لا تزال الأوضاع في محيط فنزويلا متوترة، في ظل حشد عسكري أميركي كبير، ومع عدم استبعاد واشنطن خيار إرسال قوات على الأرض، رغم إبقاء باب الحوار مفتوحاً، أشارت "نيويورك تايمز" إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وافق على "عمليات استخباراتية جديدة في فنزويلا، لتهيئة ساحة المعركة".
ووصلت حاملة الطائرات الأميركية "يو إس إس جيرالد آر فورد"، التي تضم 5 آلاف جندي وعشرات الطائرات الحربية ومجموعة السفن الحربية المرافقة لها، إلى منطقة الكاريبي خلال عطلة نهاية الأسبوع (السبت والأحد). وهذا يُضاف إلى 8 سفن حربية وغواصة نووية ومقاتلات من طراز F-35، سبق إرسالها إلى المنطقة.
ووسط هذا التصعيد، أفادت "نيويورك تايمز" نقلاً عن مسؤولين مطلعين، بأن ترمب وافق على تنفيذ "عمليات استخباراتية" محتملة في فنزويلا، لكنه أعاد في الوقت نفسه فتح قنوات اتصال "غير مباشرة" مع حكومة الرئيس نيكولاس مادورو.
وأضاف المسؤولون، وفق الصحيفة، أن خطط وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA، تتضمن "عمليات سرية" في فنزويلا، و"قد تُستخدم لتهيئة ساحة المعركة لأي تحرك عسكري لاحق".
وأعد المخططون العسكريون ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، خيارات متعددة لسيناريوهات محتملة، ولكن لا يُعرف حتى الآن، طبيعة العمليات السرية أو موعد تنفيذها، كما لم يُصدر ترمب أمراً بعد بنشر قوات قتالية على الأراضي الفنزويلية، وفق "نيويورك تايمز".
لكن الصحيفة الأميركية، توقعت أن تتضمن المرحلة التالية من حملة الضغط المتصاعدة على حكومة مادورو "أعمال تخريب، أو عمليات إلكترونية، أو نفسية أو إعلامية".
ولم يحسم الرئيس الأميركي بعد، المسار الأشمل الذي قد يتبعه في فنزويلا، كما لم يحدد علناً "الهدف النهائي"، باستثناء الحديث عن وقف تدفق المخدرات من المنطقة، ولكنه في في الوقت نفسه، وافق على إجراء جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة.
أعدّ المخططون العسكريون الأميركيون، وفق ما ذكره المسؤولون لـ"نيويورك تايمز"، قوائم بمنشآت محتملة لإنتاج المخدرات يمكن استهدافها. كما تضع وزارة الحرب (البنتاجون) خططاً لضرب وحدات عسكرية موالية لمادورو.
وعقد ترمب اجتماعين في غرفة العمليات في البيت الأبيض، الأسبوع الماضي، لمناقشة الملف الفنزويلي واستعراض الخيارات مع كبار مستشاريه.
الحل الدبلوماسي "ما زال ممكناً"
وبينما طلب ترمب من وكالة الاستخبارات المركزية، التحضير لاحتمال تنفيذ عمليات سرية متعددة داخل فنزويلا، فتح في الوقت ذاته، قنوات اتصال غير مباشرة مع مادورو، بعد وقفها لفترة وجيزة الشهر الماضي، حسب المصادر المطلعة.
وفي تلك المحادثات غير الرسمية، أبدى مادورو استعداداً لمنح شركات الطاقة الأميركية، إمكانية الوصول إلى ثروة بلاده النفطية. وأقر ترمب بتلك المحادثات خلال تصريحات للصحافيين، الأحد الماضي. وقال: "قد نجري بعض المناقشات مع مادورو، وسنرى إلى أين ستصل".
ورغم أن ترمب يركز في تصريحاته العلنية على "دور فنزويلا في تجارة المخدرات أو الهجرة غير الشرعية"، فإنه ناقش في جلسات خاصة |الاحتياطات النفطية الضخمة للبلاد، وإمكانية حصول الشركات الأميركية على حصة منها"، حسبما أوردت "نيويورك تايمز" نقلاً عن مصادرها.
