"ملف إبستين" وـ"أميركا أولاً" يدفعان "ماجا" إلى مواجهة علنية مع ترمب

أنصار ماجا خلال حضورهم منتدى الأعمال الأميركي في ميامي بولاية فلوريدا. 5 نوفمبر 2025 - Reuters
أنصار ماجا خلال حضورهم منتدى الأعمال الأميركي في ميامي بولاية فلوريدا. 5 نوفمبر 2025 - Reuters
دبي-الشرق

يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب موجة غضب متنامية داخل قاعدة "ماجا" (لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى) المؤيدة له، بعد أن عبّر كثيرون عن شكوكهم في مدى التزامه بمبدأ "أميركا أولاً"، وأيضاً بعدما ورد اسمه في رسائل جديدة لرجل الأعمال جيفري إبستين، المدان بالاعتداء الجنسي على قاصرين، وهي قضية تحظى بأهمية خاصة لدى المحافظين في الولايات المتحدة.

كما أثارت تصريحاته التي قال فيها إن الولايات المتحدة تحتاج إلى عمال أجانب لأنها لا تمتلك ما يكفي من الأشخاص الموهوبين، موجة جديدة من الاعتراض داخل صفوف قادة "ماجا"، الذين يطالبون بمنح الأميركيين أولوية في الوظائف، ولا سيما في القطاعات التكنولوجية، ويعارضون أي سياسات للهجرة المفتوحة.

وأبرز دليل على تصاعد الخلافات، موقف النائبة الجمهورية مارجوري تايلور جرين، التي كانت الداعمة الأبرز لترمب في الكونجرس، إذ أبدت اعتراضها على سياسات ترمب في عدة ملفات، ولمحت إلى أن البيت الأبيض يركز بشكل مفرط على الشؤون الخارجية، وانتقدت المساعدات الأخيرة الموجهة للأرجنتين، بالإضافة إلى رفضها تقديم المساعدات العسكرية إلى إسرائيل.

أظهرت هذه الخلافات أن القاعدة المؤيدة لترمب مستعدة لمواجهته في قضايا معينة، مع بقائها مؤيدة لقيادته بشكل عام، وفق تقرير صحيفة "واشنطن بوست".

ويرى منتقدو ترمب أن هذه التوترات لن تؤثر على دعمه بشكل دائم، لكنها تعكس حدود سلطته على أجندة "أميركا أولاً" التي روّج لها.

مخاوف بشأن الانقسام

أثارت الخلافات داخل قاعدة "ماجا" بشأن خيارات ترمب، مخاوف لدى بعض الجمهوريين بشأن الحماس الانتخابي قبل الانتخابات النصفية في عام 2026. 

المستشار الجمهوري ستيف كورتيز، الذي يعارض الانفتاح الأميركي على العمال والطلاب الأجانب، قال لـ"واشنطن بوس": "إذا أظهرت لهؤلاء الناخبين أنك لا تدافع عنهم في القضايا الشعبوية والوطنية، فثمة خطر حقيقي على انتخابات التجديد النصفي 2026". وأضاف: "لا أحد في اليمين غاضب لدرجة القطيعة مع ترمب، لكننا محبطون ونحاول أن نُعيده إلى الاتجاه الصحيح".

وأظهر ترمب لهجة تحدي في مواجهة الانتقادات، معتبراً نفسه "المرجعية العليا" لما تريده حركة "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى". 

وقال ترمب في مقابلة مع شبكة FOX News: "لا تنسوا أن MAGA كانت فكرتي.. أعرف ما تريده الحركة أكثر من أي شخص آخر".

وعلى منصات التواصل، وصف ترمب ما سماه "خدعة إبستين" بأنها مجرد محاولة ديمقراطية لصرف الأنظار، معتبراً أن "أي جمهوري سيئ أو غبي هو فقط من يقع في هذا الفخ". 

