نواف سلام: نحشد دعماً دولياً وعربياً للضغط على إسرائيل.. ومستعدون للمفاوضات

رئيس وزراء لبنان لـ"الشرق": الانتخابات في موعدها.. ومتمسكون بـ"حصر السلاح"

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام خلال مقابلة مع "الشرق" في بيروت. 21 نوفمبر 2025 - الشرق
رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام خلال مقابلة مع "الشرق" في بيروت. 21 نوفمبر 2025 - الشرق
دبي/ بيروت -الشرق

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، أن الانتخابات ستُجرى في موعدها المقرر في مايو المقبل، وشدد على ضرورة تنفيذ قرار حصر السلاح بيد الدولة، تمهيداً لتهيئة مناخ مناسب لإعادة الإعمار وتنفيذ إصلاحات اقتصادية حيوية.

وقال إن الحكومة على استعداد للتفاوض مع إسرائيل، وتعمل على الضغط عليها عبر حشد دعم عربي ودولي.

وتناول سلام، خلال مقابلة أجرتها معه مذيعة "الشرق" نور عماشة في العاصمة اللبنانية بيروت، محاور سياسية واقتصادية عدّة، شملت ملف إعادة الإعمار، وحصر السلاح بيد الدولة، وتكثيف الضربات الإسرائيلية مؤخراً، رغم اتفاق وقف النار المبرم في نوفمبر 2024، إضافة إلى مسألة إصلاح القطاع المصرفي والبرامج الاقتصادية مع صندوق النقد الدولي.

إصلاحات اقتصادية لتشجيع الاستثمار

  • لبنان تحت الضوء، بعد مؤتمر "بيروت 1" الذي اختتم قبل أيام لاستعادة الثقة بين المستثمرين، وكان له صدى في الداخل والخارج، هل كان على قدر تطلعاتكم؟

سلام: كان حدثاً استثنائياً بحضور 850 مشاركاً، وحضور عربي مميز من دول الخليج، لا سيما السعودية، بعد سنوات من حظر السفر، ما يدل على الثقة المستعادة بلبنان، وهذا أكثر شيء خرجنا به من المؤتمر.

وتم خلال المؤتمر أيضاً استعراض إمكانيات لبنان والقدرات الكامنة له، وكما أن الحكومة تركز على استعادة ثقة اللبنانيين في بلدهم، يهمنا أيضاً أن يستعيد العرب والعالم أيضاً ثقتهم في لبنان، وفي هذه الناحية، أعتقد أنه كان هناك نجاح مهم.

  • هل تعتقد أن لدى الحكومة اللبنانية القدرة على المضي قدماً في الإصلاحات الأساسية قبل الانتخابات المقررة في مايو؟

باشرنا في عدد من الإصلاحات، وفي أكثر من مجال، وما يهمنا حالياً استكمال تلك الإصلاحات، ففي المجال المالي الاقتصادي، قدمنا مشروع قانون تم اعتماده برفع السرية المصرفية، والتي كانت في يوم من الأيام نعمة على لبنان سمحت باستقطاب رأس المال من العالم العربي، وتحولت إلى نقمة على لبنان بعد أن استخدمت كستار في عمليات تبييض الأموال وتجارة المخدرات، ولذلك كان لا بد من إنهاء هذا الوضع.

كما أعددنا مشروعاً لإعادة هيكلة المصارف الحكومية، وتم إقراره في البرلمان، لكن تطبيقه معلق على ما يُسمى بـ"قانون الفجوة المالية"، وهو مشروع قانون نعمل عليه وسيتم إنجازه قريباً، يتعلق بالانتظام المالي والسماح للمودعين باستعادة ودائعهم، هذا فيما يتعلق بالمجال المالي.

ووضعنا في موازاة ذلك مجموعة من الإصلاحات الأخرى على الطريق، منها مشروع لتعزيز استقلالية القضاء، وذلك لأنه لن تعود الاستثمارات الجدية إلّا بوجود قضاء مستقل في البلاد.

