"مجلس السلام" الدولي في غزة.. أولوية أميركية على حساب مركز التنسيق مع إسرائيل

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال زيارة إلى مركز التنسيق المدني العسكري في جنوب إسرائيل. 24 أكتوبر 2025 - REUTERS
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال زيارة إلى مركز التنسيق المدني العسكري في جنوب إسرائيل. 24 أكتوبر 2025 - REUTERS
دبي -الشرق

تعمل الولايات المتحدة على تقليص وجودها العسكري في "مركز التنسيق المدني- العسكري" CMCC، الذي افتتحته في إسرائيل، تمهيداً لإلحاقه بمجلس السلام الدولي الذي سيشكل قريباً للإشراف على ترتيبات ما بعد الحرب في قطاع غزة، حسبما ذكر مسؤولون ومصادر مطلعة لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.

ونقلت الصحيفة الإسرائيلية، السبت، عن مسؤولين أميركيين قولهما، إن بعض الجنود الأميركيين البالغ عددهم 200، الذين أرسلوا في الأصل إلى إسرائيل غادروا المركز، الذي افتتح رسمياً في كريات جات جنوبي إسرائيل في أكتوبر الماضي.

وأكد مصدر أن مجلس السلام، الذي سيرأسه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، سيكون "حجر الزاوية" في الخطة الأميركية لغزة.

وأضاف المصدر: "كما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي الذي أقره هذا الأسبوع، سيقوم مجلس السلام بتنسيق إيصال المساعدات الإنسانية وتسهيل تنمية غزة"، في إشارة إلى القرار الأميركي بشأن غزة الذي اعتمده مجلس الأمن. 

وتابع: "كما سيدعم المجلس لجنة تكنوقراط من الفلسطينيين تكون مسؤولة عن العمليات اليومية للخدمة المدنية، والإدارة في غزة بينما تنفذ السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي".

اقرأ أيضاً

"سنتكوم" تكشف مهام "مركز التنسيق المدني العسكري" لمراقبة اتفاق غزة

كشفت القيادة المركزية الأميركية أن "مركز التنسيق المدني العسكري" الذي افتتحته في إسرائيل سيشكّل محوراً لجهود تنسيق المساعدات الإنسانية واللوجستية إلى غزة.

وقال مصدران دبلوماسيان معنيان بالتغييرات في المركز، ومصدر ثالث متواجد هناك، للصحيفة، إن تطوير غزة، أو بشكل أدق بناء ما يسمى "مجتمعات آمنة" لسكان غزة في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل من القطاع، يتصدر قائمة أولويات الأميركيين.

وقال أحد الدبلوماسيين هذا الأسبوع، إن الأميركيين لديهم هدفان؛ هما "فتح المزيد من المعابر لإدخال المساعدات، وبناء تلك المجتمعات المؤقتة". 

وأضاف أن بناء تلك المجتمعات ربما يكون أيضاً في مصلحة إسرائيل، لأن القيام بذلك سيؤدي فعلياً إلى تقسيم غزة إلى قسمين.

تساؤلات قانونية وأخلاقية

في الوقت الراهن، يوجد أكثر من 20 دولة لديها ممثلون في "مركز التنسيق المدني-العسكري"، أو ما يعرف بـ"مركز التنسيق المدني- العسكري"، وهم يطرحون تساؤلات قانونية وأخلاقية على واشنطن بشأن مشاركتهم في خطة بناء "مجتمعات جديدة" في غزة.

وتشمل هذه التساؤلات، آلية اختيار فلسطينيي القطاع للعيش في تلك المجتمعات وبناءً على أي معايير، وما إذا كان الأشخاص الذين سينتقلون إليها سيتمكنون من مغادرتها وما الذي سيحدث للمالكين القانونيين للأراضي التي ستُبنى عليها.

وقال أحد الدبلوماسيين إن الفكرة الأميركية الحالية هي "مصادرة الأراضي وتعويض أصحابها"، مضيفاً أن "مركز التنسيق يشارك حالياً في التخطيط لكيفية إزالة الأنقاض لبناء المجتمعات المؤقتة الجديدة، والخطط تمضي قدماً بسرعة".

اقرأ أيضاً

ما هو "مركز التنسيق المدني العسكري" لمراقبة اتفاق غزة؟

مقر أميركي إسرائيلي قرب غزة يضم مئات الضباط لإدارة ترتيبات ما بعد الحرب، ووضع خرائط السيطرة الجديدة ضمن خطة لتوسيع النفوذ الإقليمي في القطاع.

مع ذلك، أفادت عدة مصادر أخرى، بأنه "لا أحد من الدول المشاركة في مركز التنسيق المدني- العسكري حالياً، يعترض بشدة على الخطة الأميركية. وبدلاً من ذلك، يحاول البعض إقناع واشنطن باستخدام بناء هذه المجتمعات لمنح السلطة الفلسطينية دوراً عملياً في غزة".

وقال دبلوماسي أوروبي هذا الأسبوع: "سيتعين على أحد ما إدارة المدارس والمستشفيات في غزة، بما في ذلك في تلك (المجتمعات الآمنة)".

لكن على الرغم من الضغوط التي تمارسها دول أخرى على واشنطن، قالت عدة مصادر، إن الأشخاص الذين يتخذون القرارات السياسية بشأن بناء المجتمعات الجديدة لا يقيمون في مركز التنسيق المدني- العسكري. 

وأشاروا إلى أن القرارات يجري اتخاذها في البيت الأبيض، أو في مشاورات بين الحكومتين الأميركية والإسرائيلية؛ فالمركز مسؤول فقط عن توفير حلول تقنية لبناء المجتمعات.