بدورها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، أبيجيل جاكسون، إن ترمب أوفى بوعوده، من "تأمين الحدود" إلى "دعم العمال الأميركيين أولاً"، مشيرة إلى فرض رسوم جمركية واسعة يراها الرئيس ضرورية لإعادة الوظائف إلى الداخل، وإلى تشديد برنامج تأشيرات H-1B (الخاصة بالعمال المهرة الأجانب) عبر فرض رسوم بقيمة 100 ألف دولار على كل طلب، وفتح تحقيقات في "إساءة الاستخدام". 

وأضافت جاكسون: "بصفته مهندس حركة ماجا، سيضع الرئيس ترمب أميركا أولاً دائماً".

لكن مسؤولين جمهوريين اعتبروا أن "الجناح الشعبوي" داخل الحزب يمارس نفوذه بقوة أكبر، ويسعى إلى "توجيه" ترمب في بعض الملفات بدلاً من اتباعه دون سؤال.

انتقادات غير مسبوقة

أشعلت مقابلة ترمب الأخيرة مع "فوكس نيوز"، شرارة غضب واسع، فحين ضغطت عليه المذيعة بشأن مطالب داخل الحزب لتقليص تأشيرات العمال المهرة، أجابها بأن البلاد "بحاجة إلى مواهب من الخارج". وعندما أضافت: "لدينا الكثير من أصحاب المواهب هنا"، ردّ عليها ترمب: "لا، ليس لديكم". 

أحد أنصار الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرتدي قبعة MAGA (لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى) في فلوريدا. 5 نوفمبر 2024
أحد أنصار الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرتدي قبعة MAGA (لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى) في فلوريدا. 5 نوفمبر 2024 - Reuters

من جانبه، قال مقدم البرامج المحافظ إيريك إريكسون: "هذه أول مرة أرى فيها هذا العدد من مؤيدي ترمب المخلصين غاضبين منه"، مضيفاً: "قول إن أميركا لا تملك مواهب لا يبدو متماشياً مع أميركا أولاً الانقسامات تتسع، لأن الرئيس بات في نهاية ولايته، ومثل هذه التصريحات تفاقم الانقسامات". 

وفي انتقادات مباشرة، كتب المعلق اليميني تيم بول ساخراً: "لا تقلقوا ترمب سيجلب المزيد من تأشيرات H-1B ليفسد مستقبل شبابنا". 

أما الناشطة اليمينية لورا لوومر، المعروفة بولائها لترمب، فقالت إن لقاعدة "ماجا" "كل الحق في الشعور بخيبة الأمل"، مضيفة: "يجب أن نتأكد أن الوعود تُنفّذ".

وقال شون لوج، وهو رئيس سابق للجنة الجمهوريين في إحدى مقاطعات ولاية بنسلفانيا: "لطالما كان هناك جناح شعبوي، واستطاع ترمب قيادته إلى مستويات غير مسبوقة، ولن تتخلى ماجا عن ترمب أبداً". وأضاف: "لكن ماجا الآن أكبر من ترمب نفسه".

 وكرّس ستيف بانون، مستشار ترمب السابق، وأحد أبرز أصوات اليمين الشعبوي، جزءاً كبيراً من برنامجه لمهاجمة سياسات تأشيرات العمال المهرة، لكنه ركز انتقاده على وزراء ترمب، ومنهم وزير الخزانة سكوت بيسنت، ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم. 

وقال بانون: "ما يدفع هذه السياسات هو ضغط أثرياء التكنولوجيا"، في إشارة إلى طبقة الأثرياء ذوي النفوذ السياسي. 