وعملنا أيضاً على اعتماد آلية تعيينات في الإدارة، وما يميزها أنها شفافة، بحيث يُعلن عن المراكز الشاغرة في الإدارة، ويتم الترشح عليها، وأيضاً تنافسية تقوم على عنصر الكفاءة، والمحافظة على التوازن الطائفي الذي يقتضيه الدستور (ما بين المسلمين والمسيحيين) في وظائف الفئة الأولى، وربما يؤثر ذلك على خيار الكفاءة، لكن في حدود.

وفي إطار الحديث عن مجال الإصلاحات، وبعد سنوات طويلة من وقت إقرار القوانين المتعلقة بالهيئات المنظمة في عدد من القطاعات، مثل الكهرباء والاتصالات والطيران المدني، جرى تعيين الهيئات المنظمة لتلك القطاعات، فالقانون المتعلق بإنشاء الهيئة المنظمة لقطاع الطيران تم وضعه عام 2002، وبعد 23 عاماً جرى تعيين الهيئة المنظمة، فهذا قطار إصلاحي يجب استكماله خاصة في قانون الفجوة المالية، وسيتم وضع مسودة أمام الحكومة لإقراره.

  • فيما يتعلق بقانون إعادة تنظيم المصارف، كانت هناك تعديلات طرحها وزير المالية، ووافقت عليها الحكومة، وتم إرسالها إلى المجلس النيابي، بما يتوافق مع المعايير الدولية خصوصاً في ما يتعلق بالجهة المدققة بالمصارف، وضرورة أن تكون مستقلة وألا يكون هناك تضارب مصالح مع الجهات الاقتصادية، فهل لديك تخوف من عدم موافقة المجلس النيابي على ذلك؟

هذا خارج إرادتي وصلاحياتي، لكن فيما يتعلق بدورنا، كانت هذه ملاحظات لصندوق النقد الدولي، عرضها وزير المالية، ثم جرى عرضها على مجلس الوزراء، وآمل أن يتبنى مجلس النواب تلك التعديلات، وكلها صحيحة.

  • عند التنفيذ، هل برأيك ستكون هذه الجهات التي ستدقق بالمصارف قادرة على أن تكون مستقلة، وذلك لأن المصارف قد أن ترفض هذا التدقيق؟

إذا كان هناك قانون يقر وينشر فيجب تطبيقه، لا أحد فوق القانون، ويجب على الجميع تطبيق أحكام القانون، أياً كان، سواء ما يتعلق بالإصلاح المالي أو العقوبات أو الإيجارات، فلبنان مرّ بفترة تطبق فيها القوانين على مواطنين دون آخرين، إضافة إلى وجود تدخلات في القضاء، وما يهمنا عبور هذه المرحلة، ويوجد اليوم عهد جديد يُطبق فيه قانون واحد على الجميع بالتساوي.

وفي الفترة الأخيرة صدر عدد من الأحكام عن مجلس شورى الدولة (المحكمة الإدارية العليا) ضد الدولة اللبنانية، وكانت هناك ثقافة سائدة حول تطبيق تلك الأحكام الصادرة ضد الدولة، فكان ردّي أن قرارات صادرة عن أعلى محكمة إدارية في البلاد ليس لدينا سوى خيار واحد وهو تطبيقها، ما يدل على أن هناك ثقافة جديدة وتصرف مسؤول.

  • تعهدت بإقرار مشروع قانون الفجوة المالية قبل نهاية العام، وذكرت أن هناك مسودة ستوضع قريباً، هل ستلتزم بالمعايير الدولية لتحمل الخسائر كما يراها صندوق النقد الدولي؟

بالفعل سبق واعتمدنا تلك المعايير الدولية بقانون جرى إقراره في البرلمان. وبالعودة إلى قانون الفجوة المالية، صحيح تعهدت بذلك، ونحن حالياً في طور وضع اللمسات الأخيرة على هذا القانون، ونأمل خلال أسابيع معدودة عرض المسودة على مجلس الوزراء والعمل على إقرارها، ثم عرضها على المجلس النيابي.

