حقق المشرعون الجمهوريون والديمقراطيون تقدماً بطيئاً، في نهاية الأسبوع (السبت والأحد)، بشأن التوصل إلى اتفاق لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، رغم تفاؤل زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، جون ثون، بشأن المحادثات.
ويمر الأحد، 40 يوماً على بدء الإغلاق، الذي تسبب في إلحاق خسائر متزايدة بالبلاد، وأضر آلاف الموظفين الفيدراليين، وأثر على المساعدات الغذائية، وعمل المتنزهات الوطنية، والرحلات الجوية في جميع أنحاء البلاد، فيما أصبح برنامج المساعدة الغذائية التكميلية SNAP، محور معركة قضائية رفيعة المستوى.
وألغت شركات الطيران الأميركية 1330 رحلة جوية في اليوم الثاني من تخفيضات الرحلات الجوية، التي فرضتها الحكومة في جميع أنحاء البلاد، السبت، وتأهب القطاع لمزيد من الإلغاءات مع استمرار إغلاق الحكومة الفيدرالية.
ولم تُسفر أول جلسة لمجلس الشيوخ في عطلة نهاية الأسبوع منذ بداية الإغلاق إلا عن مؤشرات قليلة على إحراز تقدم، إذ لم تتحقق رغبة السيناتور الجمهوري من ولاية ساوث داكوتا، جون ثون، في إجراء تصويت سريع، وفق وكالة "أسوشيتد برس".
بدأت جلسة السبت بداية صعبة عندما أوضح الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أنه من المستبعد أن يتوصل إلى تسوية في أي وقت قريب مع الديمقراطيين، الذين يسعون إلى تمديد الإعفاءات الضريبية لقانون الرعاية الصحية الميسرة Affordable Care Act لمدة عام واحد.
وقال على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، إنها "أسوأ رعاية صحية في أي مكان في العالم"، واقترح أن يرسل الكونجرس الأموال مباشرة إلى الناس لشراء التأمين.
وقال ثون، إن اقتراح ترمب لن يكون جزءاً من الحل لإنهاء الإغلاق، لكنه أضاف "إنه نقاش يريد الرئيس وجميعنا أن نخوضه"، فيما اتفق أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون الذين تحدثوا في قاعة المجلس، السبت، مع تقييم ترمب بشكل عام.
وقال السيناتور الجمهوري عن ولاية كاليفورنيا، ليندسي جراهام: "أضمن لكم أن كل يوم نُبقي فيه على هذا النظام هو يوم عظيم لشركات التأمين الصحي التي كانت تكسب مثل قطاع الطرق كل يوم في ظل برنامج أوباما كير"، مضيفاً: "سنقوم باستبدال هذا النظام المعيب بشيء أفضل للمستهلك".
تفاؤل جمهوري
ورداً على سؤال من الصحافيين، بشأن مدى إيجابية المحادثات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، أجاب ثون: "نعم، يمكنني قول ذلك".
كما عبر أعضاء جمهوريون بمجلس الشيوخ الأميركي، عن أملهم في أن يتم الكشف عن النص الكامل لثلاثة تدابير تمويل للعام المالي 2026، لبرامج الزراعة والغذاء والتغذية، إلى جانب مخصصات لمشروعات بناء عسكرية وبرامج قدامى المحاربين وتمويل تشغيل الكونجرس. ووفقاً للمقترحات، سيجري تمويل تلك العمليات حتى 30 سبتمبر 2026.
لكن يوم العمل انتهى دون الإعلان عن أي اتفاقات بين الحزبين بشأن إعادة فتح الحكومة، ولم يتم الإعلان عن مشروعات قوانين التمويل للعام بأكمله، وسيحاول مجلس الشيوخ مرة أخرى في جلسة نادرة، الأحد.
في هذه الأثناء، يعمل أعضاء مجلس الشيوخ على إجراء مؤقت من شأنه أن يمنحهم المزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق بشأن مشاريع قوانين الإنفاق "التقديرية" التسعة المتبقية لبقية الحكومة الاتحادية، مثل وكالات الأمن الداخلي والدفاع والإسكان والصحة.
وقال السيناتور الديمقراطي عن ولاية أوريا، رون وايدن، إنه يرحب بالجمهوريين في المعركة عندما يتعلق الأمر بشركات التأمين "لكن لا ينبغي أن يأتي ذلك على حساب حرمان الملايين من الرعاية الصحية في يناير".
وأشار القادة الجمهوريون في مجلس الشيوخ إلى انفتاحهم على اقتراح جديد من مجموعة صغيرة من الديمقراطيين المعتدلين لإنهاء الإغلاق الحكومي مقابل التصويت لاحقاً على إعانات "أوباما كير"، التي توفر الرعاية بأسعار معقولة.
بالنسبة لأولئك المسجلين في بورصات قانون الرعاية بأسعار معقولة، من المتوقع أن ترتفع أقساط التأمين في المتوسط إلى أكثر من الضعف العام المقبل إذا سمح الكونجرس بانقضاء الدعم المعزز.
وقالت السيناتور الديمقراطية عن ولاية نيوهامشر، جين شاهين، التي تقود المحادثات بين "المعتدلين"، مساء الجمعة، إن الديمقراطيين "بحاجة إلى مسار آخر للمضي قدماً" بعد أن رفض الجمهوريون عرضاً من زعيم الديمقراطيين تشاك شومر لإعادة فتح الحكومة وتمديد الإعانات لمدة عام. وقالت: "نحن نعمل على ذلك".
