مقترح جمهوري يحصد موافقة أغلبية المجلس بدعم من 8 ديمقراطيين

مجلس الشيوخ يبدأ أولى خطوات إنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ أميركا

مجلس الشيوخ الأميركي خلال التصويت على إعادة فتح الحكومة. 09 نوفمبر 2025 - Senate TV
مجلس الشيوخ الأميركي خلال التصويت على إعادة فتح الحكومة. 09 نوفمبر 2025 - Senate TV
واشنطن/ دبي -الشرق

اتّخذ مجلس الشيوخ الأميركي أول خطوة لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، بعدما صوّت ثمانية أعضاء ديمقراطيين مع الجمهوريين لتجاوز عرقلة الحزب الديمقراطي، بهدف تمرير مشروع قانون لإعادة فتح الحكومة.

وحصل الإجراء على 60 صوتاً مقابل 40، وهو الحد الأدنى اللازم لكسر "قاعدة التعطيل" التشريعية، من أجل المضي قدماً في مشروع الإنفاق الذي أقره مجلس النواب سابقاً، على أن يناقشه مجلس الشيوخ لاحقاً مع تعديله.

وينص المشروع على تمويل الحكومة حتى 30 يناير، إضافة إلى إدراج حزمة من ثلاثة قوانين تمويل سنوية كاملة.

وإذا أقرّ مجلس الشيوخ الصيغة المعدّلة، فسيتعين على مجلس النواب الموافقة عليها وإرسالها إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتوقيعها، وهي عملية قد تستغرق بضعة أيام.

وينص المشروع على التصويت لاحقاً، في ديسمبر، على تمديد الإعفاءات الضريبية للتأمين الصحي لمدة عام، وهو تعهّد يشكّك الديمقراطيون في جدواه داخل الكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون.

ورغم ذلك، يشمل المشروع بنوداً تُلغي عمليات فصل الموظفين التي حدثت خلال الإغلاق، وتضمن صرف مستحقات المتأخرات لهم، وهو ما اعتبره بعض الديمقراطيين مكسباً كافياً لدعم المشروع.

ومع ذلك، يبقى الانقسام الديمقراطي واضحاً، فزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر صوّت ضد المشروع، فيما هاجم الديمقراطيون التنازل عن ملف التأمين الصحي، الذي جعلوه محور معركة الإغلاق.

5 ديمقراطيين يغيرون مواقفهم

وقبل التصويت، الذي عقد مساء الأحد إلى الاثنين، أعلن أولاً 3 أعضاء في مجلس الشيوخ أنهم سيصوتون لإعادة فتح الحكومة، وهم الديمقراطيتان، جين شاهين، وماجي حسن، والمستقل أنجوس كينج (من التيار الديمقراطي).

وبالإضافة إلى شاهين وكينج وحسن، صوّت السيناتور الديمقراطي، تيم كاين، من ولاية فرجينيا، التي تضم عشرات الآلاف من الموظفين الفيدراليين، لصالح المضي قدماً في الاتفاق، بالإضافة إلى ديك دوربين، ثاني أكبر عضو ديمقراطي بمجلس الشيوخ، وجون فيترمان، وكاثرين كورتيز ماستو، وجاكي روزين، على عكس الإجماع الديمقراطي.

وشارك في المفاوضات نحو 12 عضواً ديمقراطياً بمجلس الشيوخ. ولكن في النهاية، غير 5 ديمقراطيين فقط أصواتهم، وهو العدد الدقيق الذي كان يحتاجه الجمهوريون.

وكان كل من كينج وكورتيز ماستو، وفيترمان صوتوا بالفعل لفتح الحكومة منذ 1 أكتوبر الماضي.

معارضة وانتقادات ديمقراطية

وبعد اجتماع الديمقراطيين لأكثر من ساعتين لمناقشة مقترح الجمهوريين، قال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، إنه لا يستطيع "بحسن نية" دعمه.

وأضاف شومر قبل التصويت: "أميركا في خضم أزمة رعاية صحية صنعها الجمهوريون"، معتبراً أن الأميركيين "سيعانون بشكل كبير"، وأن "الأزمة ستزداد سوءاً". وتابع شومر: "لقد دقّ الديمقراطيون ناقوس الخطر، ولن نتخلى عن المعركة".

وقال شومر، الذي تلقى رد فعل عنيف من حزبه في مارس الماضي، عندما صوّت لصالح إبقاء الحكومة مفتوحة، إن الديمقراطيين الآن "أطلقوا تحذيرات" بشأن الرعاية الصحية، مضيفاً: "لن نتخلى عن المعركة".

زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر خلال مؤتمر صحافي في مبنى الكابيتول بالعاصمة واشنطن. 30 سبتمبر 2025
زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر خلال مؤتمر صحافي في مبنى الكابيتول بالعاصمة واشنطن. 30 سبتمبر 2025 - REUTERS

فيما اعتبر السيناتور المستقل، بيرني ساندرز، من ولاية فيرمونت، الذي يتحالف مع الديمقراطيين، أن التخلي عن النضال كان "خطأً مروع".

واتفق معه السيناتور الديمقراطي عن ولاية كون، كريس ميرفي، قائلاً إن الناس في انتخابات الأسبوع الماضي صوّتوا بأغلبية ساحقة للديمقراطيين لـ"حض الديمقراطيين على الصمود".

وانخرط الجمهوريون في العمل مع عدد من الديمقراطيين الذين قرروا التصويت لفتح الحكومة، بينما استمر الإغلاق في تعطيل الرحلات الجوية على مستوى البلاد، وتهديد المساعدات الغذائية لملايين الأميركيين، وترك الموظفين الفيدراليين من دون رواتب.