  • وماذا لو تعذر انعقاد المجلس النيابي لعدم اكتمال النصاب القانوني؟

لا يوجد شيء اسمه عدم انعقاد المجلس النيابي، لكن حال تم ذلك، سيعرقل هذا الأمر أي مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ويؤخر قدرة المودعين على الوصول إلى ودائعهم، كما يؤخر عملية إصلاح المصارف، فلا يمكن الحديث عن استثمارات دون إصلاح المصارف.

  • هل المصارف راضية عن هذه الآلية والهيكلية في تحمل الخسائر كما تنص المعايير الدولية؟

المهم أن تكون عملية توزيع الخسائر منصفة، فالمصارف تتحمل مسؤوليتها، وعلى الحكومة أن تتحمل جزء من المسؤولية، فالمصارف مسؤوليتها واضحة، وهناك فئة من المودعين ذوي "الودائع المشبوهة" الناجمة عن الاتجار بالمخدرات وتبييض الأموال يجب وضعهم في إطار خاص، فهناك أكثر من طرف في هذه العملية.

  • عندما قلت إن الدولة اللبنانية يجب أن تتحمل مسؤوليتها.. هل تقصد أنها تتحمل المسؤولية قبل مسؤولية المساهمين في المصارف؟ وهل يتناقض ذلك مع "Hierarchy of claims" (تراتبية الحقوق والمطالبات المالية لاستيعاب الخسائر)؟ 

ليس لها علاقة بـ"تراتبية المطالبات المالية"، فهي مسألة تعود إلى مصرف لبنان، فهل توجد ديون بين مصرف لبنان والدولة؟ وكيف يتم التعامل معها؟ وكيف ستُقيّم وما حجمها؟ فهذه مسألة يجب التفاهم عليها بين مصرف لبنان والحكومة، لأن المصرف له مقدار من الاستقلالية عن الحكومة، لكن يجب على الدولة اللبنانية أن تساهم في إعادة رسملة مصرف لبنان.

  • وهل هذا يمكن أن يكون من الفوائض التي تحققت في العام الماضي؟

نعم، جزء منها.

  • هل من الممكن أن تذهب فوائض الميزانية اللبنانية إلى تحمل جزء من خسائر المصارف؟

هذا موضوع يحكي عن خسائر مصرف لبنان، وهذه العملية لن تسير في يوم واحد، هناك التزام من الحكومة، لكن تسديد الالتزام سيتم على مدى سنوات.

  • ذكرت أن تحمل هذه الخسائر سيتبع معايير دولية يطلبها صندوق النقد الدولي أو أي جهة لتكون بمثابة شهادة حسن سلوك.. ماذا تعني؟

المعايير الدولية مطلوب أقلمتها مع الوضع اللبناني الذي لديه عناصر خاصة، من خلال قانون رفع السرية المصرفية والأثر الرجعي لـ10 سنوات ماضية، وتشكيل هيئة رقابة على المصارف.. هذه الأدوات تسمح لتحديد الودائع المشبوهة والتعامل معها.

وفي ما يتعلق بمسألة صندوق النقد الدولي، التزمت الحكومة اللبنانية في بيانها الوزاري بالعمل على الوصول لبرنامج مع صندوق النقد، وهذا له شروطه، وهي مسائل خاضعة للتفاوض، فنحن نريد أن نسلك هذا الطريق للوصول إلى أبعد من ذلك.

  • كيف سنضع آلية لتمييز وتصنيف الودائع المشبوهة عن غيرها؟ والمفعول الرجعي، لأنه عندما تم تسديد الكثير من القروض على سعر الصرف حينها، كان ذلك متماشياً مع القوانين حينها، لماذا الآن سنعيد فتح الدفاتر القديمة؟

أولاً، الدفاتر القديمة جرى إغلاقها، لكن هناك حالات استثنائية تبررها المصلحة العامة تقتضي أن تعود بمفعول رجعي، وهذا ما فعلناه وأقرّه البرلمان من خلال رفع السرية المصرفية التي عدنا فيها إلى 10 سنوات للوراء.