"المعتدلون" يواصلون التفاوض
ووفق "أسوشيتد برس"، تناقش شاهين وآخرون، الذين يتفاوضون فيما بينهم ومع بعض أعضاء الكونجرس من الحزب الجمهوري، مشروعات قوانين لتخصيص أموال لأجزاء من الحكومة، وتمديد تمويل كل شيء آخر حتى ديسمبر أو يناير. ولن يأتي الاتفاق إلا مع وعد بالتصويت على الرعاية الصحية في المستقبل، بدلاً من ضمان تمديد الدعم.
ولم يتضح ما إذا كان عدد كافٍ من الديمقراطيين سيدعمون مثل هذه الخطة، وحتى مع وجود اتفاق، يبدو من غير المرجح أن يدعم ترمب تمديد الإعانات الصحية. وكان رئيس مجلس النواب مايك جونسون، وهو جمهوري من لوس أنجلوس، قال هذا الأسبوع إنه لن يلتزم بالتصويت على الرعاية الصحية.
ويحتاج القادة الجمهوريون إلى خمسة أصوات إضافية فقط لتمرير تمويل الحكومة، وتراوحت المجموعة المشاركة في المحادثات بين 10 إلى 12 عضواً ديمقراطياً في مجلس الشيوخ.
وأبدى بعض الجمهوريين انفتاحهم على تمديد الإعفاءات الضريبية التي أقرت خلال فترة جائحة فيروس كورونا، حيث يمكن أن ترتفع أقساط التأمين الصحي لملايين الأشخاص، لكنهم يريدون فرض قيود جديدة على من يمكنه الحصول على الإعانات، وجادلوا بأن الإعانات المالية للخطط يجب أن يجري توجيهها مباشرة إلى الأفراد.
حزمة تشريعات جديدة
ودعا الرئيس الأميركي ترمب، الجمهوريين إلى إنهاء الإغلاق الحكومي بسرعة وإلغاء قاعدة "التعطيل" Filibuster التي تتطلب 60 صوتاً في مجلس الشيوخ لمعظم التشريعات، حتى يتمكنوا من تجاوز الديمقراطيين تماماً.
بدوره أيّد نائب الرئيس جي دي فانس، وهو سيناتور سابق عن ولاية أوهايو، الفكرة في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، السبت، قائلاً إن الجمهوريين الذين يريدون الإبقاء على قاعدة التعطيل "مخطئون".
فيما رفض الجمهوريون دعوة ترمب، ويتطلع ثون إلى حزمة تشريعات مشتركة بين الحزبين، تعكس الاقتراح الذي كان الديمقراطيون "المعتدلون" يرسمونه، لكن ما يعد به ثون بشأن الرعاية الصحية غير معروف، وذلك بعد رفضه التفاوض.
وهذه الحزمة من شأنها أن تحل محل التشريع الذي أقره مجلس النواب، والذي رفضه الديمقراطيون 14 مرة منذ بدء الإغلاق الحكومي في 1 أكتوبر الماضي. ومن شأن مشروع القانون الحالي تمديد التمويل الحكومي حتى 21 نوفمبر الجاري.
خياران أمام الديمقراطيين
رجحت "أسوشيتد برس"، إجراء تصويت تجريبي على التشريع الجديد في الأيام القليلة المقبلة إذا قرر السناتور ثون المضي قدماً.
وأوضحت أن الديمقراطيين سيكون أمامهم خياران؛ إما مواصلة الكفاح من أجل التوصل إلى اتفاق مثمر بشأن تمديد الإعانات، التي تنتهي صلاحيتها في يناير المقبل، مع إطالة أمد الإغلاق الحكومي، أو التصويت على إعادة فتح الحكومة والأمل في الأفضل، بينما يعد الجمهوريون بالتصويت على الرعاية الصحية في نهاية المطاف، ولكن ليس بنتيجة مضمونة.
من جانبه، أصر شومر، السبت، على القول بأنه يتعين على الجمهوريين قبول تمديد الإعانات لمدة عام واحد قبل التفاوض على مستقبل الإعفاءات الضريبية.
وقال شومر في خطاب ألقاه في الكونجرس إن "عدم القيام بأي شيء هو تقصير؛ لأن الناس سيفلسون، وسيفقد الناس التأمين، وسيزداد مرض الناس. هذا ما سيحدث إذا فشل الكونجرس في التحرّك".
كما انتقد شومر إدارة ترمب لمطالبتها المحكمة العليا بتجميد أمر المحكمة الذي أمرها بتسديد مدفوعات برنامج المساعدات الغذائية SNAP الكاملة لشهر نوفمبر، بالإضافة إلى تخفيضات الحركة الجوية التي ألغت آلاف الرحلات الجوية في جميع أنحاء البلاد.
وقال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ: "بالنسبة لهذه الإدارة (إدارة ترمب) يعد الذهاب إلى المحكمة العليا لمجرد الاضطرار إلى دفع مخصصات المساعدات الغذائية للأطفال الجياع، يعبر عن مستويات مرضية من الانتقام".
وأضاف: "هذه الأزمة في أيدي الإدارة، كل شيء يتعلق بهم، وليس أي شخص آخر"، معتبراً أن تخفيض الرحلات الجوية "غير ضرورية ومحاولة من الإدارة للضغط على الديمقراطيين".