وأبلغ مسؤولون فنزويليون، نظراءهم الأميركيين، بأن مادورو قد يقبل التنحي بعد مرحلة انتقالية تمتد من عامين إلى ثلاثة أعوام، وفقاً للأشخاص المطلعين. لكن أي تأخير في تخليه عن السلطة يُعد مرفوضاً تماماً لدى البيت الأبيض.
ومع ذلك، تُظهر المفاوضات غير المباشرة، أن الحل الدبلوماسي "ما زال ممكناً".
وقالت مصادر مطلعة على المناقشات، إنه "ليس واضحاً ما النتيجة التي يفضلها ترمب"، فقد يقبل اتفاقاً دبلوماسياً يتيح للشركات الأميركية وصولاً أكبر إلى موارد فنزويلا النفطية، أو يضغط من أجل تسوية تتيح لمادورو التنحي طوعاً، أو قد يطالب بأن تطيح الولايات المتحدة بالرئيس الفنزويلي بالقوة.
ورغم الغموض بشأن ما سيؤول إليه الوضع، استقر البيت الأبيض على استراتيجية تقوم على "زيادة الضغط على مادورو، مع منح ترمب خيارات متعددة لإنهاء حملته ضد فنزويلا"، وفق المصادر.
وتحمل عملية الحشد العسكري اسم "رمح الجنوب" Operation Southern Spear، وهي أكبر تعبئة للقوات البحرية الأميركية في الكاريبي منذ أزمة الصواريخ الكوبية وحصار كوبا في عام 1962.
لكن الحشد العسكري ليس سوى الجانب الأكثر وضوحاً في حملة الضغط متعددة المسارات. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية إدراج "دي لوس سوليس" كمنظمة إرهابية اعتباراً من 24 نوفمبر الجاري.
ورغم أن "دي لوس سوليس" ليست عصابة بالمعنى التقليدي، لكن التصنيف يتيح لإدارة ترمب وصف شريحة واسعة من حكومة مادورو بأنها "إرهابية"، الأمر الذي قد يمهد لعمل عسكري أو يزيد الضغط على الحكومة.
غموض الهدف النهائي
وعكست تصريحات ترمب العلنية في الأيام الماضية، حالة الغموض بشأن الهدف النهائي، رغم تصعيد الضغط.
وقال ترمب، الاثنين، إنه لم يستبعد إدخال قوات برية إلى فنزويلا، ملمحاً أيضاً إلى إمكانية التفاوض المباشر مع مادورو. وأضاف: "لا أستبعد أي شيء، علينا فقط أن نتعامل مع فنزويلا".
وأبدى مادورو استعداد بلاده للحوار، وقال في تصريحات للتلفزيون الرسمي، مساء الاثنين، إن "من يريد في الولايات المتحدة التحدث مع فنزويلا فسنتحدث وجهاً لوجه دون أي مشكلة".
وأضاف مادورو، أن "الدول الحرة والحكومات لا يجب أن تتفاهم إلا عبر الدبلوماسية". وتابع قائلاً باللغة الإنجليزية: "نعم للحوار، نعم للسلام، ولكن لا للحرب، دائماً لا للحرب"، حسبما أوردت وكالة "أسوشيتد برس".
وشنت الولايات المتحدة، 21 ضربة معروفة على قوارب تقول إنها كانت تهرب المخدرات، وقتلت ما لا يقل عن 83 شخصاً.
ورغم عدم استبعاد ترمب للحوار مع مادورو، إلا أنه يعتبر أن الرئيس الفنزويلي "ألحق ضرراً هائلاً" بالولايات المتحدة، وزعم أنه مرتبط بـ"تجارة المخدرات والمهاجرين".
وعمّقت هذه التصريحات الصادرة عن الزعيمين، حالة عدم اليقين بشأن الخطوات المقبلة لإدارة ترمب تجاه حكومة مادورو.