وحول آلية التنفيذ، فهي واضحة بالقانون ولها أدواتها. وهناك شكوك، والشك مشروع، لكن ما يهم إدراكه أن هناك حكومة جديدة أكثر حيطة وحذراً من أجل تنفيذ أحكام القوانين، تقوم بعمل جدي وتعامل مختلف، ولن نسمح بوجود "صيف وشتاء" تحت سقف واحد.

إعادة الإعمار وحصر السلاح

  • فيما يتعلق بملف إعادة الإعمار، هل يمكن أن يصبح المسار سالكاً بمجرد الاتفاق على المسارات الإصلاحية المالية؟ وهل سيكون ذلك كافياً لأن يترجم باستعداد الدول المانحة لإعادة الإعمار؟ ومن أبدى استعداده من الدول أن يكون على قائمة الدول المانحة؟

هناك 250 مليون دولار أقرّها البنك الدولي، وهي بانتظار إقرار قانون القرض في مجلس النواب، ونأمل أن يحدث ذلك قريباً.

وهناك 75 مليون يورو من فرنسا، سيكون بإمكاننا استخدامها مطلع العام المقبل، كما أن هناك عدد من الصناديق العربية التي التزمت بالمساعدة في عملية إعادة الإعمار. ما يهمنا هنا هو أن تبدأ هذه الكرة في التدحرج.

  • إعادة الإعمار من جهة مشروطة بحصرية السلاح، وندرك أن الملف شائك.. هل شرحتم للأميركيين تعقيدات التركيبة اللبنانية فيما يتعلق بالطائفة الشيعية وجماعة "حزب الله" ومخاوف الحكومة من التوجه إلى حصر السلاح بهذه السرعة التي قد ينتج عنها انشقاق في الشارع اللبناني؟

مسألة حصر السلاح هي مسألة سابقة لكل هذه القرارات الدولية، وإعلان وقف العمليات العسكرية الذي يحدد حصراً من يحق له حمل السلاح في لبنان، والذي وافق عليه "حزب الله" وحركة "أمل" كمشاركين في الحكومة السابقة، وسابقة كذلك للقرار الأممي 1901.

فمسألة حصر السلاح مقررة منذ "اتفاق الطائف" في عام 1989، وهناك بند واضح بهذا الخصوص.

  • بالعودة إلى انتقائية الطائف، فمن "اتفاق الطائف" وحتى آخر حكومة قبل حكومتكم كان البيان الوزاري دائماً ما يطرح "جيش.. شعب.. مقاومة"..

بيان الوزارة حالياً ليس موجوداً به هذه العبارة، وغير موجود بهذه الصورة الثلاثية، نحن عدنا وأكدنا في بياننا الوزاري على ما نص عليه اتفاق الطائف من وجوب بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بقواها الذاتية، كما أكدنا ببيان الوزارة على تعبير "حصر السلاح في يد الدولة"، وعلى مبدأ متلازم معه، وهو استعادة قرار الحرب والسلم ووضعه في يد الدولة.

الضغط على إسرائيل

  • بالحديث عن الحرب والسلم، بحث الكابينت الإسرائيلي تكثيف الضربات على لبنان.. ماذا ستفعلون؟ هل الشكاوى إلى مجلس الأمن تجدي نفعاً؟ هل لديكم ضمانة أميركية ألا تذهب إسرائيل إلى تكثيف هذه الضربات؟

إسرائيل ملتزمة بإعلان وقف العمليات العدائية، لكنها لا تقوم اليوم بترجمة التزاماتها. وما نعمل عليه هو حشد الدعم العربي والدولي للضغط على إسرائيل لإلزامها بتطبيق (هذا الالتزام).

