدة". 

وتشن جماعة عديدة مرتبطة بـ"القاعدة" وتنظيم "داعش"، هجمات في مناطق واسعة من غرب إفريقيا، بما في ذلك النيجر وبوركينا فاسو ومالي، مع التوسع تدريجياً نحو دول أكثر استقراراً، مثل بنين وكوت ديفوار وتوجو وغانا، على ساحل خليج غينيا.

تصنيفات

قصص قد تهمك