الجزائر تقطع العلاقات مع المغرب.. والرباط "تأسف للقرار غير المبرر"

وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة - REUTERS
وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة - REUTERS
دبي -الشرق

أعلنت الجزائر قطع علاقتها الدبلوماسية مع المغرب اعتباراً من الثلاثاء، متهمةً الرباط بـ"التحريض وانتهاك معاهدة حُسن الجوار". فيما أعربت الخارجية المغربية في بيان عن أسفها على "القرار الأحادي غير المبرر تماماً ".

وقال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة خلال مؤتمر صحافي، إن السلطات المغربية "منحت موطئ قدم لقوات عسكرية أجنبية في المنطقة المغاربية".

واعتبر لعمامرة أن "تحريض ممثل المغرب على الإدلاء بتصريحات كاذبة ضد دولة جارة يشكل عملاً خطيراً وغير مسؤول، وينتهك المادة 5 من معاهدة حُسن الجوار المبرمة بين البلدين".

وأضاف أن "الأعمال العدائية للمغرب تشمل التعاون مع منظمتي (ماك) و(رشاد) الإرهابيتين في الجزائر".

وتابع: "الجزائر ترفض التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة المغربية مهما كانت الظروف، خصوصاً خلال أزمات سياسية وأمنية خطيرة، هددت استقرار وأمن المملكة المغربية، ومن جانبها تشن أجهزة الأمن والدعاية المغربية حرباً واسعة النطاق ضد الجزائر وشعبها وقادتها".

واتهم وزير الخارجية الجزائري المغرب بأنه "تخلى بصفة خطيرة وممنهجة بشكل كلي أو جزئي عن الالتزامات الأساسية التي تقوم عليها عملية تطبيع العلاقات بين البلدين". 

وتابع: "المملكة المغربية جعلت من أرضها قاعدة للهجمات الممنهجة على الجزائر، وآخر الأعمال العدائية تمثلت في اتهامات باطلة وتهديدات ضمنية أطلقها وزير الخارجية الإسرائيلي خلال زيارة رسمية للمغرب بحضور نظيره المغربي".

المغرب: نرفض الذرائع المغلوطة

الخارجية المغربية قالت في بيان الثلاثاء، إنها أحيطت علماً بـ"القرار الأحادي الذي اتخذته السلطات الجزائرية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب اعتباراً من اليوم فصاعداً".

وأضافت في البيان أن المغرب يأسف على هذا "القرار غير المبرر تماماً والمتوقع في ضوء منطق التصعيد الذي لوحظ في الأسابيع الأخيرة، وكذلك تأثيره على الشعب الجزائري".

وأشارت وزارة الخارجية أن المغرب "يرفض رفضاً قاطعاً الذرائع المغلوطة وحتى السخيفة الكامنة وراء القرار".
 
وتابعت: "تظل المملكة المغربية شريكاً موثوقاً ومخلصاً للشعب الجزائري، وتواصل العمل بحكمة ومسؤولية من أجل تنمية علاقات مغاربية صحية ومثمرة".

"أعمال غير ودية"

رمطان لعمامرة استهل المؤتمر الصحافي بالقول إن "المملكة المغربية لم تتوقف يوماً عن القيام بأعمال غير ودية وعدائية ضد الجزائر منذ الاستقلال".

وأشار وزير الخارجية الجزائري إلى أن "العداء الموثق بطبيعته الممنهجة والمبيتة تعود بدايتها إلى الحرب العدوانية المفتوحة سنة 1963 التي شنتها القوات المسلحة الملكية المغربية ضد الجزائر حديثة الاستقلال آنذاك".

وزاد: "تلك الحرب التي عرفت استعمال المغرب لأسلحة ومعدات عسكرية ثقيلة وفتاكة أودت بحياة ما لا يقل عن 850 شهيداً جزائرياً ضحوا بحياتهم للحفاظ على سلامة التراب الجزائري. ثم قرر المغرب عام 1976 بشكل فجائي قطع العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر التي قامت حينها إلى جانب عدد من الدول الشقيقة الأخرى باتخاذ القرار السياسي بالاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية".

وبعد أن استعرض وزير الخارجية الجزائري تاريخ العلاقات المتوترة مع المغرب، أوضح أنه "على الرغم من الجراح الكبيرة التي خلفتها تلك المواجهة المسلحة فقد عملت الجزائر جاهدة على إقامة علاقات عادية مع الجار المغربي. وجاءت معاهدة الأخوة وحسن الجوار والتعاون وترسيم الحدود بين البلدين عام 1988".

وأوضح أن تطبيع العلاقات عام 1988 جاء "بعد جهود حميدة وجديرة بالتقدير بذلها عدد من زعماء الدول الصديقة والشقيقة، من بينهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز الذي مكّن التزامه الشخصي بالوساطة الفعالة من خلق مناخ سياسي ملائم سمح بتطوير الوضع بطريقة إيجابية".

توتر سبق القرار

في 18 أغسطس الجاري عقد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون اجتماعاً استثنائياً للمجلس الأعلى للأمن، خُصص لتقييم الأحداث الأخيرة، وما قال إنها "الأعمال العدائية المتواصلة من طرف المغرب، وحليفه الكيان الصهيوني ضد الجزائر"، في إشارة إلى إسرائيل.

واتهم المجلس الأعلى للأمن حركتي "الماك" (الانفصالية في منطقة القبائل)، و"رشاد" (الإخوانية)، بالوقوف خلف هذه الحرائق، وفي قتل وحرق الشاب جمال بن سماعيل (فنان جزائري)، وقال إن الحركتين "تتلقّيان الدعم والمساعدة من أطراف أجنبية، خصوصاً المغرب وإسرائيل".

وقال بيان الرئاسة الجزائرية إنه "بسبب الأفعال العدائية المتكررة من طرف المغرب ضدّ الجزائر"، فإنه تقرر "إعادة النظر في العلاقات بين البلدين، وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية".

خلافات

في 9 أغسطس الجاري، قال الرئيس الجزائري في ردّه على تصريحات ملك المغرب محمد السادس بشأن "طيّ صفحة الخلافات وفتح الحدود بين البلدين"، إن "المغرب لم يقدم إجابة عن المشكل الظرفي الحالي"، في إشارة إلى تصريحات مندوب المغرب في الأمم المتحدة الذي تحدث عن "حق تقرير المصير لشعب منطقة القبائل". 

وفي 17 يوليو الماضي، استدعت الجزائر سفيرها بالعاصمة المغربية الرباط "فوراً" للتشاور، مشيرة إلى أنها لا تستبعد اتخاذ إجراءات أخرى حسب التطور الذي تشهده القضية، وذلك على خلفية تصريحات لسفير المغرب لدى الأمم المتحدة بشأن "حق تقرير المصير لشعب القبائل"، وهي منطقة شمالي الجزائر شهدت خلال الأسبوع الأخير، موجة حرائق غير مسبوقة.

ملك المغرب محمد السادس، دعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في خطاب عيد العرش في 31 يوليو الماضي، إلى العمل في أقرب وقت ممكن على "بناء علاقات ثنائية أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار" بين المغرب والجزائر، وفتح الحدود، المغلقة منذ عام 1994.

وأغلقت الجزائر الحدود مع المغرب في 1994 خلال فترة رئاسة اليامين زروال، رداً على قرار المغرب خلال فترة الملك الحسن الثاني، بفرض التأشيرات على الجزائريين، عقب تفجيرات استهدفت فندق "أطلس أسني" في مدينة مراكش، والتي قالت السلطات المغربية حينها إن منفذيها دخلوا من الجزائر.