كما دخل ترمب في خلافات أخرى مع حلفائه مؤخراً. فقد واجه انتقادات من اليمين الشهر الماضي بسبب المساعدات الموجهة للأرجنتين، والتي رأى منتقدون أنها تتعارض مع رسالة "أميركا أولاً"

 وكان ترمب قد وافق على حزمة مساعدات بقيمة 20 مليار دولار تهدف إلى استقرار العملة الأرجنتينية، وقال إن الولايات المتحدة ستشتري لحوماً أرجنتينية لخفض الأسعار، وهو ما أثار قلق المزارعين الأميركيين والجمهوريين الذين يمثلونهم.

ويرى الحزب الديمقراطي أن ملف الأرجنتين أداة فعالة لإحراج الجمهوريين وتقويض الرسالة الشعبوية لترمب، لكن القضية لم تتسبب بتمرد كبير داخل قاعدة "ماجا". 

ورفض مسؤولون في إدارة ترمب فكرة أن الأموال تشكل "عملية إنقاذ"، قائلين إن الحكومة الأميركية حققت أرباحاً من صفقة تبادل العملات مع حليفها الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي.

ملف إبستين يعود للواجهة

وعاد ملف إبستين مجدداً للضغط على ترمب، بعدما نشر الديمقراطيون في مجلس النواب، الأربعاء، رسائل بريد إلكتروني قالوا إنها تثير تساؤلات جديدة عن علاقة الرئيس الأميركي برجل الأعمال الراحل.

وكتب إبستين في رسالة تعود لعام 2019، أن ترمب "كان يعلم بشأن الفتيات"، من دون أن يتضح المعنى الدقيق لتلك العبارة، كما تتضمن الوثائق، رسالة في عام 2011 قال فيها إبستين إن ترمب "أمضى ساعات في منزلي" مع إحدى ضحاياه، وقد حُجب اسمها.

 

وينفي ترمب بشدة وباستمرار علمه بجرائم الاتجار الجنسي التي ارتكبها إبستين، قائلاً إنهما كانا صديقين في الماضي، قبل أن تقع بينهما قطيعة.

ورغم أن البيت الأبيض ومعظم الجمهوريين قللوا من أهمية الرسائل، لكن الجدل الأوسع حول "ملفات إبستين" مستمر، خاصة بعد أن قال تحقيق لوزارة العدل هذا الصيف إنها لم تعثر على "قائمة عملاء مدانين"، ما أثار غضباً بين مؤيدي نظريات المؤامرة في اليمين. 

وقال المستشار الجمهوري ماثيو بارتليت: "منذ أن سلطت وسائل إعلام الضوء على الموضوع، أصبح أنصار ماجا في موقف دفاعي، ولم يعودوا راغبين في الخوض في تساؤلات أكبر بشأن إبستين، فضلاً عن علاقته بالرئيس". 

ولكن الجدل الأوسع بشأن المعلومات التي تملكها الحكومة في "ملفات إبستين"، لا يزال مستمراً، وساهم مؤثرون من اليمين في رفع هذا الملف إلى الواجهة، وانتقدوا الإدارة الصيف الماضي. وكان ترمب نفسه هاجم مؤيدين "مهووسين بقضية إبستين"، وقال إنه لم يعد يريد دعمهم.

وقال النائب الجمهوري توماس ماسي، الذي شارك في قيادة عريضة ستفرض تصويتاً الأسبوع المقبل على نشر ملفات إبستين: "لقد ابتعد ترمب عن قاعدة ماجا". 

وحصلت العريضة على دعم ثلاثة نواب جمهوريين آخرين، بينهم تايلور جرين، التي وجهت هذا الأسبوع انتقادات واضحة لترمب بشأن تأشيرات H-1B والسياسة الخارجية وقضايا أخرى.

وكتبت تايلور جرين عبر حسابها على منصة "إكس": "أميركا أولاً وأميركا فقط". 

وقال ترمب خلال هذا الأسبوع، إن جرين "ترضخ للطرف الآخر"، مضيفاً: "إنها امرأة لطيفة، لكنني لا أعرف ما الذي حدث، لقد ضلت طريقها". 

تصنيفات

قصص قد تهمك