  • لكن إسرائيل قالت إنها ستكثف ضرباتها على لبنان.. ماذا ستفعلون؟

لن نستسلم للأمر، فهذا يزيدنا إصراراً على المقاومة وحشد المزيد من الدعم. خيارنا واضح: حشد الدعم السياسي والدبلوماسي لوقف هذه العمليات. ليس فقط وقف العمليات العدائية الإسرائيلية، بل انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية بموجب ما تعهدت بالالتزام به، بالإضافة إلى الإفراج عن الأسرى اللبنانيين.

  • لماذا لا تطلبون ضمانة من الأميركيين بأن إسرائيل لن تكثف هذه العمليات وستوقف عملياتها العسكرية والانتقائية والاغتيالات اليومية وطائرات الاستطلاع؟

هناك ما يسمى بـ"الميكانيزم" (الآلية) الذي أنشئ لتنفيذ هذا الإعلان. والأميركيون والفرنسيون موجودون ضمن هذه الآلية، وهم رعاة لهذا الاتفاق، وهذا تماماً الكلام الذي نقوله، ليس للأميركيين وحدهم، بل لهم وللفرنسيين والأمم المتحدة التي هي طرف بهذا "الميكانيزم".

  • ذكرت أن قرار الحرب والسلم في يد الحكومة اللبنانية.. فماذا ستفعل الحكومة اللبنانية لو قامت إسرائيل بتكثيف ضرباتها على لبنان بعد انتهاء زيارة بابا الفاتيكان (ليو الرابع عشر)؟

إسرائيل تكثف ضرباتها اليوم بالفعل. ماذا بيدنا أن نفعل؟ هل نقول إننا خرجنا من هذا الالتزام؟ هل لدينا خيار اليوم؟ هل استنفدنا الخيار السياسي والدبلوماسي؟ أنا أقول لا. فالخيار العسكري من الطرف اللبناني ليس على الطاولة.

  • هل يمكن الربط بين إلغاء زيارة قائد الجيش اللبناني (العماد رودولف هيكل) إلى واشنطن بعد أيام من إصداره تعليمات بمواجهة أي اعتداء أو أي توغل إسرائيلي؟

الجيش اللبناني عقيدته واضحة، ودوره واضح، وهو الدفاع عن أراضي لبنان وحماية أهله، والحفاظ على وحدة أراضي البلد. هذا الموضوع لا نقاش فيه، هذه مهمة الجيش اللبناني.

أعرف أنه أجّل زيارته إلى أميركا، لكن يجب ألا ننسى أنه قبل أقل من شهر كانت أميركا أقرت مساعدات للجيش اللبناني بـ190 مليون دولار، و40 مليون دولار لقوى الأمن اللبناني، وهناك علاقة تاريخية بين الجيش اللبناني وأميركا، معظم تسليحه (الجيش) من أميركا، وتدريب كوادره وقياداته معظمه يتم في أميركا.

  • هل يمكن القول إن الزيارة جرى تأجيلها وليس إلغاؤها؟

أنا آمل أن تتم إعادة تنظيم زيارة لقائد الجيش إلى أميركا قريباً.

  • هل هناك أي عدم رضا أميركي عن رئيس الجمهورية وقائد الجيش؟

نحن لسنا أميركا، وأميركا ليست نحن. هناك نقاط نتفق بها وأخرى نختلف عليها، لكن النقاط التي نختلف عليها نجلس على طاولة مشتركة ونبحث فيها، إن كان في واشنطن، أو في بيروت. والأكيد أن تأجيل هذه الزيارة لا يعني أن هناك قطيعة بين لبنان وأميركا، ولا قطيعة بين الجيشين اللبناني والأميركي، فهناك تحميل للأمر أكثر مما يحتمل.

  • وماذا قال الأميركيون عن المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل؟

الرئيس جوزاف عون تحدث أكثر من مرة حول استعداد لبنان للتفاوض مع إسرائيل، وبدوري أكثر من مرة، أكدت على هذا الموضوع، لكننا ما زلنا في انتظار جواب من إسرائيل، طبعاً هذا الجواب يمكن أن يأتينا عن طريق الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة.