أزمة المساعدات الإنسانية

والأسبوع الماضي، أعلن مسؤول أميركي ومصدر في مركز التنسيق المدني- العسكري، نقل سلطة تنسيق دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، من "وحدة تنسيق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في المناطق (الأراضي الفلسطينية)" COGAT، إلى المركز.

وأشارت عدة مصادر إلى حدوث توتر بين الموظفين الإسرائيليين والأميركيين في المركز بشأن القرارات المتعلقة بالمساعدات.

وقال أحد الدبلوماسيين المعنيين بهذه المسألة، إن الجانبين تمكنا من التوصل إلى تسوية بشأن عدد الشاحنات، ونوع المنتجات التي تدخل غزة على الرغم من تخوف إسرائيل من السماح للمنتجات ذات الاستخدام المزدوج بالدخول إلى القطاع. 

لكن دبلوماسي آخر قال، إنه "لم يطرأ أي تغيير ملموس على الأرض في مواقف إسرائيل فيما يتعلق بدخول المساعدات الإنسانية".

وقال مصدر أميركي، إنه بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، فإن إسرائيل ملزمة بالسماح بدخول 600 شاحنة من المساعدات وغيرها من البضائع إلى غزة يومياً.

وأرجع المصدر الفضل في ذلك إلى جهود "مركز التنسيق المدني- العسكري" في غزة، في الآونة الأخيرة في رفع هذا العدد إلى 800 شاحنة يومياً.

وأضاف المصدر، أن "وحدة تنسيق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في المناطق"، "هو جزء لا يتجزأ من مركز التنسيق، وتعمل بتناسق تام لإرسال أكبر قدر ممكن من المساعدات إلى سكان غزة الذين يحتاجون إليها".

لكن بيانات الأمم المتحدة تظهر أن نسبة قليلة فقط من الشاحنات التي دخلت غزة منذ بدء وقف إطلاق النار قبل 6 أسابيع، أرسلها المجتمع الإنساني الدولي، أي وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، التي تعمل بالتعاون مع مركز التنسيق المدني- العسكري".

وخلال تلك الأسابيع الستة، أدخل المجتمع الإنساني 4335 شاحنة إلى غزة. وهي تقريباً الكمية التي كان من المفترض أن تدخل في أسبوع واحد بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، ويجري تسليم الجزء الأكبر من الشاحنات من قبل مؤسسات قطاع خاص أو من قبل دول، والتي تتجاوز آليات الأمم المتحدة.

وقال مصدر من الأمم المتحدة: "معظم الأشياء (المساعدات) التي يجلبها القطاع التجاري هي إلى حد كبير مثل الوجبات السريعة والمقرمشات والشيكولاتة، وهذه الأنواع من السلع الكمالية". 

وأضاف: "نحن لا نهتم حتى إن كانوا يجلبونها أم لا. ما نود أن نراه من خلال القطاع التجاري هو الأشياء التي هي في الواقع، كما تعلمون، مغذية ومفيدة في النظام الغذائي".

وأشار إلى أنه طوال الأسابيع الستة الماضية، كان من الصعب الحصول على اللحوم أو الحليب أو الخضراوات في غزة، لذا فإن معظم السكان يعيشون على الكربوهيدرات.

في تعليق على الأمر، رد مسؤول أميركي على ذلك، بأن مركز التنسيق المدني-العسكري "وجميع الشركاء الممثلين هناك"، يعملون على جعل المساعدات الإنسانية تشكل نسبة أكبر من السلع التي تدخل غزة.

مهام مركز التنسيق المدني العسكري (CMCC)

  • دعم جهود الاستقرار في غزة.

  • تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية واللوجستية والأمنية من الشركاء الدوليين إلى القطاع.

  • مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

  • تقييم التطورات في غزة لحظة بلحظة عبر قاعة العمليات.

  • تعزيز التخطيط المشترك بين القادة والممثلين وأعضاء الفرق المختلفة.

  • دمج ممثلين من الدول الشريكة والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الدولية والقطاع الخاص في أعمال المركز.

  • الإسهام في تمكين الانتقال إلى الحكم المدني في غزة.

من جانبها، ردت "وحدة التنسيق الإسرائيلية" بأنها بدأت دمج الأميركيين في عملية تنسيق دخول المساعدات إلى غزة. وذلك يشمل تبادل المعلومات ونقل مركز التنسيق المشترك من مكتب الارتباط التابع لوحدة التنسيق إلى مركز التنسيق المدني-العسكري.

وأوضحت الوحدة في بيان، أنه في إطار عملية الدمج "سيكون الأميركيون في طليعة المناقشات مع المجتمع الدولي حول القضايا الإنسانية"، ولكن سيجري التنسيق وصياغة الخطط معها.

وتابع البيان: "هذه ليست عملية نقل سلطة أو مسؤولية من وحدة التنسيق الإسرائيلية إلى الأميركيين، بل عملية دمج الأميركيين في صياغة وتنفيذ آليات التنسيق والإشراف والرقابة" على القضايا الإنسانية "بالتعاون مع مسؤولي الدفاع الإسرائيليين".

وشددت وحدة التنسيق الإسرائيلية، على أنه "لم يطرأ أي تغيير في سياسة تفتيش المساعدات"، وسيستمر تفتيش شاحنات المساعدات على المعابر الحدودية من قبل "السلطات الإسرائيلية وهيئات الدفاع. هذا بالإضافة إلى اتخاذ الخطوات اللازمة للحد من تدخل حركة حماس في المساعدات الإنسانية".

تصنيفات

قصص قد تهمك