لكن العديد من الديمقراطيين في مجلس النواب حذّروا زملاءهم من التنازل وانتقدوا مجلس الشيوخ، بحجة أنه لا يمكنهم إنهاء المعركة دون اتفاق على تمديد إعانات الرعاية الصحية.

واعتبر النائب الديمقراطي جريج كاسار، رئيس التجمع التقدمي في الكونجرس، أن الاتفاق الذي لا يقلل من تكاليف الرعاية الصحية هو "خيانة" لملايين الأميركيين، الذين يعوّلون على الديمقراطيين في القتال.

وقال كاسار في منشور على منصة "إكس"، إن "قبول أي شيء سوى وعد بالإصبع الصغير من الجمهوريين ليس حل وسط، إنه استسلام"، مضيفاً: "ستدفع ملايين العائلات الثمن".

وكتب النائبة الديمقراطية أنجي كريج، على منصة "إكس": "إذا كان الناس يعتقدون أن هذه (صفقة)، فلدي جسر لأبيعه لكم".

وألقى زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب، حكيم جيفريز، باللائمة على الجمهوريين، وقال إن الديمقراطيين سيواصلون القتال، مضيفاً: "دونالد ترمب والحزب الجمهوري يتحملون مسؤولية الفوضى السامة التي خلقوها في بلدنا والشعب الأميركي يعرف ذلك".

تفاصيل المقترح الجمهوري

وصوّت الديمقراطيون 14 مرة ضد إعادة فتح الحكومة، إذ إنهم يطالبون بتمديد الاعتمادات الضريبية التي تجعل التأمين الصحي أكثر ميسورية ضمن خطط "قانون الرعاية الميسرة".

ورفض الجمهوريون التفاوض بشأن إعانات الرعاية الصحية مع استمرار الإغلاق الحكومي، لكنهم أبدوا دعمهم للمقترح الذي قدمه "الديمقراطيون المعتدلون" خلال الأيام الأخيرة.

وسيموّل الاتفاق أجزاء من الحكومة، تشمل المساعدات الغذائية، البرامج الخاصة بالمحاربين القدامى، والسلطة التشريعية، وغيرها، ويمدد تمويل بقية الوكالات حتى نهاية يناير.

كما يتضمن المقترح الجمهوري القائم منذ فترة طويلة، إجراء تصويت مستقبلي على إعانات الرعاية الصحية بحلول منتصف ديسمبر المقبل.

وسيُعاد الموظفون الفيدراليون الذين تلقوا إشعارات تخفيض قوة العمل أو الاستغناء عن الخدمة، إلى أعمالهم، وستُعوَّض الولايات التي أنفقت أموالها الخاصة للحفاظ على عمل البرامج الفيدرالية خلال الإغلاق.

كما يمنع الاتفاق أي تخفيضات مستقبلية في قوة العمل الفيدرالية حتى يناير، ويضمن دفع رواتب جميع الموظفين الفيدراليين بمجرد انتهاء الإغلاق.

وبالتوازي مع حل التمويل، أصدر الجمهوريون، الأحد، النص التشريعي النهائي لثلاثة مشاريع قوانين إنفاق كاملة لعام واحد.

مستقبل النقاش بشأن الرعاية الصحية

وليس من الواضح إذا كان الحزبان سيتمكنان من إيجاد أي أرضية مشتركة بشأن دعم الرعاية الصحية قبل التصويت الموعود في ديسمبر المقبل في مجلس الشيوخ. 

وكان رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، وهو جمهوري من لوس أنجلوس، أشار إلى أنه لن يلتزم بطرحه في مجلسه.

فيما أبدى بعض الجمهوريين، انفتاحهم على تمديد الإعفاءات الضريبية التي أقرت خلال فترة جائحة فيروس كورونا، إذ يمكن أن ترتفع أقساط التأمين الصحي لملايين الأشخاص، لكنهم يريدون فرض قيود جديدة على من يمكنه الحصول على الإعانات، وجادلوا بأن الإعانات المالية للخطط يجب أن يجري توجيهها مباشرة إلى الأفراد.

واستغل جمهوريون آخرون، بمن فيهم الرئيس ترمب، النقاش، لتجديد انتقاداتهم المستمرة منذ سنوات للقانون، ودعوا إلى إلغائه أو إصلاحه.

وقال ترمب عن قانون الرعاية الصحية الميسرة في منشور على منصته للتواصل، الأحد: "أسوأ رعاية صحية بأغلى الأسعار".

تداعيات الإغلاق الحكومي

في غضون ذلك، تفاقمت تداعيات الإغلاق الحكومي، حيث ألغت شركات طيران أميركية أكثر من 2000 رحلة جوية، الأحد، للمرة الأولى منذ بدء الإغلاق، وحدث تأخير في أكثر من 7 آلاف رحلات جوية، بحسب موقع FlightAware، الذي يرصد اضطرابات السفر الجوي.

وقال وزير الخزانة الأميركي، شون دافي، في برنامج "حالة الاتحاد" على شبكة CNN، إن السفر الجوي قبل عطلة عيد الشكر "سيتقلص إلى حد كبير" إذا استمر إغلاق الحكومة.

في الوقت نفسه، تأخرت المساعدات الغذائية لعشرات الملايين من الأشخاص؛ بسبب تعطل استحقاقات برنامج المساعدة الغذائية التكميلية SNAP وسط معارك قضائية تتعلق بالإغلاق الحكومي.

وفي واشنطن، موطن ملايين الموظفين الفيدراليين الذين لم يتقاضوا أجورهم، قال بنك الطعام في العاصمة، إنه يقدم 8 ملايين وجبة طعام قبل العطلات أكثر مما كان مستعداً له في هذه السنة من الميزانية، بزيادة تقارب 20%.

تصنيفات

قصص قد تهمك