  • برأيك، لماذا لم يجب الجانب الإسرائيلي حتى الآن؟

لا يزال الباب مفتوحاً للإجابة، ونحن عدنا وجددنا للولايات المتحدة استعدادنا للدخول في مفاوضات.

  • لكن الأميركيين قالوا إنهم يريدون أن تكون هذه المفاوضات مباشرة، ونحن نعرف أن هذا يتناقض مع الدستور اللبناني، هل نعدل القوانين؟

ليس لهذا الحد، أولاً لم يحدث هذا. هذا الكلام خرج في الإعلام.

  • ولم يضع الأميركيون شرطاً أن تكون المفاوضات مباشرة؟

نحن أعلنّا عن استعدادنا للمفاوضات، ولم نتلق بعد جواباً من إسرائيل، ونأمل أن نتلقى جواباً عن طريق الأميركيين.

  • لكن الأميركيين لم يقولوا لكم حتى الآن لماذا لم يرد الإسرائيليون؟

في الحقيقة.. لا.

  • هل باب المفاوضات بالوساطة الأميركية ما زال مفتوحاً؟

نعم.

الانتخابات والحكومة المقبلة

  • وفيما يتعلق بإجراء الانتخابات، هل لديكم شك ألا تُجرى في موعدها؟

فيما يتعلق بنا كحكومة، نحن ملتزمون بإجراء الانتخابات في موعدها، وهذا ليس كلاماً إنشائياً، نحن نقوم بكل الاستعدادات المطلوبة كي تجرى الانتخابات في موعدها، في مايو 2026.

وليس بأيدينا أن نؤجل الانتخابات، أو نسبقها عن موعدها، هذه المسألة بيد البرلمان، لكن في قناعتي أن مجلس النواب، مثل الحكومة، لن يمس تاريخ إجراء الانتخابات.

  • انتهت مهلة تسجيل اللبنانيين المغتربين دون أن يتضح ما إذا كانوا سيشاركون بالانتخابات البرلمانية أم لا، ماذا سيحدث إذا لم تعقد جلسة مجلس النواب لإقرار القوانين المتعلقة بذلك؟

نحن لسنا سلطة تشريعية، نحن سلطة تنفيذية، علينا تنفيذ القوانين المرعية الإجراء. فالقانون الحالي ينص على إنشاء 6 مقاعد للمغتربين. بالصياغة الحالية، اعتبرنا أننا غير قادرين على تنفيذ هذا الأمر، ليس لدينا توجيهات، كيف أقوم بتوزيعهم على القاركيف جرى الانتخاب في الدورة الماضية (فيما يتعلق بالمغتربين)؟

تم تعليق العمل بهذه المادة، بالدورة الماضية والدورة التي قبلها. وفي مشروع القانون الذي تقدمنا به إلى مجلس النواب، طلبنا تعليق العمل بهذه المادة ريثما يبت مجلس النواب بأمر توزيع النواب الستة، أو يعدل عنه. فهذه المسألة تشريعية بامتياز.

وكل القوانين اللبنانية المتعلقة بالانتخابات من يوم إنشاء لبنان الكبير، قبل الاستقلال حتى اليوم، فيها جدول يشمل تحديد الدوائر الانتخابية، ويقابله في كل دائرة من الدوائر توزيع للنواب بحسب طوائفهم ومذاهبهم، فعلى مجلس النواب أن يقوم بدوره.

  • قبل ثلاث سنوات ونصف، جرى الانتخاب وفقاً للقانون السابق، لماذا الآن يعاد الحديث عن تعديل هذا البند بالتحديد؟ هل هناك مخاوف من مجلس نيابي تكون فيه أكثرية من لون واحد؟

فيما يتعلق بنا كحكومة، نقول إنه لطالما لم يوضح مجلس النواب كيف سيتم تعيين هؤلاء النواب الستة المتعلقين بالاغتراب، ولطالما لم يقل  لنا ماذا سيفعل بما كان يسمى بالبطاقة الممغنطة، التي لا وجود لها في العالم الآن، قلنا إنه يجب الإبقاء على الأمر كما كان عليه في الانتخابات الماضية منذ أربعة سنوات، أو ثماني سنوات، ريثما يقوم مجلس النواب بدوره.

  • إذا جرت الانتخابات في موعدها، وأتت بعدها حكومة جديدة، هل برأيك ستكون قادرة على مواصلة الإصلاحات التي تعملون عليها؟

لا أعرف من سيكون في البرلمان الجديد، لكنني آمل أن يكون الجواب نعم، وألا يتم التراجع عن الإصلاحات التي تم إقرارها، ولم نستطع إنهاءها، وأن يقوم البرلمان الجديد باستكمالها، وأنا تقديري أن الجو العام بالبلاد يريد ذلك، هذه مصلحة اللبنانيين، ونحن لم نأت ونخترع شيئاً، هذه إصلاحات في مصلحة اللبنانيين، ويجب أن نستكملها.

  • هل أنت متخوف من اندلاع حرب بعد زيارة بابا الفاتيكان إلى لبنان؟

برأيي أننا بحالة حرب اليوم. هذه الاعتداءات الإسرائيلية شبه اليومية والخروقات اليومية لأجوائنا، هي نوع من حرب استنزاف من طرف واحد، وللأسف تتصاعد وتيرتها بالأسابيع الأخيرة، وهناك أيضاً مخاوف من مخاطر تصاعد وتيرتها.

  • إذا كنا في حالة حرب، لماذا لا تقوم الحكومة اللبنانية بتجييش كل القدرات والذهاب إلى المجتمع الدولي والدول العربية؟ فقد كان ولي العهد السعودي (الأمير محمد بن سلمان) في واشنطن قبل أيام ونعلم أن هناك تقارباً قطرياً- أميركياً كبيراً.. لماذا لا تبحثون ذلك مع الشركاء العرب؟

نحن على تواصل يومي مع الأشقاء في السعودية وقطر، الأسبوع الماضي كنت في القاهرة، وسأستقبل خلال الأسبوعين المقبلين زملاء لنا من عدد من الدول العربية، ونحن على تواصل مع عواصم أوروبية ومع الولايات المتحدة. وقبل قليل كنت مع السفير الروسي، ماذا نفعل غير حشد الدعم السياسي والدبلوماسي؟

  • .. لكن إسرائيل لا تصغي إلى أحد؟

ليس فقط في الملف اللبناني، هي لا تصغي في الملف الفلسطيني أيضاً، (هل تنفذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة).. لكن هل يجب أن يتوقف الضغط عليها (إسرائيل)؟ لا.

تبين في غزة أن الضغط الدولي على إسرائيل انتهى بفرض وقف إطلاق النار، وفتح المعابر لدخول المساعدات الإنسانية، ونص بصراحة على منع التهجير من غزة، ومنع ضم الضفة الغربية. فإذا لم يكن العمل الدبلوماسي يفيد، لما كان الجميع يلجأ إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ويتكلف العناء ولا المال المطلوب لإبقاء هذه المؤسسة حيّة (..)، وكنا ألغينا القانون الدولي ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، فما يهمنا تفعيل القانون الدولي وإلزام الخارجين عن القانون الدولي بأن يبقوا تحت سقفه.

  • كيف من الممكن أن يتحدث البعض عن إمكانية الذهاب إلى سلام مع إسرائيل إذا كانت لا تصغي إلى أي جهة، ولا حتى الأميركيين؟

نحن منذ وقت طويل، حددنا تماماً كيف نفهم السلام مع إسرائيل. فهناك مبادرة "السلام العربية"، والتي أقرت في بيروت، ونحن لا نزال متمسكين بها، إذ تقوم على حل الدولتين، بما يعني قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وهذا هو الحد الأدنى من العدالة التي تسمح للسلام بأن يكون سلاماً دائماً، وما زلنا على هذا الموقف.

تصنيفات

قصص قد تهمك